جلسة 6 من مايو سنة 2008
(الدائرة الثالثة)
الطعن رقم 337 لسنة 48 القضائية عليا.
– انعقاده- عدم سحب صاحب العطاء التأمين المؤقت بعد انتهاء مدة سريان عطائه- أثر ذلك.
المادتان رقما (57) و ( 58) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم (9) لسنة 1983 (الملغى).
ترك صاحب العطاء للتأمين المؤقت بعد انتهاء مدة سريان العطاء يعد قرينة قانونية على قبول استمرار ارتباطه بعطائه وبالتالي لا يكون إيجابه قد سقط بمجرد انتهاء مدة سريان العطاء، وإنما يبقى قائماً إلى أن يصل إلى علم جهة الإدارة طلبه سحب التأمين المؤقت- نتيجة ذلك أنه متى ظل إيجابه قائماً واتصل إلى علمه قبول الإدارة له انعقد العقد وأصبح ملتزماً بتنفيذه- تطبيق.
في يوم الخميس الموافق الثامن عشر من أكتوبر عام ألفين وواحد أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن محافظة الإسكندرية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل حيث قيد بجدولها برقم 337 لسنة 48 ق. عليا طعناً على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ــ الدائرة الثالثة – بجلسة 25/8/2001 في الدعوى رقم 337 لسنة 48 ق القاضي برفض الدعوى وطلبت الجهة الإدارية للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن بصفته مبلغاً مقداره 4575 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 5 % سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد وإلزامها المصروفات.
وقد أعلن الطعن قانوناً للشركة في مواجهة النيابة العامة بعد أن ثبت من تحريات الشرطة تركها للمقر المعلوم لدى جهة الإدارة وعدم الاستدلال على مقر آخر لها ، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه رفض الطعن موضوعاً ، ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا ولم يحضر أحد عن المطعون ضدها وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة عليا (موضوع) لنظره، ومن ثم نظرته المحكمة بجلسة 2/9/2007 والجلسات التالية على النحو المبين بالمحاضر ولم يحضر أحد عن المطعون ضدها وبجلسة 1/4/2008 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن محافظة الإسكندرية أقامت الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بصحيفة أودعتها نيابة عنها هيئة قضايا الدولة بقلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بتاريخ 19/6/1993 طلبت في ختامها الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي لها مبلغاً مقداره 4575 جنيهاً والفوائد القانونية حتى تاريخ السداد ، وذكرت شرحاً لذلك أنها أعلنت عن ممارسة لصيانة آلات تصوير المستندات ورست بتاريخ 11/7/1992 على الشركة المطعون ضدها وتم إخطارها في 18/8/1992 وطلبت منها الحضور للتعاقد وسداد التأمين النهائي وتم استعجالها في 25/8/1992 إلا أنها لم تحضر وأرسلت كتاباً في 17/9/1992 لتوريد قطع غيار بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه الأمر الذي اضطرت معه المحافظة للتعاقد مع شركة أخرى هي الشركة العلمية لمعدات التصوير وتم تنفيذ العملية على حساب المطعون ضدها ونتج عن ذلك فروق أسعار مقدارها 4575 جنيهاً تلتزم الأخيرة بسدادها للمحافظة ولذلك أقامت الدعوى المذكورة.
وبجلسة 25/8/2001 أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه برفض الدعوى. وشيدت قضاءها على أسباب تخلص في أن الجهة الإدارية لم تقدم المستندات الخاصة بالممارسة محل النزاع وإنما قدمت أوراق الممارسة التي تمت عن العام التالي 93/1994 مع ذات الشركة كما أنه يبين من الأوراق أن الشركة لم تتقاعس عن توقيع العقد ولكن خطاب دعوتها الموجه إليها من الجهة الإدارية تم بعد إنتهاء مدة ارتباطها بالعطاء المقدم منها كما تضمن الإخطار مطالبتها بسداد تأمين نهائي قيمته ألف وخمس مئة جنيه رغم أن عطاءها يتضمن إصلاح وصيانة آلات التصوير مجاناً وتوريد قطع غيار بثلاثة آلاف جنيه مجاناً وقد أبدت الشركة رغبتها في التوريد وذلك بكتابها المؤرخ 17/9/1992 وبالتالي فلم يكن هناك مبرر لإعادة طرح العملية وتنفيذها على حسابها ويتعين رفض الدعوى.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم ترتض ذلك الحكم فطعنت عليه بالطعن الماثل استناداً إلى أسباب تخلص في أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ إن المستندات اللازمة للفصل في النزاع قدمت من الطرفين أمام هيئة مفوضي الدولة لدى محكمة القضاء الإداري والتي يبين منها أنه تم إخطار الشركة بترسية العملية عليها إلا أنها لم تقم بسداد التأمين النهائي أو توقيع العقد ولم تنفذ العملية مما اضطر المحافظة إلى تنفيذها على حسابها وذلك تطبيقاً للقانون وبالتالي تلتزم بأن تؤدي لها ما تكبدته من مبالغ مالية بسبب ذلك ويكون الحكم المطعون فيه ــ وقد أخذ بغير ما تقدم – مخالفاً للواقع والقانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أنه طبقاً لنص المادة 19 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 الذي يسري على العملية محل النزاع يجب أن يقدم مع كل عطاء تأمين مؤقت لا يقل عن 1% من مجموع قيمة العطاء في مقاولات الأعمال ولا يقل عن 2% من قيمة العطاء فيما عدا ذلك ، وطبقاً لنص المادة 20 من ذات القانون يتعين على صاحب العطاء المقبول أن يودع في فترة لا تجاوز عشرة أيام من تاريخ اليوم التالي لإخطاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بقبول عطائه ما يكمل التأمين المؤقت إلى ما يساوي 5% من قيمة مقاولات الأعمال التي رست عليه، و10% من قيمة العقود الأخرى، ثم بينت المادة 24 من القانون المذكور ما للجهة الإدارية اتخاذه قبل صاحب العطاء المقبول إذا لم يسدد التأمين النهائي المقرر في المدة المحددة له فأجاز لها المشرع إلغاء العقد ومصادرة التأمين المؤقت أو أن تنفذ العقد كله أو بعضه على حساب صاحب العطاء سواء بنفسها أو عن طريق أحد مقدمي العطاءات التالية لعطائه أو بالمناقصة أو الممارسة أو بالطريق المباشر مع أحقيتها في خصم قيمة ما يلحق بها من خسارة من مستحقات المذكور طرفها أو لدى أية جهة إدارية أخرى دون إخلال بحقها في الرجوع عليه قضائياً بما لم تتمكن من استيفائه من حقوق بالطريق الإداري ، والثابت من الأوراق المقدمة من الطرفين أمام محكمة القضاء الإداري أن محافظة الإسكندرية أعلنت عن ممارسة لصيانة آلات التصوير بديوان المحافظة حيث رست بتاريخ 11/7/1992 على الشركة المطعون ضدها لتقوم بهذه الصيانة لعدد 35 ماكينة مجاناً مع توريد قطع غيار مجاناً في حدود ثلاثة آلاف جنيه ، وأخطرتها المحافظة بذلك في 18/8/1992 وطلبت منها الحضور لسداد التأمين النهائي وقيمته 1500 جنيه وتوقيع العقد وتم استعجالها بتاريخ 25/8/1992 إلا أنها لم تلتزم وبالتالي قامت المحافظة بتنفيذ هذه العملية على حسابها عن طريق ممارسة رست على الشركة العلمية لمعدات التصوير وبالتالي يكون من حق المحافظة أن ترجع على الشركة المطعون ضدها بما تكبدته من خسائر نتيجة لذلك ، ولما كان الثابت من الأوراق أن الشركة المذكورة نفذت هذه العملية مقابل حصولها على مبلغ 45 جنيهاً عن صيانة كل ماكينة وكان عدد الماكينات هو 35 آلة تصوير فتكون المحافظة قد تحملت مبلغاً مقداره 1575 جنيهاً في حين كانت المطعون ضدها ستقوم بإجراء الصيانة مجانا وبالتالي يتعين إلزامها بأداء هذا المبلغ للمحافظة، كما تلتزم بأن تؤدي لها مبلغاً مقداره ثلاثة آلاف جنيه قيمة قطع الغيار التي كانت ستوردها للمحافظة مجانا، إذ إن الشركة التي نفذت العملية لم تقدم هذه الميزة للمحافظة وبالتالي يكون هذا المبلغ ضمن ما لحق المحافظة من خسائر بسبب إخلال المطعون ضدها بالتزاماتها المقررة قانونا، ويكون إجمالي ما تلتزم به هو 4575 جنيها، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ما تقدم فإنه يكون مخالفاً لأحكام المواد 19 و20 و 24 من القانون رقم 9 لسنة 1983 ولا سند له من الأوراق ويتعين إلغاؤه والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضدها بأداء المبلغ المشار إليه للمحافظة والفوائد القانونية عنه بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية في 19/6/1993 حتى تمام السداد طبقاً لنص المادة 226 من القانون المدني.
ولا ينال من ذلك ما ذهبت إليه الشركة في دفاعها أمام محكمة القضاء الإداري وسايرها فيه الحكم المطعون فيه من أنها أخطرت بترسية العملية عليها بعد انتهاء سريان عطائها لأن مدته كانت خمسة أسابيع من تاريخ جلسة فض المظاريف التي كانت في 11/7/1992 وبالتالي ينتهي سريان العطاء في 14/8/1992 بينما أخطرت بالترسية في 18/8/1992 فذلك مردود عليه بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه وإن كان إعلان الجهة الإدارية عن المناقصة أو الممارسة ليس إلا دعوة إلى التعاقد فإن التقدم بالعطاء تبعاً لذلك الإعلان هو الإيجاب الذي ينبغي أن يلتقي عنده قبول الإدارة لينعقد العقد، والقبول بوصفه تعبيرا عن الإرادة يتحقق وجوده القانوني وينتج أثره متى اتصل بعلم من وجه إليه إذ يعتبر التعاقد حينئذ تاماً وتترتب عليه كافة آثاره القانونية والواقعية ويكون ملزماً لطرفيه وعلى كليهما تنفيذ ما يلقيه عليه من التزامات، وطبقاً للأصل العام المقرر في المادة 93 من القانون المدني -وهي تسري على روابط القانون العام وتتلاءم معها- إذا عُين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضي هذا الميعاد، ومؤدى نص المادة 57 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 المشار إليه أن العطاء يظل نافذ المفعول وغير جائز الرجوع فيه من وقت تصديره بمعرفة مقدم العطاء حتى نهاية المدة المحددة لسريانه ، وطبقاً لنص المادة 58 من ذات اللائحة إذا سحب مقدم العطاء عطاءه قبل الميعاد المعين لفتح المظاريف صار التأمين المؤقت حقاً للجهة الإدارية فإذا انتهت مدة سريان العطاء صار ملغياً وغير نافذ المفعول وجاز لصاحبه استرداد التأمين الذي دفعه، بيد أن قضاء هذه المحكمة جرى أيضا على أن ترك صاحب العطاء للتأمين المؤقت بعد انتهاء مدة سريان العطاء يعتبر قرينة قانونية على قبوله استمرار ارتباطه بعطائه وبالتالي لا يكون إيجابه قد سقط بمجرد انتهاء مدة سريان العطاء وإنما يبقى قائما إلى أن يصل إلى علم جهة الإدارة طلبه سحب التأمين المؤقت، ومتى ظل إيجابه قائما واتصل إلى علمه قبول الإدارة له انعقد العقد وأصبح ملتزما بتنفيذه، ولما كانت المحافظة قد أخطرت الشركة المطعون ضدها بتاريخ 18/8/1992 بقبولها عطاءها وترسية العملية عليها وهو ما لم تنكره الشركة ولم تقدم دليلاً على أنها طلبت قبل ذلك التاريخ سحب التأمين الابتدائي المقدم منها بخطاب الضمان رقم 159/92 من بنك التجارة والتنمية في 11/7/1992 فمن ثم يكون قبول الإدارة قد التقي بإيجاب الشركة في وقت كان هذا الإيجاب لا يزال قائماً وبذلك انعقد العقد ولا وجه لمحاولة الشركة التحلل من التزامها بتنفيذه طبقاً لما اشتمل عليه ، وليس صحيحاً ما تذرعت به من أن المحافظة في إخطار الترسية طلبت منها توريد مبلغ نقدي مقداره ثلاثة آلاف جنيه بخزينة المحافظة مع أن عطاءها تضمن توريد قطع غيار مجانية في حدود هذا المبلغ إذ إن الثابت من مطالعة هذا الإخطار المودع بحافظة الشركة أمام محكمة القضاء الإداري أن المحافظة لم تخرج عما تتمسك به الشركة وغاية الأمر أنها طلبت إيداع قيمة قطع الغيار التي ستتحملها الشركة ثم تستهلك الأخيرة هذه القيمة بتوريد ما يقابلها من قطع الغيار وكانت ستحصل على قيمة ما تورده من هذا المبلغ حتى يستهلك كله وهو ما يبين معه أن المحافظة لم تشأ الخروج على شروط الممارسة وإنما أرادت أن تضمن تنفيذ الشركة لالتزامها وما كان للأخيرة أن تحتج بذلك حتى لا تنفذ العقد المشار إليه.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن الشركة تلتزم بها عن درجتي التقاضي عملاً بنص المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن بصفته مبلغاً مقداره 4575 جنيهاً أربعة آلاف وخمس مئة وخمسة وسبعون جنيهاً والفوائد القانونية عنه بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 19/6/1993 حتى تمام السداد وألزمتها المصروفات عن درجتي التقاضي.