جلسة 27 من إبريل سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد منير السيد أحمد جويفل
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / سامى أحمد الصباغ، وعبد الله عامر إبراهيم،
ومصطفى محمد عبد المعطى، وحسن عبد الحميد البرعى
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد / سعيد عبد الستار محمد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد الأستاذ/ عصام سعد ياسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3156 لسنة 43 قضائية عليا:
إزالة ــ عدم جواز تفويض المحافظين فى إزالة التعدى على الأرض الزراعية.
وفقًا للقواعد والمبدأ المستقر عليه فقهًا وقضاءً فإن التفويض الجائز وفقًا للقواعد العامة إنما ينصرف إلى الاختصاصات الأصلية التى يستمدها المفوض من القوانين واللوائح مباشرة أما الاختصاصات التى يستمدها الرئيس الإدارى من سلطة عليا بناء على قواعد التفويض فإنه
لا يجوز له أن يفوض فيها بل يتعين عليه أن يمارس الاختصاصات المفوضة إليه بنفسه ــ أثر ذلك: عدم مشروعية قرار وزير الزراعة رقم 572 لسنة 1996 بتفويض المحافظين فى مباشرة الاختصاصات المفوضة إليه بموجب أمر نائب الحاكم العسكرى رقم 1 لسنة 1996 ــ تطبيق.
فى يوم الإثنين الموافق 14/4/1997 أودعت الأستاذة/ آمال مندور (المحامية) بصفتها وكيلة الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى الدعوى رقم 4324 لسنة 1ق بجلسة 23/2/1997 والذى قضى فى منطوقه بإلغاء القرارين المطعون فيهما وإلزام الإدارة المصروفات.
وطلبت فى ختام تقرير الطعن ــ للأسباب الواردة به ــ الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا وبرفض الدعاوى المقامة من المطعون ضدهما ضد القرارين محل الطعن وإلزامهما المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقًا للثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونُظر الطعن بدائرة فحص الطعون بالمحكمة إلى أن تقرر إحالته إلى دائرة الموضوع ونفاذاً لذلك ورد الطعن إلى هذه الدائرة وجرى نظره بها إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة 27/4/2005 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 30/12/1990 أودع المطعون ضده الأول قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة عريضة الدعوى رقم 2026/45 طالباً فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1482/90 الصادر بإزالة التعدى الواقع منه على القطعة رقم 64 بحوض وجه الجرن نمـ 7 بناحية الرجدية مركز طنطا على مساحة 130م2 والمتمثل فى إقامة قواعد خرسانية وأساسات بارتفاع 1.5م2 وبتاريخ 10/4/1991 أقام المطعون ضده الثانى الدعوى رقم 4570/45ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طالباً وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 476/91 بإزالة المبانى المقامة منه بالطوب الأحمر والأسمنت على القطعة رقم 64 بحوض وجه الجرن نمـ 7 بمساحة 80م2 مشتراة من ورثة المرحوم محمود أحمد عجوة وذلك على سند من القول بأن القرار المطعون فيه مخالف للقانون؛ لأن الإزالة للمبانى على أرض زراعية لا تكون إلا بحكم جنائى ولا تملك جهة الإدارة تلك الإزالة وإن كانت تملك ذلك فى حالة التشوين والتبوير فإنها لا تملكها فى حالة البناء.
|
ونظرت محكمة القضاء الإدارى الدعوى بعدة جلسات وبجلستها المنعقدة بتاريخ 7/6/1994 حكمت بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما، وذلك بعد ضم الدعويين المذكورتين وبعد إيداع هيئة مفوضى الدولة تقريرها بالرأى القانونى أصدرت بجلستها المنعقدة بتاريخ 23/2/1997 حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها بعد استعراض نص المادة (970) مدنى على أن الثابت من الاطلاع على تقرير خبير وزارة العدل المنتدب فى الدعوى والمستندات المقدمة فيها أن قطعة الأرض محل قرارى الإزالة المطعون فيهما تدخل ضمن مساحة أكبر قدرها ــ س5 ط1 ف اشتراها المدعى الأول وأشقاؤه من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى وسدد ثمنها بالكامل، وقام ورثته ببيع جزء منها للمدعى الثانى ومن ثَمَّ فإنها تكون مملوكة ملكية خاصة للمدعيين، ولم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى جهة الإدارة فأقامت هذا الطعن ناعية على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، لأن المطعون ضدهما ارتكبا أفعالاً من شأنها تبوير الأرض الزراعية والمساس بخصوبتها طبقًا لأحكام قانون الزراعة رقم 53/66 وتعديلاته والأمر العسكرى رقم 1/96 لأن الأرض التى أقيم عليها البناء تتوافر لها مقومات الزراعة وهى أرض زراعية وطبقًا لعقد البيع لا يجوز إقامة بناء عليها وإنما يتم استغلالها فى الزراعة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى فى بيان قصد المشرع من نصوص قانون الزراعة رقم 53/66 والأمر العسكرى رقم 1/96 التى تتناول تبوير الأرض الزراعية والبناء عليها إضفاء الحماية اللازمة لرقعة الأرض الزراعية وصيانتها من التبوير ومن كل فعل أو امتناع يؤدى إلى المساس بخصوبتها، واعتبر المساس بتلك الحماية جريمة جنائية توجب على المحكمة المختصة توقيع الجزاء المقرر لها، كما أن تلك الحماية تخوِّل جهة الإدارة التدخل دون انتظار لحكم القضاء، وذلك بوقف أسباب المخالفة وقد فوّضَ الحاكم العسكرى العام بمقتضى قراره رقم 1/96 رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكرى العام فى مباشرة كافة اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها فى قانون الطوارئ رقم 162/58 واستنادًا إلى هذا القانون واستمداداً من هذا التفويض أصدر نائب الحاكم العسكرى العام أمره رقم 1/96 وفوض فيه وزير الزراعة بوقف الأعمال المخالفة المبينة بالأمر المذكور وبإعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف لحين صدور حكم فى الدعوى وأيًا كان الرأى فى مدى سلامة التفويض الممنوح لوزير الزراعة فما كان يجوز لوزير الزراعة على النحو الوارد بقراره رقم 572/96 أن يفوض المحافظين فى مباشرة الاختصاصات المفوضة إليه لمخالفة ذلك للقواعد والمبدأ المستقر عليه فقهاً وقضاءً من أن التفويض الجائز وفقاً للقواعد العامة إنما ينصرف إلى الاختصاصات الأصلية التى يستمدها المفوض من القوانين واللوائح مباشرة أما الاختصاصات التى يستمدها الرئيس الإدارى من سلطة عليا بناءً على قواعد التفويض فإنه
لا يجوز له أن يفوض فيها بل يتعين عليه أن يمارس الاختصاصات المفوضة إليه بنفسه.
ومن حيث إنه فى ضوء ما سبق ولما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن القرارين المطعون فيهما صدرا من رئيس مركز ومدينة طنطا ونصا على إزالة التعديات الواقعة من المطعون ضدهما والمتمثلة فى إقامة مبانٍ بالمساحات المبينة بمحضرى المخالفة والثابت بهما أن المخالفة بناء على أرض زراعية بمساحة 80.130م2 بالناحية المذكورة وذلك بالمخالفة للأمر العسكرى رقم 1/96 والقانون رقم 53/66، ومن ثَمَّ فإن القرارين المطعون فيهما وقد صدرا استناداً إلى ذلك، الأمر الذى يكونان معه مخالفين للقواعد المقررة فى شأن التفويض فى الاختصاصات، كما أن صدور القرار المطعون فيه استناداً إلى قانون الزراعة سالف الذكر وإن كان ذلك القانون يجيز التفويض فى الاختصاصات إلا أن القرار المطعون فيه قد خلا من الإشارة إلى تفويض وزير الزراعة إلى المحافظ أو رؤساء الوحدات المحلية فى ذلك الأمر، وعلى فرض وجود هذا التفويض فإن القانون المذكور لم يخوِّل وزير الزراعة سلطة إزالة المبانى، وإنما ذلك من اختصاص القضاء الجنائى، وإذ خالف القرار المطعون فيه ذلك فإنه يكون مخالفاً أحكام القانون جديرًا بوقف تنفيذه وإلغائه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد صادف صواب القانون من المتعين رفض هذا الطعن وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات طبقاً للمادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.