جلسة 26 من مارس سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبدالعزيز إبراهيم أبوالعزم، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبدالحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3437 لسنة 40 قضائية . عليا:
عدم جواز تملكها بالتقادم.
المادة (970) من القانون المدنى.
طبقاً لأحكام القانون المدنى يتعين على من يدعى ملكيته لأملاك الدولة الخاصة؛ إثبات ذلك بالمستندات الدالة عليها، ولا تكلف الدولة بنفى ملكيته ــ حظر المشرع تملك الأموال الخاصة للدولة أو كسب حق عينى عليها بالتقادم ويتعين على أصحاب الشأن إثبات ملكيتهم لهذه الأراضى بالتقادم لمدة خمس عشرة سنة قبل العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 اعتباراً من 13/7/1957 ويتعين اكتمال المدة المشار إليها قبل هذا التاريخ مع توافر الشروط المقررة قانوناً لاكتساب الملكية بالتقادم ــ وحماية لملكية الدولة الخاصة قررت المادة (970) المشار إليها للسلطات المختصة إزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإدارى واستوجبت أن وضع اليد على الأرض يجب أن يستوى على سند من القانون ولا يكفى لمجرد وضع اليد اتخاذ إجراءات ممهدة للتعاقد – تطبيق.
فى يوم السبت الموافق 9/7/1994 أودع الأستاذ/ محمد يوسف لطفى المحامى وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3437 لسنة 40ق فى الحكم المشار إليه والقاضى «بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع برفضها وإلزام المدعى المصروفات».
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المشار إليه والحكم بتعويض لا يقل عن 29120 «تسعة وعشرين ألفًا ومائة وعشرين جنيها» للأضرار المادية والمعنوية التى لحقت به وإلزام المطعون ضده الأول المصاريف والأتعاب.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعن المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4/7/2002 وبجلسة 3/7/2004 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة من حيث إن الطعن بمراعاة ميعاد المسافة المقررة للطاعن باعتباره مقيمًا بالعريش، استوفى أوضاعه المقررة شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أن الطاعن أقام الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها ابتداء قلم كتاب محكمة شمال سيناء الابتدائية بتاريخ 14/5/1985، وطلب فى ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا تعويضًا لا يقل عن 14560 جنيهًا بواقع عشرة جنيهات للمتر المربع على سبيل التعويض عن نزع ملكيته لعين النزاع مع إلزامهما المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً للدعوى: إنه كان يمتلك قطعة أرض زراعية مساحتها 18,20 متراً شرقاً، مغرباً ×80 متراً بحراً مقبلاً بجهة الريسة شرق ضاحية أبى صقل مغروسة بأشجار النخيل الذى يربو عمر بعضها على السبعين عاماً، تلك الموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة على أنه وبمناسبة إنشاء ميناء العريش أعلن المدعى عليه الأول بصفته أن يتقدم ملاك المساحات المجاورة للميناء بمستندات ملكيتهم وذلك لتعويضهم بواقع عشرة جنيهات للمتر المربع الواحد، وقد صرف المدعى بالفعل التعويض عن النخيل إلا أنه لم يتم صرف تعويض الأرض رغم كونه دون ثمن المثل، وكون أرض النزاع تعتبر مملوكة له وفقًا لأحكام القانون المدنى والقوانين الأخرى الصادرة بتنظيم ملكية الأرض الصحراوية معمرًا إياها بغراسات النخيل عبر عشرات السنوات، ومع افتراض صدور قرار بإدخال الغير فى إطار قرار التخصيص الصادر من المدعى عليه الأول لإجراء التوسعات اللازمة لميناء العريش بمعرفة الشركة المدعى عليها الثانية إلا أن هذا القرار لا يعتبر قرارًا إداريًا وإنما ينطوى على الاستيلاء بغير وجه حق على أرض مملوكة للمواطنين بغير اتباع الطريق المنصوص عليه فى قانون نزع الملكية للمنفعة العامة مما يحق معه له رفع هذه الدعوى للقضاء له بالتعويض على الأرض المذكورة.
وبجلسة 24/12/1986 حكمت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة، حيث قيدت برقم 210 لسنة 10 ق ثم أحيلت إلى محكمة القضاء الإدارى ببورسعيد حيث قيدت بالرقم المشار إليه.
وبجلسة 8/5/1994 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الحكم بالتعويض لا يقوم إلا بتوافر أركان ثلاثة هى الخطأ، والضرر، وعلاقة السببية. وإن كان البين من الأوراق أن ادعاء المدعى بملكيته لأرض النزاع قد ورد فى مجرد أقوال مرسلة، ولم يقدم من المستندات الرسمية ما يقطع بثبوت ملكيته لهذه الأرض على حين أن الثابت بالاطلاع على الأوراق أن أرض النزاع تم تخصيصها ضمن مساحات أخرى من أملاك الدولة الخاصة بمدينة العريش لإقامة توسعات بميناء العريش البحرى عليها بموجب القرار رقم 930 لسنة 1981 الصادر من محافظ شمال سيناء، ومن ثم فإنه لا يكون ركن الخطأ قد ثبت فى جانب جهة الإدارة المدعى عليها الأمر الذى تنتفى معه مسئوليتها قانوناً فى هذا الصدد، كما لم يثبت فى حق الشركة المدعى عليها الثانية القائمة بأعمال مقاولة تنفيذ توسعات ميناء العريش البحرى أية أخطاء تتصل بموضوع النزاع فى هذه الدعوى مما تنتفى مع مسئوليتها أيضًا.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للواقع والقانون ذلك أن القرار بتخصيص الأرض لإنشاء ميناء العريش هى استيلاء عليها ونزع ملكيتها دون اتباع الإجراءات المقررة قانوناً، ويتعين تعويض الطاعن عن نزع ملكية أرضه، وقد أغفل الحكم تقرير الخبير المنتدب من المحكمة الابتدائية المنتهى إلى تقرير ملكية الطاعن وعند صدور قرار التخصيص للميناء قدرت المحافظة تعويضه بمبلغ 12369 جنيهاً «100 جنيه للنخلة، و10 جنيهات لكل متر مربع» وتم صرف التعويض عن النخيل دون الأرض، وقد أفاد ممثلو المحافظة بامتلاكه للأرض والمحافظة ليس لديها مانع من صرف التعويض عنها، وما ورد بالحكم الطعين من ملكية الدولة للأرض مخالف للواقع والقانون، فما ورد بقرارات التخصيص لم يتضمن ما يفيد ملكية الدولة بدليل أن أقرت مبدأ التعويض مما يعنى أن الدولة غير مقطوع بملكيتها للأرض، وإلا قامت بتسليمها مباشرة لشركة القناة، دون أية وعود بالتعويض مما يعنى أن الأرض ملك للغير.
وأضاف الطاعن أنه طبقاً للقانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية والقانون رقم 31/1984 والقرارات الصادرة من مجلس الوزراء ووزير الزراعة والإصلاح الزراعى تعطى الحيازات والملكية للحائزين والمنتفعين بهذه الأراضى قبل صدور هذه القوانين، وقد ثبت بصدور قرارات التخصيص سنتى 1981و1982 وجود أصحاب النخيل على الأرض ميراثاً عن أجدادهم وحيازتهم ثابتة من عشرات السنين والنخيل عقارا فوق عقار وهذه الأرض لخدمة النخيل ومن يملك النخيل يملك خادمته وهى الأرض والنخيل المعمر وأصحابه المنتفعون به جيلاً بعد جيل يعتبر الزمن لصالحهم فهم ملاك الأرض منذ أن وضعوا نواة النخلة منذ مائة سنة حيث لم تكن هناك دولة تنازع الناس فى أرض الله الواسعة.
ومن حيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة وفى الفقه والقضاء المدنيين أن الملكية فى العقارات لا تنتقل إلا بالتسجيل، ويتعين على من يدعى ملكيته للعقارات ومنها الأراضى حتى ما يكون مملوكاً منها ملكية خاصة للدولة أن يقيم الدليل على انتقال الملكية إليه بالتسجيل، وإذا كان للأفراد أن ينازعوا فيما بينهم أمام القضاء المدنى المختص حول ملكية أى منهم للأرض، إلا أنه بالنسبة لأملاك الدولة الخاصة والتى أحاطها المشرع بالحماية على النحو الوارد بالمادة «970» من القانون المدنى يتعين على من يدعى ملكيتها إثبات ذلك بالمستندات الدالة عليها ولا تكلف الدولة بنفى ملكيته، ومن أجل ذلك حظر المشرع تملك هذه الأموال الخاصة بالدولة أو كسب حق عينى عليها بالتقادم، ويتعين على أصحاب الشأن إثبات ملكيتهم لهذه الأراضى بالتقادم لمدة خمس عشرة سنة قبل العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 اعتباراً من 13/7/1957 ويتعين اكتمال المدة المشار إليها قبل هذا التاريخ مع توافر الشروط المقررة قانوناً لاكتساب الملكية بالتقادم، بل إن الحماية لملكية الدولة الخاصة بلغت مداها حين قررت للسلطات المختصة إزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإدارى، واستوجبت أن وضع اليد على هذه الأرض يجب أن يستوى على سند من القانون مثل عقد بيع ولو عقد بيع ابتدائياً أو عقد إيجار بها ولا يكفى حتى لمجرد وضع اليد مجرد اتخاذ إجراءات ممهدة للتعاقد من قبل أن تتوج بعقد حتى ولو شكلت هذه المقدمات وعداً بالتعاقد.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على الطعن الماثل، وإذا لم يقدم الطاعن ــ وهو المنوط به إثبات ملكيته للأرض محل النزاع ــ سنداً لما يدعيه من هذه الملكية كعقد مسجل تملك بموجبه الأرض أو أنه كسب ملكيتها بالتقادم مدة خمس عشرة سنة سابقة على 13/7/1957 بشروط كسب الملكية بالتقادم من حيازة هادئة ومستقرة بنية التملك، وأن تشهد على ذلك المستندات والأوراق فلا يكفى القول المرسل بزراعة النخيل منذ مدة طويلة حتى ولو تراخت قبضة الدولة عن رعاية أملاكها الخاصة فلم تكشف الأوراق عن أن الطاعن وآباءه وأجداده هم الذين قاموا بزراعة النخيل أو توافر شروط كسب ملكية الأرض المشار إليها على النحو السالف بيانه ولا يعد تعويض الطاعن عن النخيل سنداً كافياً لملكية الأرض التى أوجب القانون ثبوتها على النحو المشار إليه، فقد يكون النخيل مزروعاً فى أرض مملوكة أو فى أرض للغير ومن ثم لا يثبت خطأ فى جانب جهة الإدارة يستوجب التعويض ويتعين رفض دعواه وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه مصادقاً لصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.