جلسة 19 من نوفمبر سنة 2011
الطعن رقم 37604 لسنة 54 القضائية (عليا)
(الدائرة الأولى)
– مخالفات المخابز– أجاز المشرع لوزير التموين أن يصدر قرارا مسببا بإغلاق المخبز إداريا، أو بحرمان التاجر المخالف لأحكام القانون من حصته في السلعة موضوع الجريمة أو غيرها من السلع أو الحصص لحين صدور الحكم في التهمة المنسوبة إليه؛ وذلك ضمانا لتموين البلاد.
– المادة (56 مكررا) من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، المضافة بالقانون رقم 109 لسنة 1980.
في يوم السبت الموافق 16/8/2008 أودع الأستاذ/… المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 37604 لسنة 54ق.عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية بجلسة 24/6/2008 في الدعوى رقم 7897 لسنة 10ق الذي قضى برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار الطعين فيما تضمنه من تخفيض حصة الدقيق المخصصة لمخبزه، وفي الموضوع بإلغاء ذلك الحكم، وإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد حضرت هيئة قضايا الدولة جلسات المحكمة نيابة عن المطعون ضدهم بصفاتهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء قرار الجهة الإدارية المطعون فيه فيما تضمنه من تخفيض حصة الدقيق المخصصة لمخبز الطاعن، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وتحددت لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى (فحص) جلسة 17/5/2010، وفيها قدم الطاعن حافظة مستندات ومذكرة دفاع التمس في ختامها الحكم له بالطلبات الواردة بتقرير الطعن، وتدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25/9/2011 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 26/11/2011، ثم قصَّرته لجلسة 8/10/2011 حيث نظر الطعن أمامها بهذه الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وصرحت بتقديم مذكرات خلال أسبوعين لم تقدم خلالها أية مذكرات، وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الفصل في موضوع الطعن يغنى بحسب الأصل عن الفصل في الشق العاجل منه.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 4/6/2005 أقام الطاعن الدعوى رقم 7897 لسنة 10ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية، طالبا الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ السويس بتخفيض حصة الدقيق المخصصة لمخبزه الكائن بقرية عامر بحي الجناين بمحافظة السويس، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات، على سند من أنه يمتلك مخبزا بقرية عامر بحي الجناين بمحافظة السويس، وتقرر صرف حصة دقيق له قدرها 30 جوالا زنة 50 كجم، وقد فوجئ بقرار محافظ السويس بتخفيض الكمية المخصصة له إلى 11 جوال دقيق يومياً ونقل المخصوم منها إلى مخبز السيدة/… . ونعى على هذا القرار مخالفته للقانون. واختتم صحيفة دعواه بطلب الحكم له بطلباته المبينة سالفا.
……………………………………….
ونظرت محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية الدعوى على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 24/6/2008 أصدرت الحكم المطعون فيه الذي قضى برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن القرار الطعين –وحسبما جاء بمذكرة التفتيش الفني بمديرية التموين والتجارة الداخلية بمحافظة السويس– صدر لكون المدعى قد تحررت ضده عدة محاضر عامي 2004 و 2005 وهي:
المحضر رقم 4093 في 21/8/2004 – عدم مطابقة المواصفات.
المحضر رقم 4023 في 11/10/2004 – عدم تصنيع حصة المخبز بالكامل.
المحضر رقم 4120 في 3/10/2004 – نقص وزن بمقدار 14.2 جم.
المحضر رقم 1523 في 2/5/2005 – عدم مطابقة المواصفات.
واستطردت محكمة القضاء الإداري أنه لما كان المشرع قد خول الجهة الإدارية المختصة سلطة إصدار قرارات مسببة بحرمان التاجر المخالف من حصته من السلعة موضوع الجريمة أو المخالفة وذلك حتى صدور حكم في الاتهام المنسوب إليه، فقد قام القرار المطعون فيه على سند من اتهام المدعى بارتكاب الأفعال المذكورة سالفا، ومن ثم يظل الحرمان من عدد الأجولة المخصومة من حصته قائما حتى صدور الحكم فيها، وهو الأمر الذي يسبغ القرار بطابع المشروعية والانسجام مع حقيقة الواقع وما نص عليه القانون بما يجعله بمنأى عن الإلغاء.
ولا ينال من مشروعية هذا القرار كون الاتهام المنسوب إلى المدعى في المحضرين رقمي 4093 لسنة 2004 و 4920 لسنة 2004 قد صدر فيهما الحكم بالبراءة بحسبان أن المحضرين الآخرين رقمي 1523 لسنة 2005 و 4023 لسنة 2004 لم يقدم المدعى ما يفيد صدور الحكم فيهما رغم أن المحكمة كانت قد أعادت الدعوى للمرافعة وأفسحت للمدعى طريقاً لإثبات صدور الحكم فيهما إلا أنه لم يقدم ما يفيد ذلك بما يحتم سريان القرار المطعون فيه حتى صدور الحكم في المحضرين المشار إليهما ويقطع بمشروعية صدوره واستمرار قيامه بحسبان أن القيد المنصوص عليه لا يزال قائما.
……………………………………….
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره ولحقه الفساد في الاستدلال، ذلك أن قرار الجهة الإدارية المطعون فيه بتخفيض حصة الدقيق المقرر للمخبز المملوك للطاعن استند أساسا إلى محضر الجنحة المحرر ضده بعدم تصنيع كامل حصة الدقيق والتي قضي فيها بالبراءة، كما قضي ببراءته من الاتهامات الأخرى المنسوبة إليه وذلك ثابت من واقع الشهادات المقدمة منه، وأن قرار مجلس الوزراء رقم 298 لسنة 2004 بوضع الضوابط المنظمة لإنتاج الخبز والذي تم تفويض المحافظين في تطبيقه لم يتضمن فرض عقوبات، وأن القرار الطعين لم يصدر بتخفيض الحصة من الدقيق منه لأنه قد صدرت ضده أحكام، وإنما كان القصد من ورائه إعادة توزيع هذه الحصة على المخابز بالمنطقة وإسناد مؤقت لبعض المخابز ذات الكثافة السكانية العالية لحين تشغيل مخبز جديد يراد إنشاؤه في المنطقة نفسها، ومن ثم يكون القصد الحقيقي من هذا القرار هو تخفيض الحصة المقررة له لتوزيعها على المخابز الأخرى، وليس ارتكاب المخالفات المشار إليها، كما أن القرار المطعون فيه صدر بالمخالفة للعفو العام عن العقوبات الصادرة في القضايا التموينية المحررة ضد أصحاب المخابز استنادا إلى قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 958 لسنة 2005 الصادر بشأنه الكتاب الدوري رقم 3 لسنة 2005 من مكتب النائب العام بطلب حفظ المحاضر المحررة عن واقعة إنتاج خبز بلدي مدعم. واختتم الطاعن تقرير طعنه بطلباته المبينة سالفا.
……………………………………….
وحيث إن المادة (56) مكررا من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، المضافة بالقانون رقم 109 لسنة 1980 تنص على أنه: “يجوز لوزير التموين والتجارة الداخلية أن يصدر قرارا مسببا بإغلاق المحل إداريا لمدة لا تجاوز ستة أشهر، أو بحرمان التاجر المخالف لأحكام هذا القانون من حصته في السلعة موضوع الجريمة أو غيرها من السلع والمواد الخاضعة لنظام البطاقات أو الحصص لحين صدور الحكم في التهمة المنسوبة إلى المخالف…”.
وحيث إن مفاد النص المتقدم أن المشرع أجاز لوزير التموين والتجارة الداخلية أن يصدر قرارا مسببا بإغلاق المحل إداريا لمدة لا تجاوز ستة أشهر، أو بحرمان التاجر المخالف لأحكام القانون المذكور من حصته في السلعة موضوع الجريمة أو غيرها من السلع أو الحصص لحين صدور الحكم في التهمة المنسوبة إليه، وذلك ضمانا لتموين البلاد، بيد أنه وضع قيدا زمنيا على سلطة الحرمان مؤداه أن يكون الحرمان حتى صدور الحكم في التهمة المنسوبة للمخالف.
وحيث إنه قد صدر قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 329 لسنة 1980 بتفويض المحافظين في بعض الاختصاصات، ونص في مادته الأولى على أن: “يفوض السادة المحافظون كل في دائرة اختصاصه في مباشرة السلطات المقررة لوزير التموين والتجارة الداخلية بموجب المادة (56) مكررا من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945…”.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن يمتلك مخبزا بقرية عامر حي الجناين محافظة السويس، وقد صدر قرار محافظ السويس المطعون فيه بحرمانه من صرف عدد 11 جوال دقيق زنة 50 كجم من الحصة الإجمالية المقررة يوميا للمخبز المذكور، التي تبلغ 30 جوالا زنة 50 كجم، وقد أفصحت جهة الإدارة المطعون ضدها عن سبب إصدار هذا القرار -حسبما جاء بمذكرة التفتيش الفنى والإداري بمديرية التموين والتجارة الداخلية بمحافظة السويس المودعة حافظة مستندات هيئة قضايا الدولة المقدمة أمام محكمة أول درجة بجلسة 27/3/2006- من أن القرار الطعين صدر بسبب تحرير عدة محاضر للطاعن خلال عامي 2004و2005 هي:
1- المحضر رقم 4093 في 21/8/2004 عدم مطابقة المواصفات.
2- المحضر رقم 4023 في 11/10/2004 عدم تصنيع حصة المخبز بالكامل.
3- المحضر رقم 4920 وليس 4120 كما جاء بالحكم المطعون فيه في 3/10/2004 نقص وزن بمقدار 14.2 جم.
4- المحضر رقم 1523 في 2/5/2005 عدم مطابقة المواصفات.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن المحضر رقم 4093 لسنة 2004 صدر فيه حكم بالبراءة بجلسة 5/3/2005 (الشهادة المودعة حافظة مستندات الطاعن المقدمة أمام محكمة أول درجة بجلسة 24/1/ 2006)، وأن المحضر رقم 4920 لسنة 2004 صدر فيه حكم بالبراءة بجلسة 25/6/2005 (الشهادة المودعة حافظة مستندات الطاعن المقدمة أمام محكمة أول درجة بجلسة 14/9/2006)، وهو ما أشار إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه.
وحيث إنه بالنسبة للمحضر رقم 4023 لسنة 2004 فإن الثابت من الأوراق أنه تقرر بتاريخ 19/8/2004 حفظ الأوراق قطعيا للتصالح (الشهادة المودعة حافظة مستندات الطاعن المقدمة أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 17/5/2010).
وإنه بالنسبة للمحضر رقم 1523 لسنة 2005 فإن الثابت من الأوراق أنه صدر فيه حكم بالبراءة بجلسة 31/12/2005 (الشهادة المودعة حافظة مستندات الطاعن المقدمة أمام دائرة الفحص المشار إليها)، ومن ثم فإنه بثبوت صدور أحكام ببراءة الطاعن من ثلاثة اتهامات وحفظ الاتهام الرابع قطعيا للتصالح، وهي التي استندت إليها جهة الإدارة عند إصدارها القرار الطعين، ومن ثم تكون قد انهارت الأسباب التي قام عليها، مما يفقد معه هذا القرار سند مشروعيته، ويجعله متعين الإلغاء.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون، مما يجعله واجب الإلغاء، والقضاء مجددا بإلغاء القرار الطعين مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار الطعين فيما تضمنه من تخفيض حصة الدقيق المخصصة لمخبز الطاعن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.