جلسة 1 من يوليو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكى فرغلى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أدهم حسن أحمد الكاشف، وإبراهيم على إبراهيم، وأسامة محمود عبدالعزيز محرم، ومحمد لطفى عبدالباقى جوده.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد صالح عبدالوهاب.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / خالد عثمان محمد حسن.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3680 لسنة 44 قضائية عليا
ـ إجازة ـ الإجازة العارضة ـ عدم التزام العامل بالإبلاغ بها مسبقاً.
المادة (64) من القانون رقم 47 لسنة1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
قرر المشرع حق العامل فى إجازة عارضة بأجر لمدة سبعة أيام فى السنة ليواجه بها أمورًا طارئة يتعذر معها حصوله على ترخيص بالإجازة ـ لم يقيد المشرع هذا الحق بضوابط
أو إجراءات معينة سوى أن يبدى العامل لجهة عمله السبب الطارئ الذى وقع له، واستدعى انقطاعه عن العمل، وعليها فى هذه الحالة إجابته إلى طلبه القائم على هذا السبب طالما لم يقم دليل يقينى عن كذب ادعائه ـ ليس لزاماً على العامل أن يبلغ مسبقاَ عن مرضه، إذ يتعين على الإدارة عدم الخلط بين الإجازة المرضية التى يتعين الترخيص بها بعد الابلاغ عن الحالة المرضية التى تستوجب الإجازة وبين الإجازة العارضة التى تواجه حالة طارئة قامت بالعامل سواء أكانت مرضية أو غير مرضية، ولم يكن فى الوسع توقعها ويتعذر على العامل إبلاغ جهته بها مسبقاً ـ لا يسوغ لأية جهة حكومية أو غير حكومية أن تضمن لوائحها الداخلية نصاً يستوجب الحصول على ترخيص مسبق قبل الحصول على الإجازة العارضة وإلاَّ كان النص باطلاً لمصادرته لحق أساسى من حقوق العامل التى لا تتوقف على إرادة الجهة الإدارية ـ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 19/3/1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3680 لسنة 44ق.ع فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها بجلسة 24/1/1998 والذى قضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 187 لسنة 1996 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم يوم من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنان بصفتيهما الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الطعن التأديبى رقم 419/30ق مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه ـ لأسبابه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الطعن التأديبى رقم 419 لسنة 30ق.
وجرى نظر الطعن أمام الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا حتى قررت إحالته إلى هذه الدائرة للاختصاص.
وبجلسة 2/6/2002 قررت هذه المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن المطعون ضده أقام الطعن رقم 419 لسنة 30ق بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها بتاريخ 24/1/1998 طالبًا فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 187 لسنة 1996م، فيما تضمنه من مجازاته بخصم يوم من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لطعنه إنه صدر القرار المطعون فيه لما نسب إليه من انقطاعه عن العمل بدون إذن سابق يوم 4/11/1996 فى التحقيق الإدارى رقم 251 لسنة 1996 وتظلم منه فى 13/7/1996 ولم يتلق رداً على تظلمه فأقام طعنه ناعياً على هذا القرار مخالفته للقانون لأن انقطاعه عن العمل كان بسبب ظروف طارئة وقاهرة وهى إصابته بمرض مفاجئ فى اليوم السابق للانقطاع صاحبه ارتفاع درجة الحرارة وقئ وإسهال وأنه توجه إلى الطبيب المعالج الذى أعد تقريراً طبياً بحالته وأشار عليه بالراحة التامة لمدة خمسة أيام إلا أنه عقب عودته إلى عمله تم التحقيق معه ومجازاته، وخلص إلى طلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه.
وبجلسة 24/1/1998 أصدرت المحكمة التأديبية الحكم المطعون فيه والذى قضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 187 لسنة 1996 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم يوم من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أن انقطاع الطاعن عن العمل يوم 4/11/1995 له ما يبرره قانوناً وهو إصابته فى اليوم السابق بارتفاع فى درجة الحرارة صاحبه قئ وإسهال، وأنه رغم نصح الطبيب له بالراحة التامة أصر على الذهاب إلى عمله إلاَّ أن المرض عاوده فى الطريق فرجع إلى منزله ومن ثَمَّ يكون قرار مجازاته قد صدر بالمخالفة للقانون مما يتعين معه إلغاؤه لاسيما وأنه لم يترتب على انقطاعه أي ضرر إذ حضر الجلسة بدلاً منه السكرتير الأساسي بالإضافة إلى أن الطاعن تقدم فى اليوم التالى للانقطاع بطلب لاحتساب إجازة عارضة إلا أن الجهة الإدارية رفضته دون مبرر مع أن أوراق التحقيق لم تكشف عن استنفاد المطعون ضده لإجازاته العارضة.
ويقوم الطعن الماثل على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله لأنه يتعين على المطعون ضده المحافظة على مواعيد العمل واتباع الإجراءات اللازمة بالإبلاغ عن مرضه فى حالة التغيب عن العمل أو التأخير عن المواعيد وهو ما لم يفعله المطعون ضده إذ انقطع عن عمله دون إبلاغ جهة عمله عن مرضه وبالتالى تكون المخالفة ثابتة فى حقه، ويضحى قرار مجازاته قائماً على سببه ومطابقاً لأحكام القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده انقطع عن عمله يوم 4/11/1995 ثم عاد فى اليوم التالى وقدم طلب إجازة عارضة إلا أن الجهة الإدارية أحالته إلى التحقيق حيث قرر أنه فوجئ يوم الجمعة 3/11/1995 بارتفاع فى درجة حرارته وقئ وإسهال فى صباح اليوم التالى فعرض نفسه على الطبيب الذى ألزمه بالراحة ومع ذلك قام بالتوجه إلى المحكمة ليحضر الجلسة لكنه فى الطريق فوجئ بقئ وإسهال مما أضطره إلى الرجوع مره أخرى إلى منزله وأنه لم يتمكن من إبلاغ جهة عمله بذلك إلا فى اليوم التالى 5/11/1995؛ حيث قدم طلب إجازة عارضة ومع ذلك تم مجازاته بخصم يوم من راتبه باعتباره منقطعاً دون إذن سابق يوم 4/11/1995.
ومن حيث إن المادة 64 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أن (يستحق العامل إجازة عارضة بأجر لمدة سبعة أيام فى السنة لسبب طارئ يتعذر معه الحصول على أي إجازة أخرى).
ومن حيث إنه ولئن كان الواجب قانوناً على العامل فى الظروف العادية ألا ينقطع عن عمله إلا بإذن سابق ولإجازة يستحقها وفقاً للضوابط والإجراءات التى تضعها السلطة المختصة إلا أنه قد تعرض للعامل أمور طارئة يتعذر معها حصوله على ترخيص بالإجازة وفقاً لهذه الضوابط والإجراءات، ومن ثَمَّ قرر المشرع بنص المادة 64 من القانون السابق حق العامل فى إجازة عارضة بأجر لمدة سبعة أيام فى السنة ليواجه بها تلك الأمور الطارئة، دون أن يقيد المشرع هذا الحق بضوابط وإجراءات معينة سوى أن يبدى العامل لجهة عمله السبب الطارئ الذى وقع له واستدعى انقطاعه عن العمل وعليها فى هذه الحالة إجابته إلى طلبه القائم على هذا السبب طالما لم يقم دليل يقينى على كذب ادعائه ولا ينال من ذلك ما تدعيه الجهة الإدارية من أنه كان يجب على العامل أن يبلغ مسبقاً عن مرضه إذ يتعين على الإدارة عدم الخلط بين الإجازة المرضية التى يتعين الترخيص بها بعد الإبلاغ عن الحالة المرضية التى تستوجب الإجازة وبين الإجازة العارضة التى تواجه حالة طارئة قامت بالعامل سواء أكانت مرضية أو غير مرضية ولم يكن فى الوسع توقعها ويتعذر على العامل إبلاغ جهته بها مسبقاً، ومن ثَمَّ فلا يجوز إجبار العامل على إخطار جهته الإدارية بالسبب الطارئ قبل وقوعه أو عند وقوعه للحصول على ترخيص بالإجازة وإلاَّ فقدت عبارة الإجازة العارضة مضمونها والحكمة منها وأصبحت إجازة مرضية.
كما لا يسوغ لأية جهة حكومية أو غير حكومية أن تضمن لوائحها الداخلية نصًا يستوجب الحصول على ترخيص مسبق قبل الحصول على الإجازة العارضة وإلاَّ كان النص باطلاً
لا يسوغ الاعتداد به لمصادرته لحق أساسي من حقوق العامل التى لا تتوقف على إرادة
الجهة الإدارية.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تقدم بطلب إجازة عارضة فى اليوم التالى لانقطاعه عن العمل يوم 4/11/1995 على أساس أنه لم يتمكن من الحضور بسبب مرضه المفاجئ الذى حال بينه وبين الاتصال بجهة عمله وطلب إجازة مرضية وقدم أثناء التحقيق معه تقرير الطبيب المعالج والذى لم تنكره الجهة الإدارية وبالتالى فقد تحقق بشأنه مناط استحقاق الإجازة العارضة عن هذا اليوم وتعين إجابته إلى طلبه إياه لاسيما وأن له رصيداً منها يسمح بذلك حسبما قرر بأقواله لدى التحقيق معه دون أن تنكر عليه الجهة الإدارية أو تقدم دليلاً ينقضه، ومن ثَمَّ يكون قرارها بمجازاته بخصم يوم من مرتبه على أساس انقطاعه عن العمل يوم 4/11/1995 غير قائم على سبب يبرره قانوناً ويتعين القضاء بإلغائه.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب، وقضى بما تقدم فإنه يكون قد أصاب وجه الحق فى قضائه ويضحى الطعن عليه بغير سند صحيح من القانون، خليقاً بالرفض.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.