جلسة 19 من مايو سنة 2013
الطعن رقم 30268 لسنة 54 القضائية (عليا)
(الدائرة الحادية عشرة)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى أحمد راغب دكروري
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ مصطفى سعيد مصطفى حنفي وعلاء الدين شهيب أحمد ومحمود إبراهيم محمد أبو الدهب ومحمد أحمد أحمد ضيف
نواب رئيس مجلس الدولة
مناطه- يُشترَط أن تكون هناك منفعةٌ عامة يُراد تحقيقها من وراء نزع الملكية- تتمتع الجهة الإدارية طالبة نزع الملكية بسلطةٍ تقديرية واسعة في اختيار الموقع المناسب لإقامة مشروع النفع العام، وتحديد العقارات اللازمة له, بما يجتمع لها من مقومات الخبرة والدراية وعن اختصاصٍ صحيح وبما تراه مُحقِّقًا للمصلحة العامة- لا تعقيب على الإدارة في اختيارها لموقعٍ معين من ناحيته الموضوعية، مادامت قد أفصحت عن الأسباب الفنية التي ارتكنت إليها لاختياره, ولم ينهض من الشواهد ما يُنبئ عن أنها انحرفت عن غايات المصلحة العامة، أو تعسفت في استعمال سلطتها.
– المواد (1) و(2) و(3) من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.
بتاريخ 19/6/2008 أودع الحاضر عن الطاعن قلمَ كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بقنا (الدائرة الأولى- منازعات الأفراد) فى الدعويين رقمي 185 و186 لسنة 14ق. بجلسة 24/4/2008، الذي قضى بقبول الدعويين شكلا، ورفضهما موضوعًا، وإلزام المدعيين المصروفات.
وطلب الطاعن -فى ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1440 لسنة 2005 المؤرَّخ في 6/9/2005، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات شاملة مقابل أتعاب المحاماة.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني فى الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون وذلك على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 9/1/2013 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الحادية عشرة (موضوع) ونظره بجلسة 24/3/2013، وتدوول الطعن بجلسات المرافعة وذلك على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 7/4/2013 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات فى أسبوع، وخلال هذا الأجل قدم الحاضر عن الجهة الإدارية المطعون ضدها حافظة مستندات، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
وحيث إن الطاعن يطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1440 لسنة 2005 فيما تضمنه من اعتبار مشروع توسعة وامتداد طريق مدرسة الصنايع فى المسافة من طريق الجولوفيل/ العوامية حتى سيالة بدران شرق السكة الحديد بطول 1100م وعرض 25م من أعمال المنفعة العامة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا.
وحيث إن عناصر النزاع تخلص -حسبما يبين من الأوراق- فى أن الطاعن وآخرين قد أقاموا الدعويين رقمي 185و186 لسنة 14ق. بتاريخ 9/10/2005 أمام محكمة القضاء الإداري بقنا، طالبين الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1440 لسنة 2005، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقالوا شرحًا لذلك إنه بتاريخ 6/ 9/2005 أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 1440 لسنة 2005، متضمنًا اعتبار مشروع توسعة وامتداد طريق مدرسة الصنايع فى المسافة من طريق الجولوفيل/ العوامية حتى سيالة بدران شرق السكة الحديد بطول 1100م وعرض 25م من أعمال المنفعة العامة، وذلك لاستكمال طريق الحزام الأخضر حول مدينة الأقصر.
ونعى الطاعن على القرار المشار إليه مخالفته لأحكام القانون،؛ لعدم عرضه على المجلس المحلي، بالإضافة إلى أنه قد صدر مشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها؛ باعتبار أنه لا يحقق أية مصلحة عامة، لأنه تضمن توسعة شارع جانبي لا يتحمل أي ضغوط مرورية.
……………………………………………………………..
وبجلسة 24/4/2008 قضت المحكمة بقبول الدعويين شكلا، ورفضهما موضوعًا، وإلزام المدعيين المصروفات.
وشيَّدت المحكمة قضاءها على أساس أن القرار المطعون فيه رقم 1440 لسنة 2005 قد صدر من أجل توسعة وامتداد طريق مدرسة الصنايع لاستكمال طريق الحزام الأخضر حول مدينة الأقصر، وهو من أعمال المنفعة العامة، وأنه قد توفرت له جميع الشروط والإجراءات المقرَّرة قانونًا، وقد خلت الأوراق مما يفيد أن جهة الإدارة قد أساءت استعمال سلطتها التقديرية أو انحرفت بها.
……………………………………………………………..
لم يرتضِ الطاعن هذا الحكم، فأقام الطعن الماثل تأسيسًا على أن الحكم المطعون فيه قد جاء مشوبًا بالقصور فى التسبيب؛ إذ سكت عن الرد على ما أورده من أوجه دفاع ومطاعن موجهة للقرار الطعين، وصدوره بالمخالفة لقرارات المجلس الأعلى لمدينة الأقصر، والتي حدَّدت عرض الشارع ب 16م فقط وليس 25م، كما لم يتم عرض الموضوع بواسطة الوزير المختص، واستطلاع رأى المواطنين، وإجراء النشر على وفق أحكام القانون رقم 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمراني، ولم تتحقق أيةُ مصلحةٍ عامة من جراء توسيع الطريق المشار إليه.
……………………………………………………………..
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة تنص على أن: “يجري نزعُ ملكية العقارات اللازمة للمنفعة العامة والتعويضُ عنه وفقًا لأحكام هذا القانون”.
وتنص المادة (2) من القانون ذاته على أن: “يعد من أعمال المنفعة العامة في تطبيق أحكام هذا القانون: أولا: إنشاءُ الطرقِ والشوارع والميادين أو توسيعها أو تعديلها، أو تمديدها أو إنشاء أحياءٍ جديدة.
ثانيا:… ثامنًا:…
ويجوز بقرارٍ من مجلس الوزراء إضافةُ أعمالٍ أخرى ذات منفعةٍ عامة إلى الأعمال المذكورة… ويكون تقريرُ المنفعة العامــة بقرارٍ من رئيس الجمهورية، مُرفَقًا به:
(أ) مذكرة ببيان المشروع المطلوب تنفيذه.
(ب) رسم بالتخطيط الإجمالي للمشروع وللعقارات اللازمة له”.
وتنص المادة (3) من القانون ذاته على أن: “يُنشَر القرارُ المقرِّر للمنفعة العامة مع صورة من المذكرة المشار إليها في المادة (2) من هذا القانون فى الجريدة الرسمية، ويُلصَق في المحل المعدِّ للإعلانات بالمقار الرئيسية لوحدات الإدارة المحلية، وفي مقر العمدة أو الشرطة، وفي المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار”.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر بشأن تفسير النصوص المتقدمة على أن المشرِّع نظَّم قواعد وإجراءات نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، على نحوٍ يكفل المواءمة بين حق السلطة العامة فى اتخاذ ما تراه مناسبًا لتحقيق النفع العام وحماية حق ملكية الأفراد الخاصة، واشترط المشرع لجواز نزع الملكية أن تكون هناك منفعةٌ عامة يُراد تحقيقها من وراء نزع الملكية، فكلما كان هناك نفعٌ عام جاز نزعُ الملكية من أجل تحقيقه، وأطلق المشرع مجال التقدير فى هذا الشأن للجهة الإدارية طالبة نزع الملكية، حيث تتمتع بسلطة واسعة النطاق فى اختيار الموقع المناسب لإقامة مشروع النفع العام، وتحديد العقارات اللازمة للمشروع؛ بما يجتمع لها من مقومات الخبرة والدراية، وعن اختصاصٍ صحيح، وبما تراه مُحقِّقًا للمصلحة العامة، وليس للمحكمة أن تحل محل الإدارة فى تقدير ملاءمة أو عدم ملاءمة الموقع، ولا أن تعقب على اختيارها لموقعٍ معين من ناحيته الموضوعية، مادامت قد أفصحت عن الأسباب الفنية التى ارتكنت إليها لاختيار الموقع الذي رأته ملائمًا ومتفقًا مع المصلحة العامة، مادام رائدها فى ذلك المصلحة العامة، ولم ينهض من الشواهد ما يُنبئ عن أنها انحرفت عن غايات المصلحة العامة، وتعسفت فى استعمال سلطتها أو أساءت استعمالها.
وحيث إنه ترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن رئيس مجلس الوزراء قد أصدر القرار رقم 1440 لسنة 2005 بتاريخ 6/ 9/2005 متضمنًا اعتبار مشروع توسعة وامتداد طريق مدرسة الصنايع لاستكمال طريق الحزام الأخضر حول مدينة الأقصر (فى المسافة من طريق الجولوفيل/ العوامية حتى سيالة بدران شرق السكة الحديد بطول 1100م وعرض 25م، وعلى مساحة سبعة أفدنة وقيراط واحد و16 سهمًا) من أعمال المنفعة العامة، وقد تم نشره بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 38 بتاريخ 22/9/2005، ومن ثم يكون قد صدر على وفق صحيح حكم القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى النتيجة نفسها، ومن ثم يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويتعين القضاء برفض الطعن.
وحيث إنه لا ينال من ذلك ما أورده الطاعن بتقرير الطعن من أن مشروع توسعة طريق مدرسة الصنايع لم يستهدف تحقيق مصلحة عامة، إذ جاءت الأوراق خالية من أيِّ دليلٍ يثبت انحراف الجهة الإدارية المطعون ضدها فى استعمال سلطتها بشأن تقرير صفة النفع العام لهذا المشروع.
وحيث إن المصروفات يلزم بها من خسر الطعن عملا بالمادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.