جلسة 2 من نوفمبر سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز.
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، وأحمد عبدالحميد حسن عبود، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو.
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3947 لسنة 43 قضائية عليا:
ـ الترخيص بصيدلية خاصة ملحقة بمؤسسة علاجية ـ شرط الحصول على ترخيص محال صناعية وتجارية ـ حكمه.
المواد (10)، (11)، (12)، (13)، (30)، (39) من القانون رقم 127 لسنة 1955 فى شأن مزاولة مهنة الصيدلة المعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1959.
المواد (1)، (2)، (3)، (7)، (8)، (9) من القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية.
المشرع فى قانون مزاولة مهنة الصيدلة حدد الشروط الخاصة للترخيص بالصيدليات الخاصة وقضى بأن الصيدليات الخاصة نوعان: الأول : صيدليات المستشفيات والمستوصفات والعيادات الشاملة وعيادات الأطباء المصرح لهم في صرف الأدوية لمرضاهم أو من فى حكمهم واشترط لمنح الترخيص بفتح صيدلية خاصة من هذا النوع أن تكون ملحقة بمؤسسة علاجية مرخص بها طبقاً لأحكام القانون الخاص بالمحال الصناعية والتجارية، والثانى: الصيدليات التابعة لجمعية تعاونية مشهرة ولا يمنح الترخيص بفتح صيدلية خاصة من هذا النوع إلا بناء على طلب من رئيس مجلس إدارة الجمعية أو مديرها ـ القيد الوحيد الذى اشترطه المشرع لمنح ترخيص صيدلية خاصة تلحق بمؤسسة علاجية أن تكون المؤسسة العلاجية مرخصاً بها طبقاً لأحكام القانون الخاص بالمحال الصناعية والتجارية وهذا القيد قد ألغى ضمنياً طبقاً لحكم المادة الثانية من القانون رقم 51
لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية إعمالاً للأثر الفورى لسريان أحكام هذا القانون على ما يقع اعتباراً من تاريخ العمل به، والقول بغير ذلك يؤدى إلى نتيجة شاذة وهى أنّ المنشآت الطبية المرخص بها طبقاً لأحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 لا يجوز منحها تراخيص بفتح صيدليات خاصة وفقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة ـ فإذا كان لكل من القانونين المشار إليهما نطاق إعمال ومجال تطبيق فإنه يتعين إعمال أحكام كل منهما على الوقائع التى تحكمها نصوص كل منهما ـ ترتيباً على ذلك: ـ فإن اشتراط أن تكون المؤسسة العلاجية مرخصاً بها طبقاً لأحكام قانون المحال الصناعية والتجارية لا يسرى إلا اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية إعمالاً للأثر الفورى لنص المادة الثانية منه باعتباره نصاً آمراً يجعل تراخيص المنشآت الطبية طبقاً لأحكامه ـ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 22/5/1997 أودع الأستاذ / فتحى إبراهيم عبد الله المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نائباً عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3947 لسنة 43ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا الدائرة الثانية فى الدعوى رقم 3448 لسنة 1 ق بجلسة 25/3/1997 والقاضى فى منطوقه “بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وبأحقية المدعية فى تعويض مقداره خمسة آلاف جنيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات”.
وطلب الطاعنون ـ للأسباب الواردة فى تقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى وتم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات عن درجتى التقاضى.
وعين لنظر الطعن أمام الدائرة السادسة عليا فحص طعون جلسة 15/5/2001 وبذات الجلسة قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون بالدائرة الأولى عليا للاختصاص لنظره بجلسة 18/6/2001 حيث نظرته على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 4/2/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا “الدائرة الأولى ـ موضوع” وحددت لنظره أمامها جلسة 23/3/2002 حيث تدوول نظره أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها.
وبجلسة 2/7/2002 قررت حجز الطعن للحكم بجلسة 2/11/2002 مع التصريح بإيداع مذكرات لمن يشاء خلال شهر ومضى الأجل المصرح به دون إيداع أية مذكرات وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ فى أن المطعون ضدها أقامت ابتداء الدعوى رقم 6494 لسنة 46 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بموجب عريضة أودعت قلم كتابها بتاريخ 2/6/1992 بطلب الحكم بقبولها شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه برفض الترخيص لها بحسبانها المدير الفنى للعيادة الطبية المشتركة بكفر الطرانية أشمون منوفية ــ بإنشاء صيدلية خاصة بهذه العيادة مع ما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى لها تعويضاً مقداره خمسون ألف جنيه جبراً للأضرار التى حاقت بها وإلزامها بالمصروفات شاملة أتعاب المحاماة على سند من القول إنها تشغل وظيفة أخصائية أمراض صدرية وقامت مع زملائها بإنشاء المشروع الطبى المذكور وتم تسجيله بالنقابة العامة للأطباء برقم 6081 فى 1/4/1991 كما صدر لها الترخيص من مديرية الشئون الصحية بالمنوفية برقم 21 فى 19/1/1992 وبتاريخ 19/1/1992 تقدمت بطلب إلى تلك المديرية للحصول على ترخيص بصيدلية خاصة بهذه العيادة إلا أن طلبها تم رفضه فتظلمت من هذا القرار بتظلمها رقم 181 بتاريخ 6/2/1992 إلا أنها لم تتلق رداً على تظلمها مما حدا بها إلى إقامة دعواها والتى اختتمتها بطلب الحكم بما تقدم.
وقد أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بطنطا للاختصاص وقيدت بجدولها برقم 3448 لسنة 1 ق وبجلسة 25/3/1997 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيساً ــ بعد استعراضها نص المادة الأولى من القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية والمادة 17 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادرة بقرار وزير الصحة رقم 216 لسنة 1981ـ على أن السبب الذى استندت إليه جهة الإدارة فى رفض الترخيص للمدعية بفتح صيدلية خاصة تلحق بالعيادة الخاصة المشار إليها ـ وهو عدم احتواء تلك العيادة على عدد من الأسرة لا يقل عن أربعين سريراً مخالف للقانون ذلك أنه باستقراء نص المادة 39 من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة يبين أن المشرع لم يشترط عدداً معيناً من الأسرة فى المؤسسة العلاجية لمنح الترخيص بفتح صيدلية خاصة بها.
وشيَّدت المحكمة قضاءها بالنسبة للتعويض المقضى به على أساس توافر أركان المسئولية الإدارية فى جانب جهة الإدارة وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بأسباب الحكم الطعين .
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها عدم استيفاء العيادة الخاصة للشروط المتطلبة لفتح صيدلية تلحق بها طبقاً لأحكام المادة 39 من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة والمادة الأولى من قرار وزير الصحة بتقرير أحكام خاصة بالقانون رقم 127 لسنة 1955 سالف الذكر واللتين حددتا المقصود بالمؤسسة العلاجية بأنها هى دار العلاج التى لا يقل عدد الأسرة بها عن أربعين سريراً فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد شيد بنيانه على نصوص القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية فى حين أن هذا القانون لا ينطبق على وقائع الدعوى وأن القانون الواجب التطبيق هو القانون رقم 127 لسنة 1955 فى شأن مزاولة مهنة الصيدلة كما أنه لا يجوز نسبة أى خطأ لجهة الإدارة لمشروعية القرار المطعون فيه مما يتخلف معه ركن الخطأ دون حاجة لبحث باقى أركان المسئولية وذلك طبقاً لما ورد تفصيلاً بتقرير الطعن.
ومن حيث إن مؤدى المواد 10، 11، 12، 13، 30، 39 من القانون رقم 127 لسنة 1955 فى شأن مزاولة مهنة الصيدلة وتعديلاته أن المشرع قد حدد أنواع المؤسسات الصيدلية المخاطبة بأحكام هذا القانون وحصرها فى الصيدليات العامة والصيدليات الخاصة ومصانع المستحضرات الصيدلية ومخازن الأدوية ومستودعات الوسطاء فى الأدوية ومحال الاتجار فى النباتات الطبية ومتحصلاتها الطبيعية وقد حدد المقصود بالصيدليات الخاصة بأنها صيدليات المستشفيات والعيادات الشاملة وعيادات الأطباء المصرح لهم فى صرف الأدوية لمرضاهم وما فى حكمها وحظر إنشاء مؤسسة صيدلية بغير ترخيص من وزارة الصحة العمومية وحدد اشتراطات عامة يتعين توافرها فى طلب الترخيص بالنسبة لكل أنواع المؤسسات الصيدلية، ومقرراً أيضاً اشتراطات خاصة لكل نوع من أنواع المؤسسات الصيدلية وقد تناولت المادة 39 من القانون رقم 127 لسنة 1955 المشار إليه المعدلة بالقانون رقم 61 لسنة 1959 الشروط الخاصة للترخيص بالصيدليات الخاصة حيث قضت بأن الصيدليات الخاصة نوعان الأول:ـ صيدليات المستشفيات والمستوصفات والعيادات الشاملة، وعيادات الأطباء المصرح لهم فى صرف الأدوية لمرضاهم أو من فى حكمهم، واشترط القانون رقم 127 لسنة 1955 لمنح ترخيص بفتح صيدلية خاصة من هذا النوع أن تكون ملحقة بمؤسسة علاجية مرخص بها طبقًا لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 الخاص بالمحال التجارية والصناعية .
والثانى: الصيدليات التابعة لجمعية تعاونية مشهرة ولا يمنح الترخيص بفتح صيدلية خاصة من هذا النوع إلا بناء على طلب من رئيس مجلس إدارة الجمعية أو مديرها.
وحيث إن سلطة الجهة الإدارية المختصة تقف عند حد التحقق من توافر شروط الترخيص العامة والخاصة كما رسمها المشرع دون أن يخولها أى مجال للتقدير فى شأن منح الترخيص أو منعه ويجب عليها فى حالة استيفاء الشروط الصحية المقررة أن تمنح الترخيص خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ المعاينة.
ومن حيث إنه طبقاً للمواد 1، 2، 3، 7، 8، 9 من القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية حدد المشرع الأنواع المختلفة للمنشآت الطبية المخاطبة بأحكام هذا القانون وحصرها فى الأنواع الآتية: العيادة الخاصة، العيادة المشتركة، المستشفى الخاص. دار النقاهة، واضعاً تعريفاً دقيقاً لمسمى كل نوع حيث عرف العيادة المشتركة بأنها كل منشأة يملكها
أو يستأجرها طبيب أو أكثر مرخص له فى مزاولة المهنة ومعدة لاستقبال المرضى ورعايتهم طبياً ويجوز أن يكون بها أسرة لا يتجاوز عددها خمسة أسرة ويعمل بالعيادة المشتركة أكثر من طبيب من تخصصات مختلفة تجمعهم إدارة مشتركة يكون أحدهم هو المدير الفنى المسئول عن العيادة …….
ومقرراً أنه لا يجوز للمنشأة الطبية مزاولة نشاطها إلا بترخيص وناصاً على أحكام جديدة لمنح تراخيص إنشاء وإدارة المؤسسات الطبية تخالف تماماً القواعد التى كانت متبعة فى ظل سريان أحكام القانون السابق رقم 490 لسنة 1955 بتنظيم إدارة المؤسسات العلاجية وناصاً فى المادة 19 منه على إلغاء القانون رقم 490 لسنة 1955 المشار إليه وذلك حسبما كشفت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 51 لسنة 1981 حيث ذكرت “إنه نظراً لما تبين من قصور فى القانون رقم 490 لسنة 1955 بتنظيم إدارة المؤسسات العلاجية غير الحكومية ـ والذى أدى إلى نشوء كثير من المعوقات التى تحول دون قيام وزارة الصحة والأجهزة الصحية بالمحليات بدورهما الفعّال فى الإشراف والرقابة على المنشآت الطبية إذ كان القانون المشار إليه يجعل منح التراخيص بإنشاء وإدارة هذه المنشآت يصدر من وزارة الإسكان والتعمير (الشئون البلدية والقروية سابقاً) طبقاً لأحكام القانون رقم453 لسنة 1954 الخاص بالمحلات التجارية والصناعية وغيرها ولما كان منح التراخيص من أهم أدوات الرقابة والإشراف فقد دعت الحاجة إلى تعديل القانون المذكور.
وحيث إن المشرع أوجب على كل منشأة علاجية الحصول على ترخيص وجعل السلطة المختصة بمنحه ـ بعد توافر الشروط المتطلبة قانوناً ـ هى المحافظ المختص بعد تسجيلها فى النقابة الطبية المختصة، وإلزام المحافظة المختصة عند الترخيص للمنشأة إخطار وزارة الصحة ببيانات تلك المنشأة لتسجيلها بسجل مركزى بالوزارة.
كما خَوَّل المشرع فى المادة 7 من القانون رقم 51 لسنة 1981 سالف الذكر وزير الصحة سلطة تحديد الاشتراطات الصحية والطبية الواجب توافرها فى المنشأة الطبية، ونفاذاً لهذا القانون أصدر وزير الصحة القرار رقم 216 لسنة 1981 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 51 لسنة 1981 متضمنة الشروط اللازمة للترخيص بتشغيل المنشأة الطبية وموضحة إجراءات تسجيل وترخيص كل نوع من أنواع المنشآت الطبية سالفة الذكر.
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم فإنه لما كان الثابت أنه لا خلاف بين أطراف الخصومة فى أن المطعون ضدها قد حصلت على رخصة تشغيل منشأة طبية صادرة من مديرية الشئون الصحية بمحافظة المنوفية طبقاً لأحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 سالف الذكر والقرارات المنفذة له برقم 21 فى 19/1/1992بإنشاء وإدارة عيادة مشتركة بمسمى “دار الشفاء التخصصى الإسلامى” بناحية كفر الطرانية ـ مركز أشمون ـ محافظة المنوفية وعدد الأسرة بها خمسة بعد تسجيل هذه العيادة بسجلات النقابة العامة للأطباء تحت رقم 37 بتاريخ 1/4/1991.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها تقدمت بطلب ترخيص صيدلية خاصة تلحق بالعيادة المذكورة بصفتها المدير الفنى المسئول عن هذه العيادة إلى إدارة تراخيص الصيدليات بمديرية الشئون الصحية بالمنوفية وذلك طبقاً لأحكام القانون رقم 127لسنة 1955 المشار إليه، إلا أن جهة الإدارة رفضت طلبها مفصحة عن سبب رفضها، وهو إنه ليس من حقها الحصول على ترخيص صيدلية خاصة للعيادة المشتركة لعدم توافر عدد الأسرة المطلوبة قانوناً، استناداً إلى قرار وزير الصحة بأحكام خاصة بالقانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة والذى نص فى مادته الأولى على أنه (فى تطبيق أحكام المادة 39 من القانون رقم 127
لسنة 1955ــ يقصد بعبارة مؤسسة علاجية فى هذه المادة المستشفيات وما فى حكمها من دور العلاج التى تحتوى على عدد من الأسرة لا يقل عن أربعين سريراً ـ فى حين أن العيادة المشتركة موضوع النزاع تحتوى على عدد خمسة أسرة).
“حافظة مستندات هيئة قضايا الدولة المودعة أمام محكمة أول درجة بجلسة 11/6/1955”.
ومن حيث إنه من المستقر عليه أنه ولئن كانت جهة الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها إلا أنها إذا ما ذكرت أسباباً لقرارها فإن هذه الأسباب تكون خاضعة لرقابة القضاء الإدارى للتحقق من مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون وأثر ذلك على النتيجة التى انتهى إليها القرار فإذا ما استبان لها أنها غير مستخلصة استخلاصًا سائغة من أصول تنتجها مادياً أو قانونياً ــ فقد القرار الأساس القانونى الذى ينبغى أن يقوم عليه وكان مشوباً بعيب مخالفة القانون.
ومن حيث إن جهة الإدارة قد استندت فى قرارها المطعون فيه إلى عدم توافر عدد الأسرة المطلوبة لدى العيادة المشتركة موضوع النزاع استناداً إلى قرار وزير الصحة سالف الذكر الصادر نفاذاً لحكم المادة 39 من القانون رقم 127 لسنة 1955 فإن هذا الاستناد فى غير محله ذلك أنه يبين من مطالعة المادة المذكورة سواء قبل تعديلها بالقانون سالف الذكر أو بعد تعديلها أن المشرع لم يشترط عدداً معينًا من الأسرة فى المؤسسة العلاجية لمنح الترخيص بفتح صيدلية خاصة تلحق بها كما أن تلك المادة لم تفوض وزير الصحة فى بيان ذلك.
ومن حيث إنه باستقراء المادة 39 من القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدلة بالقانون رقم 61 لسنة 1959ـ الواجبة التطبيق على الواقعة موضوع النزاع ـ يبين أن القيد الوحيد الذى اشترطه المشرع لمنح ترخيص صيدلية خاصة تلحق بمؤسسة علاجية ـ أن تكون المؤسسة العلاجية مرخصاً بها طبقاً لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 الخاص بالمحال التجارية والصناعية.
ومن حيث إن مؤدى نص المادة الثانية من القانون المدنى أن النص التشريعى يجوز إلغاؤه بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، وحيث إن المقصود بالتعارض فى هذا الخصوص أن يكون النصان واردين على محل واحد ويستحيل تطبيقهما عليه معاً.
ومن حيث إنه وإن كانت المادة 39 سالفة الذكر المعدلة بالقانون رقم 61 لسنة 1959 قد اشترطت أن تكون المؤسسة العلاجية مرخصاً بها طبقاً لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 الخاص بالمحال التجارية والصناعية طبقاً لما سلف بيانه فإن هذا الشرط قد جاء متسقاً مع أحكام القانون رقم 490 لسنة 1955 بتنظيم إدارة المؤسسات العلاجية وهو القانون الواجب التطبيق حينئذ بشأن المؤسسات العلاجية الذى جعل منح التراخيص بإنشاء وإدارة تلك المؤسسات طبقاً لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 سالف الذكر إلا أن المشرع أصدر القانون رقم 51 لسنة 1981بتنظيم المنشآت الطبية الذى حل محل القانون رقم 490 لسنة 1955 ــ مستهدفاً به إجراء تنظيم جديد لمنح تراخيص المنشآت الطبية، وكل ذلك على نحو ما تكشف عنه أحكام هذا القانون. كما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور ما يكشف عن الغرض من إعداده والهدف من إصداره بما احتواه من شروط وأوضاع شملت جميع المنشآت العلاجية بأنواعها المختلفة طبقاً لما سلف بيانه ومن ثم يكون هذا القيد الوارد فى المادة 39 آنفة الذكر المنوه به سلفاً قد أُلغى ضمنياً طبقاً لحكم المادة الثانية من القانون رقم 51 لسنة 1981 إعمالاً للأثر الفورى لسريان أحكام هذا القانون على ما يقع اعتبارا من تاريخ العمل به والقول بغير ذلك يؤدى إلى نتيجة شاذة وهى أن المنشآت الطبية المرخص بها طبقاً لأحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 لا يجوز منحها تراخيص بفتح صيدليات خاصة وفقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 فإذا كان لكل من القانونين المشار إليهما نطاق إعمال ومجال تطبيق فإنه يتعين إعمال أحكام كل منهما على الوقائع التى تحكمها نصوص كل منهما.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإن حكم المادة 39 من القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1959 بشأن اشتراط أن تكون المؤسسة العلاجية المرخص بها طبقاً لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 لا يسرى إلا اعتبارًا من 25/9/1981 تاريخ العمل بالقانون رقم 51 لسنة 1981 إعمالاً للأثر الفورى لنص المادة الثانية منه باعتباره نصاً آمراً يجعل تراخيص المنشآت الطبية طبقاً لأحكامه.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن العيادة المشتركة ــ مثار النزاع الماثل ـ مرخص بها طبقاً لأحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 وأنه لا خلاف بين الطرفين على توافر كافة الاشتراطات الأخرى اللازم توافرها لمنح الترخيص المطلوب.
ومن ثم يكون القرار المطعون فيه برفض الترخيص للمطعون ضدها بفتح صيدلية خاصة قد صدر مخالفاً صحيح حكم القانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إنه ـ ولئن كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أسباب تختلف عن الأسباب التى تكشف عنها هذه المحكمة فإنه ولما كان الحكم المشار إليه قد انتهى إلى النتيجة التي تتفق وصحيح حكم القانون فإن هذه المحكمة تكتفى بأن تحل أسبابها محل الأسباب التى قام عليها الحكم المطعون فيه مع تأييده فيما انتهى إليه من نتيجة بالنسبة لطلب التعويض للأسباب التى قام عليها ويكون الطعن عليه على غير أساس من الواقع أو القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات .
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا وألزمت الطاعنين بصفاتهم المصروفات.