جلسة 17 من مارس سنة 2012
الطعن رقم 3779 لسنة 58 القضائية (عليا)
(الدائرة الأولى)
– هيئة مفوضي الدولة- يكفي أن تبدي الهيئة رأيها القانوني في الطعن بجلسة المرافعة.
– الحكم في الدعوى- قضاء المحكمة في حكمها التمهيدي بقبول الدعوى شكلا، يمنعها من معاودة الفصل في هذه المسألة مرة أخرى.
– الإفراج الصحي- نظم المشرع حالة الإفراج الصحي عن المحكوم عليه، وبموجبه يكون لكل مسجون يتبين لطبيب السجن إصابته بمرض يهدد حياته بالخطر، أو يعجزه عجزا كليا، أن يعرض أمره على مدير القسم الطبي للسجون ليقوم بفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في أمر الإفراج الصحي عنه، وعلى أن ينفذ قرار الإفراج بعد اعتماده من مدير عام السجون وموافقة النائب العام، مع إخطار جهة الإدارة والنيابة المختصة- نظام الإفراج الصحي لا يقوم على تحرر المحكوم عليه من باقي العقوبة الجنائية- إذا ثبت لدى جهة الإدارة تحسن حالة المريض أو زوال الخطر الذي يهدد حياته، يعرض أمره على وفق الإجراءات المنظمة لذلك على مصلحة السجون، والتي يكون لها إلغاء أمر الإفراج .
– المادة (36) من القرار بقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون.
في يوم السبت الموافق 3/12/2011 أودع الأستاذ/… المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها العام برقم 3779 لسنة 58ق.عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 29/11/2011 في الدعوى رقم 37982 لسنة 65 ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المدعي مصاريف الطلب العاجل، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع.
وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ القرار السلبي بعدم الإفراج عن الطاعن صحيا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار السلبي بعدم الإفراج عن الطاعن صحيا، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عن الدرجتين.
وقد حضرت هيئة قضايا الدولة جلسات المحكمة نائبة عن المطعون ضدهم بصفاتهم على النحو المبين بالأوراق.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 10/12/2011، وتدوول نظره على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 19/12/2011 قدم الطاعن حافظة مستندات أحاطت بها المحكمة ومذكرة دفاع التمس في ختامها الحكم بإلغاء حكم محكمة أول درجة المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار الطعين، والقضاء مجددا بالإفراج الصحي عنه، كما قدمت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات أحاطت بها المحكمة، وبالجلسة المذكورة أبدى السيد الأستاذ المستشار مفوض الدولة الرأي القانوني في الطعن حيث ارتأى الحكم برفض الطعن.
وبتاريخ 14/12/2011 ورد إلى المحكمة كتاب مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون المؤرخ 14/12/2011 مرفقا به صورة من تقرير طبي محرر بمعرفة طبيب أول سجن المرج عن الطاعن مؤرخ 5/9/2011 وصورة من تقرير طبي شرعي برقم 51/2010 محرر من كل من الطبيب بالمكتب الفني لكبير الأطباء الشرعيين ومن الإدارة الطبية لمصلحة السجون عن حالة الطاعن، وبجلسة 24/12/2011 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بالجلسة نفسها (24/12/2011) حيث نظر الطعن أمامها بتلك الجلسة.
وبجلسة 31/12/2011 أصدرت المحكمة حكما تمهيديا في الطعن قضى بقبول الطعن شكلا، وقبل الفصل في الموضوع بندب لجنة ثلاثية من الأطباء المتخصصين بمصلحة الطب الشرعي بالقاهرة لمباشرة المأمورية الموضحة بأسباب الحكم، وحددت لنظر الطعن جلسة 14/1/2012 في حالة عدم سداد الأمانة وقدرها ألف جنيه، وجلسة 21/1/2012 في حالة سدادها.
وبجلسة 21/1/2012 لم يرد تقرير الطب الشرعي، وفيها قدم وكيل الطاعن حافظة مستندات طويت على تقرير طبي شرعي استشاري عن حالة الطاعن، والصفحتين الثالثة والرابعة من جريدة الوفد العدد 7750 بتاريخ 26/12/2011، هذا ولم تباشر مصلحة الطب الشرعي المأمورية الموضحة بأسباب الحكم التمهيدي الصادر عن هذه المحكمة بجلسة 31/12/2011، حيث قامت بإعادة ملف الطعن رفق كتابها رقم 95 المؤرخ 7/3/2012 وطلبت إعفاءها من أداء المأمورية لاستشعار الحرج لأنها مختصمة في الطعن، كما أن تقييم الحالة الصحية للطاعن يلزم له تحاليل معينة تستغرق للحصول على نتائجها فترة لا تقل عن ثلاثة أشهر وهي غير متوفرة لدى مصلحة الطب الشرعي، وعقب الانتهاء من هذه التحاليل يتم عرض الطاعن على مصلحة الطب الشرعي خلال أوقات العمل الرسمية لمباشرة المأمورية، وبجلسة 10/3/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال يومين قدم خلالهما الحاضر عن الطاعن مذكرة دفاع التمس في ختامها الحكم بالإفراج الصحي عن الطاعن رفقا به ورحمة بحالته الصحية المتدهورة على وفق التقارير الطبية المرفقة. وبالجلسة المذكورة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بقبول الطعن شكلا عند إصدارها الحكم التمهيدي، فمن ثم يمتنع على المحكمة معاودة الفصل في هذه المسألة مرة أخرى.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 8/6/2011 أقام الطاعن (المدعي) الدعوى رقم 37982 لسنة 65 ق أمام محكمة القضاء الإداري، طالبا الحكم بقبولها شكلا وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه برفض إعمال نص المادة (36) من القانون رقم 396 لسنة 1956 في بندها الأول عليه، وتنفيذ الحكم بموجب مسودته بدون إعلان، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، على سند من أنه حكم عليه بالسجن، وأنه يستحق الإفراج الصحي طبقا لنص المادة (36) من القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون؛ لأنه مريض بفيروس كبدي وحالته متأخرة وفى حبسه خطر جسيم على حياته؛ لأن المرض المشار إليه يحتاج إلى علاج دوري وإلى تنظيم غذائي، كما أنه مريض بمرض السكر وتعرض إلى فقدان الوعي عدة مرات، كما أجرى عملية جراحية عام 2002 لعلاج فتق بالحجاب الحاجز وارتجاع بالمريء ويحتاج إلى مداومة الإشراف الطبي. وأضاف أنه تقدم بطلب للإفراج عنه إفراجا صحيا، وبتاريخ 4/5/2011 قامت لجنة طبية من مصلحة الطب الشرعي ومصلحة السجون بتوقيع الكشف الطبي عليه ومراجعة جميع التقارير الطبية ولم تودع تقريرها حتى تاريخ رفع الدعوى، ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون والإخلال بمبدأ المساواة لقيام جهة الإدارة بالإفراج الصحي عن كل من/…و… دون أن تصل حالتهما الصحية إلى ما وصلت إليه حالته. واختتم صحيفة دعواه بطلباته سالفة البيان.
……………………………………..
وبجلسة 29/11/2011 أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه الذي قضى بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي مصاريف الطلب العاجل، وشيدت المحكمة قضاءها على أن المدعي مسجون بسجن المرج، وقد تضمنت الشهادة الطبية الصادرة عن الإدارة الطبية بقطاع مصلحة السجون بوزارة الداخلية المؤرخة في 2/8/2011 في شأن الحالة الصحية للمدعي أن تقرير مصلحة الطب الشرعي رقم 51/2010 الخاص بفحص حالة المدعي تضمن أنه يعاني من التهاب كبدي فيروسى ومن مرض السكر وأن حالته مستقرة إكلينيكيا، وأنه لا توجد علامات لوجود فشل كبدي، وأن حالته المرضية لا تهدد بذاتها أو بسبب التنفيذ حياته للخطر، ومن ثم فإن البادي من ظاهر الأوراق أن شرط الإفراج الصحي عن المدعي، وهو أن يهدد المرض حياته بالخطر أو يعجزه عجزا كليا، قد تخلف، فلا يستحق المدعي الإفراج عنه إفراجا صحيا. ولا يغير من تلك النتيجة التقرير الطبي المؤرخ في 1/10/2011 الصادر عن الطبيب/… لأنه لم يتضمن أن مرض المدعي يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزا كليا، كما أنه صادر عن طبيب خاص، ولم يصدر عن الجهة الطبية المختصة التي حددها المشرع في المادة (36) المشار إليها وهي الجهة الفنية التي يعول على رأيها في بيان مدى توفر شروط الإفراج الصحي.
وعما نعاه المدعي على القرار المطعون فيه من الإخلال بمبدأ المساواة لقيام جهة الإدارة بالإفراج عن/…و… إفراجا صحيا وعدم الإفراج عنه رغم أن حالتهما الصحية لم تصل إلى ما وصلت إليه حالته، فإنه لم يتبين من ظاهر الأوراق أن جهة الإدارة انحرفت بسلطتها في الإفراج عن المذكورين إفراجا صحيا. وبالبناء على ما تقدم فإن ركن الجدية قد تخلف ويتعين الحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
……………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وأصابه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وتهاتره وتناقضه وعدم إلمامه بالأساس القانوني للدعوى؛ ذلك أن المشرع حرص على وضع القواعد والضوابط التي تحقق وتنظم حالات العفو والإفراج عن المسجونين، حيث إن الإفراج الصحي لا يمثل مكافأة للسجين المريض، وإنما يعني في حقيقة الأمر إحدى السبل التي تحفظ للمحكوم عليه حياته إذا ما تعرض للخطر بحبسه وانتفت وسائل المحافظة عليه داخل أسوار السجن، انتصارا لمبدأ مشروعية العقوبة والمساواة والعدالة بين المسجونين.
كما أن المادة (36) من قانون تنظيم السجون تضمنت صراحة الإفراج عن السجين إذا أصيب بمرض، وأن المشرع عندما صاغ نص تلك المادة قرر الإفراج عن السجين إذا أصيب بمرض يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزا كليا، ولم يقل إن المرض قد يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزا كليا، وأن ما تضمنته الأوراق يفيد إصابة الطاعن بمرض يهدد حياته ويعجزه عجزا كليا، ومن ثم ينطبق عليه نص المادة المذكورة، وأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على سبب واهٍ مخالفا كافة المستندات المقدمة، ومنها التقرير الصادر عن الإدارة الطبية بقطاع مصلحة السجون، الذي تضمن صراحة أن الطاعن يعاني من التهاب الكبد الفيروسي ومرض السكر، وهي أمراض تهدد حياته بالخطر وتعجزه عجزاً كليا إذا لم يبادر فورا بتلقي العلاج وإجراء الفحوصات الطبية بصفة دورية، وأن تقرير مصلحة الطب الشرعي الذي تضمن أن الطاعن يعاني من التهاب الكبد الفيروسي ومرض السكر وارتجاع في المريء، وأن حالته مستقرة إكلينيكيا، وأنه لا توجد علامات لوجود فشل كبدي، وأن حالته المرضية لا تهدد بذاتها أو بسبب التنفيذ حياته للخطر –هذا التقرير– قد خالف ما استقرت عليه الآراء العلمية التي انتهت إلى أن مرضى الالتهاب الكبدي المصابين بفيروس (سى) لا يكون لديهم أعراض عامة مثل الوهن والتعب نتيجة نقص الوظائف التصنيعية بالكبد، ولا تظهر عليهم أعراض عند الكشف عليهم، وأن تشخيص الإصابة يعتمد على التحاليل المعملية، ولا يمكن التأكيد على حالة الكبد في الفحص الاكلينيكي، وكذلك مرض السكر لا يتم تشخيصه إلا بالتحاليل المعملية، وأن فيروس (سى) يقوم بمهاجمة خلايا البنكرياس ويؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم، والعلاج الوحيد والمعترف به عالميا والموصى به للطاعن هو عقار (الإنترفرون) وهو عقار يؤخذ مرة كل أسبوع عن طريق الحقن تحت الجلد ويحفظ في درجة حرارة أقل من خمس درجات مئوية، وهذا لا يتوفر داخل السجن، وأن هذا العقار يسبب للمريض بعض الأعراض عند تعاطيه له، وأن هذه الأدوية والأعراض المصاحبة لها لا يوجد لها مكان في مستشفى السجن، ولا الإمكانيات التي تسمح بتعاطيها.
كما أن الحكم المطعون فيه أغفل المستندات المقدمة من الطاعن ومنها التحاليل الطبية المقدمة من معمل…، وطرح الحكم الطعين التقرير الطبي المؤرخ في 1/10/2011 الذي تضمن ارتفاعا كبيرا في فيروس (سى) والذي جاء متفقا وتقرير الطب الشرعي، ومع ذلك فقد اعتنق الحكم المطعون فيه مفهوما مخالفا للثابت بالأوراق، وهو ما يؤكد أن الحكم لم يحط بالدعوى، لاسيما وأن المطعون ضدهم لم يتقدموا ولو بمستند واحد يدحض المستندات المقدمة من الطاعن، ولم يتضمن ملف الطعن أي دفـــع أو دفاع من المطعون ضدهم، ولم ينكروا الحالة الصحية المتردية للطاعن، كما لم يتضمن الملف أية إشارة إلى إمكانية علاج الطاعن من خلال إدارة السجن، مما يؤكد تسليمهم بجميع طلبات الطاعن ودفوعه. كما تنكب الحكم الطعين صحيح حكم القانون عندما رفض مبدأ المساواة بين الطاعن ومن أفرج عنهما صحيا. واختتم الطاعن تقرير الطعن بطلباته سالفة البيان.
……………………………………..
وحيث إنه نظرا إلى ما أبدته مصلحة الطب الشرعي من إعفائها من أداء المأمورية ومن أن الأمر يحتاج إلى أجهزة وتحاليل غير متوفرة لدى المصلحة على النحو السالف بيانه، فإن المحكمة –باعتبارها الخبير الأعلى– تعدل عن عرض الطاعن عليها بموجب الحكم التمهيدي المشار إليه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن ولاية محاكم مجلس الدولة في وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من ولايتها في الإلغاء وفرع عنها، ومردها إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار، على أساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه مبدأ المشروعية إذ يتعين على القضاء الإداري ألا يوقف قرارا إداريا إلا إذا تبين له بحسب الظاهر من الأوراق وبدون مساس بأصل الحق، أن طلب وقف التنفيذ قد توفر له ركنان: أولهما: ركن الجدية ويتمثل في قيام الطعن على القرار –بحسب الظاهر من الأوراق– على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع. وثانيهما: ركن الاستعجال بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه.
وحيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (36) من القرار بقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون تنص على أن: “كل محكوم عليه يتبين لطبيب السجن أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر، أو يعجزه عجزا كليا، يعرض أمره على مدير القسم الطبى للسجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه، وينفذ القرار بعد اعتماده من مدير عام السجون وموافقة النائب العام، وتخطر بذلك جهة الإدارة والنيابة المختصة…”([1]).
وحيث إن مفاد النص المتقدم أن المشرع قد نظم حالة الإفراج الصحي عن المحكوم عليه، وبموجبه يكون لكل مسجون يتبين لطبيب السجن إصابته بمرض يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزا كليا أن يعرض أمره على مدير القسم الطبي للسجون ليقوم بفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في أمر الإفراج الصحي عنه، وعلى أن ينفذ قرار الإفراج بعد اعتماده من مدير عام السجون وموافقة النائب العام مع إخطار جهة الإدارة والنيابة المختصة.
وحيث إنه من المقرر أن نظام الإفراج الصحي لا يقوم على تحرر المحكوم عليه من باقي العقوبة الجنائية، وإنما ألزم المشرع جهة الإدارة التي يطلب المفرج عنه الإقامة في دائرتها عرضه على طبيب الصحة لتوقيع الكشف الطبي عليه كل ستة أشهر، مع تقديم تقرير عن حالته يعرض على مصلحة السجون، والتي يكون لها إلغاء أمر الإفراج إذا اقتضت الحال ذلك، بأن يثبت تحسن حالة المريض أو زوال الخطر الذي يهدد حياته.
وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان البادي من ظاهر الأوراق أن الطاعن مودع بسجن المرج للحكم عليه في القضيتين رقمي 8137 لسنة 2009 ج العجوزة و14126 لسنة 2010 ج الدقي بتهمة اشتراك في تزوير وذلك بدءا من 29/11/2010. وبتاريخ 4/5/2011 وبناء على طلب المحامى العام رئيس مكتب التعاون الدولي تم توقيع الكشف الطبي الشرعي على الطاعن بمعرفة كل من الدكتور/… الطبيب بالمكتب الفني لكبير الأطباء الشرعيين، والمقدم طبيب/… بالإدارة الطبية لمصلحة السجون، وذلك لِتَبَيُّنِ ما إذا كان يعاني من مرض يهدد بذاته أو بسبب التنفيذ حياته للخطر أو يعجزه عجزا كليا من عدمه، وتحرر عن ذلك التقرير الطبي الشرعي رقم 51/2010، والذي ورد به أن طبيب السجن قرر أن جميع الأوراق الطبية والملف الطبي الخاص بالطاعن احترق أثناء الأحداث الأخيرة التي تعرض لها السجن، وأن الطاعن تقدم لهما (الطبيب الشرعي وطبيب الإدارة الطبية لمصلحة السجون) بصورة ضوئية لتحليل دلالات فيروسات صادر عن مركز… بتاريخ 12/8/2000 يؤخذ منه إيجابية الفحص بالنسبة لفيروس (سى الكبدي) وارتفاع نسبة السكر بالدم. كما قدم صورة ضوئية من أوراق علاج صادرة عن مستشفى… بتاريخ 2/4/2002 تفيد أن الطاعن كان يعاني من فتق بالحجاب الحاجز وارتجاع بالمريء، وأجريت له جراحة لإصلاح ذلك الفتق عن طريق المنظار الجراحي وخرج من المستشفى بتحسن بتاريخ 4/4/2002، وأضاف محررا التقرير أنه بمناظرة الطاعن وجداه يبدو بصحة عامة عادية ووعي تام وإدراك سليم، وبسؤاله عن شكواه قرر لهما أنه يعاني من التهاب كبدي فيروسي من النوع (سي)، وارتفاع نسبة السكر بالدم وضعف بإبصار العينين، وأنه يتناول علاجا للسكر ومنشطا للكبد، وبفحص العلامات الحيوية وجدت حول معدلاتها الطبيعية، وبفحص الصدر والبطن إكلينيكيا تبين أن أصوات دخول وخروج الهواء مسموعة بوضوح ومتكافئة على الجانبين، والقلب متكافئ إكلينيكيا، وبفحص جدار البطن وجد رخوا ولا يحس من خلاله تضخمات حشوية، ولا يوجد تورم بالساقين أو القدمين. وانتهى التقرير إلى أنه بعد توقيع الكشف الطبي الشرعي الاكلينيكى على الطاعن وحكما على ما قدمه من أوراق طبية فإنه يعاني من التهاب كبدي فيروسى ومرض السكر، وحالته في الوقت الراهن مستقرة إكلينيكيا، ولا توجد علامات إكلينيكية لوجود فشل كبدي، ومن ثم فإن حالته المرضية تعد مستقرة ولا تهدد بذاتها أو بسبب التنفيذ حياته للخطر، مع استمراره على الأدوية الموصوفة لضبط نسبة السكر وتنشيط خلايا الكبد. وهذا التقرير مؤرخ 11/5/2011.
كما أن الثابت من الأوراق أنه بناء على طلب الإدارة الطبية بمصلحة السجون تم توقيع الكشف الطبي على الطاعن بمعرفة الدكتور/… طبيب أول سجن المرج لأن الطاعن يشكو من خمول وإعياء وارتفاع السكر بالدم، وأعد طبيب أول سجن المرج تقريرا طبيا مؤرخا في 5/9/2011 (أي في تاريخ لاحق على التقرير الطبي الشرعي رقم 51/2010 السالف الذكر المؤرخ في 11/5/2011)، ضمَّنه أنه بالكشف الظاهري على الطاعن وعمل تحليل سكر عشوائي تبين أن السكر بالدم 274، وبمناظرة التحاليل المصاحبة تفيد إصابته بالتهاب كبدي فيروسي، وأنه يعاني من حالة إعياء لكنه متيقظ ويميز الأشخاص والأماكن والوقت، وجارى عرضه على إخصائي الباطنة لمتابعة الحالة، وأوصى تقرير طبيب أول سجن المرج بعرض الطاعن على لجنة الطب الشرعي لتقرير احتياجه لحقن الإنترفيرون من عدمه، ومناظرة حالته الصحية.
وحيث إن البادي من ظاهر الأوراق أن تقرير الطب الشرعي رقم 51/2010 المشار إليه قد انتهى –بعد توقيع الكشف الطبي الشرعي الإكلينيكى على الطاعن وحكما على ما قدمه من أوراق طبية– إلى أنه يعاني من التهاب كبدي فيروسى، ومن مرض السكر، وحالته في الوقت الراهن مستقرة إكلينيكيا ولا توجد علامات إكلينيكية لوجود فشل كبدي، ومن ثم فإن حالته المرضية تعد مستقرة ولا تهدد بذاتها أو بسبب التنفيذ حياته للخطر مع استمراره على الأدوية الموصوفة لضبط نسبة السكر وتنشيط خلايا الكبد. كما أن البين من التقرير الطبي المحرر من الدكتور/… طبيب أول سجن المرج المؤرخ 5/9/2011 أنه بالكشف الظاهري على الطاعن وعمل تحليل سكر عشوائي تبين أن السكر بالدم 274 وبمناظرة التحاليل المصاحبة تفيد إصابته بالتهاب كبدي فيروسي، وأنه يعاني من حالة إعياء لكنه متيقظ ويميز الأشخاص والأماكن والوقت وجاري عرضه على إخصائي الباطنة لمتابعة الحالة، وأوصى طبيب أول سجن المرج بتقريره بعرض الطاعن على لجنة الطب الشرعي لتقرير احتياجه لحقن الإنترفيرون من عدمه ومناظرة حالته الصحية، إلا أنه لم يتم تنفيذ تلك التوصية، حيث ذيل التقرير الطبي لطبيب أول سجن المرج بتأشيرة مؤرخة في 13/9/2011 مفادها أنه سبق عرض المذكور (الطاعن) على لجنة طبية شرعية بتاريخ 4/5/2011، وأفادت باستقرار حالته ولا توجد خطورة للتنفيذ.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، ولما كان المشرع قد أسند إلى اللجنة الطبية الشرعية المكونة من مدير القسم الطبي للسجون والطبيب الشرعي الاختصاص بفحص المسجون لبيان مرضه، وما إذا كان المرض يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزا كليا من عدمه، وذلك بناء على عرض الحالة من طبيب السجن. ولما كان الثابت أن تقرير الطب الشرعي رقم 51/2010 المشار إليه قد انتهى إلى أن حالة الطاعن المرضية في الوقت الراهن مستقرة إكلينيكيا ولا تهدد بذاتها أو بسبب التنفيذ حياته للخطر، ومن ثم فإن شرط الإفراج الصحي عن الطاعن (وهو أن يهدد المرض حياته بالخطر أو يعجزه عجزا كليا) قد تخلف بشأنه، وينتفي من ثم ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. ومما يؤكد ذلك ويدعمه ما جاء بالتقرير الطبي المحرر بمعرفة الدكتور/… طبيب أول سجن المرج المشار إليه من أن الطاعن يعانى من حالة إعياء، لكنه متيقظ ويميز الأشخاص والأماكن والوقت.
ولا ينال من ذلك ما دفع به الطاعن من أن تشخيص حالته يعتمد على التحاليل المعملية وليس الفحص الإكلينيكى؛ ذلك أن الثابت أن اللجنة الطبية الشرعية وكذلك طبيب أول سجن المرج قد اعتمد كل منهما على الفحص الإكلينيكى والكشف الظاهري وعلى ما قدمه الطاعن من أوراق طبية وتحاليل معملية، ومن ثم يكون هذا الدفع في غير محله.
وحيث إنه عما أثاره الطاعن من أن علاجه الموصى به هو عقار الإنترفيرون عن طريق الحقن وهو لا يتوفر داخل السجن، فلما كان الثابت من كتاب مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون المؤرخ في 14/12/2011 والمشار إليه بأنه إذا استدعت حالة المسجون المريض استعمال دواء بصفة عاجلة غير موجود بصيدلية السجن، ولا يمكن الاستعاضة عنه بدواء آخر من الموجود بها، وكان طلبه من مخزن أدوية القطاع يستغرق وقتا أو غير متواجد بها مما قد يعرض صحة المسجون للخطر، فإنه يتم الشراء مباشرة من سلفة السجن بناء على توصية طبية بذلك. وهذا يدحض ما أثاره الطاعن في هذا الشأن.
وحيث إنه عما أثاره الطاعن من أن الحكم الطعين طرح التقرير الطب المؤرخ في 1/10/2011 الصادر عن الدكتور/…، فإن ذلك مردود عليه بأنه فضلا عن أن الطبيب المذكور هو طبيب خاص، وليس الجهة الطبية التي حددها المشرع التي يعول على رأيها الطبي في بيان الحالة الصحية للطاعن، فإن ذلك التقرير لم يتضمن من قريب أو بعيد أن مرض الطاعن يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزا كليا.
وحيث إنه عما نعاه الطاعن على القرار المطعون فيه من الإخلال بمبدأ المساواة لقيام جهة الإدارة بالإفراج عن كل من/… و… إفراجا صحيا وعدم الإفراج عنه رغم أن حالتهما الصحية لم تصل إلى ما وصلت إليه حالته، فإن ما نعاه الطاعن جاء قولا مرسلا لا دليل عليه من الأوراق.
ولا ينال مما تقدم التقرير الطبي الاستشاري المقدم من الطاعن بحافظة مستنداته المقدمة أمام المحكمة بجلسة 21/1/2012؛ لأن إعداد هذا التقرير كان بناء على طلب الدفاع عن الطاعن ولم تطلبه المحكمة، فضلا عن أنه صادر عن أطباء خاصين ولم يصدر عن الجهة الطبية المختصة التي حددها المشرع التي يعول على رأيها في بيان الحالة الصحية للطاعن.
وحيث إن ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد تخلف على النحو السالف بيانه، فإنه يتعين رفضه، دون حاجة إلى استظهار ركن الاستعجال لعدم جدواه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه ذهب هذا المذهب، فإنه يكون قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه على غير أساس متعينا الرفض.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.
([1]) تنص هذه المادة بعد تعديلها بموجب القانون رقم (106) لسنة 2015 على أن: “كل محكوم عليه يتبيّن لطبيب السجن أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزا كليا يُعرض أمره على مدير إدارة الخدمات الطبية للسجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه. وينفذ قرار الإفراج بعد اعتماده من مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون وموافقة النائب العام، وتخطر بذلك جهة الإدارة والنيابة المختصة. ويتعين على جهة الإدارة التي يطلب المفرج عنه الإقامة في دائرتها عرضه على طبيب الصحة لتوقيع الكشف الطبي عليه كل ستة أشهر، وتقديم تقرير عن حالته يُرسل إلى مصلحة السجون لتتبين حالته الصحية توطئةً لإلغاء أمر الإفراج عنه إذا اقتضى الحال ذلك. ويجوز لمساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون ندب مدير إدارة الخدمات الطبية للسجون والطبيب الشرعي للكشف على المفرج عنه لتقرير حالته الصحية كلما رؤي ذلك. ويعاد المسجون الذي أُفرج عنه طبقا لما سبق إلى السجن لاستيفاء العقوبة المحكوم بها عليه بأمر من النائب العام إذا تبيّن من إعادة الفحص التي يجريها الطبيبان= =المذكوران أن الأسباب الصحية التي دعت إلى هذا الإفراج قد زالت، ويجوز إعادته أيضا بأمر من النائب العام إذا غيّر محل إقامته دون إخطار الجهة الإدارية التي يقيم في دائرتها. وتستنزل المدة التي يقضيها المريض المفرج عنه خارج السجن من مدة العقوبة”.