جلسة 12 من فبراير سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وحسن سلامه أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ومحمد أحمد محمود محمد
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3497 لسنة 46 قضائية. عليا:
سلطة المحافظة فى الإشراف على الجمعيات التعاونية لنقل الركاب.
طبقاً لأحكام القانون رقم 110 لسنة 1975 بشأن التعاون الإنتاجى والنظام الداخلى للجمعية الذى أحال إليه القانون المذكور فإن الجمعية التعاونية الإنتاجية لنقل الركاب تمارس نشاطها بالقيام بجميع أعمال نقل الركاب بسيارات الأجرة واختيار مواقف السيارات بالاشتراك مع الجهة الإدارية وإنشاء مكاتب بها ومراقبة عمليات النقل للتأكد من الالتزام بتعريفة الأجور المحددة، وعليه فإن نشاط هذه الجمعية لا يكتمل ولا يتم إلا بقيامها بإدارة مواقف سيارات الأجرة التى تحدد مواقعها الجهة الإدارية بالاتفاق مع الجمعية، والقول بغير ذلك من شأنه حظر هذا النشاط على تلك الجمعية على نحو مخالف لأحكام قانون التعاون الإنتاجى الذى يستهدف دعم تلك الجمعيات ليتسنى لها القيام بنشاطها فى خدمة المواطنين بأسعار تعاونية ــ تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق 27/2/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائباً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت الرقم المشار إليه، فى حكم محكمة القضاء الإدارى بأسيوط ــ الدائرة الثانية ــ الصادر بجلسة 29/12/1999 فى الدعوى رقم 660 لسنة 10ق، والذى قضى «بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 1ح لسنة 1998، مع ما يترتب على ذلك من آثار».
وطلب الطاعنون ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى، وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى ــ فحص طعون جلسة 21/1/2002، وتدوول نظره أمامها إلى أن قررت بجلسة 7/6/2004 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 26/9/2004، وفيها تم التأجيل لجلسة 27/11/2004؛ حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أنه بتاريخ 23/1/1999 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 660 لسنة 10ق أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط طلب فيها الحكم بوقف تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1ح الصادر بتاريخ 3/12/1998 وما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المدعى عليهم برد قيمة المبالغ التى تحصلوا عليها من فائض مشروع مواقف سيارات الأجرة بالمحافظة وضعف تلك المبالغ تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بالمدعى بصفته من جراء هذا القرار، وذلك على سند من أن القرار المطعون فيه قد تضمن توزيع نسب صافى إيرادات مواقف سيارات الأجرة بالمحافظات على النحو التالى: 70% لصندوق الخدمات بالمحافظة، و15% لصندوق خدمات الوحدات المحلية المشتركة بالمشروع، و10% للجنة النقابية للعاملين بالنقل البرى، و5% مكافأة لمجلس إدارة المشروع والعاملين به، ومقتضى هذا القرار أن الوحدات المحلية تقوم بإدارة مواقف سيارات الأجرة بالمحافظة، وتحصيل تلك النسب من مالكى سيارات الأجرة مستخدمى هذه المواقف، مما يعد مخالفاً لأحكام قانون التعاون الإنتاجى رقم 110 لسنة 1975 الذى ناط بالجمعية التعاونية الإنتاحية الأساسية القيام بجميع عمليات نقل الركاب بالسيارات الأجرة وإنشاء مكاتب بالمواقف لتلقى طلبات النقل ومراقبة عمليات النقل للتأكد من الالتزام بتعريفة الأجرة المقررة وخطوط السير وتحصيل الرسوم واختيار مواقف السيارات وتحديد خطوط السير، وهذه المهام لا يتسنى للجمعية مباشرتها إلا إذا كانت إدارة هذه المواقف مقررة لتلك الجمعية، فضلاً عن أن هذه المهام هى من صميم أعمال الإدارة بالنسبة لهذه المواقف، وقد انتهت اللجنة الأولى لإدارة فتوى رئاسة الجمهورية ملف رقم 210075/240 سجل رقم 596 لسنة 1983 إلى أحقية الجمعيات التعاونية الإنتاجية لنقل الركاب بالسيارات الأجرة فى إدارة مواقف سيارات الأعضاء وبالتالى عدم قانونية ما قامت به بعض المحافظات من إسناد إدارة تلك المواقف إلى لجان تابعة لها.
وبجلسة 29/12/1999 قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 1ح لسنة 1998 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وشيدت قضاءها على أن القرار المطعون فيه ــ بحسب الظاهر من الأوراق ــ قد سلب اختصاصاً أصيلاً لجمعية نقل الركاب بالسيارات الأجرة بمحافظة سوهاج وهو اختصاص قائم لها بمقتضى أحكام قانون التعاون الإنتاجى ونظامها الداخلى ومن بين أنشطتها إدارة مواقف السيارات التى تخدم أعضاءها وليس للجهة الإدارية المختصة أو المحافظة ووحدات الحكم المحلى الحق فى إدارة تلك المواقف بحسبان أن تلك المواقف ليست من عداد المرافق العامة.
ومن حيث إن مبنى طعن الجهة الإدارية أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها : أن المادة الثانية من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 والمعدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1981 تقضى بأن تتولى وحدات الإدارة المحلية فى حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة إنشاء وإدارة المرافق العامة الواقعة فى إدارتها، وتقضى المادة (18) من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 باللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية بأن تباشر المحافظة فى دائرة اختصاصها شئون النقل ومن بينها الإشراف على الجمعيات التعاونية للنقل وفقاً لنطاق عمل كل جمعية، وتعتبر المحافظة هى الجهة الإدارية المختصة بالنسبة لتلك الجمعيات، وإذ استند القرار المطعون فيه إلى هذه الأحكام، فإنه يكون قد صدر صحيحاً بما ينتفى معه ركن الجدية عن طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إن المادة (5) من قانون التعاون الإنتاجى رقم 110 لسنة 1975 تنص على أن «تباشر الجمعية التعاونية الإنتاجية الأساسية نشاطها فى فرع أو أكثر من فروع الصناعات الحرفية أو الخدمات الإنتاجية طبقاً لما هو محدد فى نظامها الداخلى …….». وتنص المادة (4) من النظام الداخلى للجمعية التعاونية الإنتاجية لنقل الركاب بسيارات الأجرة بمحافظة سوهاج والمشهرة تحت رقم 216، على أن الغرض من هذه الجمعية خدمة الاقتصاد القومى فى مجال النقل وتحسين حالة أعضائها اقتصادياً واجتماعياً وتحقيقًا لذلك تقوم الجمعية بالأعمال الآتية: (1) القيام بجميع عمليات نقل الركاب بالسيارات فيما عدا عمليات نقل الركاب بالسيارات (أتوبيس الأقاليم وذلك بداخل المحافظة المعنية إلى غيرها من الجهات وفقاً لخطوط السير التى تحددها الجمعية طبقاً للشروط التى يضعها الوزير المختص …… (5) اختيار مواقف السيارات بالاشتراك مع الجهات المختصة وإنشاء مكتب بها لتلقى طلبات نقل الركاب ولتنسيق عملياته بين الأعضاء ….. (8) مراقبة عمليات نقل الركاب بالسيارات التى يقوم بها الأعضاء للتأكد من التزامهم بتعريفه الأجور المحددة وخطوط السير المقررة وتحصيل الرسوم التى تفرض قانوناً.
ومفاد ما تقدم أن الجمعية التعاونية الإنتاجية لنقل الركاب بسوهاج تمارس نشاطها وفقاً لأحكام قانون التعاون الإنتاجى والذى أحال فى هذا الشأن إلى نظامها الداخلى، وإذ تضمنت المادة (4) من النظام الداخلى لهذه الجمعية قيامها بجميع عمليات نقل الركاب بسيارات الأجرة واختيار مواقف السيارات بالاشتراك مع الجهة الإدارية وإنشاء مكاتب بها ومراقبة عمليات النقل للتأكد من الالتزام بتعريفة الأجور المحددة، فإن نشاط هذه الجمعية
لا يكتمل ولا يتم إلا بقيامها بإدارة مواقف سيارات الأجرة التى تحدد مواقعها الجهة الإدارية بالاتفاق مع الجمعية، والقول بغير ذلك من شأنه حظر هذا النشاط على تلك الجمعية على نحو مخالف لأحكام قانون التعاون الإنتاجى الذى يستهدف دعم تلك الجمعيات ليتسنى لها القيام بنشاطها فى خدمة المواطنين بأسعار تعاونية.
ولا يغير مما تقدم ما تضمنته المادة الثانية من قانون نظام الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية ذلك أنه من جهة، فإن سلطة إشراف الجهة الإدارية على الجمعيات التعاونية الإنتاجية لا يخولها حق إلزام تلك الجمعيات بفرائض مالية وإنما يعطيها مكنة الإشراف الإدارى للتحقق من التزام الجمعيات بأحكام القانون والنظم الأساسية لكل منها ولايرقى ذلك إلى التدخل فى نشاط الجمعية أو القيام بالإدارة الفعلية للنشاط المقرر للجمعية. ومن جهة أخرى، فإن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 220 لسنة 2000 بتعديل نص المادة (18) من اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية بإضافة اختصاص إدارة مواقف السيارات إلى اختصاصات المحافظين، قد جاء لاحقاً فى صدوره على القرار المطعون فيه والحكم المطعون فيه بما يستتبع عدم سريانه، فضلاً عنه كونه مخالفاً لحكم المادة الثانية من قانون نظم الإدارة المحلية التى قررت تولى وحدات الإدارة المحلية إدارة المرافق العامة، فالجمعيات التعاونية الإنتاجية ليست من المرافق العامة، بل هى جمعيات يكونها الأعضاء برأس مال خاص؛ مع مزاولة الإنتاج أو النشاط بأنفسهم وتحمل مخاطره، ومن ثَمَّ فهى تخرج من عداد المرافق العامة التى تتولى المحافظة إنشاءها وإدارتها.
وعلى ما تقدم يضحى القرار المطعون فيه مرجح الإلغاء، وقد توافر فى طلب وقف التنفيذ ركن الاستعجال بما يتعين الحكم بوقف تنفيذه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون متفقاً وصحيح حكم القانون، ويضحى الطعن عليه غير قائم على أساس سليم فى القانون متعيناً الحكم برفضه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعنين المصروفات.