جلسة 24 من مايو سنة 2008
(الدائرة الخامسة)
الطعن رقم 38377 لسنة 52 القضائية عليا.
– ضباط– تأديب– مجلس التأديب الاستئنافي- تشكيله.
المادتان 57 و 61 من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقرار بقانون رقم 109 لسنة 1971.
مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة يشكل برئاسة مساعد أول وزير الداخلية، ويضم في عضويته مستشار الدولة لوزارة الداخلية وأحد المحامين العامين- إذا قام برئيس المجلس الاستئنافي مانع حل محله أقدم مساعدي الوزير، ثم من يليه بحسب ترتيب الأقدمية، ما لم يقم فيه مانع يمنعه من اقتعاد مقعد القضاء بمجلس التأديب فيحل محله من يليه في الأقدمية- عدم رئاسة أحد مساعدي أول وزير الداخلية لأية جلسة لوجود مانع لديه يصم القرار الصادر بالبطلان لصدوره عن مجلس غير مشكل وفقاً للقانون- أساس ذلك: أن مساعدي أُوَل الوزير متعددون فلم يعد عددهم قاصراً على مساعد أول واحد- كثرة المهام لا تخل بضرورة أن يكون مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة مشكلا تشكيلا صحيحا وفقا لأحكام القانون- تطبيق.
في يوم السبت الموافق 9/9/2006 أودع الأستاذ/ … المحامي نائبا عن الأستاذ/ … المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 38377 لسنة 52 ق. عليا في القرار المشار إليه الصادر بتأييد قرار مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة بمجازاة الطاعن بغرامة تعادل خمسة أمثال الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه وقت ارتكاب المخالفتين المنسوبتين إليه.
والتمس الطاعن – لما ورد بتقرير طعنه من أسباب– الحكم بقبوله شكلا وبصفة مؤقتة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته على النحو المبين بالأوراق، كما أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، طلبت فيه الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددا بإعادة الاستئناف رقم 376 لسنة 2005 إلى مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة للفصل فيه مجددا من هيئة مغايرة.
وتحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 10/12/2007، وبها قررت الدائرة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة – موضوع) لنظره بجلسة 5/1/2008، وبجلسة 22/3/2008 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 19/4/2008 وبها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا .
حيث إن الطعن قد أودع خلال الأجل المقرر قانونا، واستوفى سائر أوضاعه الأخرى.
ومن حيث إن واقعات الطعن تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 8/1/2005 أبلغ مستشفى هليوبوليس قسم شرطة النزهة باستقبالها الطاعن الضابط وقتئذ بالإدارة العامة للأندية وفنادق الشرطة مصاباً بغيبوبة عميقة وفشل وظائف التنفس وضيق شديد بحدقة العين واشتباه في تعاطي جرعة زائدة من المواد المخدرة، وقد صحبه المدعو/ … المحامي الذي قرر أنه حال وجوده بشارع سليم الأول بعين شمس شاهد الضابط المذكور مرتديا الزي الرسمي يسقط على الأرض مغشيا عليه، حيث قام بنقله بمساعدة الأهالي للمستشفى المشار إليه لتلقي العلاج، حيث أخذت منه عينة بول تم إرسالها لمركز السموم بجامعة عين شمس لتحليلها، فجاءت نتيجتها إيجابية لمادة المورفين، وقد تحرر عن الواقعة المحضر رقم 30ح قسم النزهة بتاريخ 8/1/2005 والمعاد قيده برقم 41ح قسم عين شمس بذات التاريخ، وبناء عليه تمت إحالة الواقعة إلى قطاع التفتيش والرقابة لتحقيقها، حيث خلص في مذكرته إلى طلب إحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية، وبناء عليه صدر قرار وزير الداخلية رقم 17 لسنة 2005 بإحالة المذكور إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة لمحاكمته تأديبيا لما نسب إليه من خروجه على مقتضى واجبه الوظيفي وسلوكه مسلكا معيبا ومخالفته التعليمات وذلك:
1 – لسيره بالطريق العام مرتديا الملابس الرسمية ظهر يوم 8/1/2005 بدائرة قسم عين شمس في حالة ترنح وعدم اتزان وسقوطه على الأرض مما أدى إلى قيام بعض المارة بنقله لمستشفى هليوبوليس، وما تبين من إجراء التحاليل الطبية المعملية له بمركز السموم بجامعة عين شمس بذات التاريخ من إيجابية عينة البول المأخوذة منه لمادة الأفيون، وما أشارت إليه معلومات الإدارة العامة لمكافحة المخدرات من تعاطيه للمواد المخدرة، مما أساء إليه وإلى الهيئة التي ينتمي إليها.
2 – لارتدائه الملابس الرسمية بدون مقتضٍ رغم كونه يعمل بالإدارة العامة للأندية وفنادق الشرطة بالمخالفة للكتاب الدوري رقم 42 لسنة 2002 الصادر عن الإدارة العامة لشئون الضباط.
وبجلسة 9/10/2005 أصدر المجلس المذكور قراره بمجازاة الطاعن بغرامة تعادل خمسة أمثال الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه وقت ارتكاب المخالفتين الثابتتين في حقه. وأقام المجلس قراره على أن ما نسب إلى الطاعن ثابت في جانبه مما شهد به المواطن/ … المحامي والنقيب/ … الضابط بالإدارة العامة للخدمات الطبية، والعميد/ … الضابط بالإدارة العامة للأندية وفنادق الشرطة، ونتيجة التحليل المعملي بمركز السموم بجامعة عين شمس لعينة بول الطاعن التي جاءت إيجابية لمادة الأفيون، والكتاب الدوري رقم 42 لسنة 2002 الصادر عن الإدارة العامة لشئون الضباط، وخلص المجلس إلى قراره المشار إليه الذي لم يرتضِه الطاعن، فاستأنفه أمام مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة الذي رفض بجلسته المنعقدة بتاريخ 11/7/2006 الاستئناف وأيد القرار المستأنف، مشايعا في ذلك مجلس التأديب الابتدائي فيما استند إليه من أسباب؛ بحسبان أنه قد استخلصها من أصول ثابتة في الأوراق وانتهى إلى نتيجة سائغة من أصول تنتجها ماديا وقانونيا وكيفها تكييفا سليما، كما جاء تقديره للجزاء مناسبا بما لا محل للتعقيب عليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن القرار الطعين قد شابه الفساد في الاستدلال وأخل بحق الطاعن في الدفاع الذي جر القرار الطعين إلى الخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إنه عن طلب وقف التنفيذ فإن الطاعن لم يبين في تقرير طعنه ركنيه من جدية واستعجال ومدى توافرهما في شأن القرار الطعين الأمر الذي تلتفت عنه المحكمة.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن هذه المحكمة قد استقرت بقضاء متواتر على أن الطعن أمامها يفتح الباب لتزن الحكم الطعين بميزان القانون وزنا مناطه استظهار وجه الحق وفقا لصحيح القانون دون التفات إلى كنه طلبات الطاعن أو الأسباب التي انتصب عليها طعنه.
ومن حيث إن المادة 57 من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 تنص على أن “يتولى محاكمة الضباط عدا من هم في رتبة لواء مجلس يشكل من اثنين من بين رؤساء المصالح أو من في حكمهم يختارهما وزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة، ومن مستشار مساعد من إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة، ويرأس المجلس أقدم رؤساء المصالح رتبة، ويصدر قرار تشكيل المجلس قبل أول أكتوبر من كل سنة ويتضمن اختيار عضوين احتياطيين …”.
وتنص المادة 61 على أن: “يشكل مجلس التأديب الاستئنافي برئاسة مساعد أول وزير الداخلية وعضوية مستشار الدولة لوزارة الداخلية والمحامي العام …. أما إذا قام المانع بأحد العضوين الآخرين ندبت الجهة التي يتبعها بدلا منه في نفس درجته …”.
ومفاد ما تقدم أن المشرع اختص ضباط الشرطة ممن هم في رتبة أقل من رتبة لواء بنظام تأديبى خاص بهم، يتولى محاكمة من يخرج منهم على واجبات وظيفته أو مقتضياتها أمام مجلسين ابتدائي واستئنافي، رسم المشرع كيفية تشكيل كل منهما، فيشكل مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة من اثنين من بين رؤساء المصالح أو من في حكمهم يختارهما وزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة ومن مستشار مساعد من إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة، وتسند رئاسة المجلس إلى أقدم رؤساء المصالح رتبة، ويصدر وزير الداخلية قبل الأول من أكتوبر من كل عام قرارا بتشكيل المجلس على النحو المشار إليه على أن يتضمن عضوين احتياطيين، أما مجلس التأديب الاستئنافي فيشكل برئاسة مساعد أول وزير الداخلية، ويضم في عضويته مستشار الدولة لوزارة الداخلية وأحد المحامين العامين، فإذا قام برئيس المجلس الاستئنافي مانع حل محله أقدم مساعدي الوزير ثم من يليه بحسب ترتيب الأقدمية، ما لم يقم فيه مانع يمنعه من اقتعاد مقعد القضاء بمجلس التأديب فيحل من يليه في الأقدمية، أما إذا قام المانع بأحد العضوين الآخرين سواء كان مستشار الدولة لوزارة الداخلية أو المحامي العام ندبت الجهة التي يتبعها أيهما عضوا بدلا منه، شريطة أن يكون من ذات درجته، وتعد القرارات التي يصدرها أي من المجلسين المشار إليهما قرارات نافذة بذاتها دون أي اعتماد أو تصديق من جهة إدارية أعلى، ومن ثم استقر قضاء هذه المحكمة على أنها أقرب في طبيعتها وأدنى إلى الأحكام، ويجري في شأنها ما يجري على الأحكام الصادرة عن المحاكم التأديبية، فيطعن عليها مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا عملا بنصي المادتين 22 و 23 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن المشرع ناط محاكمة ضباط الشرطة بمجلس تأديب، عين صفات أعضائه على سبيل التحديد لاعتبارات قدر وجها من المصلحة العامة في توافرها بأعضاء المجلس، ومن ثم لا ينبغي الخروج على هذا التشكيل؛ لتعلق القواعد القانونية بتنظيم إجراءات الفصل في الدعاوى بالنظام العام، بما لا يجوز مخالفتها ولا يسوغ التفريط فيها حال أوجب المشرع اتباعها.
ومن حيث إنه يبين من استقراء محاضر جلسات مجلس التأديب حال نظره للاستئناف الصادر فيه القرار الطعين أنه لم يرأس أية جلسة من جلسات المحاكمة أمام المجلس الاستئنافي أحد مساعدي أول وزير الداخلية، بما يرجح معه القول بتوافر أو قيام مانع به حال بينه وبين استمراره في نظر الاستئناف، وإنما يبين من المحاضر أن اللواء دكتور … مساعد وزير الداخلية للشئون الإدارية قد رأس المجلس ابتداء واستمر في رئاسته انتهاء حتى صدر القرار الطعين، الأمر الذي يصم هذا القرار بالبطلان لصدوره عن مجلس غير مشكل وفقا للقانون.
ولا ينال من ذلك ما تضمنته مذكرة دفاع المطعون ضده من أن جميع مساعدي أول الوزير قد قام بهم بصورة أو أخرى موانع حالت بينهم وبين رئاسة مجلس التأديب؛ ذلك أنه فضلا عن أنه منذ العمل بالقانون رقم 218 لسنة 1991 بتعديل قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 تعدد مساعدو أول الوزير ولم يعد عددهم قاصرا على مساعد أول وحيد، فإن كثرة المهام لا تخل بضرورة أن يكون مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة مشكلا تشكيلا صحيحا وفقا لأحكام القانون؛ بحسبان أن ما يصدر عنه من قرارات تأديبية بمثابة أحكام يلزم توافر المقومات الأساسية والضمانات الجوهرية في إصدارها، ومنها تشكيل الهيئة مصدرة القرار التأديبي. كما أنه من المسلم به أنه يلزم أن يكون المتقاضي على علم كافٍ بقاضيه الذي يتولى محاكمته حتى يتمكن من رده إذا قام به مانع من نظر الدعوى، ومن ثم فإن ما أثارته الجهة الإدارية في هذا الشأن مجرد قول مرسل، لا ينال من ضرورة تشكيل مجلس التأديب الاستئنافي تشكيلا صحيحا وفقا للقانون، ومن ثم يتعين إلغاء القرار المطعون فيه لبطلانه، والأمر بإعادة الاستئناف محل الطعن إلى مجلس التأديب الاستئنافي للفصل فيه مجددا من هيئة أخرى مشكلة تشكيلا قانونيا صحيحا.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه لبطلانه، وأمرت بإعادة الاستئناف رقم 376 لسنة 2005 إلى مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة للفصل فيه مجددا من هيئة أخرى.