جلسة 30 من مايو سنة 2012
الطعن رقم 30420 لسنة 57 القضائية (عليا)
(الدائرة السادسة)
– شئون الطلاب- قبولهم بالجامعات- المعيار الموضوعي الوحيد للمفاضلة بين الطلاب هو درجات النجاح في امتحان شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، وذلك حال تزاحمهم على المقاعد المتاحة للقبول بكليات الجامعات، سواء كان الالتحاق بها عن طريق مكتب تنسيق قبول الطلبة الحاصلين على الشهادة المذكورة، أو عن طريق نقل الطالب من إحدى الكليات التابعة لجامعة غير خاضعة لقانون تنظيم الجامعات إلى إحدى كليات الجامعات الخاضعة له.
– شئون الطلاب- تحويلهم- التحويل من جامعات غير خاضعة لقانون تنظيم الجامعات إلى الجامعات الحكومية- يشترط أن يكون الطالب حاصلا في شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها على الحد الأدنى لمجموع الدرجات الذي قبلته الكلية التي يرغب في تحويله أو نقل قيده إليها في تاريخ حصوله على الثانوية العامة- القول بغير ذلك يفرغ مبدأ تكافؤ الفرص من معناه، ويجعل المصريين غير متساوين أمام القانون([1]).
– المادتان رقما (19) و(196) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972.
– المادتان رقما (74) و(87) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975، معدلة بموجب القرار رقم 354 لسنة 1991.
في يوم الاثنين الموافق 30/5/2011 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السادسة) في الدعوى رقم 48229 لسنة 64ق بجلسة 27/2/2011، الذي قضى في منطوقه بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن على وفق الثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات ثم قررت إحالته إلى الدائرة السادسة (موضوع) لنظره.
ونفاذا لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة، ونظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 15/2/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 18/4/2012، ثم تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطعن استوفى جميع أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 13/9/2010 أودع الطاعن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السادسة) صحيفة الدعوى رقم 48229 لسنة 64ق، طالبا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الإدارة بالامتناع عن قبول ابنته بالسنة الأولى بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات.
وذكر المدعي شرحا لدعواه: أن ابنته حصلت على الثانوية العامة في العام الدراسي 2008/ 2009 بمجموع (392.5) درجة، وتقدمت إلى مكتب التنسيق مُصَدِّرَةً رغباتِها: كليةَ الصيدلة، إلا أن مجموعها لم يسمح لها بدخولها، فالتحقت بكلية الصيدلة بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، وهى جامعة خاصة، ونجحت في السنة الأولى بتقدير جيد جدا وهي الآن في السنة الثانية، ونظرا إلى وجود سنة الفراغ، فقد قبلت كلية الصيدلة بجامعة القاهرة طلابا في العام الدراسي 2010/2011 بمجموع أقل من مجموع ابنته، فتوجه إلى مكتب التنسيق كي يوزعها على كلية الصيدلة بجامعة القاهرة، إلا أن المكتب رفض لأنها من سنة سابقة، مما اضطره إلى إقامة دعواه بالطلبات المبينة سالفا.
……………………………………….
وبجلسة 27/2/2011 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، تأسيسا على أن ابنة المدعي ترغب في التحويل من جامعة خاصة إلى جامعة القاهرة، ومن ثم فإنها تخضع لحكم المادة (87) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، ويتعين حصولها على الحد الأدنى في شهادة الثانوية العامة للقبول بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة عام حصولها على الثانوية العامة، ولما كانت قد حصلت على الثانوية العامة في العام الدراسي 2008/2009 بمجموع درجات (392.5) درجة، في حين أن الحد الأدنى للقبول بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة كان (396) درجة، ومن ثم لا يتوفر في شأنها شروط الالتحاق بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة عام حصولها على الثانوية العامة، ومن ثم لا يجوز تحويلها إلى هذه الكلية، وهو ما ينتفي معه القرار الإداري السلبي الذي يمكن أن يكون محلا للمخاصمة، وانتهت المحكمة إلى قضائها المتقدم.
……………………………………….
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن، فقد أقام طعنه الماثل ناعيا على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب، وذلك على سند من القول إن المشرع في المادة (87) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات قد أجاز تحويل الطلاب من الجامعات الخاصة، سواء كانوا مستجدين أو قدامى إلى الجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات، واشترط حصول الطالب على الحد الأدنى من الدرجات في شهادة الثانوية العامة للكلية التي يرغب في التحويل أو النقل إليها، ولم يحدد السنة التي يجب أن يتوفر فيها هذا الشرط، ومن ثم فإن شرط الحد الأدنى للقبول بالكلية التي يرغب في التحويل إليها يتحقق في العام الذي طلب فيه التحويل وليس عام حصوله على الثانوية العامة، واختتم الطاعن تقرير الطعن بالطالبات المبينة سالفا.
……………………………………….
وحيث إن المادة (19) من قانون تنظيم الجامعات (الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972) تنص على أن: “يختص المجلس الأعلى للجامعات بالمسائل الآتية:
1- رسم السياسة العامة للتعليم الجامعي والبحث العلمي في الجامعات والعمل على توجيهها وتنسيقها بما يتفق مع حاجات البلاد وتيسير تحقيق الأهداف القومية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية للدولة.
2-… 3-… 4-… 5-…
6- تنظيم قبول الطلاب في الجامعات وتحديد أعدادهم. …”.
وتنص المادة (196) منه على أن: “تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم العالي وبعد أخذ رأي مجلس الجامعات وموافقة المجلس الأعلى للجامعات… وتنظم اللائحة، علاوة على المسائل المحددة في القانون، المسائل الآتية بصفة خاصة:
1-… 2-… 3-…
4- شروط قبول الطلاب وقيدهم ورسوم الخدمات التي تؤدى إليهم. …”.
وتنص المادة (74) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات (الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975) على أن: “يحدد المجلس الأعلى للجامعات في نهاية كل عام جامعي، بناء على اقتراح مجالس الجامعات بعد أخذ رأي مجالس الكليات المختلفة، عدد الطلاب من أبناء جمهورية مصر العربية الذين يقبلون في كل كلية أو معهد في العام الجامعي التالي من بين الحاصلين على شهادة الثانوية أو على الشهادة المعادلة…”.
وتنص المادة (87) منها (المستبدلة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991) على أنه: “لا يجوز تحويل ونقل قيد الطلاب من كليات أو معاهد غير تابعة للجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات إلا إذا كان الطالب حاصلا على الحد الأدنى في شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها للقبول بالكلية المعنية التي يرغب في تحويله أو نقل قيده إليها، وعلى أن يتم التحويل مركزيا عن طريق مكتب تنسيق القبول بالجامعات والمعاهد العليا. ويجوز لوزير التعليم في حالات الضرورة القصوى ولظروف غير متوقعة تحويل الطلاب وفقا للقواعد والضوابط التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية”.
وحيث إن المستفاد من النصوص السابقة أن فرص الالتحاق بالتعليم الجامعي لا تتهيأ لجميع الناجحين في شهادة الثانوية العامة وما يعادلها، حيث تتوفر هذه الفرص لأعداد يحددها المجلس الأعلى للجامعات في نهاية كل عام جامعي طبقا للتخطيط العام للجامعات في الوفاء بحاجات المجتمع من المتخصصين والفنيين والخبراء، ومن شأن ذلك تزاحم الطلاب على المقاعد المتاحة بكليات الجامعات، سواء من الحاصلين على الثانوية العامة الذين يطلبون الالتحاق لأول مرة بالجامعة، أو أولئك الذين التحقوا بكليات لا تخضع لأحكام قانون تنظيم الجامعات، والمعيار الموضوعي الوحيد للمفاضلة بين الطلاب هو درجات النجاح في امتحان شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، ويرتبط هذا المعيار بالتفوق والجدارة التي يمتاز بها بعض الطلبة على البعض الآخر، وقد اعتنق المجلس الأعلى للجامعات هذا المعيار بالقواعد التي أصدرها في 18/3/1991، التي تضمنت حظر تحويل الطلاب المصريين من الجامعات الأجنبية إلى الجامعات المصرية إلا إذا كان الطالب حاصلا على الحد الأدنى في شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، فالدولة مسئولة دستوريا عن كفالة التعليم الجامعي في حدود إمكانياتها الفعلية، والسبيل إلى فض التزاحم المشار إليه سالفا على الفرص المحدودة لا يتأتى إلا بتحديد مستحقيها وترتيبهم على وفق شروط موضوعية يتحقق من خلالها مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون، حيث إن القبول بالتعليم الجامعي رهين بترتيب درجات النجاح في امتحان شهادة الثانوية العامة، ويقوم ذلك على معيار الجدارة والتفوق بوصفه المعيار الموضوعي الوحيد للمفاضلة بين الطلاب في شغل مقاعد الجامعات، سواء كان الالتحاق بها عن طريق مكتب تنسيق قبول الطلبة الحاصلين على الشهادة المذكورة، أو عن طريق نقل الطالب من إحدى الكليات التابعة لجامعة غير خاضعة لقانون تنظيم الجامعات إلى إحدى كليات الجامعات الخاضعة له، فمعيار التفوق والجدارة أقرته المحكمة الدستورية العليا في القضاء بعدم دستورية القواعد التي تتضمن أي استثناء على مبدأ تكافؤ الفرص، حيث إن القول بغير ذلك يعطى من يملك القدرة المادية على الالتحاق بالكليات التابعة لجامعات خاصة حقا ثابتا في الانقضاض على مبدأ تكافؤ الفرص والتغول على مبدأ المساواة بين المصريين أمام أهم المرافق العامة وهو مرفق التعليم، فالنظام القانوني للجامعات المصرية سواء قبل تدخل المجلس الأعلى للجامعات بقراره الصادر في 18/3/1991 أو بعد تدخل رئيس الجمهورية بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات لم يكن يسمح بأي استثناء من شرط المجموع الكلى للدرجات في الثانوية العامة؛ بحسبانه المعيار الموضوعي الوحيد للتمييز بين الطلاب، وحكمة ذلك واضحة جلية لطلاب الجامعات الخاصة، حيث إن هؤلاء الطلاب لم يخضعوا لمعيار المجموع الكلي لدرجات الثانوية العامة عند التحاقهم بالجامعة، فالتحقوا بكلياتهم دون التقيد بشرط المجموع، ومن ثم يتعين عند انتقالهم من النظام القانوني لجامعاتهم إلى النظام الذي اعتمده المشرع في قانون تنظيم الجامعات لأول مرة أن تطبق عليهم المعايير نفسها التي طبقت على زملائهم عند التحاقهم بالجامعة، وأهمها حصول الطالب في الثانوية العامة على الحد الأدنى لمجموع الدرجات الذي قبلته الكلية التي يرغب في تحويله أو نقل قيده إليها في تاريخ حصوله على الثانوية العامة، والقول بغير ذلك يفرغ مبدأ تكافؤ الفرص عن معناه ويجعل المصريين غير متساوين أمام القانون.
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2032 لسنة 38ق.ع 4/1/2006(
وحيث إنه بالتطبيق لما تقدم، ولما كانت نجلة الطاعن قد حصلت على شهادة الثانوية العامة في العام الدراسي 2008/2009، وكان المجموع الكلي التي حصلت عليه لم يبلغ الحد الأدنى للقبول بكلية الصيدلة ذلك العام، حيث حصلت على مجموع (392.5) درجة، في حين كان الحد الأدنى للقبول بكلية الصيدلة ذلك العام (396 درجة)، مما حدا نجلة الطاعن على الالتحاق بكلية الصيدلة بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، وهي جامعة خاصة، واجتازت بنجاح امتحانات الفرقة الأولى، ثم تقدمت بطلب في 14/7/2010 لتحويلها إلى الفرقة الثانية بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة، إلا أن الجامعة المطعون ضدها امتنعت عن قبول طلب تحويلها لعدم حصولها على الحد الأدنى للقبول بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة عام حصولها على شهادة الثانوية العامة.
ولما كانت نجلة الطاعن لم تحصل على الحد الأدنى للقبول بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة عام حصولها على شهادة الثانوية العامة على النحو المبين سالفا، فإنه ينتفي في شأنها شرط أساسي من شروط التحويل من الجامعات الخاصة إلى إحدى الجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات (الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972) ولائحته التنفيذية، ويكون امتناع الجهة الإدارية المطعون ضدها عن قبول طلب تحويلها له ما يبرره قانونا، ولا يوجد من ثم أي إلزام عليها في هذا الشأن، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري السلبي.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى هذه النتيجة، فإنه يكون قد أصاب الحق والصواب لا مطعن عليه في هذا الشأن.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.
[1])) راجع كذلك: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2455 لسنة 38ق.ع بجلسة 31/5/2006، (منشور بمجموعة السنة 51 مكتب فني، الجزء الثاني، المبدأ رقم 125 ص879).