جلسة 10 من مارس سنة 2012
الطعن رقم 32499 لسنة 56 القضائية (عليا)
(الدائرة الرابعة)
– حجية الأحكام- حجية الحكم الصادر في الشق العاجل- الحكم الصادر في الشق العاجل، وإن كان حكما له مقومات الأحكام وخصائصها، ومنها جواز الطعن فيه على استقلال، إلا أنه حكم وقتي بطبيعته ينتهي أثره ويسقط بصدور الحكم المتعلق بموضوع المنازعة، فلا تتقيد به محكمة الموضوع ولو كان مؤيدا من المحكمة الإدارية العليا- استمرار المحكمة الإدارية العليا في نظر الطعن على الحكم الصادر في الشق العاجل رغم صدور حكم في موضوع المنازعة، يصبح غير ذي موضوع.
– رد القضاة- أسباب الرد نوعان: (النوع الأول) والمعنى الجامع لهذا النوع من الأسباب هو كونها مما تضعف له النفس في الأعم الأغلب، وكونها معلومة للقاضي ويبعد أن يجهلها، ومن بينها إذا كان القاضي قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى، أو كتب فيها ولو كان قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكما، أو كان قد أدى شهادة فيها، أما (النوع الثاني) من الأسباب فلا تمنع القاضي من سماع الدعوى ولا تجعله غير صالح لنظرها، بل تجيز للخصم أن يطلب رده، ومن بينها: أن يكون بين القاضي وأحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل.
– رد القضاة- اشتراك أحد القضاة أو هيئة المحكمة بكامل تشكيلها في إصدار الحكم في الشق العاجل من الدعوى، أو في الحكم الصادر في الطعن عليه استقلالا أمام محكمة الطعن، لا يعد من أسباب الرد بنوعيها المنصوص عليها في قانون المرافعات؛ ذلك أن القضاء في الشق العاجل هو قضاء موقوت ومرهون بتوفر دواعيه، بحيث لا يقيد، وما ينبغي له أن يقيد، محكمةَ الموضوع عند نظر طلب الإلغاء، وكذلك الشأن بالنسبة لمحكمة الطعن عند الفصل في الطعون على الأحكام الصادرة في موضوع الدعوى.
– المادة رقم (53) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
– المادتان رقما (146) و(148) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968.
إنه في يوم الأربعاء الموافق 7/7/2010 أودع الأستاذ/… المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة تقريرا بطلب الرد، قيد بسجلاتها برقم 32499 لسنة 56ق عليا، وطلب في ختامه الحكم بقبول طلب الرد شكلا، وفي الموضوع برد السادة المستشارين رئيس وأعضاء الدائرة السادسة (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا عن نظر الطعون أرقام 9120 و 12476 و13064 لسنة 56ق عليا، مع الأمر بإحالة هذه الطعون إلى دائرة أخرى لنظرها، وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وبتاريخ 21/7/2010 أحال السيد الأستاذ المستشار/ رئيس مجلس الدولة هذا الطلب إلى الدائرة الرابعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا، وعليه تحددت لنظر طلب الرد أمام المحكمة جلسة 26/9/2010، وبها نظرته وبالجلسات التالية لها على النحو المبين بالمحاضر.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت في ختامه الحكم برفض طلب الرد مع تغريم الطاعنين بالغرامة التي تقدرها المحكمة.
وبجلسة 24/12/2011 قررت المحكمة حجز طلب الرد للحكم بجلسة 21/1/2012، وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن طالبي الرد يطلبان الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع برد السادة المستشارين رئيس وأعضاء الدائرة السادسة (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا عن نظر الطعون أرقام 9120 و12476 و13064 لسنة 56 ق.عليا، مع الأمر بإحالة هذه الطعون إلى دائرة أخرى لنظرها، وإلزام المطلوب ردهم المصروفات.
وحيث إن طلب الرد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فمن ثم يتعين الحكم بقبوله شكلا.
وحيث إنه عن موضوع طلب الرد فإن طالبي الرد قد أقاماه على سند من القول إنه سبق أن أقيمت الدعوى رقم 34902 لسنة 58ق أمام محكمة القضاء الإداري بطلب وقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن منح الترخيص الملاحي للعائمة…، مع ما يترتب على ذلك من آثار، كما أقيمت الدعوى رقم 5635 لسنة 61ق أمام المحكمة المذكورة بطلب وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار اعتماد شهادة الإنشاء للعائمة…، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 9/11/2004 أصدرت الدائرة السادسة بمحكمة القضاء الإداري حكما في الشق العاجل برفض طلب وقف التنفيذ، وتم الطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 1435 لسنة 51ق عليا، وبجلسة 6/7/2005 صدر حكم الدائرة السادسة بالمحكمة الإدارية العليا بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، ثم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري لنظر الشق الموضوعي.
وبجلسة 9/1/2010 أصدرت المحكمة حكمها في موضوع الدعاوى أرقام 34902 لسنة 58ق و 7733 لسنة 59ق و5635 لسنة 61ق، وإذ لم يرتض الخصوم هذا الحكم فقد قاموا بالطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعون أرقام 9120 و 12476 و13064 لسنة 56ق. عليا، ونظرت الدائرة السادسة (فحص) بالمحكمة الطعون الثلاثة بجلسة 4/5/2010 وبالجلسات التالية لها على النحو المبين بالمحاضر.
وإذ قام طالبا الرد باتخاذ إجراءات رد رئيس وأعضاء الدائرة المذكورة استنادا إلى عدم صلاحيتهم لنظر الطعون الثلاثة بالتطبيق لأحكام المادتين رقمي 146 و 148 من قانون المرافعات؛ لكونهم سبق لهم الفصل في الطعن رقم 1435 لسنة 51ق.عليا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري في الشق المستعجل من الدعوى، ومن ثم فإنه يصعب عليهم الحكم بغير ميل في موضوع الطعون الماثلة، ويتحقق بشأنهم سبب من أسباب الرد المنصوص عليها بالمادتين المذكورتين.
وحيث إنه على وفق أحكام المادة (53) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فإنه يطبق في شأن رد مستشاري المحكمة الإدارية العليا القواعد المقررة لرد مستشاري محكمة النقض، ويطبق في شأنها الإجراءات والقواعد المنصوص عليها بالباب الثامن من قانون المرافعات المدنية والتجارية بموجب حكم الإحالة الوارد بالمادة الثالثة من مواد إصدار قانون مجلس الدولة المشار إليه.
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن أسباب الرد التي تضمنها الباب الثامن من قانون المرافعات نوعان: (الأول) هو أسباب عدم صلاحية تجعل القاضي ممنوعا من سماع الدعوى غير صالح للحكم فيها، ولو لم يَرُده أحد من خصومها، وهي المنصوص عليها في المادة (146)، والمعنى الجامع لهذا النوع من الأسباب هو كونها مما تضعف له النفس في الأعم الأغلب، وكونها معلومة للقاضي ويبعد أن يجهلها، ومن بينها إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى، أو كتب فيها ولو كان قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكَّما، أو كان قد أدى شهادة فيها، ولذا نص في المادة (147) على أن عمل القاضي أو قضاءه في الأحوال المتقدمة لهذا النوع، ولو باتفاق الخصوم، يقع باطلا، أما (النوع الثاني) من الأسباب فلا تمنع القاضي من سماع الدعوى ولا تجعله غير صالح لنظرها، وإنما تجيز للخصم أن يطلب رده، وهي المنصوص عليها بالمادة (148)، ومن بينها إذا كانت بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل.
وحيث إن من المقرر قانونا على وفق نص المادة (49) من قانون مجلس الدولة (الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972) أنه يشترط لقبول طلب وقف تنفيذ القرار إبداء الطلب في صحيفة دعوى الإلغاء، أي أن يقترن الطلبان في صحيفة واحدة، ومن ثم لا يجوز ولا يقبل طلب وقف التنفيذ بصحيفة مستقلة، أو إبداؤه على استقلال أثناء المرافعة، ومرد ذلك أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع عنها، وأنه يشترط للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري ضرورة توفر ركنين: (الأول) ركن الجدية بأن يكون القرار المطعون فيه بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بطلب الإلغاء مرجح الإلغاء لأسباب ظاهرة تكفي بذاتها لحمل هذه النتيجة، و(الثاني) ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها.
وحيث إن القضاء الإداري قد استقر منذ إنشائه على أن الحكم الصادر في الشق المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه أو برفض طلب وقف تنفيذه، وإن كانت له مقومات الأحكام وخصائصها، ومنها جواز الطعن فيه على استقلال، إلا أنه حكم وقتي بطبيعته تقضي به المحكمة من ظاهر الأوراق ودون التغلغل في المستندات أو المساس بأصل طلب الإلغاء، وأن هذا الحكم يقف أثره، بل يسقط، بمجرد صدور الحكم في موضوع الدعوى، وأن محكمة الموضوع لا تتقيد بأي حال من الأحوال عند التصدي لطلب الإلغاء بالحكم السابق صدوره في الشق المستعجل، ولو كان مؤيدا من المحكمة الإدارية العليا، كما أن استمرار هذه الأخيرة في نظر الطعن في الحكم الوقتي في مثل هذه الحالة يصبح غير ذي موضوع.
وترتيبا على ما تقدم فإن اشتراك أحد القضاة أو هيئة المحكمة بكامل تشكيلها في إصدار الحكم في الشق المستعجل من الدعوى أو في الحكم الصادر في الطعن عليه استقلالا أمام محكمة الطعن، لا يعد من أسباب الرد بنوعيها المنصوص عليها بالمادتين 146 و 148 من قانون المرافعات المشار إليهما سالفا، والتي تجعل القاضي أو هيئة المحكمة غير صالح لنظر طلب الإلغاء أو الطعن على الحكم الصادر فيه وتجيز رده، ومن ثم فإنه في خصوصية المنازعة الماثلة فإن قيام رئيس وأعضاء الدائرة السادسة بالمحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطعن رقم 1435 لسنة 51ق عليا بجلسة 6/7/2005 في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري في الشق المستعجل لا يعد مانعا من نظرهم للطعون الماثلة المطلوب ردهم عن نظرها، والمقامة من ذوي الشأن طعنا في الحكم الصادر في طلب الإلغاء، ولا يرقى سببا من الأسباب المنصوص عليها حصرا لردهم؛ ذلك أن القضاء في الشق المستعجل -وعلى ما سلف البيان- هو قضاء موقوت ومرهون بتوفر دواعيه التي قدرها المشرع تقديرا، بحيث لا يقيد، وما ينبغي له أن يقيد، محكمة الموضوع عند نظر طلب الإلغاء، وكذلك الشأن بالنسبة لمحكمة الطعن عند الفصل في الطعون على الأحكام الصادرة في موضوع الدعوى. ومن ثم فإن طلب الرد الماثل يكون غير قائم على سند صحيح من القانون، مما يتعين معه الحكم برفضه، مع تغريم طالبي الرد مبلغ ثلاثة آلاف جنيه عن كل عضو من المطلوب ردهم، ومصادرة الكفالة عملا بنص المادة (159) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول طلب الرد شكلا، ورفضه موضوعا، وبتغريم طالبي الرد مبلغ ثلاثة آلاف جنيه عن كل عضو من الأعضاء المطلوب ردهم، وأمرت بمصادرة الكفالة.