جلسة 14 من مارس سنة 2009
(الدائرة الثانية)
الطعن رقم 3781 لسنة 47 القضائية عليا.
ندب– استطالة مدته تقيم قرينة على صلاحية العامل المنتدب للتعيين في الوظيفة المنتدب إليها.
المادة (56) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
المادة (45) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
ندب العامل للقيام بأعباء وظيفة أخرى من نفس وظيفته أو تعلوها مباشرة سواء في الوحدة التي يعمل بها أو في وحدة أخرى هو أمر جوازي لجهة الإدارة، تستعمله بموجب سلطتها التقديرية لتحقيق حسن سير العمل بالمرفق العام، على أن يكون هذا الندب مؤقتا– وقد حددت اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه القواعد الخاصة بالندب، ومنها تحديد مدته بسنة واحدة قابلة للتجديد حتى أربع سنوات كحد أقصى، ولا يجوز تجاوز هذه المدة إلا في حالة الضرورة- إذا استطال ندب العامل دون أن تقوم جهة الإدارة بإنهائه بحسبانه مؤقتا، وظل العامل المنتدب يمارس مهام الوظيفة المنتدب إليها ويؤدي واجباتها؛ فإنه يصبح له مركز قانوني فيها، مما ينهض قرينة على صلاحيته لشغلها وانصراف نية الجهة الإدارية إلى تثبيته في تلك الوظيفة ([1]).
في يوم الثلاثاء الموافق 23/1/2001 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية في الدعوى رقم 6303 لسنة 1 ق بجلسة 25/11/2000 القاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بامتناع جهة الإدارة عن تثبيت المدعي بوظيفة مدرس عملي بالتعليم الثانوي الفني صناعي، وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنان للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد قدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد نظرت المحكمة الطعن بعد إحالته إليها من دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 15/11/2008 حضر الأستاذ/ … شقيق زوجة المطعون ضده السيدة/ … بتوكيل عام صادر عن السيدة المذكورة، وقدم حافظة مستندات طويت على صورة شهادة وفاة المطعون ضده، وإعلام شرعي يفيد انحصار إرث المطعون ضده في زوجته المذكورة وأولاده القصر بوصاية والدتهم المذكورة، وقدم مذكرة دفاع في الطعن بالتماس الحكم برفض الطعن، وقد قررت المحكمة حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة 28/2/2009 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وقد صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات الطعن تخلص في أن المطعون ضده المرحوم/ … كان قد أقام الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه بتاريخ 7/6/1993 بعريضة طلب فيها الحكم بقبول دعواه شكلا، وفي الموضوع بأحقيته في تثبيته في وظيفة مدرس بالمرحلة الثانوية بالتعليم الفني بمحافظة الشرقية، من تاريخ بدء ندبه في 31/12/1978 وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لدعواه: إنه التحق بالوظائف الفنية في المجال الصناعي بالمصانع الحربية في 17/4/1969 لأنه حاصل على دبلوم مركز التدريب للمعهد الفني بالمصانع الحربية بعد الثانوية العامة، ونقل بموجب قرار من رئيس مجلس الوزراء إلى مديرية التربية والتعليم بمحافظة الشرقية في 31/12/1978، ومن تاريخ نقله تم ندبه للعمل في وظيفة مدرس تربية فنية في المجال الصناعي، وقد حصل على دبلوم المعهد الصناعي شعبة ميكانيكا جودة إنتاج عام 1977، ودبلوم معلمين تربوي شعبة تربية فنية، ونقل للعمل في مدرسة كفر صقر الثانوية التجريبية عام 1992 للتدريس في المجال الصناعي والتربية الفنية، ويشغل الدرجة الثانية، ومازال يعمل في المدرسة المذكورة، وأضاف المدعي أنه استمر يعمل في وظيفة مدرس عملي بالتعليم الصناعي منذ ندبه إلى هذا العمل في عام 1978 وحتى الآن، مما يحق معه له التثبيت في هذه الوظيفة أسوة بما اتبعته مديرية التربية والتعليم بالمنوفية عندما أصدرت القرار رقم 89/1992 بتثبيت جميع المدرسين المنتدبين لهذه الوظيفة والذين يماثلون حالته، وقد طلب من جهة الإدارة تثبيته في هذه الوظيفة إلا أنها رفضت، الأمر الذي دفعه إلى رفع دعواه بغية الحكم له بطلباته آنفة الذكر.
وقد نظرت محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية الدعوى المشار إليها وبجلسة 25/11/2000 أصدرت حكمها المطعون فيه الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية عن تثبيت المدعي بوظيفة مدرس عملي بالتعليم الثانوي الفني صناعي مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقد شيدت المحكمة قضاءها المتقدم على أساس أن المدعي يهدف من دعواه إلى إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تثبيته بالوظيفة المنتدب إليها بالتعليم الثانوي الفني اعتباراً من تاريخ ندبه إليها وما يترتب على ذلك من آثار، ولما كان الثابت من أوراق الدعوى أن المدعي حاصل على الثانوية العامة ثم دبلوم مركز التدريب للمعهد الفني بالمصانع الحربية وعين بالمصانع الحربية ثم نقل منها إلى مديرية التربية والتعليم بالشرقية اعتباراً من 31/12/1978، وتم ندبه للقيام بوظيفة مدرس في المجال الصناعي بمدرسة كفر صقر الثانوية الصناعية وحصل على دبلوم المعاهد الفنية تخصص رقابة جودة إنتاج عام 1977 ودبلوم المعلمين نظام خمس سنوات عام 1986 ويشغل الدرجة الثانية الفنية اعتباراً من 14/8/1988، وإذ تم ندب المدعي للقيام بالتدريس العملي في المدارس الثانوية الصناعية اعتباراً من 31/12/1978، وظل منتدباً لمدة تزيد على ستة عشر عاماً دون أن تقدم الجهة الإدارية ما يفيد وجود ضرورة الاستمرار في الندب طوال هذه الفترة، فإن ذلك يقيم قرينة قاطعة على كفاءة المدعي للقيام بأعباء هذه الوظيفة المنتدب إليها وحاجة العمل إلى خدماته، وقد استقرت حالة المدعي على النحو سالف البيان، ومن ثم يكون من المتعين تثبيته في الوظيفة المنتدب إليها، دون أن يغير من ذلك ما ذهبت إليه جهة الإدارة من سبب لامتناعها عن تثبيته وتعيينه في هذه الوظيفة من أنه حاصل على مؤهل لا يصلح للتدريس، حيث يتم التعيين في هذه الوظائف من بين خريجي المدارس الفنية نظام الخمس السنوات والدراسات التكميلية في التخصصات العملية؛ فيرد على ذلك بأن تكليف الجهة الإدارية للمدعي للقيام بأعباء الوظيفة المنتدب إليها طوال الفترة المشار إليها خير دليل على صلاحيته للوظيفة،كما أن الثابت أن المدعي حصل على دبلوم المعاهد الفنية الصناعية تخصص رقابة وجودة إنتاج عام 1977 فضلاً عن حصوله على مؤهلات أخرى وهي مؤهلات تصلح لتثبيته في الوظيفة المنتدب إليها وبذلك يغدو امتناع الجهة الإدارية عن تثبيت المدعي في الوظيفة المنتدب إليها قراراً سلبياً مخالفاً للقانون واجب الإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد صدر على خلاف أحكام القانون ذلك لأن المطعون ضده لا تتوافر فيه الشروط اللازمة للعمل في وظيفة مدرس عملي بالتعليم الثانوي الفني الصناعي التي يطلب التثبيت فيها؛ لأنه حاصل على دبلوم مركز التدريب بالمعهد الفني بالمصانع الحربية، وهذه الوظيفة لا يشغلها إلا حملة دبلومات المدارس الفنية نظام الخمس السنوات والدراسات التكميلية في التخصصات العملية، وبذلك فإنه لا يحق تثبيته وتعيينه في هذه الوظيفة، ولا يعطيه الحق في التثبيت في هذه الوظيفة استمرار ندبه لها مدة طويلة، ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تقضي برفض دعواه لعدم قيامها على سند من الواقع والقانون.
ومن حيث إن المادة 56 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه: “يجوز بقرار من السلطة المختصة ندب العامل للقيام مؤقتاً بعمل وظيفة أخرى من نفس وظيفته أو وظيفة تعلوها مباشرة في نفس الوحدة التي يعمل بها أو في وحدة أخرى، إذا كانت حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك، وتنظم اللائحة التنفيذية القواعد الخاصة بالندب”.
وتنص المادة 45 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور على أن: “يكون ندب العامل كل أو بعض الوقت لمدة سنة قابلة للتجديد حتى أربع سنوات، ولا يجوز تجديد الندب بعدها إلا في حالة الضرورة، وبشرط عدم توافر درجات الوظائف التي يجوز شغلها من طريق النقل”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن ندب العامل للقيام بأعباء وظيفة أخرى من نفس وظيفته أو تعلوها مباشرة، سواء في الوحدة التي يعمل بها أو في وحدة أخرى هو أمر جوازي لجهة الإدارة، تستعمله بموجب سلطتها التقديرية لتحقيق حسن سير العمل بالمرفق العام الذي تديره، على أن يكون هذا الندب مؤقتا، وقد حددت المادة 45 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 47 لسنة 1978 -التي ناط بها المشرع وضع القواعد الخاصة بالندب- مدة الندب بسنة واحدة قابلة للتجديد حتى أربع سنوات كحد أقصى، ولا يجوز تجاوز هذه المدة إلا في حالة الضرورة، وإزاء ما تقدم فإن جهة الإدارة يتعين عليها أن تتقيد في ندب العامل بالمدد المشار إليها، فإذا استطال الندب دون أن تقوم جهة الإدارة بإنهائه بحسبانه مؤقتا، وظل العامل المنتدب يمارس مهام الوظيفة المنتدب إليها ويؤدي واجباتها أصبح له مركز قانوني فيها، مما ينهض قرينة على صلاحيته لشغلها وانصراف نية الجهة الإدارية إلى تثبيته في تلك الوظيفة، وبمراعاة أن ندب العامل للوظيفة يعني بصفة أساسية أنه مستوفٍ للشروط الجوهرية اللازمة لقيامه بشغل الوظيفة وأداء واجباتها.
ومن حيث إنه وعلى هدي ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم حاصل على مؤهلات الثانوية العامة ودبلوم مركز التدريب للمعهد الفني بالمصانع الحربية، وعين بالمصانع الحربية ثم نقل منها إلى مديرية التربية والتعليم بالشرقية اعتباراً من 31/12/1978، وتم ندبه للقيام بوظيفة مدرس مجال صناعي بمدرسة كفر صقر الثانوية الصناعية، وحصل على دبلوم المعاهد الفنية تخصص رقابة جودة إنتاج عام 1977 ودبلوم المعلمين نظام الخمس سنوات عام 1986 ويشغل الدرجة الثانية الفنية من 14/8/1988، وإذ تم ندبه للقيام بالتدريس العملي في المدارس الثانوية الصناعية اعتباراً من 31/12/1978 ولم تنهِ الجهة الإدارة ندبه هذا وظل قائماً بأعباء هذه الوظيفة لمدة تزيد على ستة عشر عاما من تاريخ انتهاء مدة ندبه البالغة أربع سنوات؛ فإن ذلك يقيم ولا شك قرينة على كفاءة مورث المطعون ضدهم للقيام بأعمال الوظيفة المنتدب إليها، وعلى انصراف نية الجهة الإدارية إلى تثبيته في هذه الوظيفة، الأمر الذي يوجب الحكم بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تثبيت مورث المطعون ضدهم في وظيفة مدرس عملي بالتعليم الثانوي الفني الصناعي وما يترتب على ذلك من آثار.
ولا ينال من ذلك ما ذهبت إليه جهة الإدارة من أنه لا يحق تثبيت مورث المطعون ضدهم في هذه الوظيفة لكونه غير حاصل على المؤهل الذي يؤهله لشغل هذه الوظيفة؛ فهذا القول مردود عليه بأن تكليف الجهة الإدارية لمورث المطعون ضدهم بالقيام بأعباء هذه الوظيفة للمدة الطويلة المشار إليها خير دليل على صلاحيته وصلاحية مؤهلاته الحاصل عليها السالف بيانها لشغل الوظيفة المنتدب إليها.
ومن حيث إنه ومتى كان ما تقدم وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بالنظر المتقدم فإنه يكون قد صدر موافقاً لصحيح أحكام القانون ويغدو الطعن عليه غير قائم على سند من الواقع والقانون خليقا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
([1]) قارن بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 8475 لسنة 49 ق. عليا بجلسة 8/9/2007 (مجموعة السنة 52 مكتب فني رقم 134 ص 886)، والذي انتهى إلى أن استطالة مدة ندب العامل لا تعطي له الحق في التعيين بالوظيفة المنتدب إليها.