جلسة 19 من يونيه لسنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / عادل محمود زكى فرغلى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد الشيخ على أبو زيد، وعبد المنعم أحمد عامر،
ود. سمير عبد الملاك منصور، وأحمد منصور على منصور
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / طارق رضوان
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3850 لسنة 43 قضائية. عليا:
ما يخرج عن اختصاص مجلس الدولة ــ المنازعات المتعلقة بالمعاشات العسكرية لضباط القوات المسلحة .
المشرع خصص قضاءً مستقلاً قائمًا بذاته لنظر المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوات المسلحة، ويعتبر هذا القضاء جهة قضائية تقوم بجانب القضاء الإدارى بمجلس الدولة، وذلك نزولاً على أحكام الدستور الذى نص فى المادة (183) منه على أن «ينظم القانون القضاء العسكرى ويبين اختصاصاته فى حدود المبادئ الواردة فى هذا الدستور»، وأن هذه النصوص جاءت من الشمول والعموم بما يدخل جميع المنازعات الإدارية الخاصة بالمكافآت والمرتبات والمعاشات فى اختصاص القضاء العسكرى طالما تعلقت بضباط القوات المسلحة، سواء منهم من كان بالخدمة أو تركها، الأمر الذى تنأى معه هذه المنازعات عن اختصاص القضاء الإدارى متى ثبت انتماء المدعى إلى هيئة ضباط القوات المسلحة وانخراطه فيها، وتعلقت المنازعة الإدارية بشأن من شئونهم أثناء الخدمة أو بعدها، وذلك بحسبانها جهة قضائية قائمة بذاتها تتعلق ولايتها بالاختصاص الولائى بنظر تلك المنازعات دون غيرها ــ تطبيق.
فى يوم الثلاثاء الموافق 20/5/1997 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل بطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء أصليًا: بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى. واحتياطياً: بسقوط الحق المطالب به بالتقادم الخمسى.
وتم إعلان تقرير الطعن، وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا ارتأت فيه ــ لأسبابه ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وجرى نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 6/3/2005 إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 7127 لسنة 49ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 29/6/1995 طلب فى ختامها الحكم بإلغاء القرار الصادر بالامتناع عن صرف مستحقاته من معاشه المستقطع بمقتضى المادة المقضى بعدم دستوريتها من تاريخ تعيينه فى الوظيفة المدنية فى إبريل 1976.
وقال ــ شرحًا لدعواه ــ إنه على إثر انتهاء خدمته كضابط بالقوات المسلحة استحق معاشًا عسكريًا اعتباراً من 1/12/1975، وإذ التحق بالعمل بوزارة العدل عومل منذ تعيينه فى إبريل 1976بأحكام المادة (99) من القانون رقم 90 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 31 لسنة 1992 بشأن المعاشات العسكرية التى تخطر الجمع بين المعاش العسكرى كاملاً والمرتب المستحق من الوظيفة المدنية، وقد قضى بتاريخ 4/2/1995 بعدم دستورية هذا النص، فى الدعوى رقم 3 لسنة 6ق. دستورية ونشر الحكم بالجريدة الرسمية فى 6/3/1995، وإزاء ذلك تقدم إلى إدارة التأمين والمعاشات بالقوات المسلحة لصرف مستحقاته من معاشه التى تم استقطاعها منه طبقًا للمادة المذكورة منذ تاريخ تعيينه إلا أن الإدارة أخطرته بتنفيذ الحكم اعتبارًا من 7/3/1995 اليوم التالى لتاريخ نشره .
وينعى المدعى على رد الجهة الإدارية مخالفته لمقتضى الحكم بعدم الدستورية من انعدام نص المادة (99) ــ المقضى بعدم دستوريته ــ بأثر يرجع إلى تاريخ صدور هذا النص .
وبجلسة 24/3/1997 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه قاضيًا بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بأحقية المدعى فى صرف مستحقاته من معاشه العسكرى اعتبارًا من تاريخ تعيينه بإدارة قضايا الحكومة وحتى تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا على النحو الموضح بالأسباب وألزمت الإدارة المصاريف .
وأقامت المحكمة قضاءها ــ بعد استعراض نص المادة (99) من القانون رقم 90 لسنة 1975 بإصدار قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة المعدل بالقانون رقم 31 لسنة 1992ــ على أن الثابت أن المدعى (المطعون ضده) قد ربط له معاش عسكرى قبل انتهاء خدمته بالقوات المسلحة، وعُيّن فى 28/3/1976مندوبًا مساعدًا بإدارة قضايا الحكومة بالقرار رقم 311 لسنة 1976، وعُيّن قاضياً بالمحاكم الابتدائية فى 27/1/1982 وتدرج حتى عُيّن مستشارًا بمحكمة النقض فى 17/7/1996 وحتى الآن، ومن ثَمَّ فإنه بعد صدور حكم المحكمة الدستورية بجلسة 4/2/1995 بعدم دستورية نص المادة (99) سالفة الذكر ــ التى كانت تحظر الجمع بين المعاش العسكرى كاملاً والمرتب المدنى ــ يحق للمدعى صرف مستحقاته من معاشه العسكرى الذى أوقف صرفه إعمالاً لحكم هذه المادة، من تاريخ تعيينه بهيئة قضايا الحكومة، وحتى تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريتها، وذلك إعمالاً للأثر الرجعى لهذا الحكم.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب الآتية:
1) تضمَّن الحكم اختصاص مجلس الدولة بنظر الدعوى رغم تعلقها بشأن من شئون المدعى كأحد رجال القضاء ــ مستشار بمحكمة النقض ــ بالمخالفة لأحكام المادة (83) من قانون السلطة القضائية التى تعقد الاختصاص فى هذه الحالة لإحدى دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض، ولذلك يدفع الطاعنون ــ بصفة أصلية ــ بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى.
2) خالف الحكم ما تقضى به المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية من سريان أحكامها من اليوم التالى لتاريخ نشرها فيما عدا النصوص الجنائية، ولذا يطالب الطاعنون بصفة احتياطية برفض الدعوى.
3) خالف الحكم المطعون فيه مقتضى المادة (375) من القانون المدنى من سقوط الحقوق الدورية المتجددة ــ ومنها المعاش ــ التى لم يطالب بها خلال خمس سنوات بالتقادم؛ ولذا يطلب الطاعنون ــ على سبيل الاحتياط الكلى ــ الحكم بسقوط حق المطعون ضده ــ المطالب به ــ بالتقادم الخمسى.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 96 لسنة 1971 فى شأن الطعن فى قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة تنص على أنه: “تختص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بهيئة قضائية دون غيرها بالنظر فى المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية التى تصدرها لجان الضباط بالقوات المسلحة، وتنشأ بكل فرع من أفر ع القوات المسلحة لجنة قضائية تختص دون غيرها بالنظر فى المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية التى تصدرها لجنة ضباط القوات المسلحة ويصدر بتنظيمها وتحديد اختصاصاتها قرار من رئيس الجمهورية”. كما صدر القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة، ونص فى المادة (1) منه على أن ” تنشأ بالقوات المسلحة اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة الآتية:
أ ) اللجنة القضائية لضباط القوات البرية.
ب ) اللجنة القضائية لضباط القوات البحرية.
ج ) اللجنة القضائية لضباط القوات الجوية.
د) اللجنة القضائية لضباط قوات الدفاع الجوى.
هـ) اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة”.
ونصت المادة (3) منه على أن «تختص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة، دون غيرهما، بالفصل فى المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوات المسلحة……”.
ومن حيث إنه يستفاد من هذه النصوص، على نحو ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة”، أن المشرع خصص قضاءً مستقلاً قائمًا بذاته لنظر المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوات المسلحة، ويعتبر هذا القضاء جهة قضائية تقوم بجانب القضاء الإدارى بمجلس الدولة، وذلك نزولاً على أحكام الدستور الذى نص فى المادة (183) منه على أن “ينظم القانون القضاء العسكرى ويبين اختصاصاته فى حدود المبادئ الواردة فى هذا الدستور”، وأن هذه النصوص جاءت من الشمول والعموم بما يدخل جميع المنازعات الإدارية الخاصة بالمكافآت والمرتبات والمعاشات فى اختصاص القضاء العسكرى طالما تعلقت بضباط القوات المسلحة سواء منهم من كان بالخدمة أو تركها، الأمر الذى تنأى معه هذه المنازعات عن اختصاص القضاء الإدارى متى ثبت انتماء المدعى إلى هيئة ضباط القوات المسلحة وانخراطه فيها وتعلقت المنازعة الإدارية بشأن من شئونهم أثناء الخدمة أو بعدها ، وذلك بحسبانها جهة قضائية قائمة بذاتها، تتعلق ولايتها بالاختصاص الولائى بنظر تلك المنازعات دون غيرها .
ومن حيث إنه لما كانت المنازعة الماثلة تتعلق بالمعاش العسكرى الذى يطالب المدعى (المطعون ضده) به بعد تقاعده من وظيفته العسكرية (رائد بالقوات المسلحة) أياً كانت الوظيفة التى تشغلها حالياً، فإن الاختصاص الولائى بنظر هذه المنازعة ينعقد للجنة القضائية لضباط القوات المسلحة على النحو سالف البيان، وذلك تعليقها بمعاش عسكرى يتم تسويته وصرفه طبقاً للقواعد والأوضاع التى استقرت عليها أحكام اللجان القضائية المشار إليها .
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهبًا مغايراً لمقتضى أحكام القانونين رقمى 96 لسنة 1971و 71 لسنة 1975، وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة آنف الذكر، فإنه يكون والأمر كذلك قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله مما يتعين معه القضاء بإلغائه والحكم بعدم الاختصاص الولائى لمجلس الدولة بهيئة قضائية بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى اللجان القضائية بالقوات المسلحة المختصة عملاً بحكم المادة (110) من قانون المرافعات المدنية.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى اللجنة القضائية المختصة بالقوات المسلحة لنظرها .