جلسة 18 من يناير سنة 2012
الطعن رقم 3082 لسنة 48 القضائية (عليا)
(الدائرة السادسة)
– التعدي عليها– إثبات ملكيتها- عقد البيع الابتدائي العرفي الذي ليس له أصل مسجل لا يصلح سندا لملكية الأرض المملوكة للدولة، ولا يجوز الاحتجاج به في مواجهة الغير– الملكية لا تنتقل إلا عن طريق التسجيل.
– الترخيص في الانتفاع بها- الترخيص في مباشرة نشاط على أملاك الدولة الخاصة لا يعد سندا لملكيتها، وينحصر دور الرخصة في السماح للمرخص له بمباشرة النشاط المرخص فيه- تطبيق: ترخيص جهة الإدارة للمرخص له في وضع مصايد وتراكيب لاصطياد الأسماك لا تقوم سندا لملكية المرخص له للأرض المقام عليها المصايد، وإنما ينحصر دور الرخصة في السماح للمرخص له بمباشرة النشاط.
– التصرف فيها- سلطة المحافظ في ذلك- يتعين على المحافظ أن يتقيد في قرار التخصيص بالتوصية الصادرة عن المجلس الشعبي المحلي للمحافظة من حيث الحدود والمساحات وألا يتجاوزها- صدور قرار عن المحافظ بتخصيص قطعة أرض متجاوزا المساحة التي أوصى بها المجلس الشعبي المحلي بالمخالفة للقانون، ثم عرض المساحة الزائدة على المجلس الشعبي المحلي وإقراره إياها؛ وصدور قرار جديد باستمرار تخصيص قطعة الأرض بالمساحة الزائدة، يعد بمثابة استدراك للقرار السابق، وإجازة له.
في يوم الخميس الموافق 24/1/2002 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 3082 لسنة 48 ق. ع في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية (الدائرة الأولى) بجلسة 26/11/2001 في الدعوى رقم 463 لسنة 1 القضائية، الذي قضى (أولا) بقبول تدخل رئيس مجلس إدارة جمعية الطلائع للعاملين بالمخابرات الحربية والاستطلاع خصمً منضما للجهة الإدارية. و(ثانيا) بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة فيما بينهما.
وطلب الطاعنان بصفتيهما في تقرير الطعن -ولما أورداه به من أسباب- تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة عاجلةبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا حتى يتم الفصل في موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضدهم الأُوَل المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 1/12/2004، وبها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص، حيث تدوول نظر الطعن أمامها بجلسات المرافعة وذلك على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حيث قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة 17/9/2006 وخلال فترة حجز الطعن للحكم، وبتاريخ 6/7/2006 قدم المطعون ضده الثاني (رئيس مجلس إدارة جمعية الطلائع لإسكان العاملين بالمخابرات الحربية والاستطلاع) مذكرتي دفاع طلب فيهما الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا (أصليا) برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم الأُوَل المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي، و(احتياطيا) بعدم قبول الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها لرفعها من غير ذي صفة ومن غير ذي مصلحة مع إلزام المطعون ضدهم الأُوَل المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، و(من باب الاحتياط الكلي): الحكم تمهيديا بإحالة الطعن إلى مكتب خبراء وزارة العدل بالعريش للوقوف على حقيقة هي عدم ملكية المطعون ضدهم الأول (ورثة المدعي فى الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها أمام محكمة أول درجة) لأي أرض بالمساحة محل النزاع أو المجاورة لها والتي اشترتها جمعية الطلائع لإسكان العاملين بالمخابرات الحربية والاستطلاع (المطعون ضدها الثانية) من محافظة شمال سيناء بالقرار رقم 1257 لسنة 1994.
كما قدمت هذه الجمعية المذكورة بتاريخ 6/7/2006 حافظة مستندات طويت على صورة رسمية طبق الأصل من الحكم الصادر في الدعوى رقم 359 لسنة 1996 مدني كلي شمال سيناء بجلسة 19/1/2000، وبتاريخ 16/1/2007 قدم وكيل ورثة المطعون ضده الأول طلباً للمحكمة ذكر فيه أن المطعون ضده المذكور (مصطفى…) قد توفي إلى رحمة الله تعالى، وطلب إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 7/4/2007 لكي يقدم الوكيل المذكور شهادة وفاة موكله وإعلاما بوراثته، وبعد أن قدم المحامي المذكور المطلوب منه، قررت الدائرة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 2/6/2007 وكلفت الجهة الإدارية الطاعنة بتصحيح شكل الطعن باختصام ورثة المطعون ضده (المطعون ضدهم الأول)، لذلك فإنه بصحيفة مؤشرا عليها بالقيد في الجدول ومعلنة إلى الورثة المذكورين قامت هيئة قضايا الدولة (الطاعنة) بتصحيح شكل الطعن باختصام ورثة المطعون ضده، ثم وبجلسة 27/10/2007 قدمت جمعية الطلائع حافظة مستندات طويت على صورة من الحكم الصادر بجلسة 19/1/2000 في الدعوى رقم 359 لسنة 1996 مدني كلي شمال سيناء المشار إليه.
وبجلسة 1/3/2008 قدمت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات طويت على كتاب المجلس الشعبي المحلي لمحافظة شمال سيناء بإرفاق محضر اجتماع المجلس رقم 5 المنعقد يوم الثلاثاء الموافق 29/1/2008 والذي وافق المجلس فيه على تعديل المساحة المخصصة لجمعية الطلائع بقرار التخصيص رقم 1257 لسنة 1994 من 600 متر × 1250 متراً إلى 640 مترا × 1500 متر، مرافق معه صورة طبق الأصل من محضر الاجتماع.
وبجلسة 5/4/2008 أصدرت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا حكما تمهيديا قضى بقبول الطعن شكلا وتمهيديا وقبل الفصل في موضوع الطعن بندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة شمال سيناء ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين تكون مهمته هي تحديد المساحة المتنازع عليها بين المطعون ضده وجمعية الطلائع للعاملين بالمخابرات العامة والاستطلاع المستفيدة من قرار التخصيص المطعون فيه، وما إذا كان المتنازع عليه داخلاً في أملاك الدولة من عدمه، وسند ملكية المطعون ضده.
وبجلسة 22/11/2008 قدمت الجمعية المطعون ضدها الثانية حافظة مستندات طويت على صورة رسمية طبق الأصل من القرار رقم 633 لسنة 2008 الصادر بتاريخ 23/9/2008 عن محافظ شمال سيناء الذي قضى باستمرار تخصيص قطعة الأرض موضوع القرار رقم 1257/1994 وذلك بعد تعديل المساحة بناء على موافقة المجلس الشعبي لمحافظة شمال سيناء الصادرة بجلسة 29/1/2008 بجلسته رقم 5، ومن ثم يكون قد تم تصحيح الخطأ الحسابي الذي شاب القرار المطعون فيه.
وبتاريخ 8/7/2010 ورد إلى المحكمة تقرير مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة شمال سيناء بالعريش في المهمة التي حددها الحكم التمهيدي في الطعن الماثل بجلسة 5/4/2008، وبجلسة 10/10/2009 قررت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا التي نظرت الطعن بجلسات المرافعة حتى قررت بجلسة 2/11/2011 إصدار الحكم في الطعن بجلسة 21/12/2011 وصرحت بتقديم مذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، وقد مضى هذا الأجل دون تقديم أية مذكرات، وبجلسة اليوم مد أجل صدور الحكم لجلسة 18/1/2012؛ لاستمرار المداولة، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
وحيث إن الجهة الإدارية الطاعنة تطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه، مع إلزام ورثة المطعون ضده الأول المصروفات.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المرحوم/مصطفى… (مورث المطعون ضدهم الأُوَل) كان قد أقام حال حياته ضد الجهة الإدارية الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بعريضة موقعة من محام أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري ببورسعيد بتاريخ 22/8/1995، قيدت بجدولها العام برقم 1419 لسنة 4 ق، وطلب في ختام عريضتها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محافظ شمال سيناء رقم 1257 لسنة 1994 الصادر بتخصيص قطعة أرض مساحة 640متراً × 1500 متر بخلاف حرم البحر من أرض المدعي، مع إلزام الجهة الإدارية أن تدفع للمدعي مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضا له عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقته من وراء هذا القرار والمصروفات.
وقال المدعي شرحا لدعواه إن محافظ شمال سيناء (المدعى عليه الأول) أصدر القرار رقم 1257 لسنة 1994 بتخصيص قطعة أرض واجهة بحر طولها 640 مترا وعمقها 1500 متر بمساحة إجمالية قدرها 960000 متر مربع مبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى لإقامة قرية الطلائع للإسكان التعاوني للعاملين بإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع وأسرهم، وإقامة مشروع سياحي لأعضاء الجمعية عليها، وإنه لم يعلم بهذا القرار إلا عندما قامت جمعية الطلائع بأخذ جَسَّتي تربة من أرضه المذكورة سالفا، ووضعت علامات من الجير الأبيض عليها، مما حداه على إقامة هذه الدعوى للحكم له بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المذكور سالفا، ناعيا عليه إجحافه بحقوقه وتعديه على ملكه؛ إذ إنه يمتلك قطعة أرض بواجهة بحر بعرض 330 مترا × 650 مترا عمقا من البحر، وهو ما يكون القرار المطعون فيه قد خالف القانون والدستور لاغتصابه مساحة 9 ر18 متراً × 650 عمقا بما فيها حرم البحر.
كما شاب هذا القرار عيب مخالفة القانون لأنه صدر خاليا من السبب، كما صدر هذا القرار متناقضا مع نفسه؛ إذ أشار إلى توصية المجلس الشعبي المحلي لمحافظة شمال سيناء في اجتماعه رقم 18 بتاريخ 1/6/1994 بالموافقة على تخصيص قطعة أرض بالكيلو 15 غرب المساعيد بمساحة 100 متر × 1250 متراً، إلا أنه يلاحظ أن القرار المطعون فيه ذكر أن المساحة التي أوصى بها المجلس الشعبي المحلي لمحافظة شمال سيناء هي بعرض 600 متر × 1250 مترا، ثم بعد ذلك نجد أن القرار ذاته يقول إنه بناء على موافقة لجنة المشروعات الاستثمارية المنعقدة بتاريخ 16/8/1994 والتي تفيد الموافقة على قرار التخصيص للجمعية المعتمد بتاريخ 17/8/1994 وعلى الكروكي الذي يوضح الموقع والمساحة الذي قدمته الإدارة الهندسية لمجلس مدينة العريش والمعتمد من رئيس المجلس والذي يبين المساحة لـ 640 متراً × 1500 متر، وهو ما أسفر عن التعدي على قطعة الأرض التي يملكها بواقع: 19س، 18 متراً × 1500 متر بخلاف حرم البحر، مما يكون معه القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء.
– ونظرا إلى صدور قرار السيد المستشار/ رئيس مجلس الدولة رقم 167 لسنة 1995 بإنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية فقد تقرر إحالة الدعوى إلى المحكمة الأخيرة حيث قيدت بجدولها العام برقم 463 لسنة 1 القضائية.
وأثناء تداول الدعوى أمام محكمة أول درجة بالإسماعيلية قدم المدعي بجلسة 21/10/1996 مذكرة بدفاعه صحح فيها الخطأ المادي الذي ورد على لسانه في عريضة الدعوى عن مساحة القدر المعتدى عليه بأنه بأبعاد 43م × 1650م.
وبجلسة 18/5/1998 قدم رئيس مجلس إدارة جمعية الطلائع لإسكان العاملين بالمخابرات الحربية والاستطلاع صحيفة تدخل معلنة إلى أطراف الدعوى يطلب فيها الحكم بتدخله بصفته انضمامياً في الدعوى لمحافظ شمال سيناء، وبرفض الدعوى بشقيها مع إلزام المدعي المصروفات، وبجلسة 9/11/1995 قررت المحكمة إحالة الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في شقيها.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم:
1- بقبول تدخل جمعية الطلائع للعاملين بالمخابرات الحربية والاستطلاع انضمامياً للجهة الإدارية المدعى عليها.
2- بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرار محافظ شمال سيناء رقم 1257 لسنة 1994 فيما تضمنه من تخصيص قطعة أرض تزيد على 600م × 250م إلى جمعية الطلائع، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض طلب التعويض، وإلزام المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة فيما بينهما.
…………………………………..
وبجلسة 26/11/2001 حكمت محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية (الدائرة الأولى- محافظات) بـ: (أولا) بقبول تدخل رئيس مجلس إدارة جمعية الطلائع للعاملين بالمخابرات الحربية والاستطلاع خصماً منضماً للجهة الإدارية، و(ثانيا) بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام المدعي وجهة الإدارة المصروفات مناصفة بينهما.
وعن شق الحكم المتعلق بقبول طلب تدخل رئيس مجلس إدارة جمعية الطلائع للعاملين بالمخابرات الحربية والاستطلاع منضما إلى جهة الإدارة المدعى عليها، استعرضت المحكمة نص المادة 126 من قانون المرافعات، وبناء عليه ولما كان طالب التدخل هو رئيس مجلس إدارة الجمعية التي صدر القرار المطعون فيه بتخصيص مساحة الأرض محل النزاع لها، وأن للجمعية مصلحة في رفض الدعوى بطلب إلغاء قرار التخصيص المطعون فيه، فمن ثم تكون لطالب التدخل مصلحة قانونية مشروعة يقرها القانون من وراء تدخله، وهو ما يتعين الحكم بقبول تدخله خصما منضما إلى الجهة الإدارية المدعى عليها.
وعن الشق المتعلق بقبول الدعوى شكلا، فقد انتهت المحكمة إلى أنه ولئن كان الثابت أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 28/12/1994، ولكن الأوراق قد خلت مما يقطع بعلم المدعي بهذا القرار وبمضمونه في تاريخ سابق على تاريخ إقامته للدعوى في 22/8/1995، ومن ثم يكون هذا التاريخ هو تاريخ علمه بهذا القرار، وعليه فإنه إذ استوفت الدعوى جميع أوضاعها الشكلية، فمن ثم تكون الدعوى مقبولة شكلا، كما أسست حكمها بإلغاء قرار التخصيص المطعون فيه الذي تضمن تخصيص مساحة الأرض إلى الجمعية المدعى عليها الثانية، وذلك بعد أن استعرضت المواد 2و12و28 من قانون نظام الإدارة المحلية، الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979، معدلاً بالقانون رقم 50 لسنة 1982، على أساس أن المجلس الشعبي المحلي لمحافظة شمال سيناء قد وافق على تخصيص قطعة أرض مساحتها 600متر × 1250مترا، بينما صدر القرار المطعون فيه بتخصيص مساحة قدرها 640متراً × 1500متر، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء.
وعن شق الحكم الذي قضى برفض الدعوى بطلب التعويض فقد أقامته على أساس أن المدعي لم يبين عناصر الضرر الذي أصابه من جراء القرار المطعون فيه، مما تتخلف معه أحد أركان المسئولية التقصيرية للجهة الإدارية بإصدارها القرار المطعون فيه، ومن ثم يتعين الحكم برفض طلب التعويض.
وبذلك خلصت محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية إلى قضائها المذكور سالفا.
…………………………………..
ونظرا إلى أن الحكم لم يلق قبولا من جانب الجهة الإدارية بالنسبة لقضائه بإلغاء القرار المطعون فيه؛ فقد طعنت عليه بالطعن الماثل ناعية عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، على أساس أنه إذا كان المجلس الشعبي المحلي بمحافظة شمال سيناء قد أوصى بجلسته المنعقدة بتاريخ 16/8/1994 بتخصيص قطعة أرض مساحتها 600متر × 1250مترا، إلا أنه صدر قرار محافظ شمال سيناء رقم 1257 لسنة 1994 (المطعون فيه) متضمناً تخصيص مساحة قدرها 640متراً × 1500متر متجاوزا المساحة التي أوصى بها المجلس الشعبي المحلي لمحافظة شمال سيناء، فإن هذا المجلس الشعبي المحلي لتلك المحافظة قد أوصى بجلسته رقم 5 المنعقدة بتاريخ 29/1/2008 بتعديل المساحة المخصصة للجمعية المطعون ضدها بموجب قرار محافظ شمال سيناء رقم 1257 لسنة 1994 من 600متر × 1250متراً إلى 640متراً × 1500متر، وبذلك تكون التوصية الأخيرة قد صححت ما أصاب القرار المطعون فيه من عيب وخلل، مما يتعين معه الحكم برفض طلب إلغاء هذا القرار، وإلزام المطعون ضدهم الأوائل المصروفات.
…………………………………..
وحيث إن الفصل في الطعن الماثل يستلزم الفصل في مدى سلامة القرار الصادر عن محافظ شمال سيناء برقم 1257 لسنة 1994 (المطعون فيه) بتخصيص المساحة الواردة به لجمعية الطلائع للعاملين بالمخابرات الحربية والاستطلاع، على أساس أن تلك المساحة مملوكة للدولة يجوز للمحافظ المذكور التصرف فيها للجمعية المذكورة على وفق أحكام القانون رقم 43 لسنة 1979، وأن تلك المساحة مملوكة للمحافظة وليست مملوكة لمورث المطعون ضدهم الأول (ورثة المرحوم/ مصطفى…).
وحيث إن الثابت من الاطلاع على تقرير الخبير المودع في الطعن تنفيذا للحكم التمهيدي الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى بجلسة 5/4/2008 أن الخبير قد انتهى في تقريره إلى أن المطعون ضده المذكور لا يملك تلك المساحة، وذلك على أساس أنه لم يقدم في هذا الشأن عقداً مسجلاً ينقل إليه ملكية هذه المساحة، وبذلك فإن تلك المساحة تكون مملوكة للدولة ممثلة في محافظة شمال سيناء، وبذلك يحق للمحافظة المذكورة تخصيص أي جزء من تلك الأملاك في ضوء أحكام قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته.
ومما يؤكد ملكية الدولة لتلك المساحة أنه بعد أن ثارت تلك المشكلة بين مورث المطعون ضدهم وجمعية الطلائع لإسكان العاملين بالمخابرات والاستطلاع (المطعون ضدها ثانياً) أقام (المرحوم/ مصطفى … مورث المطعون ضدهم الأُوَل) حال حياته الدعوى رقم 359 لسنة 1996 أمام محكمة شمال سيناء الابتدائية ضد الجمعية سالفة الذكر متهما إياها بأنها قامت بأخذ رمال هي وآخرون من الأرض التي يملكها بالكيلو 15 و16 قرب قرية زارع بطريق القنطرة العريش وإزالة العلامات الحدودية لتلك المساحة الفاصلة بين أملاكه وملكية الجمعية المدعى عليها الأولى، وأنه قد أصابه من وراء ذلك أضرار مادية وأدبية قدر التعويض عنها بمبلغ مئة ألف جنيه، وبجلسة 25/2/1997 أصدرت المحكمة المدنية حكما تمهيديا بندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة شمال سيناء ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين لمعاينة الأرض محل النزاع، وتحديد حدودها، وبيان مدى تملك المدعي لهذه المساحة، والوقوف على الأضرار التي قامت بها الجمعية والمدعى عليهم في تلك المساحة، وتقدير قيمة تلك الأضرار، وقد أودع الخبير تقريرا انتهى فيه إلى أن المدعي لم يقدم عقدا مسجلا يثبت ملكيته لأرض النزاع، بل كل ما قدمه صورة ضوئية لعقد البيع الابتدائي المؤرخ في 26/8/1949 بين المدعى والمواطن/عطية… وكذلك صورة عقد بيع ابتدائي مؤرخ في 24/9/1989 محرر بين المدعي والمواطنة/سليمة … عن نفسها وبصفتها وكيلة عن أولادها لقطعة أرض من أرض النزاع، بينما قدمت الجمعية المذكورة سالفا المدعى عليها شهادة رسمية من محافظة شمال سيناء بالعريش بأن الأرض موضوع النزاع مخصصة بالقرار رقم 1257 لسنة 1994 الصادر عن المحافظ لمصلحة الجمعية التي يمثلها المدعى عليه الأول (رئيس مجلس إدارة جمعية الطلائع لإسكان العاملين بالمخابرات والاستطلاع).
وبجلسة 29/1/2000 قضت المحكمة المدنية المشار إليها بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وذلك على أساس أنه لم يقدم من مستندات رسمية تفيد تملكه لأرض النزاع، وأنه لا يجوز للمدعي الاحتجاج وتأسيس زعمه على ملكية تلك الأرض بصورتي العقدين العرفيين اللتين قدمهما أمام الخبير؛ لأن هذه العقود ليست مسجلة حتى تنقل ملكية تلك الأرض إلى المدعي، ومن ثم لا يكون المدعي قد قدم ما يثبت تملكه لتلك الأرض، في حين ثبت من الأوراق أن هذه الأرض من أملاك الدولة الخاصة بمحافظة شمال سيناء، وقد خصصتها المحافظة للجمعية المذكورة سالفا بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي لمحافظة شمال سيناء، وهو ما يتعين معه عدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وإلزام المدعي (مورث المطعون ضدهم في الطعن الماثل) المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقد خلت الأوراق مما يفيد أن المدعي في تلك الدعوى ومن بعده ورثته (المطعون ضدهم الأُوَل في الطعن الماثل) قد قاموا بالطعن على هذا الحكم بالاستئناف، مما يستفاد منه أن هذا الحكم قد صار نهائيا وباتا في تملك أرض النزاع ملكية خاصة للدولة في محافظة شمال سيناء.
وحيث إنه لا يقدح في ملكية الدولة وتمثلها محافظة شمال سيناء لهذه الأرض تلك الصورة الضوئية للعقد المؤرخ بتاريخ 26/8/1949 المحرر بين مورث المطعون ضدهم الأُوَل وبين عطية… عن قطعة مساحتها 4 ط بأرض النزاع، وتلك الصورة الضوئية للعقد الابتدائي المحرر بتاريخ 24/9/1989 بين المورث المذكور والمواطنة/سليمة… عن نفسها وبصفتها وكيلة عن أولادها لبيعها مساحة قدرها 246م × 439.7م؛ وذلك لأن هاتين الصورتين لا تَعْدُوَانِ أن تكونا صورتين ضوئيتين لعقدي بيع ابتدائيين عرفيين وليس لهما أصل مسجل، وبذلك فإن هذين العقدين لا ينقلان ملكية هاتين المساحتين إلى المشتري المذكور (مورث المطعون ضدهم الأُوَل)، ومن ثم لا تكون تلك المساحة مملوكة للمورث المذكور ومن بعده ورثته، وإنما هي مملوكة ملكية خاصة للدولة.
وفضلا عن ذلك فإنه حتى مع الافتراض بأن هذين العقدين مسجلان، فإن الثابت أن العقد الأول محرر بتاريخ 26/8/1949 وذلك خلال مدة الخمسة عشر يوما التالية لتعديل المادة 970 من القانون المدني في سنة 1955 بحظر التعدي على أملاك الدولة الخاصة وأملاك الوحدات المحلية وأشخاص القانون العام أو التصرف فيها، كما أن العقد الثاني محرر بتاريخ 24/9/1989 أي بعد تعديل المادة 970 من القانون المدني عام 1955، ومن ثم فإنه لا يجوز الاعتداد بهذين العقدين في نقل ملكية أرض النزاع لمورث المطعون ضدهم الأُوَل ومن بعده ورثته (المطعون ضدهم الأُوَل).
كما لا ينال من سلامة ما تقدم، ولا يقوم سندا لملكية مورث المطعون ضدهم الأول ومن بعده ورثته تلك الصور التي قدمها المطعون ضده حال حياته لتراخيص صادرة عن محافظة شمال سيناء للمطعون ضده بوضع مصايد وتراكيب لاصطياد السمان؛ ذلك أن تلك التراخيص لا تقوم سندا على ملكية المرخص له للأرض التي تقام عليها تلك المصايد والتراكيب، وإنما ينحصر دور هذه التراخيص في السماح للمرخص له بوضع تلك المصايد على تلك الأرض المملوكة للدولة ملكية خاصة وتمثلها في ذلك محافظة شمال سيناء.
وحيث إنه وقد انتهت المحكمة إلى ثبوت ملكية أرض النزاع للدولة ممثلة في محافظة شمال سيناء، ومن ثم يجوز للمحافظ إصدار قرار بتخصيص جزء من تلك الأملاك بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي لمحافظة شمال سيناء، وذلك على وفق أحكام قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 معدلا بالقانون رقم 85 لسنة 1982، وأنه إذا صدر القرار عن المحافظ بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة بتخصيص جزء من أملاك الدولة الخاصة لشخص ما، فإن القرار الصادر عن المحافظ بالتخصيص بعد مراعاة الأحكام الواجبة الاتباع في القانون المذكور سالفا يكون مطابقا للقانون، ويضحى طلب إلغائه فاقدا سنده خليقا بالرفض.
وحيث إنه بتطبيق ما تقدم على حالة الطعن الماثل فإنه ولئن كان المجلس الشعبي المحلي لمحافظة شمال سيناء قد وافق على تخصيص قطعة أرض في دائرة المحافظة بأبعاد 600 متر × 1250 مترا لجمعية الطلائع للعاملين بالمخابرات العامة والاستطلاع، وأنه كان يتعين على محافظ شمال سيناء أن يتقيد في قراره بالتخصيص بتلك المساحة، إلا أنه ولئن كان الثابت من الأوراق أن محافظ المحافظة المذكورة قد أصدر قراره رقم 1257 لسنة 1994 بتخصيص مساحة قدرها 640 متراً × 1500 مترٍ متجاوزا بذلك توصية المجلس الشعبي للمحافظة، وعندما استبان خطأ القرار المذكور سالفا فقد اجتمع المجلس الشعبي للمحافظة بجلسته رقم 5 في يوم الثلاثاء الموافق 29/1/2008، ووافق على تعديل المساحة المخصصة لتلك الجمعية لتكون بالأبعاد التي قررها قرار المحافظ رقم 1257 لسنة 1994(المطعون فيه)، وبناء على هذا الاستدراك أصدر محافظ شمال سيناء قراره رقم 633 لسنة 2008 بتاريخ 23/9/2008 باستمرار تخصيص قطعة الأرض محل القرار رقم 1257 لسنة 1994، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه بعد هذا الاستدراك قد صدر مطابقاً للقانون، ومن ثم يضحى طلب إلغائه فاقداً سنده خليقاً بالرفض.
وحيث إن المطعون ضدهم الأُوَل قد خسروا الطعن فمن ثم حق إلزامهم المصروفات عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه في شقه الموضوعي، والقضاء مجددا برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضدهم الأُوَل المصروفات.