جلسة 3 من يوليو سنة2007م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل
نائب رئيس مجلس الدولةورئيــــــس المحكمــــــــة
وعضـــوية السيـــــد الأستـــــــاذ المستشــــــــار/ محمد محمود حسام الدين نائب رئيس مجلس الدولة
وعضـــوية السيـــــد الأستـــــــاذ المستشــــــــار/ السيد أحمد محمد الحسينى نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيــــد الأستــــــــاذ المستشـــــــــار/ حسن عبد الحميد البرعى مفـــــــــــوض الــــــدولة
وعضـــوية السيـــــد الأستـــــــاذ المستشــــــــار/ حسن سلامة أحمد محمود نائب رئيس مجلس الدولة
وحضــــور السيــــد الأستــــــــاذ المستشـــــــــار/ سعيد عبد الستار محمد مفـــــــــــوض الــــــدولة
الطعن رقم 3484 لسنة46ق .عليا
– إثبات فى الدعوى – سلطة المحكمة فى الاستعانة بأمل الخبرة – نطاقها.
فى يوم السبت الموافق 26/2/2000 أودع الطاعنون تقرير الطعن الماثل قلم كتاب هذه المحكمة على الحكم المشار إليه فيما قضى به من رفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعنون فى ختام تقرير الطعن إلغاء الحكم المطعون عليه والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 209 لسنة 1995 مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات والأتعاب.
بعد إعلان الطعن قانونا أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه وإلزام الطاعنين المصروفات.
نظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون) فقررة إحالته إلى هذه المحكمة حيث تدوول أمامها بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر ثم تقرر حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم مع التصريح بالإطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال أربعة أسابيع انقضت دون تقديم شئ وفى ذات الجلسة صدر الحكم بعد إيداع مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة لذا فهو مقبولا شكلا.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تخلص فى أن مورث الطاعنين أقام دعواه ابتداء بتاريخ 4/10/1995 أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة طالبا وقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مركز ومدينة أجا رقم 209 لسنة 1995 فيما تضمنه من إزالة التعدى الواقع على شارع ماكينة الطحين بناحية نوسا البحر، والمتمثل فى إقامة اكتاف بواية من الجهة البحرية وسور قائم من الجهة القبلية، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وينعى مورث الطاعنين على هذا القرار صدوره مخالفا تماما للحقيقة وصحيح القانون والتمس الحكم بطلباته وبجلسة 24/5/1997 حكمت محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف التنفيذ وألزمت المدعى مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.
بجلسة 27/12/1999 صدر الحكم المطعون عليه والذى قضى برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعى (مورث الطاعنين) قد أقام بوابة حديدية من الجهة البحرية على شارع ماكينة الطحين بناحية نوسا البحر، وأنه قام بإزالة جزء من هذه البواية وترك الاكتاف مما يعوق حركة السير بشارع ماكينة الطحين وهو شارع مستطرق يربط بين شارعين ومخصص للمرور منه، وبالتالى فإن التعدى عليه بإقامة الاكتاف المشار إليها يكفى سببا للقرار المطعون فيه.
ولم يرتض الطاعنون هذا الحكم فأقاموا طعنهم الماثل طالبين الحكم بإلغاء الحكم الطعين والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وقرروا فى تقرير الطعن أن مورثهم : حامد عبد الباقى محمد توفى إلى رحمة الله بتاريخ 3/10/1999، لذا فقد أقاموا الطعن الماثل بصفتهم ورثته تأسيسا على أن الحكم المطعون عليه صدر مخالفا للقانون ومجحفا بحق الطاعنين فقد أخطأ هذا الحكم عندما استند للمستندات المقدمة من الجهة الإدارية واعتبر الشارع المؤدى لماكينة الطحين المملوكة لمورث الطاعنين شارع عام، ومن ناحية أخرى فقد أخطأ حكم محكمة أول درجة عندما اكتفت عن تقرير الخبير الذى قدم مورث الطاعنين صورة منه، والذى انتهى إلى أن السور المقام فى ملك مورث الطاعنين مقام على أساس قديم لمستوى سطح الأرض وأن المسافة التى كانت متروكة لمرور الناس للطحين كانت على سبيل التسامح، كما أن هذا الشارع ليس المنفذ الوحيد لمرور الأهالي، كما أضافوا الطاعنون سببا لطعنهم أن القسم الهندسى بالوحدة المحلية بنوسا الغيط صرح لمورث الطاعنين بادخال التيار الكهربائى إلى ماكنية الطحين وضرب الأزر وهذا متعارض مع قرار إزالة التعدى المطعون فيه.
ومن حيث إن القانون المدنى والقوانين المعدلة له تنص المادة (87) منه على أن :
1-تعتبر أموالا عامة، العقارات والمنقولات التى للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتى تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص.
2-وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم)، وتنص المادة (88) على أن : (تفقد الأموال العامة صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ينتهى التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص أو بالفعل أو بانتهاء الغرض الذى من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة)، وتنص المادة (970) على أنه: (……….. لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو الهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عينى على هذه الأموال بالتقادم.
ولا يجوز التعدى على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة وفى حالة حصول التعدى يكون للوزير المختص إزالته إداريا).
من ناحية أخرى فإن القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن نظام الإدارة المحلية والقوانين المعدلة له، تنص المادة (26) منه على أن : (يعتبر المحافظ ممثلا للسلطة التنفيذية بالمحافظة ……… وللمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري)، وتنص المادة (31) على أن (للمحافظ أن يفوض بعض سلطاته واختصاصاته إلى نوابه أو إلى سكرتير عام المحافظة أو السكرتير العام المساعد أو إلى رؤساء المصالح أو رؤساء الوحدات الأخرى).
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة الجهة الإدارية فى إزالة التعدى على أملاكها بالطريق الإدارى المخولة لها بمقتضى القانون مناط مشروعيتها وقوع اعتداء ظاهر على أملاكها أو محاولة غصبها، ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد واضع اليد من أى سند قانونى لوضع يده، أما إذا استند فى وضع اليد إلى ادعاء ظاهر بحق ما على العقار، وكان له ما يبرره من مستندات تؤيد فى ظاهرها ما يدعى من حق على هذا العقار، أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما يدعيه لنفسه من مركز قانونى بالنسبة لهذا العقار انتفت حالة الغضب أو الاعتداء الموجب لاستعمال جهة الإدارة لسلطتها فى إزالته بالطريق الإدارى فلا يحق أن تلجأ إليها، إذ أنها فى هذه الحالة لا تكون بصدد دفع اعتداء أو إزالة غصب عن أملاك الدولة وإنما تكون فى معرض انتزاع ما تدعيه من حق تنفرد به عن طريق التنفيذ المباشر وهو أمر غير جائز قانونا.
ومن حيث إن هذه المحكمة وهى تبسط رقابتها على مشروعية القرار الصادر بإزالة التعدى على أملاك الدولة لا تفصل فى النزاع حول ملكية هذه الأملاك، ولا تتغلغل بالتالى فى فحص المستندات للترجيح فيما بينها وهو الأمر الذى يختص به القضاء المدنى الذى يفصل-دون غيره-فى الملكية، ويقتصر دور القضاء الإدارى على التحقق من أن سند الجهة الإدارية هو سند جدى ظاهر ومشروع وله شواهده وأدلته المبررة لإصدار القرار بإزالة التعدى إداريا بالسلطة المباشرة لجهة الإدارة.
ومن ناحية أخرى فإن قضاء هذه المحكمة مستقر أيضا على أن الاستعانة بأهل الخبرة كإجراء من إجراءات الإثبات هو أمر متروك تقديره للمحكمة فإذا ما رأت الاستعانة برأى الخبير فإن لها التقدير الموضوعى لكافة عناصر الدعوى وهى لا تلتزم إلا بما تراه حقا وعدلا من رأى فنى لأهل الخبرة فلها أن تأخذ بما تطمئن إليه من تقرير الخبير ولها أن تطرح ما انتهى إليه رأيه كله أو بعضه إذا خرج عن حدود المأمورية المكلف بها أو تجاوز اختصاصه الفنى أو خالف الأصول القانونية أو الوقائع الثابتة، على اعتبار أن المحكمة هى صاحبة الولاية للفصل فى النزاع المعروض عليها وهى الخبير الأعلى فلها أن تزن الرأى الفنى لهذا الخبير بميزان الحق والعدل فتأخذ بما تشاء وتطرح ما تشاء.
ومن حيث إنه بتطبيق المبادئ والأحكام السابقة على وقائع الطعن المعروض يتبين أن الإدارة الهندسية بمركز ومدنية أجا كتبت بخطابها رقم 1127 فى 19/7/1992 إلى الوحدة المحلية لنوسا الغيط بأنه بالمعاينة على الطبيعة وجد تعدى من المواطن/حامد عبد الباقى الخياط (اسم الشهرة لمورث الطاعنين) لوجود شارع مستطرق يربط بين شارعين ولا يجوز غلقه، وقد وافق المجلس الشعبى المحلى لنوسا الغيط بالجلسة الثالثة عشرة فى 8/10/1992 على الإبقاء على شارع ماكينة الطحين بناحية نوسا البحر كما هو عليه مستطرقا، وذلك حرصا على المصلحة العامة وعدم تمكين أى من المواطنين من التعدى عليه ومنع تعدى المواطن/حامد عبد الباقى الخياط (اسم الشهرة لمورث الطاعنين)، وأخذ التعهدات اللازمة عليه، وقد وافقت اللجنة الدائمة للمجلس الشعبى المحلى للمحافظة على ذلك بجلسة 19/10/1992 ثم كتب القسم الهندسى بنوسا الغيط إلى مركز ومدينة أجا بالخطاب رقم 376 فى 13/6/1993 يخطرها بأن المواطن/حامد عبد الباقى جاد غنيم (مورث الطاعنين) قد قام بغلق شارع ماكينة الطحين المجاور لمنزله من الناحية القبلية للشارع وكذلك يعمل بوابة حديد أمام منزله بالشارع نفسه، كما أشار الخطاب لتعدى مواطن آخر على نفس الشارع، وطلب عمل المعاينة اللازمة واستصدار قرار الإزالة للمخالفات فقامت الإدارة الهندسية بمركز ومدينة أجا بإعداد مذكرة عرض على رئيس المركز فى 27/6/1993 بخصوص تعدى المواطن المذكور (مورث الطاعنين) على شارع ماكينة الطحين، وقد انتهت المذكرة إلى أنه بالمعاينة على الطبيعة تبين أنه يوجد شارع مستطرق يربط بين شارعين ولا يجوز غلقه وأن هناك تعدى من المواطن/حامد عبد الباقى جاد غنيم (مورث الطاعنين) وطلبت المذكرة من رئيس المركز الموافقة على استصدار قرار الإزالة وفتح الشارع على ما كان عليه قبل التعديات، وعلى أثر ذلك صدر القرار رقم 138 فى 26/6/1993 متضمنا إزالة التعدى الواقع على شارع ماكينة الطحين بناحية نوسا البحر من المواطن/حامد عبد الباقى جاد غنيم (مورث الطاعنين) والمتمثل فى غلق الشارع وعمل بواية حديد أمام منزله من الناحية البحرية، وقد قام التفتيش المالى بمركز ومدينة أجا بإعداد مذكرة فى 25/5/1995 بخصوص تنفيذ هذا القرار انتهت إلى أنه بالمعاينة على الطبيعة اتضح إزالة البواية الحديدية المقامة بمعرفة مورث الطاعنين، ومازالت اكتاف هذه البواية قائمة والشارع مازال مغلقا وانتهى التفتيش المالى فى مذكرته إلى أن قرار الإزالة رقم 138 لسنة 1993 لم يتم تنفيذه كاملا، وبناء على ذلك أصدر رئيس مركز ومدينة أجا القرار المطعون فيه رقم 209 فى 2/7/1995 متضمنا بالمادة الأولى منه أن (يزال إداريا التعدى الواقع على شارع ماكينة الطحين بناحية نوسا البحر من المواطن/حامد عبد الباقى جاد غنيم (مورث الطاعنين) وشهرته حامد عبد الباقى الخياط والمتمثل فى اكتاف بواية من الجهة البحرية وسور قائم من الجهة القبلية)، ومؤدى ما سبق أن القرار المطعون فيه صدر مطابقا للقانون قائما على سببه خلوا من عيوب الإلغاء، مما يتعين تأييده ورفض دعوى إلغائه.
ولما كان الحكم المطعون عليه قد ذهب ذات المذهب وانتهى إلى رفض الدعوى لذا يتعين تأييد هذا الحكم ورفض الطعن عليه لافتقاده لأثر لأساس قانونى أو واقعي.
ولا ينال من ذلك ما انتهى إليه الخبير فى تقريره المودع فى الدعوى رقم 8744 لسنة 1992م المنصورة الابتدائية بأن عين النزاع المقام عليها السور المراد إزالته ليس طريقا عموميا حيث ثبت للخبير من المستندات أن الطريق مثار النزاع يقع داخل ملكية ماكينة الطحين المملوكة لمورث الطاعنين، كما ثبت من معاينة الوحدة المحلية أن السور مقام على أساس قديم بمستوى سطح الأرض ويرجح أن تلك المسافة بين الماكينة والمخازن التابعة لها كانت متروكة لمرور الناس للطحين وأن هذا المرور كان على سبيل التسامح وأن الشارع موضوع النزاع كان متروكا من ملك المدعى عليهم (ومنهم مورث الطاعنين) لخدمة الماكينة ثم ظل مستطرقا لمرور العامة على سبيل التسامح فذلك مردود عليه بأن تقرير الخبير المشار إليه صادر تنفيذا لحكم تمهيدى من المحكمة المدنية وليس من محكمة القضاء الإدارى مصدرة الحكم المطعون عليه، ومن ثم فإن الخبير لم يتناول فى هذا التقرير القرار المطعون فيه رقم 209 لسنة 1995 وإنما انصب التقرير على النزاع المعروض على المحكمة المدنية فقط، كما أن تقرير الخبير باعتباره دليلا من أدلة الإثبات يخضع لتقدير المحكمة واقتناعها لذا لا مندوحة إذا طرحته المحكمة، أو طرحت جزءا منه لم تعتد به واكتفت بما جاء فى جزء أخر، فالقدر المتيقن من هذا التقرير أن الشارع موضوع النزاع كان مستطرقا ويمر فيه (الناس) وهو بهذا الوصف ينتقل من الملكية الخاصة إلى الملكية العامة باعتبار ذلك تخصيصا بالفعل للمنفعة العامة وهى المرور كان على سبيل التسامح فذلك وصف قانونى قد خلت الأوراق من دليل عليه وتلتفت عنه المحكمة وتكتفى بما أثبته الخبير فى تقريره من أن هذا الطريق وإن كان مستطرقا وأن الناس كانوا يمرون فيه لذا فأى تعدى عليه تتعين إزالته غداريا ولمن يتضرر من ذلك اللجوء للقضاء المدنى المختص ليفصل له فيما يدعيه الشأن هذا الشارع أو الطريق.
ومن حيث إن الطاعنين قد خسروا الطعن لذا يلزمون بالمصروفات عملا بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعنين المصروفات.