جلسة 13 من ابريل سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبدالحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 2969 لسنة 46 قضائية عليا
ـ اختصاص المجلس الشعبى المحلى للمحافظة بالتصرف فى أموال المحافظة الثابتة
أو المنقولة ـ حدوده ـ أسباب الاعتراض عليه والمدة المحددة لذلك.
المادتان (14)، (132) من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته.
أجاز المشرع للمجلس الشعبى المحلى للمحافظة التصرف بالمجان فى مال من أموالها الثابتة أو المنقولة أو تأجيره لأى من الهيئات المنصوص عليها حصراً ومن بينها الجمعيات والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام ـ اعتبر المشرع أن قرارات المجالس الشعبية المحلية نافذة فى حدود الاختصاصات المنوطة بها، وأجاز للمحافظ أو رئيس الوحدة المحلية المختصة الاعتراض على أى قرار يصدر من المجلس الشعبى المحلى ولكن حدد أسباب الاعتراض بأن يكون القرار صادرًا من المجلس الشعبى المحلى بالمخالفة للخطة العامة للدولة، أو الموازنة المعتمدة أو ينطوى على أية مخالفة للقوانين واللوائح، أو يخرج عن اختصاصات المجلس المحددة فى هذا القانون ـ حدد المشرع إجراءات هذا الاعتراض أن يعيد القرار إلى المجلس الشعبى المحلى الذى أصدره مشفوعاً بملاحظاته والأسباب التى يبنى عليها اعتراضه، وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه القرار ـ إذا جاء الاعتراض خارجاً عن هذه الأسباب الموضوعية والمدد الزمنية لا يجوز الاحتجاج به، لأن القرار الصادر من صاحب الاختصاص يكون قد ترتب عليه مراكز قانونية لا يجوز المساس بها ـ تطبيق.
بتاريخ 16/2/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2969 لسنة 46ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة فى الدعوى رقم 1235 لسنة 13ق جلسة 18/12/1999 والقاضى بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان بصفتيهما ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل فى موضوع الطعن وبإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات عن الدرجتين.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بمحضر الإعلان، وقد أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5/2/2001، وبجلسة 18/6/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى ـ موضوع) لنظره بجلسة 27/8/2001 وقد نظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية، وبجلسة 29/12/2001 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم ومذكرات فى شهر وفى فترة حجز الطعن للحكم قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة صممت فيها على الطلبات الواردة بختام تقرير الطعن، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن المطعون ضده بصفته قد أقام الدعوى رقم 1235 لسنة 13ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بتاريخ 18/2/1991 طالباً فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ الدقهلية بالامتناع عن تخصيص قطعة الأرض الكائنة مجرى البحر بناحية جديلة باسم/ جمعية تنمية المجتمع بجديلة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وقد شرح المدعى دعواه بأن أمين الحزب الوطنى بجديله تقدم بتاريخ 26/5/1984 إلى محافظ الدقهلية طالباً الموافقة على تخصيص قطعة أرض بمجرى البحر القديم باسم جمعية تنمية المجتمع بجديلة لإقامة دكاكين تجارية، ومجمع خدمات للمنطقة تضم مبانى للإسعاف والمطافى والتليفون والتموين ونقطة شرطة ومعرضًا للأسر المنتجة بالجهود الذاتية وذلك لخدمة أهالى البلدة والنواحى المجاورة وتأشر على الطلب من المحافظ لرئيس الوحدة المحلية بحى شرق لدراسة الموضوع والإفادة، وقام الأخير بعرض الموضوع على المجلس التنفيذى للحى الذى وافق عليه بجلسة 12/6/1984، وأحال الموضوع للإدارة الهندسية للإشراف على البناء فنياً وهندسياً فقط، وبعرض الموضوع على المجالس المحلية طبقاً لقانون نظام الإدارة المحلية وافق المجلس المحلى لحى شرق بتاريخ 27/6/1984 ثم وافق عليه المجلس المحلى لمدينة المنصورة بتاريخ 25/7/1984، فالمجلس المحلى لمركز ومدينة المنصورة بتاريخ 12/2/1985، وأخيراً المجلس المحلى للمحافظة بتاريخ 20/2/1985، ثم تقدمت الجمعية إلى محافظ الدقهلية بعد صدور موافقات المجالس المحلية السابقة لاستصدار قرار التخصيص باسم الجمعية، حيث أحيل الموضوع إلى المستشار القانونى للمحافظة الذى أحاله إلى إدارة المجالس المحلية لاستكمال إجراءات التخصيص، ومن ثَمَّ ورد كتاب رئيس الوحدة المحلية لحى شرق المنصورة بالموافقة على إقامة الدكاكين ومجمع الخدمات، وفتح حساب خاص لهذا الغرض واعتمد مجلس إدارة الجمعية المبلغ اللازم لذلك، وصرف منه على أعمال البناء، وبعد الانتهاء من بناء الدكاكين وعددها 108 دكاكين تم افتتاحها بحضور محافظ الدقهلية وأبرمت للمنتفعين بها عقوداً، بيد أن الحى رفض استخراج تراخيص لهم، أو توصيل المياه والإنارة، وألزم المنتفعين بتحرير عقود جديدة من الحى مباشرة، مما يترتب عليه تفويت فرصة الجمعية فى الانتفاع بهذه المحلات، الأمر الذى اعترض عليه الجهاز المركزى للمحاسبات بحسبان أن الجمعية جمعية ذات نفع عام طبقًا للقرار الجمهورى رقم 1263 لسنة 1974. وأضاف أن قرار المجلس الشعبى المحلى لمحافظة الدقهلية الصادر بتاريخ 20/2/1985 المتضمن الموافقة على تخصيص الأرض للجمعية هو قرار إدارى، وإذ لم يعترض عليه المحافظ خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه إليه، فإنه يكون نافذًا إعمالاً لحكم المادة 132 من قانون نظام الإدارة المحلية وانتهى إلى طلباته سالفة الذكر.
وبجلسة 18/12/1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه على سند أن الجمعية المدعية قد طلبت إلى المحافظة تخصيص قطعة أرض لإقامة سوق تجارى عليها لخدمة أبناء ناحية جديلة والنواحى المجاورة، وإذ كانت هذه الجمعية من الجمعيات الخاصة ذات النفع العام وفقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 1263 لسنة 1974 باعتبار بعض الجمعيات والمؤسسات الخاصة ذات صفة عامة، وأن الثابت من الأوراق أن المجلس التنفيذى لحى شرق المنصورة الواقع فى دائرته القطعة المراد تخصيصها قد وافق على التخصيص وأعقبه موافقات المجلس الشعبى للحى، ثم المدينة فالمركز وأخيرًا المجلس الشعبى المحلى للمحافظة، وقد صدر كتاب مؤرخ 22/3/1985 من سكرتير عام المحافظة متضمنًا ذلك مما يفيد اتصال علم المحافظة بالتخصيص الصادر من المجلس الشعبى المحلى للمحافظة وإذ انقضت فترة تزيد على الأربع سنوات على هذا العلم فإنه فضلاً عن صدور هذا القرار فى نطاق ولاية المجلس وفى غير مخالفة لخطة الدولة أو موازنتها فإنه وقد انصرفت على صدوره هذه المدة فإنه يكون نافذًا، ولا يسوغ للمحافظ مبادرة النظر فى مدى صحته، خاصة بعد أن قامت الجهات الإدارية ذاتها بحثِّ الجمعية على التنفيذ، وذلك دون التعديل على مقولة إن الميعاد المقرر بالمادة 132 من قانون الإدارة المحلية للاعتراض هو ميعاد تنظيمى، فذلك مرود عليه بأن الأخذ به من شأنه اعتبار قرارات المجلس الشعبى المحلى للمحافظة من قبيل اللغو، وإبقاؤها مددًا غير معلومة معلقة النفاذ على موافقة المحافظ أو على عدم اعتراضه، وهو ما يصيب المصلحة العامة بأبلغ الأضرار، ويشل فاعلية المجلس ودوره المنوط به قانونًا.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ فى تطبيقه على سند من القول بأنه لما كانت الموافقة على التخصيص من المجلس الشعبى المحلى لمحافظة الدقهلية تمت بتاريخ 20/2/1985 قد جاءت مخالفة للقانون لأن المشروع الذى طلبت المطعون ضدها إقامته على الأرض وقامت فعلاً بتنفيذه هو سوق تجارى عام، والأسواق هى من أموال الدولة العامة، والمال العام لا يجوز التصرف فيه إلا على سبيل الترخيص المؤقت كأصل قانونى عام، وأن التخصيص يُعد نافذاً ولا يجوز الرجوع فيه، فى حين أن الترخيص مؤقت بطبيعته ويجوز الرجوع فيه ولو قبل حلول أجله لدواعى المصلحة العامة فإن قرار المجلس بالموافقة على التخصيص يكون مخالفًا للقانون، ولا يعد نافذًا بالتالى فى حق الجهة الإدارية المالكة للأرض حتى ولو لم يتم الاعتراض عليه خلال الميعاد، كما أنه لم يثبت صدور ثمة قرار بالتخصيص من الجهة الإدارية المختصة سواء من حى شرق المنصورة أو محافظة الدقهلية وموافقة المجلس الشعبى المحلى لا تعد قرارًا بالتخصيص، وإنما هى موافقة منه لأن المجلس المحلى ليس جهة إدارة تنفيذية، والعبرة فى تمام إجراءات التخصيص هى بصدور قرار به من الجهة الإدارية التنفيذية المختصة ـ المالكة للأرض، كما أن ميعاد الخمسة عشر يومًا المنصوص عليها بالمادة 132 من قانون الإدارة المحلية للاعتراض على قرارات المجالس الشعبية المحلية ما هو إلا ميعاد تنظيمى لم يقصد به جعل قرارات تلك المجالس ملزمة للجهات الإدارية التنفيذية حتى ولو كانت مخالفة للقانون طالما لم يتم الاعتراض عليها خلاله، كما أن الجمعية المطعون ضدها لم تقم بإنشاء ثمة مرافق أخرى غير السوق التجارى، وهو ما أقرت به الجمعية ولم تقم بأى مشروع خدمات. وخلص الطاعنان بصفتيهما إلى طلباتهما سالفة الذكر.
ومن حيث إن المادة (14) من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 تنص على أنه “يجوز للمجلس الشعبى المحلى للمحافظة التصرف فى مال من أموالها الثابتة أو المنقولة أو تأجيره بإيجار اسمى أو أقل من أجر المثل بقصد تحقيق غرض ذى نفع عام، وذلك إذا كان التصرف أو التأجير لإحدى الوزارات أو المصالح الحكومية أو الهيئات العامة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو شركات القطاع العام والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام….”.
وتنص المادة (132) من ذات القانون على أن “تعتبر قرارات المجالس الشعبية المحلية نافذة فى حدود الاختصاصات المقررة لها فى هذا القانون وفى إطار الخطة العامة للدولة والموازنة المعتمدة وبمراعاة القوانين واللوائح.
ويجوز للمحافظ أو رئيس الوحدة المحلية المختصة الاعتراض على أى قرار يصدر من المجلس الشعبى المحلى بالمخالفة للخطة العامة للدولة أو الموازنة المعتمدة أو ينطوى على أية مخالفة للقوانين واللوائح أو يخرج عن اختصاصات المجلس المحددة فى هذا القانون وله فى هذه الحالة إعادة هذا القرار إلى المجلس الشعبى المحلى الذى أصدره مشفوعًا بملاحظاته والأسباب التى يبنى عليها اعتراضه، وذلك خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إبلاغه القرار ………”.
ومن حيث إن مفاد المادتين السابقتين أن المشرع أجاز للمجلس الشعبى المحلى للمحافظة التصرف بالمجان فى مال من أموالها الثابتة أو المنقولة أو تأجيره لأى من الهيئات المنصوص عليها حصرًا بالنص ومن بينها الجمعيات والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام وهى التى صدر فى شأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 1263 لسنة 1974 والتى أعطاها القرار المشار إليه اختصاصات السلطة العامة، واعتبر المشرع أن قرارات المجالس الشعبية المحلية نافذة فى حدود الاختصاصات المنوطة بها، وأجاز للمحافظ أو رئيس الوحدة المختصة الاعتراض على أى قرار يصدر من المجلس الشعبى المحلى، ولكن حدد النص أسباب الاعتراض بأن يكون القرار الصادر من المجلس الشعبى المحلى بالمخالفة للخطة العامة للدولة، أو الموازنة المعتمدة، أو ينطوى على أية مخالفة للقوانين واللوائح أو يخرج عن اختصاصات المجلس المحددة فى هذا القانون، وحدد النص إجراءات هذا الاعتراض بأن يعيد القرار إلى المجلس الشعبى المحلى الذى أصدره مشفوعًا بملاحظاته والأسباب التى يبنى عليها اعتراضه، وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه القرار.
ومن حيث إن الأصل طبقًا لهذا النص هو اختصاص المجلس الشعبى المحلى بإصدار القرار، ولا يكون للمحافظ أو رئيس الوحدة المحلية دور فى إصدار القرار إلا فى حالة الاعتراض طبقاً للإجراءات والمدة التى حددها القانون بحيث إذا جاء الاعتراض خارجاً عن هذه المدد الموضوعية والزمنية فلا يجوز الاحتجاج به لأن القرار الصادر من صاحب الاختصاص يكون قد ترتبت عليه مراكز قانونية لا يجوز المساس بها.
يضاف إلى ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المشرع ناط بالمجلس الشعبى المحلى للمحافظة سلطة التصرف بالمجان فى مال من أموال المحافظة الثابتة أو المنقولة وكذا سلطة التأجير بالمجان أو بأقل من أجر المثل لإحدى الجهات المشار إليها بقصد تحقيق غرض ذى نفع عام، ومن ثَمَّ فإنه لا يجوز لأية سلطة أخرى التغول على سلطة المجلس الشعبى المحلى للمحافظة فى هذا الشأن.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن جمعية تنمية المجتمع بجديلة تقدمت بتاريخ 3/6/1984 بطلب إلى محافظ الدقهلية لتخصيص قطعة أرض بمجرى البحر القديم بناحية جديلة لإقامة سوق تجارى عليها يخدم الناحية والنواحى المجاورة بالجهود الذاتية وبعد دراسة الطلب بمعرفة الوحدات المحلية وهى حى شرق المنصورة ومدينة المنصورة ومركز المنصورة والمجلس الشعبى المحلى للمحافظة فى 20/2/1985، ووجهت الإدارة الهندسية بحى شرق المنصورة كتاباً لرئيس الجمعية للحضور للإدارة الهندسية لتحديد الأرض محل التخصيص على الطبيعة وتابعت كتب الإدارات المحلية لاتخاذ الإجراءات التنفيذية للمشروع المخصص له قطعة الأرض محل النزاع، وبتاريخ 8/7/1989 صدرت فتوى من المستشار القانونى للمحافظة انتهى فيها إلى عدم الموافقة على تخصيص الأرض المقام عليها المحلات للجمعية تأسيساً على أنها ليست جمعية ذات نفع عام، علاوة على أن الأسواق العامة التى تخصصها الدولة أو الأشخاص العامة للنفع العام تعتبر جزءًا من الأموال العامة التى لا يجوز للسلطة الإدارية التصرف فيها إلا على سبيل الترخيص المؤقت.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المجلس الشعبى المحلى لمحافظة الدقهلية قد وافق فى 20/2/1985 على تخصيص قطعة الأرض محل النزاع للجمعية المطعون ضدها، ولم يتم الاعتراض على التخصيص من المحافظ إلا بعد مرور أكثر من أربع سنوات، بعد أن تم بناء كافة المحلات التجارية والخدمية تحت بصيرة الحى، دون مراعاة أحكام المادة 132 من قانون الإدارة المحلية سواء من حيث الموضوع أو الزمان أو الأسباب مما يجعل القرار المطعون فيه قد صدر بالمخالفة للقانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذه الوجهة من النظر فإنه يكون قد صدر صحيحاً مطابقاً للقانون مما يتعين معه رفض الطعن.
ولا ينال مما تقدم ما جاء بالطعن من أن المشروع الذى طلبت الجمعية المطعون ضدها إقامته على الأرض محل النزاع وقامت فعلاً بتنفيذه هو سوق تجارى عام والأسواق العامة أموال عامة وأن المال العام لا يجوز التصرف فيه إلا على سبيل الترخيص، وبالتالى يكون المجلس الشعبى للمحافظة مخالفًا للقانون، ولا يعد نافذاً فى حق الجهة الإدارية المالكة للأرض ولو لم يتم الاعتراض عليه فى الميعاد، يرد على ذلك أن الغرض من التخصيص طبقاً للثابت من مذكرة الشئون الاجتماعية وهى جهة الإشراف على الجمعية المؤرخ فى 28/11/1987 هو إقامة مشروع خدمى يهدف إلى حماية البيئة، حيث كانت الأرض محل النزاع مقلب قمامة وأن الجمعية قامت ببناء المحلات بالجهود الذاتية لأهالى القرية دون أن تكلف ميزانية الدولة شيئاً، فضلاً عن أن المشروع ليس سوقًا تجارياً، بل مجمع خدمات يشمل مبانى للإسعاف والمطافى والتليفونات والتموين ونقطة شرطة ومعرضًا للأسر المنتجة كما جاء بالأوراق.
كما أنه لا يغير من ذلك ما ساقه الطاعنان بصفتيهما من أن أحكام القضاء استقرت على أن المجالس الشعبية المحلية طبقاً للقانون رقم 43/1979 لا تختص بإصدار قرارات إدارية فى المسائل التنفيذية وإنما ينحصر اختصاصها بصفة عامة فى الرقابة والإشراف على المرافق والأعمال ذات الطابع المحلى وأن المقصود بما ورد بنص المادة (132) من ذلك القانون من أن قرارات المجالس المحلية نافذة فى حدود الاختصاصات المقررة لها.
الرد على ذلك أن الحكم المشار إليه كان متعلقاً بقرار صادر من رئيس حى شرق الإسكندرية فى حدود اختصاصاته طبقاً للقانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، وأنه قد صدر قرار من المجلس الشعبى المحلى لمحافظة الإسكندرية بتأييد قرار رئيس حى شرق الإسكندرية المشار إليه، وقد أكد الحكم المشار إليه أن قرارات المجالس المحلية الوارد النص عليها فى المادة (132) من قانون الإدارة المحلية تعتبر نافذة بطبيعتها دون الحاجة لإصدار قرارات تنفيذية فى خصوصها من المحافظين أو رؤساء الأحياء، وذلك فى حدود الاختصاصات المقررة لها وهو ما أكدته هذه المحكمة واستقرت عليه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته إعمالاً لحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.