جلسة 27 من فبراير سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكى فرغلى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / محمد الشيخ على أبو زيد، وعبد المنعم أحمد عامر،
ود. سمير عبد الملاك منصور، وأحمد منصور محمد على
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد يسرى زين العابدين
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3265 لسنة 48 قضائية . عليا:
لجنة معادلة الدرجات العلمية ــ سلطتها التقديرية ــ حدودها.
طبقاً لأحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة بالقرار الجمهورى
رقم 809 لسنة 1975 المعدلة بالقرار الجمهورى رقم 470 لسنة 1999.
اللجنة العلمية التى يشكلها المجلس الأعلى للجامعات هى صاحبة الاختصاص فى تقرير معادلة الدرجات العلمية الأجنبية بالدرجات العلمية التى تمنحها الجامعات المصرية، وتتمتع هذه اللجنة بسلطة تقديرية واسعة عند قيامها بمعادلة الدرجات العلمية بحسبان أن ما تقوم به هو عمل فنى بحت، ومن ثَمَّ فإن القضاء لا يستطيع أن يحل نفسه محل اللجنة المذكورة فى القيام بهذا العمل ذى الطبيعة الفنية ــ رقابة القضاء الإدارى على أعمال تلك اللجنة تقف عند حد خلو القرار الإدارى الصادر فى هذا الشأن من الانحراف بالسلطة أو التعسف فى استعمالها ــ تطبيق.
فى يوم الأربعاء الموافق 30/1/2002 أودع الأستاذ/ جمال تاج الدين حسن المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ــ الدائرة الثانية ــ بجلسة 2/12/2001 فى الدعوى رقم 2798 لسنة 55ق، وطلب فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار مع تنفيذ الحكم بمسودته الأصلية وبدون إعلان، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه ــ للأسباب المبينة به ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 5/11/2003 قررت الدائرة إحالته إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 21/12/2003، وقد تدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 30/1/2005 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم ، وبهذه الجلسة صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أن الطاعنة قد أقامت الدعوى رقم 2798 لسنة 55ق أمام محكمة القضاء الإدارى ــ الدائرة الثانية ــ بتاريخ 28/1/2001 طالبة الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم معادلة دبلوم الدراسات المتعمقة الحاصلة عليه من جامعة رين بفرنسا فى أكتوبر 1999 بالماجستير بالجامعات المصرية مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها اعتبارها حاصلة على الماجستير فى الفيزياء الحيوية.
وذكرت المدعية (الطاعنة) ــ شرحًا لدعواها ــ أنها حاصلة على بكالوريوس العلوم ــ شعبة الفيزياء الحيوية ــ دور مايو 1995 بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف من كلية العلوم جامعة القاهرة، وقد تم تعيينها بوظيفة معيدة بقسم الفيزياء الحيوية فى شهر نوفمبر 1995، وقد اجتازت بنجاح الدراسات التمهيدية للماجستير فى ذات القسم فى دور أكتوبر 1996، وقد سافرت إلى فرنسا كمرافق لزوجها ، وفى نهاية عام 1998 حصلت على دبلوم الدراسات المتعمقة بجامعة رين بفرنسا، وقد بدأت الدراسة فى هذا الدبلوم فى سبتمبر 1998 ، وانتهت فى أكتوبر 1999، وقد تقدمت بطلب فى شهر نوفمبر 1999 لكلية العلوم جامعة القاهرة ــ لمعادلة دبلوم الدراسات المتعمقة الحاصلة عليه من فرنسا بالماجستير بكلية العلوم أسوة بحالات سابقة لكن دون جدوى، رغم أن مجلس القسم بالكلية قد وافق بتاريخ 8/10/2000 على مد إجازة المدعية (الطاعنة) لمدة ثلاث سنوات للحصول على الدكتوراه من قسم الفيزياء الحيوية ــ جامعة رين بفرنسا ــ مما يعنى موافقته على معادلة الدبلوم الذى حصلت عليه المدعية بالماجستير فى الجامعات المصرية.
وتنعى المدعية على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون على سند من أن الجامعة المدعى عليها قد رفضت مساواتها بزملائها ممن تمت معادلة الدبلومات العليا الحاصلين عليها من جامعات أجنبية مختلفة مع الماجستير فى الجامعات المصرية.
وبجلسة 2/12/ 2001 قضت المحكمة فى الشق العاجل من الدعوى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، وألزمت المدعية المصروفات.
وشيَّدت المحكمة قضاءها ــ بعد أن استعرضت نص المادة ( 6) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات ــ على أن المستقر عليه أن اللجنة المنوط بها معادلة الدرجات العلمية وهى بصدد القيام بعملها تتمتع بسلطة تقديرية واسعة بلا معقب عليها من القضاء مادام أن قرارها قد خلا من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، ولما كانت اللجنة المذكورة قد أعملت سلطتها التقديرية المخولة لها، وانتهت إلى أن الدبلوم الذى حصلت عليه المدعية لا يرقى إلى مستوى درجة الماجستير فى الفيزياء الحيوية الطبية التى تمنحها الجامعات المصرية فإن قرارها يكون قد صار متفقًا مع حكم القانون، مما يتخلف معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه.
وأضافت المحكمة فى قضائها المقدم أنه لا ينال مما تقدم أن المجلس الأعلى للجامعات قد سبق له أن أصدر قرارات بمعادلة دبلوم الدراسات المتعمقة من الجامعات الفرنسية بدرجة الماجستير؛ لأن ذلك قد تم فى كليات أخرى لا تتماثل مع الكلية التى تعمل بها المدعية معيدة وهى كلية العلوم.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف أحكام القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله كما شَابَه القصور فى الأسباب والفساد فى الاستدلال وذلك لأسباب حاصلها أن اللجنة المنوط بها معادلة دبلوم الدراسات المتعمقة لم تشر إلى ماهية المدة الواجبة أو التى كان من المفترض توافرها فى ذلك الدبلوم حتى يمكن معادلته بالماجستير فى الفيزياء الحيوية بكلية العلوم ، ولم تشر كذلك إلى ماهية الشروط الواجب توافرها فى مثل هذه الدبلومات من حيث الموضوع أو خطة الدراسة حتى تتم معادلتها بالماجستير فى الفيزياء الطبيعية، وبالتالى يكون القرار المطعون فيه غير قائم على سبب يبرره، كما أن الحكم المطعون فيه عند رده على ما دفعت به الطاعنة من وجود حالات مماثلة تمت معادلتها تماثل حالة الطاعنة ومن ضمنها القرار رقم 157 بتاريخ 5/3/1987 الصادر من المجلس الأعلى للجامعات باعتماده توصية لجنة المعادلات بمعادلة دبلوم الدراسات المتعمقة فى العلوم الزراعية من جامعة العلوم والتكنيك ــ لونجدوك ــ مونبيليه ــ فرنسا بدرجة الماجستير فى العلوم (نبات) التى تمنحها الجامعات المصرية، ذكر الحكم المطعون فيه أن تلك الحالة قد تمت فى كلية أخرى لا تتماثل مع الكلية التى تعمل بها الطاعنة معيدة وهى كلية العلوم، رغم أن الحالة قد تم معادلتها بالماجستير من كلية العلوم، مما يعنى أن الحكم المطعون فيه لم يُعْنَ ببحث أحد الدفوع الجوهرية للطاعنة وجاء مستخلصًا قضاءه بما يخالف الثابت من الأوراق.
ومن حيث إن المادة (6) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة بالقرار الجمهورى رقم 809 لسنة 1975 والمعدلة بالقرار الجمهورى رقم 470 لسنة 1999 تنص على أن “يشكل المجلس الأعلى للجامعات لجنة لمعادلة الدرجات العلمية تتولى بحث الدرجات الجامعية والدبلومات التى تمنحها الجامعة والمعاهد غير الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 أو غيرها فى مستويات الدراسة المختلفة ومعادلتها بالدرجات العلمية التى تمنحها الجامعات المصرية الخاضعة لهذا القانون”.
ومن حيث إن مؤدى النص المتقدم أن اللجنة العلمية التى يشكلها المجلس الأعلى للجامعات هى صاحبة الاختصاص فى تقرير معادلة الدرجات العلمية الأجنبية بالدرجات العلمية التى تمنحها الجامعات المصرية، وتتمتع هذه اللجنة بسلطة تقديرية واسعة عند قيامها بمعادلة الدرجات العلمية بحسبان أن ما تقوم به هو عمل فنى بحت، ومن ثَمَّ فإن القضاء لا يستطيع أن يحل نفسه محل اللجنة المذكورة فى القيام بهذا العمل ذى الطبيعة الفنية، ورقابة القضاء الإدارى على أعمال تلك اللجنة تقف عند حد خلو القرار الإدارى الصادر فى هذا الشأن من الانحراف بالسلطة أو التعسف فى استعمالها.
ومن حيث إن البيّن من ظاهر الأوراق أن الطاعنة قد تقدمت بطلب للمجلس الأعلى للجامعات لمعادلة دبلوم الدراسات المتعمقة فى الدلالات والأشعات فى مجال الأحياء والطب الحاصلة عليه من كلية الطب والصيدلة ـــ جامعة رين (1) بفرنسا عام 1999 بدرجة الماجستير فى الفيزياء الحيوية الطبية التى تمنحها الجامعات المصرية من كليات العلوم، وبعرض الموضوع على لجنة قطاع دراسات العلوم الأساسية بجلستها المنعقدة بتاريخ 10/2/2000 انتهت إلى أن خطة الدراسة ومدتها والهدف الموضوع لهذا الدبلوم لا يعادل ولا يرقى إلى مستوى درجة الماجستير فى الفيزياء الحيوية الطبية التى تمنحها الجامعات المصرية من كليات العلوم، وبعرض الموضوع على لجنة المعادلات بجلستها المنعقدة بتاريخ 24/2/2000 أوصت بالموافقة على رأى لجنة قطاع دراسات العلوم الأساسية فى هذا الشأن، وبناءً على ذلك صدر قرار رئيس المجلس الأعلى للجامعات رقم (13) بتاريخ 25/3/2000 بعدم معاملة دبلوم الدراسات المتعمقة فى الدلالات والأشعات فى مجال الأحياء والطب الحاصلة عليه الطاعنة من جامعة رين (1) ــ كلية الطب والصيدلة بفرنسا بدرجة الماجستير فى الفيزياء الحيوية التى تمنحها الجامعات المصرية، ثم تقدمت الطاعنة بالتماس لأمانة المجلس الأعلى للجامعات لإعادة النظر فى القرار المطعون فيه مرفقًا به خطابًا معتمدًا من جامعة رين (1) بفرنسا متضمنا الآتى:
1-إن البحث المقدم هو عمل فردى، وأن الأسماء الأخرى المذكورة بجانب اسم الطالبة على خلاف البحث هى أسماء الأساتذة المشرفين على البحث وليست أسماء دارسين آخرين اشتركوا معها فى البحث.
2- إنه قد تم نشر ورقة من البحث الذى تقدمت به الطالبة للحصول على الدرجة فى أحد المؤتمرات العلمية.
3- إن هذا الدبلوم معادل لدرجة الماجستير فى العلوم التى تمنحها الجامعات البريطانية، وبعرض الموضوع على لجنة قطاع دراسات العلوم الأساسية بتاريخ 26/10/2000 أوصت اللجنة بتأكيد قرارها السابق بعدم معادلة الدبلوم محل النزاع بدرجة الماجستير فى الفيزياء الحيوية الممنوحة من كليات العلوم بالجامعات المصرية، وبالعرض على لجنة المعادلات انتهت بتاريخ 8/11/2000 بالموافقة على التوصية سالفة الذكر.
ومن حيث إنه لما كان البيّن مما تقدم أن الجهة المنوط بها معادلة الدرجات العلمية الأجنبية بالدرجات التى تمنحها الجامعات المصرية قد أعملت سلطتها التقديرية فى هذا الشأن وفقًا لأحكام القانون وقد خلت الأوراق مما يفيد أن الجهة الإدارية قد انحرفت بسلطتها أو تعسفت فى استعمالها أو أنها قصدت تحقيق غاية أخرى غير الصالح العام، ومن ثَمَّ يكون القرار المطعون فيه بحسب الظاهر من الأوراق وقد قام على أسباب صحيحة تبرره متفقًا وصحيح أحكام القانون مما ينتفى معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه.
ولا ينال مما تقدم ما دفعت به الطاعنة من أن المجلس الأعلى للجامعات قد سبق له أن أصدر قرارات بمعادلة دبلوم الدراسات المتعمقة من الجامعات الفرنسية بدرجة الماجستير التى تمنحها الجامعات المصرية، فذلك مردود بأن الحالات التى تحتج بها الطاعنة تتعلق بدبلومات صادرة عن جامعات أخرى غير الجامعة التى حصلت منها الطاعنة على دبلومها محل النزاع، كما أن تلك الدبلومات تختلف فى موضوعها عن موضوع الدبلوم الصادر فى شأنه القرار المطعون فيه، ومن ثَمَّ لا يكون ثمة تماثل بين حالة الطاعنة والحالات التى أشارت إليها فى دفاعها يمكن أن تحتج به للنعى على قرار الجهة الإدارية المشار إليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر، فيكون قد أصابه وجه الحق فيما انتهى إليه ويضحى الطعن عليه قائمًا على غير أساس سليم من القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعنة المصروفات.