جلسة الأربعاء الموافق 8 من ابريل سنة 2015
برئاسة السيد القاضي الدكتور / عبدالوهاب عبدول – رئيس المحكمة . وعضوية السادة القضاة / د. أحمد الصايغ وعبدالحق أحمد يمين.
( 20 )
الطعن رقم 389 لسنة 2014 إداري
(1) مسألة قانونية. نقض” مالا يقبل من الأسباب”. حكم” تسبيب سائغ”.
– المسألة القانونية. ما هيتها وعلتها؟.
– نقض الحكم للقصور أو الإخلال بحق الدفاع لا يعد فصلا في مسألة قانونية ولو تطرق لأوجه القصور في الحكم المنقوض.
– مثال.
(2) حكم” غير القطعي”” تسبيب سائغ”. حجية الأمر المقضى. نقض “مالا يقبل من الأسباب”.
– الأحكام غير القطعية المتعلقة بسير الدعوى وتحقيقها. لا تحوز الحجية. جواز العدول عنها حتى قبل غلق باب المرافعة.
– مثال.
(3) قرار إداري. ابعاد. قانون” تطبيقه”. إقامة. حكم” تسبيب سائغ”. نقض” مالا يقبل من الأسباب”.
– لوزير الداخلية اصدار قرار ابعاد الأجنبي عن البلاد. أساس ذلك؟
– الإقامة ليست حقاً مكتسباً لأجنبي. جواز ابعاده للمصلحة العامة أو الأمن العام أو الآداب العامة. دون ابراء سبب الإبعاد.
– مثال.
(4) استدلال. أدلة. حكم” تسبيب سائغ”. نقض” مالا يقبل من الأسباب”.
– لسلامة الاستدلال لزوم كون الدليل صالحاً من الناحيتين الإجرائية والموضوعية. شرط ذلك؟
– مثال.
(5) محكمة الموضوع” ما تلتزم به”. دفاع” الجوهري”. حكم” تسبيب سائغ”. نقض” مالا يقبل من الأسباب”.
– محكمة الموضوع. غير ملزمة بالرد على الدفاع والدفوع الا الجوهري منها. علة ذلك؟.
– الدفاع الجوهري. ماهيته وشرطه؟.
– مثال .
ـــــــ
1- لما كان من المقرر أن المقصود بالمسألة القانونية _ كما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – الواقعة التي طرحت على محكمة النقض وأدلت فيها برأيها عن بصر وبصيرة ، فاكتسب حكمها في هذا الخصوص حجية الشيء المحكوم فيه ، في حدود ما تكون قد فصلت فيه ، بحيث يمتنع على محكمة الإحالة والخصوم عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية . وأن نقض الحكم للقصور أو الإخلال بحق الدفاع لا يعد فصلاً في مسألة قانونية حتى ولو تطرق الحكم إلى بيان أوجه القصور في الحكم المنقوض . لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات قضاء الحكم الناقض في الطعن المشار إليه آنفاً ، أنه نقض الحكم المطعون فيه ” الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 17/7/2012 ” ، لقصوره عن بيان الوقائع التي تشكل عناصر سبب قرار الإبعاد على ضوء ما أثارته الطاعنة وما تمسكت به من أوجه دفاع و دفوع , وهو ما لا يعد فصلاً من قضاء الحكم الناقض في مسألة قانونية . الأمر الذي يغدو معه النعي الوارد بهذا الوجه في غير محله .
2- لما كان من المقرر أن الأحكام غير القطعية بما فيها تلك المتعلقة بسير الدعوى وتحقيقها ، لا تحوز الحجية . ويجوز للمحكمة أن تعدل عنها في أي وقت حتى قبل باب المرافعة ، متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها في النزاع ، باعتبار أن العدول حق خالص للمحكمة ذاتها لا يشاركها الخصوم فيه . وإذ كان الثابت من أوراق الطعن أن حكماً غير قطعي صدر عن المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه قررَّ إعادة الدعوى للمرافعة وتكليف المطعون ضدهما ” المستأنف ضدهما ” بتقديم القرار الصادر بإبعاد الطاعنة ” المستأنفة ” والأسباب التي استندت إليها لحمل هذا القرار . وإذ وجدت ذات المحكمة – مشكلة بهيئة أخرى – أن في أوراق الدعوى ما يكفي للفصل فيها ، فأصدرت حكمها القطعي محل الطعن الماثل ، فإن المحكمة لا تكون قد خالفت القانون حينما عدلت ضمناً عن الحكم التمهيدي ، مما يغدو النعي الوارد بهذا الوجه غير سديد .
3- لما كان من المقرر في نص المادة ( 23 ) من القانون الاتحادي رقم ( 6 ) لسنة 1973 في شان دخول وإقامة الأجانب والقوانين المعدلة له، على أن ” يجوز لوزير الداخلية أن يأمر بإبعاد أي أجنبي ولو كان حاصلاً على ترخيص بالإقامة في الأحوال الآتية : 1- …. 2- …. 3 – إذا رأت سلطات الأمن أن إبعاد الأجنبي تستدعيه المصلحة العامة أو الأمن العام أو الآداب العامة ” – يدل على أن الجهات الأمنية في الدولة – أيا كانت تبعيتها الإدارية والقانونية ، أو مسماها الإداري والوظيفي – أن تبدى رؤيتها حول تواجد الأجنبي في البلاد ، إذا استدعت الضرورات الأمنية أو المصلحة العامة أو الآداب العامة إبعاده ، دون أن يلزمها القانون الإفصاح عن تلك الضرورات ، مراعاة لاعتبارات الأمن الوطني ، حتى ولو كان تواجده في البلاد بصورة مشروعة ، باعتبار أن الإقامة ليست حقاً مكتسباً للأجنبي . وإذ أعمل الحكم المطعون فيه أحكام المادة ( 23 ) أنفة البيان وخلص إلى مشروعية قرار إبعاد الطاعنة ، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون
4- لما هو مقررَّ في قضاء هذه المحكمة من أنه يلزم لسلامة الاستدلال ، أن يكون الدليل مقبولاً أي صالحاً للاستدلال به من الناحيتين الإجرائية والموضوعية ، ومتاحاً للخصوم مناقشته والمجادلة فيه ، وأن يكون مشروعاً . لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ، أنه استدل على صدور قرار الإبعاد وسببه المشروع أخذاً بالكتاب المؤرخ 12/1/2012 . وهو مستند رسمي أتيح للخصوم مناقشته والمجادلة فيه ، وجاء من مصدر مشروع ، يصلح لأن يكون محلاً للاستدلال . ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه استدلاله بهذا الدليل يكون جديراً بالرد.
5- لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة ، من أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على كل وجه دفع أو دفاع أو طلب يتقدم به الخصم ، إلا أن يكون جوهرياً من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى . وحسبها – محكمة الموضوع – أن تقيم قضاءها على دليل فاصل في النزاع ، يجعل من الرد على ما أثاره الخصم أو تمسك به تزيُّداً غير مسمع وغير منتج في الدعوى . ولما كان مراد الطاعنة من إثارة أوجه دفاعها – كما عرضتها في نعيها – إثبات عدم مشروعية قرار إبعادها ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على سند من أن قرار إبعاد الطاعنة يتأسس على أسباب أمنية ارتأتها الجهات الأمنية في إمارة دبي ، وأنه يجد مشروعيته في المادة ( 23 ) من قانون دخول وإقامة الأجانب سالف الذكر ، وأن هذا القانون لم يلزم الجهة الأمنية الإفصاح عن حيثيات مرئياتها في بقاء الأجنبي حفاظاً على الأمن الوطني . كانت الفقرة ( ج ) من المادة المذكورة تجيز لوزير الداخلية إبعاد الأجنبي بناء على تلك المرئيات التي هي بمثابة سبب قرار الإبعاد . وإذا كانت الطاعنة لا تجادل في أن قراراً صدر بإبعادها عن البلاد لكنها تجادل في مشروعية سبب القرار ، وكان السبب قد قام على النحو الذي سلف ذكره، ومن ثم فإن النعي بالقصور المعزو إلى الحكم المطعون فيه يكون في غير محله .
المحكمــــة
ـــــــــ
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن ، تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 399 لسنة 2011 إداري كلي أبوظبي ، اختصمت فيها المطعون ضدهما طلبا لإلغاء القرار الإداري الصادر عنهما بإبعادها عن البلاد، واعتباره كأن لم يكن وما ترتب عليه من آثار حاضرا ومستقبلاً . وقالت شرحاً لدعواها إنها وافدة عربية مقيمة في الدولة إقامة مشروعة وهادئة ومستمرة منذ أكثر من أحد عشر عاماً ، على كفالة زوج شقيقتها المواطن ، وأنها وطوال فترة إقامتها حسنة السيرة والسلوك ولم تؤاخذ بأية مؤاخذات جزائية أو غير جزائية . وأنها بتاريخ 30/3/2010 تم استدعاؤها من طرف المطعون ضدها الثانية وإبلاغها بضرورة مغادرة البلاد فورا لصدور قرار بإبعادها ، دون أن تفصح لها المطعون ضدها المذكورة عن دواعي وأسباب ذلك القرار . وأنه ولما كان قرار إبعادها على هذا النحو جاء مخالفا لقواعد القانون الدولي بشأن إقامة الأجانب وإبعادهم التي تحظر على دولة الإقامة اتخاذ أي أجراء تعسفي بحق الأجنبي المقيم على إقليمها بصورة مشروعة، كما أنه صدر مخالفا لنصوص الميثاق العربي لحقوق الإنسان الموقع عليه من الدولة والذي يحظر عليها إبعاد الأجنبي المقيم على إقليمها بصورة مشروعة إلا لدواعي الأمن الوطني وبعد تمكينه من التظلم من القرار أمام الجهات المختصة، كما جاء القرار فاقداً لركن الغاية وهي المصلحة العامة المبتغاة منه ، إذ لم تبين الإدارة الغاية من قرارها . وأنه ولما لم تفلح المراجعات والتظلمات الإدارية ، فقد كانت الدعوى والمطالبة ومحكمة أول درجة قضت في 26/4/2012 برفض الدعوى . استأنفت الطاعنة قضاء الرفض بالاستئناف رقم 78 لسنة 2012 إداري أبوظبي ، ومحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية قضت في 17/7/2012بالتأييد ، فطعنت عليها الطاعنة بطريق النقض بالطعن رقم 470 لسنة 2012 نقض إداري . وبجلسة 9/1/2013 قضت المحكمة الاتحادية العليا بالنقض والإحالة . وإذ عاودت القضية سيرها أمام محكمة الإحالة ، فقد قضت هذه الأخيرة في 21/5/2014 بتأييد الحكم المستأنف ، فأقامت الطاعنة – للمرة الثانية . طعنها الماثل الذي نظرته هذه الدائرة منعقدة بهيئة غرفة مشورة ، ورأت جدارته بالنظر في جلسة ، ونظرته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وتحددت جلسة اليوم للنطق بالحكم .
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ، تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره وتأويله من أربعة وجوه : حاصل أولها : أنه قضى بتأييد الحكم المستأنف . حال أن حكم النقض في الطعن رقم 470 لسنة 2012 نقض إداري ، نقض حكم محكمة الاستئناف لقصوره عن بيان سبب قرار الإبعاد . هو ما كان على محكمة الاستئناف الالتزام به كمسألة قانونية وتبسط تبعاً لذلك رقابتها على الوجود المادي لسبب القرار . إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفي بصورة كتاب صادر من المطعون ضدها الثانية مؤرخ في 12/1/2012 ، تذكر فيه أن قرارها بإبعاد الطاعنة يرجع إلى عدم حصول الأخيرة على الموافقة الأمنية . رغم أن هذا الكتاب كان تحت بصر المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه . الأمر الذي يعيب الحكم بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في غير محله ، ذلك أن المقصود بالمسألة القانونية _ كما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – الواقعة التي طرحت على محكمة النقض وأدلت فيها برأيها عن بصر وبصيرة ، فاكتسب حكمها في هذا الخصوص حجية الشيء المحكوم فيه ، في حدود ما تكون قد فصلت فيه ، بحيث يمتنع على محكمة الإحالة والخصوم عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية . وأن نقض الحكم للقصور أو الإخلال بحق الدفاع لا يعد فصلاً في مسألة قانونية حتى ولو تطرق الحكم إلى بيان أوجه القصور في الحكم المنقوض . لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات قضاء الحكم الناقض في الطعن المشار إليه آنفاً ، أنه نقض الحكم المطعون فيه ” الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 17/7/2012 ” ، لقصوره عن بيان الوقائع التي تشكل عناصر سبب قرار الإبعاد على ضوء ما أثارته الطاعنة وما تمسكت به من أوجه دفاع و دفوع , وهو ما لا يعد فصلاً من قضاء الحكم الناقض في مسألة قانونية . الأمر الذي يغدو معه النعي الوارد بهذا الوجه في غير محله .
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من هذا السبب على الحكم المطعون فيه ، مخالفة القانون حينما خلص إلى تأييد الحكم المستأنف ، قبل أن تنفذ الإدارة ” المطعون ضدهما ” الحكم التمهيدي الصادر عن محكمة الإحالة الذي كلف الإدارة بتقديم قرار الإبعاد وأسبابه ، مستدلاً الحكم المطعون فيه بكتاب المطعون ضدها الثانية المؤرخ 12/1/2012 الذي أرجعت فيه سبب قرارها إلى عدم الموافقة الأمنية . حال أن هذا الكتاب كان مرفقاً بأوراق الدعوى منذ نظرها أمام المحكمة الابتدائية . وهو ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أن الأحكام غير القطعية بما فيها تلك المتعلقة بسير الدعوى وتحقيقها ، لا تحوز الحجية . ويجوز للمحكمة أن تعدل عنها في أي وقت حتى قبل باب المرافعة ، متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها في النزاع ، باعتبار أن العدول حق خالص للمحكمة ذاتها لا يشاركها الخصوم فيه . وإذ كان الثابت من أوراق الطعن أن حكماً غير قطعي صدر عن المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه قررَّ إعادة الدعوى للمرافعة وتكليف المطعون ضدهما ” المستأنف ضدهما ” بتقديم القرار الصادر بإبعاد الطاعنة ” المستأنفة ” والأسباب التي استندت إليها لحمل هذا القرار . وإذ وجدت ذات المحكمة – مشكلة بهيئة أخرى – أن في أوراق الدعوى ما يكفي للفصل فيها ، فأصدرت حكمها القطعي محل الطعن الماثل ، فإن المحكمة لا تكون قد خالفت القانون حينما عدلت ضمناً عن الحكم التمهيدي ، مما يغدو النعي الوارد بهذا الوجه غير سديد .
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثالث من هذا السبب على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ، حينما أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف ، بفهم أن كتاب المطعون ضدها الثانية المؤرخ 12/1/2012 هو قرار الإبعاد . حال أنه كتاب اصطنعه المطعون ضدهما لتبرير قرارهما بإبعاد الطاعنة زعماً منهما بعدم موافقة السلطات الأمنية في إمارة دبي على بقاء الطاعنة في البلاد . وهو ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أن الثابت من سياق عبارات الحكم المطعون فيه المتعلقة بهذا الوجه من النعي ، أن الحكم أتى على ذكر الكتاب المؤرخ 12/1/2012 وكتاب أخر مؤرخ في 4/12/2011 ، على أنهما مخاطبات إدارية تفصحان أن سبب إبعاد الطاعنة يعود لأسباب أمنية . الأمر الذي يغدو معه النعي جدير بالرد.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الرابع من هذا السبب على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ، حينما استند في قضائه إلى المادة ( 23 ) من قانون دخول وإقامة الأجانب . حال أن الطاعنة لم ترتكب جرماً أو تأتي فعلاً من شأنه الإخلال بالأمن العام أو الآداب العامة يبَّرر إبعادها . وأن كافة أوراقها الثبوتية تدل على شرعية تواجدها على إقليم الدولة ، وأن قرار إبعادها جاء تعسفاً من المطعون ضدها الثانية ودون سبب واقعي أو قانوني ، وأن السبب الذي أوردته المطعون ضدها الثانية من أن الطاعنة انتهت إقامتها ولم يتم تجديدها لعدم حصولها على الموافقة الأمنية غير صحيح ، إذ أن إقامتها كانت سارية حتى يوم 28/10/2010 ، وأن الإدارة اتخذت إجراءات إبعادها في 29/3/2010 , وهو ما لم يفطنه الحكم المطعون فيه مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أن النص في المادة ( 23 ) من القانون الاتحادي رقم ( 6 ) لسنة 1973 في شان دخول وإقامة الأجانب والقوانين المعدلة له ، على أن ” يجوز لوزير الداخلية أن يأمر بإبعاد أي أجنبي ولو كان حاصلاً على ترخيص بالإقامة في الأحوال الآتية : 1- …. 2- …. 3 – إذا رأت سلطات الأمن أن إبعاد الأجنبي تستدعيه المصلحة العامة أو الأمن العام أو الآداب العامة ” – يدل على أن الجهات الأمنية في الدولة – أيا كانت تبعيتها الإدارية والقانونية ، أو مسماها الإداري والوظيفي – أن تبدى رؤيتها حول تواجد الأجنبي في البلاد ، إذا استدعت الضرورات الأمنية أو المصلحة العامة أو الآداب العامة إبعاده ، دون أن يلزمها القانون الإفصاح عن تلك الضرورات ، مراعاة لاعتبارات الأمن الوطني ، حتى ولو كان تواجده في البلاد بصورة مشروعة ، باعتبار أن الإقامة ليست حقاً مكتسباً للأجنبي . وإذ أعمل الحكم المطعون فيه أحكام المادة ( 23 ) أنفة البيان وخلص إلى مشروعية قرار إبعاد الطاعنة ، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ، مما يغدو معه النعي في غير محله .
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه ، الفساد في الاستدلال ، حينما خلص مؤيداً الحكم المستأنف في قضائه استدلالاً بما ورد في كتاب المطعون ضدها الثانية المؤرخ 12/1/2012 ، المتضمن أن الجهات الأمنية في إمارة دبي حجبت الموافقة الأمنية عن الطاعنة وعلى بقائها في الدولة . حال أن الأوراق خلت مما يفيد اعتراض تلك الجهات أو من إرفاق صورة من قرار الإبعاد . الأمر الذي يعيب الحكم بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ، لما هو مقررَّ في قضاء هذه المحكمة من أنه يلزم لسلامة الاستدلال ، أن يكون الدليل مقبولاً أي صالحاً للاستدلال به من الناحيتين الإجرائية والموضوعية ، ومتاحاً للخصوم مناقشته والمجادلة فيه ، وأن يكون مشروعاً . لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ، أنه استدل على صدور قرار الإبعاد وسببه المشروع أخذاً بالكتاب المؤرخ 12/1/2012 . وهو مستند رسمي أتيح للخصوم مناقشته والمجادلة فيه ، وجاء من مصدر مشروع ، يصلح لأن يكون محلاً للاستدلال . ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه استدلاله بهذا الدليل يكون جديراً بالرد.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث – بوجهيه – على الحكم المطعون فيه ، القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنها قدمت بجلسة 24/12/2013 مستندات تضمنت أوجه دفاع جوهرية منها : أن الكتاب المؤرخ 12/1/2012 كان مرفقاً بأوراق الدعوى وليس فيه جديد ، وأن المطعون ضدها عجزت عن إبراز قرار الإبعاد المزعوم صدوره من الأمن العام بدبي ، وأن ادعاء هروب الطاعنة من كفيلها واقعة مختلقة من الإدارة لتبرير قرار الإبعاد ، وأنها حاصلة على إقامة مشروعة ومستمرة وسارية ولم تتقدم بأي طلب لتجديد إقامتها لدي إدارة إقامة وشؤون الأجانب بدبي حتي يتسنى للجهات الأمنية بدبي النظر في طلبها للموافقة عليه أو عدم الموافقة وأنها كانت ضحية تعسف من قبل بعض أفراد الشرطة والأمن . إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن جميع أوجه دفاعها ولم يتناولها بالرد رغم جوهريتها ، والأمر الذي يعيبه بالقصور المبطل الموجب للنقض .
وحيث إن هذا النعي في غير محله ، لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة ، من أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على كل وجه دفع أو دفاع أو طلب يتقدم به الخصم ، إلا أن يكون جوهرياً من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى . وحسبها – محكمة الموضوع – أن تقيم قضاءها على دليل فاصل في النزاع ، يجعل من الرد على ما أثاره الخصم أو تمسك به تزيُّداً غير مسمع وغير منتج في الدعوى . ولما كان مراد الطاعنة من إثارة أوجه دفاعها – كما عرضتها في نعيها – إثبات عدم مشروعية قرار إبعادها ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على سند من أن قرار إبعاد الطاعنة يتأسس على أسباب أمنية ارتأتها الجهات الأمنية في إمارة دبي ، وأنه يجد مشروعيته في المادة ( 23 ) من قانون دخول وإقامة الأجانب سالف الذكر ، وأن هذا القانون لم يلزم الجهة الأمنية الإفصاح عن حيثيات مرئياتها في بقاء الأجنبي حفاظاً على الأمن الوطني . كانت الفقرة ( ج ) من المادة المذكورة تجيز لوزير الداخلية إبعاد الأجنبي بناء على تلك المرئيات التي هي بمثابة سبب قرار الإبعاد . وإذا كانت الطاعنة لا تجادل في أن قراراً صدر بإبعادها عن البلاد لكنها تجادل في مشروعية سبب القرار ، وكان السبب قد قام على النحو الذي سلف ذكره، ومن ثم فإن النعي بالقصور المعزو إلى الحكم المطعون فيه يكون في غير محله .
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .