جلسة 17 من مارس سنة 2012
الطعن رقم 33982 لسنة 56 القضائية (عليا)
(الدائرة الأولى)
– دعوى الإلغاء- مدى اشتراط ولوج طريق التظلم الوجوبي حال كون القرار المطعون فيه منعدما- جعل المشرع التظلم الوجوبي شرطا لقبول طلبات إلغاء القرارات الإدارية الخاصة بالموظفين العموميين التي حددها على سبيل الحصر- القرار الإداري المعيب بعيب بسيط تلحقه الحصانة بفوات الميعاد، ويظل قائما منتجا لآثاره قانونا- القرار المعدوم لا وجود له واقعا أو قانونا، ولا تلحقه أية حصانة، ولا تنغلق أمامه طرق الطعن عليه، وينحدر إلى مجرد الفعل المادي معدوم الأثر– اشتراط التظلم الوجوبي من القرار المعدوم يعني التظلم ممن لا وجود له واقعا وقانونا؛ وهو أمر لا يتفق مع طبائع الأشياء، كما أنه يتأبى على الذوق القضائي السليم أن يعفى الطعن على مثل هذا القرار من شرط الميعاد، دون إعفائه من شرط سابق عليه وهو التظلم منه.
– المادتان رقما (10) و(12) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
– انعدام القرار الإداري- القرار الصادر على خلاف حجية الحكم القضائي يبطل بطلانا ينحدر به إلى الانعدام، ولا تلحقه حصانة.
– شروط التعيين- اشترط المشرع فيمن يعين عمدة أو شيخا أن يكون حسن السمعة، وغير محروم من مباشرة حقوقه السياسية، أو موقوف حقه فيها- يكون التعيين بالاختيار من بين المقبول طلباتهم، وتجرى المفاضلة بينهم على أساس توفر مقومات الشعبية واتزان الشخصية والإدراك الأمني والقدرة على الإدارة– يصدر قرار التعيين لمن استوفى الشروط عن لجنة العمد والمشايخ بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائها، ويرفع قرار اللجنة بالتعيين إلى وزير الداخلية لاعتماده- مدة شغل وظيفة العمدة أو الشيخ خمس سنوات تبدأ من تاريخ تعيينه، ويجوز تجديدها لمدة أو لمدد أخرى.
– المواد (3) و(7) و(8) و(13) من القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ، معدلا بموجب القانون رقم 26 لسنة 1994، قبل تعديله بموجب القانون رقم (70) لسنة 2016.
بتاريخ 13/7/2010 أودع المستشار/ رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها العام برقم 33982 لسنة 56 ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (بهيئة استئنافية) بجلسة 20/6/2010 في الطعن رقم 685 لسنة 40 ق. س، الذي قضى بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى شكلا، وإلزام المدعي المصروفات عن درجتي التقاضي.
وطلب الطاعن بصفته –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء قرار وزير الداخلية المؤرخ في 14/6/2005 فيما تضمنه من تخطي المدعي في التعيين في وظيفة شيخ قرية الشوبك الشرقي مركز الصف محافظة الجيزة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات عن جميع درجات التقاضي.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/7/2011 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 24/9/2011، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 19/11/2011 ومذكرات خلال أسبوعين قدم خلالهما/(أ) مذكرة دفاع التمس في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه، والقضاء مجددا بتأييد حكم أول درجة القاضي بإلغاء قرار وزير الداخلية فيما تضمنه من تخطيه في التعيين في وظيفة شيخ قرية الشوبك الشرقي مركز الصف بمحافظة الجيزة، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الداخلية تعيينه في الوظيفة المذكورة. وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 24/12/2011 لتغيير التشكيل، وبتلك الجلسة قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة 18/2/2012، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن المطعون ضده في الطعن الاستئنافي/ (أ) كان قد أقام الدعوى رقم 2629 لسنة 52 ق أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها بتاريخ 10/9/2005 ضد الطاعنين (وزير الداخلية ومدير أمن الجيزة بصفتيهما)، طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تعيين/(ب) شيخا لقرية الشوبك الشرقي مركز الصف بمحافظة الجيزة، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، على سند من أن مديرية أمن الجيزة قد أعلنت بتاريخ 1/11/2003 عن فتح باب الترشُّح لوظيفة شيخ بلد قرية الشوبك الشرقي مركز الصف محافظة الجيزة لانتهاء مدة شياخة/(ب). وأنه (المدعي) تقدم بتاريخ 17/11/2003 بطلب ترشيحه للوظيفة المذكورة، إلا أنه فوجئ بتاريخ 18/7/2004 باعتراض الوزارة على ترشيحه، فتظلم المدعي من هذا الاعتراض بتاريخ 27/7/2004، وبتاريخ 22/8/2004 تلقى خطابا من قسم العمد والمشايخ يفيد قبول تظلمه شكلا وموضوعا، وبتاريخ 25/7/2005 علم بصدور قرار عن السلطة المختصة بتعيين المرشح المنافس/(ب) شيخا لقرية الشوبك الشرقي بمركز الصف بمحافظة الجيزة، ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون على التفصيل الوارد بعريضة الدعوى التي اختتمها بطلباته المبينة سالفاً.
وتدوولت الدعوى أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 25/2/2006 قضت بعدم جواز طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعي مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم: (أصليا) بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة التظلم وإلزام المدعي المصروفات، و(احتياطيا) بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات.
…………………………………….
وتدوول نظر الدعوى ثانية بجلسات المرافعة على وفق الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 19/4/2008 قضت المحكمة الإدارية للرئاسة بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير الداخلية المؤرخ في 14/6/2005 فيما تضمنه من تخطي المدعي في التعيين بوظيفة شيخ قرية الشوبك الشرقي بمركز الصف بمحافظة الجيزة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها بالنسبة لشكل الدعوى على أن القرار المطعون فيه يدخل في عداد القرارات المنعدمة لصدوره على خلاف حكم بات صادر عن محكمة القضاء الإداري في الطعن الاستئنافي رقم 325 لسنة 34 ق. س بجلسة 15/3/2004 (لم يتم إلغاؤه)، ثبت فيه عدم صلاحية المطعون على تعيينه/(ب) لشغل وظيفة شيخ قرية الشوبك الشرقي بمركز الصف، وإذ صدر القرار المطعون فيه متضمنا تعيين المذكور دون مراعاة ما تقدم في الوظيفة المذكورة، فإنه يكون قد لحقه عيب جسيم ينحدر به إلى حد الانعدام، ومن ثم لا تلحقه حصانة من السحب أو الإلغاء، ولا إلزام على المدعي التظلم منه قبل الطعن عليه قضاء.
كما شيدت المحكمة الإدارية قضاءها بالنسبة لموضوع الدعوى على أن الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة استبعدت المدعي/(أ) من التعيين في الوظيفة محل الدعوى لفقدانه حاسة الإدراك الأمني وعدم قدرته على الإدارة وعدم تعاونه مع الجهات الأمنية، فضلا عن اتهام ابن شقيقه/(ج) في القضية رقم 7793 جنح الصف لسنة 2003 (سلاح)، واتهام ابن عمه/(د) في القضية رقم 1877 لسنة 1990 جنايات الصف (مخدرات)؛ وما ساقته وزارة الداخلية وردت أقوالا مرسلة لا سند لها من الأوراق، فتكون الأسباب التي استندت إليها الجهة الإدارية في استبعاد المدعي من التعيين في تلك الوظيفة قد انهارت.
…………………………………….
وإذ لم ترتض الجهة الإدارية ذلك الحكم فقد قامت بالطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري، حيث قيد الطعن بجدولها برقم 685 لسنة 40 ق. س، وبجلسة 20/6/2010 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى شكلا وإلزام المدعي المصروفات عن درجتي التقاضي.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن هناك بعض القرارات الإدارية التي لم يجز المشرع الطعن عليها بالإلغاء أمام مجلس الدولة قبل التظلم منها إلى الجهات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم، وقد رتب جزاء على عدم التظلم وهو عدم قبول الدعوى، ومن تلك القرارات تلك المتصلة بالتعيين في الوظائف العامة والترقية ومنح العلاوات. ولقد رتب المشرع على ذلك أن القرارات المنعدمة لا تتقيد بمواعيد دعوى الإلغاء، إلا أن ذلك لا يخل بضرورة التظلم من هذه القرارات وذلك كإجراء أوجب المشرع مراعاته، بصرف النظر عن نوع أو طبيعة القرار الإداري، وإلا لأدى القول بغير ذلك إلى إفراغ النص من مضمونه وتخصيصه بدون مخصص وهو ما لا يجوز.
واستطردت محكمة القضاء الإداري أن المدعي يطعن على قرار تخطيه في التعيين بوظيفة شيخ قرية، وهو من القرارات الواجب التظلم منها إعمالا لحكم المادة (12) من قانون مجلس الدولة، ولما كانت الأوراق قد جاءت خلوا مما يفيد تظلم المدعي من هذا القرار، وبصرف النظر عن كون القرار المطعون فيه من القرارات المعدومة أو الباطلة، إلا أن ذلك لا ينصرف أثره إلا بالنسبة لرفع دعوى الإلغاء، وهو عدم التقيد بالمواعيد المقررة لها حسبما جاء بالمادة (24) من قانون مجلس الدولة، وهذا لا يعني إعفاء المدعي من أحد الإجراءات الجوهرية التي تطلبها المشرع وأوجب اتخاذها قبل مخاصمة القرار المطعون فيه قضائيا، وهو التظلم من القرار، والذي رتب قضاء المحكمة الإدارية العليا أثرا في حالة تخلفه هو عدم قبول الدعوى، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه (حكم المحكمة الإدارية) وقد انتهى إلى قبول الدعوى شكلا، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق صحيح حكم القانون، مما يتعين معه القضاء بإلغائه، والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى شكلا.
…………………………………….
وحيث إن مبنى الطعن الماثل (المقام من المستشار/ رئيس هيئة مفوضي الدولة) أن الحكم المطعون فيه (الصادر عن محكمة القضــاء الإداري في الطعن رقم 685 لسنة 40 ق.س) إذ انتهى إلى عدم قبول الدعوى شكلا لعدم سابقة التظلم من القرار الطعين، رغم تقرير الحكم بأن هذا القرار من القرارات المنعدمة، وأن الطعن عليه لا يتقيد بميعاد دعوى الإلغاء، فإنه يكون قد صدر على خلاف قضاء المحكمة الإدارية العليا؛ لذا تم الطعن عليه بالطعن الماثل عملا بحكم المادة (23) من قانون مجلس الدولة. واختتم الطاعن بصفته تقرير الطعن بطلباته المبينة سالفا.
…………………………………….
وحيث إن الفصل في الطعن الماثل يتوقف على بيان ما إذا كان القرار المطعون فيه من القرارات المعدومة أو الباطلة، وفى الحالة الأولى بيان ما إذا كان التظلم منه وجوبيا من عدمه.
وحيث إن المادة (10) من قانون مجلس الدولة (الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972) تنص على أن: “تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية:
أولا:… ثانيا:… ثالثا: الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو منح العلاوات…”.
وتنص المادة (12) منه على أنه: “لا تقبل الطلبات الآتية:
( أ )… (ب) الطلبات المقدمة رأسا بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة (10) قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية، وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم”.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه يتعين لإعمال الشروط التي انطوت عليها المادتان 10 و12 من قانون مجلس الدولة في شأن طلب الإلغاء أن يكون هناك قرار توفرت له صفة القرار الإداري ومقوماته، أي قائم ومنتج لآثاره قانونا، غاية ما في الأمر أن هذا القرار لحقه عيب من العيوب المنصوص عليها في المادة (10) والتي تتحصن بفوات المواعيد.، أما إذا كان المطروح أمام المحكمة هو قرار منعدم انحدر إلى مجرد الفعل المادي المعدوم الأثر قانونا فإنه لا تلحقه أية حصانة ولا تنغلق أمامه طرق الطعن عليه، إذ لا يعدو أن يكون مجرد عقبة مادية في سبيل استعمال ذوي الشأن لمراكزهم القانونية المشروعة، مما يبرر بذاته مطالبتُهم قضائيا إزالةَ تلك العقبة، وهو ما لا يتأتى معه تعليق قبول هذه المطالبة باستيفاء الإجراءات السابقة عليها، أي التظلم وجوبا منها للجهات الإدارية كما هو الشأن بالنسبة للقرار الإداري المعيب بعيب تلحقه الحصانة بفوات الميعاد؛ ذلك أن هذا الأخير يعد قائما ومنتجا لآثاره قانونا، ومتصفا بصفة القرار الإداري كتصرف قانوني ما لم يُقْضَ بإلغائه، ومن ثم يكون التظلم من أمر موجود، على عكس الحال بالنسبة للقرار المنعدم الذي يعد عاريا من صفته الإدارية، وغير قائم من جهة الواقع والقانون، ومن ثم لا وجود له، والقول بغير ذلك يؤدي إلى المساواة بين ما هو موجود وما لا وجود له، بين ما يتحصن وما لا تلحقه حصانة.
وترتيبا على ذلك فإن اشتراط التظلم إلى الجهات الإدارية من قرار غير موجود واقعا وقانونا يعني اشتراط التظلم من عدم، وهو أمر لا يتفق وطبائع الأشياء، بل إنه يتأبى على الذوق القضائي السليم أن يُعْفى الطعن على مثل هذا القرار من شرط الميعاد، دون إعفائه من شرط سابق عليه، وهو التظلم منه، وكلا الشرطين يجمعهما أصل مشترك، هو كونهما من الشروط التي تُتطلب لقبول الدعوى شكلا.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن القرارَ المنعدمَ معدومُ الأثر قانونا، ولا تلحقه أية حصانة، وينحدر إلى مجرد الفعل المادي، ولا يُشترط التظلمُ منه قبل مخاصمته بدعوى الإلغاء.
– وحيث إن المادة (3) من القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ، المعدل بالقانون رقم 26 لسنة 1994 تنص على أنه: “يجب فيمن يعين عمدة أو شيخا توفر الشروط الآتية:
1-… 2- أن يكون حسن السمعة، وغير محروم من مباشرة حقوقه السياسية أو موقوف حقه فيها([1])“.
وتنص المادة (7) منه على أن: “يتم تعيين العمدة أو الشيخ بالاختيار من بين المقبول طلباتهم، وتجرى المفاضلة بينهم على أساس توافر مقومات الشعبية واتزان الشخصية والإدراك الأمني والقدرة على الإدارة…”.
وتنص المادة (8) من القانون المذكور على أن: “يصدر بتعيين الشيخ قرار من لجنة العمد والمشايخ بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائها بعد التحقق من سلامة الإجراءات ومطابقتها للقانون واستيفاء المقومات المشار إليها فيمن يتم تعيينه، ويرفع قرار اللجنة بتعيين الشيخ إلى وزير الداخلية لاعتماده”.
وتنص المادة (13) منه على أن: “مدة شغل وظيفة العمدة أو الشيخ خمس سنوات ميلادية من تاريخ تعيينه فيها، ويجوز تجديدها لمدة أو لمدد أخرى…”.
وحيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن قانون العمد والمشايخ المشار إليه قد اشترط عدة شروط فيمن يعين عمدة أو شيخا، من بينها أن يكون حسن السمعة، وغير محروم من مباشرة حقوقه السياسية أو موقوف حقه فيها، وبيَّن كيفية تعيين العمدة أو الشيخ بأن يكون بالاختيار من بين المقبول طلباتهم، وتجرى المفاضلة بينهم على أساس توفر مقومات الشعبية واتزان الشخصية والإدراك الأمني والقدرة على الإدارة، وحدد المشرع أداة تعيين الشيخ وذلك بقرار يصدر عن لجنة العمد والمشايخ بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائها، ويرفع قرار اللجنة بتعيين الشيخ إلى وزير الداخلية لاعتماده، وجعل مدة شغل وظيفة العمدة أو الشيخ خمس سنوات تبدأ من تاريخ تعيينه، وأجاز تجديدها لمدة أو لمدد أخرى.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن مديرية أمن الجيزة أعلنت بتاريخ 1/11/2003 عن فتح باب التَرشُّح لتولي وظيفة شيخ قرية الشوبك الشرقي بمركز الصف بمحافظة الجيزة، فتقدم لها/ (أ) (المدعي في الدعوى رقم 2629 لسنة 52 ق أمام المحكمة الإدارية للرئاسة، والمطعون ضده في الطعن رقم 685 لسنة 40 ق. س أمام محكمة القضاء الإداري)، كما تقدم لها/(ب) (المطعون على تعيينه) وآخران، وقد أفادت الإدارة العامة لمباحث أمن الدولة بالجيزة بالموافقة على ترشُّح المتقدمين من الناحية السياسية، في حين أفادت الإدارة العامة لمباحث الجيزة بالموافقة على ترشُّح/(ب) (المطعون على تعيينه)؛ لكونه متعاونا مع الجهات الأمنية ولقدرته على الإدارة وتمتعه بالقبول لدى مختلف عائلات القرية، مع رفض أوراق باقي المتقدمين، وأفادت الإدارة المذكورة بالنسبة إلى/(أ) (المدعي في الدعوى رقم 2629 لسنة 52 ق أمام المحكمة الإدارية) أنه ليس لديه حاسة الإدراك الأمني وليست لديه القدرة على الإدارة وغير متعاون مع الجهات الأمنية، فضلا عن اتهام ابن شقيقه في القضية رقم 7793 جنح الصف لسنة 2003 (سلاح)، واتهام ابن عمه في القضية رقم 1877 جنايات الصف لسنة 1990 (مخدرات)، فقامت لجنة فحص الطلبات بقبول أوراق ترشُّح/(ب) (المطعون على تعيينه) وذلك بتاريخ 26/6/2004، واستبعاد باقي المتقدمين، ومن بينهم المدعي/(أ) الذي تم إخطاره بذلك القرار في 18/7/2004، فتظلم منه بتاريخ 27/7/2004، وتم فحص تظلمه، وأخطر في 22/8/2004 بقبول تظلمه شكلا وموضوعا، إلا أن لجنة العمد والمشايخ بمديرية أمن الجيزة قد أصدرت قرارها بالإجماع بتاريخ 26/3/2005 بالموافقة على تعيين/(ب) (المطعون على تعيينه) شيخا للقرية المذكورة، وبتاريخ 14/6/2005 اعتمدت وزارة الداخلية قرار لجنة العمد والمشايخ بتعيين المرشح المذكور.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون على تعيينه/(ب) سبق أن تم تعيينه شيخا للقرية المذكورة عام 1999، وتم الطعن على ذلك القرار أمام المحكمة الإدارية للرئاسة بالدعوى رقم 461 لسنة 46 ق، حيث قضت بجلسة 16/2/2002 برفض الدعوى، فتم الطعن على ذلك الحكم أمام محكمة القضاء الإداري، حيث قيد بجدولها برقم 325 لسنة 34 ق. س وبجلسة 15/3/2004 قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء الحكم المطعون فيه (حكم المحكمة الإدارية للرئاسة في الدعوى رقم 461 لسنة 46 ق)، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تعيين/(ب) شيخا لقرية الشوبك إلغاءً مجردا، تأسيسا على أنه قد افتقد شرط حسن السمعة المتطلب للتعيين والاستمرار في الوظيفة لصدور أحكام ضد نجله/(هـ) في الدعوى رقم 974 لسنة 1998 إفلاس كلى الجيزة، وحكم فيها بالإفلاس بجلسة 10/12/1998، ورفضت المعارضة فيه وتأيد الحكم المعارض فيه بجلسة 15/4/1999، كما صدرت ضد نجله المذكور عدة أحكام منها الحكم الصادر في القضية رقم 10465 لسنة 1998 جنح الصف بحبسه سنة مع الشغل وكفالة 200 جنيه ومبلغ 51 جنيها تعويضا مؤقتا لإصداره شيكا بدون رصيد، وكذلك الحكم الصادر في الجنحة رقم 4671 لسنة 1999 جنح الصف التي حكم فيها بجلسة 9/8/1999 حضوريا بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مئة جنيه لإصداره شيكا بدون رصيد، وكذلك الأحكام الصادرة في القضايا أرقام 15885 لسنة 2000 جنح الصف التي قضي فيها بجلسة 5/6/2001 بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة 1000 جنيه وتعويض مؤقت 51 جنيها، ورقم 5883 لسنة 2000 جنح الصف و6015 لسنة 2000 جنح الصف، وقضي فيها بجلسة 5/6/2000 بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة 500 جنيه وتعويض مؤقت 51 جنيهاً في كل واحدة منهما على حدة، هذا فضلا عن أن المطعون على تعيينه/(ب) نفسه قد صدر ضده حكم في الجنحة رقم 7622 لسنة 2000 جنح الصف المقامة من النيابة العامة بتهمة تبديد مبلغ مئتي ألف جنيه، وحكم فيها بجلسة 20/11/2000 بحبس المتهم سنة مع الشغل، وكفالة خمس مئة جنيه والمصاريف، ولم يتم الطعن على حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه.
وحيث إنه قد ثبتت عدم صلاحية المطعون على تعيينه/(ب) لشغل وظيفة شيخ قرية الشوبك الشرقي بموجب حكم محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم 325 لسنة 34 ق.س الآنف الذكر، وهو حكم بات، وإذ صدر القرار المطعون فيه بتعيينه شيخا للقرية المذكورة فإنه يكون قد صدر خلافا لما قضى به الحكم المذكور من افتقاده شرط حسن السمعة، فيكون قد لحقه عيب جسيم ينحدر به إلى درجة الانعدام، ومن ثم لا تلحقه حصانة، لاسيما أن الأسباب التي قام عليها هذا الحكم مازالت قائمة، إذ لم تقدم جهة الإدارة ما يفيد صدور أحكام ببراءة المطعون على تعيينه ونجله من الاتهامات المنسوبة إليهما، أو رد اعتبارهما.
وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان الثابت أن القرار المطعون فيه بتعيين المطعون على تعيينه/(ب) شيخا للقرية المذكورة هو قرار منعدم؛ لصدوره على خلاف ما قضى به حكم قضائي بات على النحو السالف بيانه، ومن ثم لا يشترط التظلم منه إلى الجهة الإدارية قبل مخاصمته بدعوى الإلغاء.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه وجهة النظر هذه، وقضى بعدم قبول الدعوى شكلا لعدم سابقة التظلم، فإنه يكون قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون متعينا الإلغاء، والقضاء مجددا بقبول الدعوى شكلا.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة استبعدت المدعي/(أ) من التعيين في الوظيفة المذكورة لفقدانه حاسة الإدراك الأمني وعدم قدرته على الإدارة وعدم تعاونه مع الجهات الأمنية، فضلا عن اتهام ابن شقيقه/(ج) في القضية رقم 7793 جنح الصف لسنة 2003 (ســـلاح)، واتهام ابن عمه/(د) في القضية رقم 1877 جنايات الصف لسنة 1990 (مخدرات).
وحيث إن ما ساقته جهة الإدارة بخصوص فقدان المدعى حاسة الإدراك وعدم قدرته على الإدارة وعدم تعاونه مع الجهات الأمنية قد وردت أقوالا مرسلة لا دليل عليها من الأوراق، إذ لم تحدد جهة الإدارة وقائع محددة يمكن إسنادها إليه تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها، حيث إن اعتراضات المباحث لا تكفي وحدها لأن تكون سببا يبنى عليه القرار إذا لم تستند إلى وقائع ثابتة تبرر صدوره.
وحيث إنه عما استندت إليه جهة الإدارة في استبعاد المدعى لاتهام ابن شقيقه/(ج) في القضية رقم 7793 جنح الصف لسنة 2003 (سلاح)، فإن الثابت من الأوراق أن هذه القضية حكم فيها بجلسة 10/3/2004 بالبراءة –على النحو الثابت من الشهادة الصادرة عن نيابة جنوب الجيزة الكلية المودعة حافظة مستندات المدعى المقدمة أمام المحكمة الإدارية للرئاسة بجلسة 1/3/2008–، ولم تقدم الجهة الإدارية ما يفيد طعن النيابة العامة على هذا الحكم.
وحيث إنه عما استندت إليه جهة الإدارة في استبعاد المدعى لاتهام ابن عمه/(د) في القضية رقم 1877 جنايات الصف لسنة 1990 (مخدرات)، فإن جهة الإدارة قد عجزت عن إثبات صلة القرابة بين هذا الشخص والمدعى، ومن ثم تكون الأسباب التي استند إليها القرار المطعون فيه في استبعاد المدعي من شغل الوظيفة المذكورة قد انهارت جميعها، مما يتعين معه القضاء بإلغائه فيما تضمنه من تخطيه في التعيين لشغل الوظيفة المذكورة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء قرار وزير الداخلية المؤرخ في 14/6/2005 فيما تضمنه من تخطى المدعي/(أ) في التعيين بوظيفة شيخ قرية الشوبك الشرقي بمركز الصف بمحافظة الجيزة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن جميع درجات التقاضي.
([1]) ينص هذا البند بعد تعديله بموجب القانون رقم (70) لسنة 2016 على: “3- أن يكون حسن السمعة، وغير محروم من مباشرة حقوقه السياسية أو موقوف حقه فيها، وألا يكون قد سبق فصله بحكم أو قرار تأديبي نهائي”.