جلسة 15 من يونيه سنة 2010
الطعن رقم 35979 لسنة 52 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)
لجان التوفيق في بعض المنازعات– إذا تم تقديم طلب التوفيق بعد رفع الدعوى فإن الإجراء المطلوب قانونا يكون قد استوفي وتحققت الغاية منه، ولا محل للدفع بعدم قبول الدعوى لذلك.
أحكام القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات.
تنفيذه– فسخ العقد– إذا لم تقم الإدارة بإعادة طرح الأعمال مرة أخرى فإنه يحق لها الحصول على ما تستحقه من تعويضات، ولا يحق لها تقاضي فروق أسعار أو مصروفات إدارية.
في يوم السبت الموافق 26/8/2006 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن (بصفته) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل حيث قيد بالرقم عاليه، طعنا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بقنا بجلسة 29/6 /2006 في الدعوى رقم 1833 لسنة 9 ق، الذي قضى بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للشركة المدعية مبلغا وقدره مليون وسبع مئة وأربعة وسبعون ألف جنيه، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمتهما المصروفات مناصفة.
وطلب الطاعن بصفته للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم –بعد اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة– تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا: (أصليا): بعدم قبول الدعوى المطعون في حكمها لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، و(احتياطيا): برفض الدعوى، مع إلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن قانونا على النحو الثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تدوول نظر الطعن أمام الدائرة الثالثة فحص بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بالأوراق، حيث قدم الحاضر عن الدولة حافظتي مستندات ومذكرة دفاع، كما قدم الحاضر عن الشركة المطعون ضدها حافظتي مستندات ومذكرة دفاع، وبجلسة 18/11/2009 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 9/2/2010، وفيها نظرته المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/3/2010 قررت إصدار الحكم بجلسة 18/5/2010 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع، لم يقدم خلالها الطرفان شيئا، وفيها تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة 15/6 /2010 لاستمرار المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن الماثل تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1833 لسنة 9 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بقنا بتاريخ 9/9/2001، طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بفسخ العقد المؤرخ في 4/6/2000 وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد، وإلزام المدعى عليه بصفته رد المبالغ التي قامت الشركة بسدادها، وقيمتها 1774000 جنيه، وإلزامه دفع مبلغ خمس مئة ألف جنيه كتعويض.
وذكر شرحا للدعوى أنه بتاريخ 12/2/2000 تم ترسية مزاد بيع كامل أرض وبناء سينما ومسرح قِنا عليه، بقيمة إجمالية قدرها 3548000 جنيه، على أن يتم زيادة التأمين المدفوع إلى 10 % من القيمة الإجمالية، واستكمال 50 % من القيمة خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وسداد باقي القيمة على أربعة أقساط بواقع قسط كل ستة أشهر، مضافا إليها الفائدة السارية من البنك المركزي، وأنه قام بسداد الـ 50 % حتى نهاية شهر مايو، وتم التوقيع على عقد البيع بتاريخ 4/6/2000، وتم تحديد الأقساط الباقية في 3/12/2000 و 2/6/2001 و 1/12/2001 و 30/6/2002، بواقع 443500 جنيه لكل قسط، وتم استصدار شيك بقيمة القسط الأول بتاريخ 26/11/2000، إلا أن المسئولين بالمحافظة رفضوا تسلم الشيك بدعوى أن القسط الأول يستحق في 12/8/2000 بالمخالفة لكراسة الشروط والعقد، وأنه نظرا للظروف الاقتصادية للشركة وبيع أسهمها إلى ملاك جدد قام بمخاطبة المحافظة لتعديل الجدول الزمني لعملية الهدم والبناء، على أن يتم الانتهاء من أعمال التشطيب وتشغيل المشروع في 1/7 /2002، إلا أنه فوجئ بتاريخ 7 /5/2001 باستيلاء المحافظة على السينما بتاريخ 7 /5/2001، وقامت بإعادة تشغيلها والحصول على ريعها مما أضر بمصلحة الشركة، وتم إنذار المحافظة بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد ورد المبالغ المحصلة إلا أنها لم تستجب، الأمر الذي حداه على إقامة الدعوى بطلباته آنفة البيان.
وقد تدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بقنا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات.
……………………………………………………………………..
وبعد تحضير الدعوى أمام هيئة مفوضي الدولة وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيدته على أسباب تخلص في أن الشركة المدعية (المطعون ضدها) أخلت بالتزاماتها التعاقدية بعدم سداد ما هو مستحق عليها من أقساط طبقا للعقد، الأمر الذي يكون ما قامت به الجهة الإدارية من فسخ للعقد متفقا وصحيح حكم القانون، إلا أنه إزاء ما ثبت من عدم قيام الجهة الإدارية بإعادة طرح بيع السينما في المزاد بل وقيامها بتشغيلها بنفسها، وعدم تحملها أي مصروفات أو فروق أسعار، فلا تكون أي أضرار لحقتها من جراء ذلك، ولم يتضمن العقد أي جزاءات في هذا الشأن، مما يتعين معه إلزامها رد المبلغ الذي قامت الشركة بسداده، وقدره مليون وسبع مئة وأربعة وسبعون ألف جنيه، ورفض طلب التعويض لعدم ثبوت الخطأ في جانب الجهة الإدارية.
……………………………………………………………………..
وإذ لم ترتض الجهة الإدارية الطاعنة ذلك الحكم فقد طعنت عليه بالطعن الماثل استنادا إلى أسباب تخلص في أن الحكم المطعون فيه خرج على مقتضى التطبيق الصحيح لأحكام القانون؛ ذلك أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى أمام المحكمة مباشرة قبل اللجوء إلى لجان التوفيق في المنازعات بالمخالفة للقانون رقم (7) لسنة 2000، كما أنها أخطأت في تطبيق القانون؛ ذلك أن فسخ العقد نتيجة إخلال الشركة بالتزاماتها يجعل التأمين النهائي من حق الجهة الإدارية، فضلا عن قيمة الخسارة التي لحقت بها نتيجة توقف السينما عن الاستخدام.
……………………………………………………………………..
-ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها لعدم اتباع الطريق الذي رسمه القانون لرفعها طبقا للإجراءات المنصوص عليها بالقانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات، فإن الثابت من الأوراق أن الإجراء المطلوب تم استيفاؤه بعد رفع الدعوى وتحققت الغاية منه، ومن ثم يتعين الالتفات عن الدفع المشار إليه.
-ومن حيث إن المادة (120) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998، والصادرة بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998 تنص على أن:”تحدد السلطة المختصة قيمة التأمين المؤقت لدخول المزاد بالنسبة لبيع العقارات والمشروعات التي ليس لها الشخصية الاعتبارية.
وعلى من يرسو عليه المزاد سداد (10%) من القيمة الراسي بها عملية البيع فور الرسو عليه، ويستكمل باقي الثمن خلال فترة لا تجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ اعتماد البيع.
ويجوز استثناء وبموافقة السلطة المختصة بالنسبة للعقارات والمشروعات الكبرى أن تتضمن شروط الطرح سداد باقي الثمن على دفعات يتم تحديدها، وفي هذه الحالة يستحق عنها عائد يعادل سعر الفائدة المعلن من البنك المركزي وقت السداد، وذلك عن المدة من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ السداد، مع مراعاة عدم اتخاذ إجراءات نقل الملكية إلا بعد سداد كافة مستحقات الجهة الإدارية، على أنه في حالة إخلال المشترى بأي شرط من شروط البيع فيكون للجهة الإدارية دون حاجة إلى إنذاره أو اللجوء إلى القضاء أن تفسخ العقد وتقوم باتخاذ إجراءات البيع من جديد على حسابه، مع حفظ حقها في الحصول على ما يكون مستحقا لها من مبالغ نظير فروق الأسعار والمصروفات الإدارية والتعويضات المستحقة، ولا ترد إليه أية زيادة تكون قد تحققت في ثمن البيع”.
ومن حيث إن البند الثاني عشر من عقد بيع سينما ومسرح قنا المؤرخ 4/6/2000، المحرر بين محافظة قنا (الطاعنة) وشركة نهضة مصر للسينما (المطعون ضدها) ينص على أنه:”في حالة إخلال المشترى بأي شرط من شروط البيع يكون للطرف الأول (المحافظة) دون حاجة إلى إنذاره أو اللجوء إلى القضاء أن تفسخ العقد وتقوم باتخاذ إجراءات البيع من جديد على حسابه، مع حفظ حقها في الحصول على ما يكون مستحقا لها من مبالغ نظير فروق الأسعار والمصروفات الإدارية والتعويضات المستحقة، ولا ترد له قيمة أي زيادة تكون تحققت في قيمة البيع”.
ومن حيث إنه من المقرر –وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة– أنه يجب تنفيذ العقد وفقا لما اشتملت عليه شروطه وبما يتفق مع ما يوجبه حسن النية طبقا للأصل العام المقرر في الالتزامات كافة، ومن مقتضى ذلك ولازمه أن حقوق المتعاقد مع الجهة الإدارية والتزاماته تتحدد طبقا لشروط العقد الذي يربطه مع تلك الجهة.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 4/6/2000 تم التعاقد بين الطاعن بصفته والشركة المطعون ضدها على بيع سينما ومسرح قنا، وتم الاتفاق على شروط السداد، وقامت الشركة باستكمال سداد 50 % من القيمة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الإخطار برسو المزاد، إلا أنها تأخرت عن سداد القسط الأول من الـ 50 % الباقية بمبلغ أربع مئة وثلاثة وأربعين ألفا وخمس مئة جنيه، مضافا إليه الفائدة السارية المعلنة بالبنك المركزي، والذي حل موعده في 1/8/2000 وقامت المحافظة الطاعنة بإخطارها بتاريخ 17/10/2000 بالسداد، إلا أن الشركة ردت بتاريخ 29/10/2000 بالاعتذار عن التأخر في السداد نظرًا لتوسع الشركة في بناء دور العرض وتعهدت بالسداد خلال شهر، إلا أنها لم تمتثل فتم إنذارها عدة مرات، وطلبت بكتابها المؤرخ 13/12/2000 إعطاءها جدولا زمنيا لتنفيذ العقد ومنحها فترة سماح تنتهي في يناير 2001 لترتيب الأوضاع داخل الشركة، وبتاريخ 21/1/2001 تم الاجتماع بين ممثلي الطرفين وتم عمل جدول زمني إلا أن الشركة لم تلتزم به، الأمر الذي حدا المحافظة الطاعنة على إصدار قرارها بتاريخ 5/10/2001 بفسخ العقد مع الشركة المطعون ضدها، ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر وفقا لحكم البند الثاني عشر من العقد متفقا وصحيح حكم القانون، وأنه وفقا لهذا البند أيضا يحق للجهة الإدارية فضلا عن فسخ العقد وإعادة البيع على حساب الشركة المطعون ضدها يحق لها الحصول على ما يكون مستحقا لها من مبالغ نظير فروق الأسعار والمصروفات الإدارية والتعويضات المستحقة، أما وأن الجهة الإدارية لم تقم بإعادة الطرح مرة أخرى وإنما قامت بإدارة السينما بنفسها، فإنها تلتزم برد ما حصلته من الشركة المطعون ضدها مخصوما منه التعويضات المستحقة عن الأضرار التي لحقتها من جراء عدم التزام الشركة المطعون ضدها بالتزاماتها التعاقدية، وتتمثل هذه الأضرار في ثبوت العجز في بعض الأصناف والمهمات والتلفيات التي حدثت بالمبنى وفقا لمحضر التسليم الذي تم إداريا بحضور الشرطة وفقا للمحضر الإداري رقم 2126 لسنة 2001 بتاريخ 5/5/2001 بعد امتناع الشركة عن الحضور رغم إخطارها بذلك، وعدم تعقيبها على ما تضمنه، فضلا عن الأضرار المادية التي لحقت بالجهة الإدارية عن فترة التوقف من 5/6/2000 حتى 5/5/2001 على نحو ما تضمنته الأوراق المقدمة من الجهة الإدارية ولم تنازع فيه الشركة، وتحدد المحكمة المبلغ المستحق عن هذين العنصرين بمئتي ألف جنيه، ورفض عناصر الضرر الأخرى الواردة بتقرير العجز والتلفيات والأضرار المقدم ضمن حافظتي مستندات الجهة الإدارية الطاعنة بجلسة 3/12/2008 وجلسة 18/2/2009 أمام دائرة فحص الطعون لعدم أحقيتها في التعويض عنها، وخصم قيمة هذا التعويض من المبلغ المقضي به للشركة المطعون ضدها بموجب الحكم المطعون فيه، والذي يتعين تعديله بما يتفق مع ما تقدم وعلى النحو الذي سيرد بالمنطوق.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن الطرفين يلتزمان بها مناصفة عملا بحكم المادة (186) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الجهة الإدارية الطاعنة أن تؤدي للشركة المطعون ضدها مبلغا مقداره مليون وخمس مئة وأربعة وسبعون ألف جنيه، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة.