جلسة 20 من ابريل سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عماد عبد المنعم عطية
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 4000 لسنة 45 قضائية عليا
ـ إجراءات الشهر ـ أثر تسجيل حكم نهائى بصحة التعاقد ـ دور مصلحة الشهر العقارى.
القانون رقم 114 لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقارى.
جعل المشرع أساس انتقال الملكية بالنسبة للحقوق العينية العقارية الأصلية، وكذا الأحكام النهائية المثبتة لهذه الحقوق سواء بإنشائها أو نقلها أو تغييرها أو زوالها هو التسجيل ورتب على عدم التسجيل أن تبقى الملكية على ذمة المتصرف ولا يكون للمتصرف إليه فى الفترة من تاريخ التعاقد إلى وقت التسجيل سوى بعض الحقوق والآثار الشخصية ولا تتعداها إلى الغير ولا تكون حجة عليه, كما يجب تسجيل دعاوى صحة التعاقد على الحقوق العينية العقارية ـ ناط المشرع بمكتب الشهر العقارى عند تسجيله للتصرفات والأحكام التأكد من البيانات الخاصة بأصل الملكية واسم المالك والعقد المبرم وله أن يستوفى كافة البيانات فى حالة تخلفها أو رفض تسجيلها فى حالة عدم موافاته بالاستيفاءات المطلوبة ـ دعوى صحة ونفاذ عقد البيع (دعوى صحة التعاقد) هى دعوى استحقاق مآلاً للقدر المبيع يُقصد بها تنفيذ التزامات البائع التى من شأنها نقل الملكية إلى المشترى تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم مقام التوقيع على عقد البيع النهائى بحيث لو تم تسجيله انتقلت الملكية إليه ـ يتعين على المحكمة عند الفصل فيها أن تبحث كل ما يثار أمامها من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه وإمكان نقل الملكية من عدمه وكل ما يثار من أسباب بطلان العقد إذ من شأن هذا البطلان لو صح أن يحول دون الحكم بصحة ونفاذ العقد ـ رسم المشرع للمدعى فى دعوى صحة التعاقد طريقًا يمكنه من التمسك بالحكم الذى يصدر لصالحه ضد كل من آل إليه الحق من البائع المدعى عليه وإعلام الغير بالأخطار التى يتعرضون لها عند التعاقد بشأن العقار موضوع الدعوى ـ يتحقق هذا الإعلام بتسجيل صحيفة الدعوى والتأشير بمنطوق الحكم وحده طبقًا للمادتين 15, 17 من قانون الشهر العقارى ـ ويتحقق هذا الإعلام أيضًا بشهر الحكم كاملاً إذ إن هذا الشهر يتضمن كل بيانات التسجيل الهامشى ويزيد عليه ـ إذا اقتصر حكم المحكمة فى دعوى صحة التعاقد على صحة ونفاذ عقد البيع دون التثبت من ملكية المتصرف للشىء المبيع، رغم أن للمحكمة حق بحث هذه الملكية لما قد يحدث من تغيب للمدعى عليه ـ وهو البائع ـ عن الحضور أو أن يحضر ويقر بصدور التعاقد منه فيصدر الحكم على هذا الأساس دون التعرض لأصل هذه الملكية وبحثه, ومن ثَمَّ فإن صدور الحكم بصحة التعاقد فى هذه الحالة لا يعفى المشترى ـ عند شهر هذا الحكم ـ من تقديم كافه المستندات الدالة على ملكية البائع وذلك على النحو الموضح بالمادتين 22, 27 من قانون الشهر العقارى ـ تطبيق.
ـ الأثر المترتب على وجود شرط مؤبد مانع من التصرف فى الملكية عند نقل الملكية للغير وشهر التصرف الناقل لها.
المادة (823) من القانون المدنى.
المستفاد من نص المادة 823 من القانون المدنى أنها لا تبيح اشتراط حظر التصرف (فى العقد أو الوصية) ـ إلا لمدة مؤقتة وبناءً على باعث مشروع وهى الحدود التى أباح المشرع فى نطاقها الخروج على مبدأ حرية تداول الأموال، وعلى ذلك فإذا ما ورد هذا الشرط مؤبدًا فإنه يكون قد جاء مخالفًا لصحيح حكم القانون ووقع باطلاً وصح العقد أو الوصية بدونه ـ لا يجوز لمصلحة الشهر العقارى الامتناع عن السير فى إجراءات شهر الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع استنادًا إلى وجود شرط مانع مؤبد من التصرف فى الوصية وقد ثبت بطلان هذا الشرط وظلت الوصية صحيحة بدونه ـ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 8/4/1999 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفتهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 4000 لسنة 45ق. عليا، وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 9/2/1999 فى الدعوى رقم 506 لسنة 49ق، والقاضى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان بصفتهما ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
ولم يجر إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهم.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، مع مراعاة إعلان المطعون ضدهم، ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين بصفتهما المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن جلسة 8/11/2000, وبجلسة 27/11/2000 حضر الأستاذ/ محمد عبد السميع على، عن المطعون ضدهم بتوكيل تم إثباته، وبجلسة 7/5/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى ـ موضوع) لنظرها بجلسة 30/6/2001 حيث جرى تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، حيث لم يحضر أحد عن المطعون ضدهم رغم إخطارهم بمواعيد الجلسات, وبجلسة 22/12/2001 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 6/4/2002 ومذكرات فى شهر.
وبتلك الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن المطعون ضدهم
قد أقاموا دعواهم ابتداءً فى 3/12/1990 بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها تحت رقم 17874 لسنة 90 م.ك، طالبين فى ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهما بتسجيل الحكم رقم 2935 لسنة 76 م . ك جنوب القاهرة وشهره مع إلزامهما المصروفات.
وذكروا شرحاً لذلك أنهم اشــتروا العقارين رقمى 4, 5 عطفة النمرسى الدرب الأحمر من مالكته الإنجليزية الإسرائيلية (اليهودية) الديانة بعقد عرفى مؤرخ فى 1/5/1975 وأقاموا عنه الدعوى رقم 2935 لسنة 79 م . ك جنوب القاهــــــرة وصدر الحكم بصحة ونفـاذ عقد البيع وإذ تقدم الطالبون بطلب لتسجيل الحكم قيد برقم 307 لسنة 1979 شهر عقارى الدرب الأحمر إلا أن المأمـــورية رفضت تسجيل الحكم بمقولة إن ملكية البائعة بموجب وضع يد ووصية مسجلة جاء بها شرط منع من التصرف, ولما كان هذا الأمر معروضاً على المحكمة الصادر منها الحكم المراد إشهاره وقضت بصحته ونفاذه وأصبح هذا الحكم له حجية وبالتالى لا يكون للشهر العقارى حق التعقيب عليه.
وأضافوا أنهم وضعوا اليد على هذا العقار من تاريخ تحرير العقد، الأمر الذى يكون معه قد تملكاه بالتقادم الطويل, ويكون امتناع المأمورية عن تسجيل الحكم المشار إليه هو امتناع على غير أساس من القانون.
تدوول نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة، وبجلسة 30/6/1992 قضت بإلزام المدعى عليهما بصفتهما بتسجيل الحكم الصادر فى الدعوى رقم 2935 لسنة 1976 م .ك جنوب القاهرة وألزمتهما المصاريف.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن الجهة الإدارية لم ترتض بهذا الحكم فأقامت الاستئناف رقم 10426 لسنة 109 ق أمام محكمة استئناف القاهرة والتى قضت بجلسة 16/2/1993 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص القضاء العادى ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وأبقت الفصل فى المصاريف.
ونفاذاً لذلك وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وقيدت بقلم كتابها تحت رقم 506 لسنة 49 ق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً مع إلزام المدعين المصروفات.
وتدوول نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها, وبجلسة 9/2/1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وشيَّدت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أن المدعين اشتروا العقارين رقمى 4, 5 عطفة النمرسى قسم الدرب الأحمر من السيدة/ إيمى أزويل بنت مناشى التى أقرت بأن ملكية العقارين آلت لوالدها بموجب عقدى شراء، الأول مسجل برقم 6755 فى 30/7/1929، والثانى مسجل برقم 5201 فى 14/7/1932، وأن الملكية آلت إليها بموجب وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بناءً على الوصية الصادرة فى 1/4/1930 والمصدق عليها من القنصلية البريطانية فى 21/3/1964 والمترجمة رسمياً بمعرفة مصلحة الشهر العقارى, والعقارين مكلفين باسم البائعة, وأن المدعين أقاموا دعوى صحة التعاقد أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية فى 12/5/1976 وطالبوا فى ختامها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 1/5/1975, وبجلسة 20/6/1976 قضت المحكمة بصحة ونفاذ هذا العقد وعليه تقدموا بطلب إلى الشهر العقارى بالدرب بالأحمر لتسجيل هذا الحكم وشهره إلا أن المكتب المذكور امتنع عن السير فى إجراءات تسجيل الحكم بدعوى أن الملكية آلت إلى البائعة بموجب وصية تضمَّنت شرطًا يفيد المنع من التصرف. وأضافت المحكمة أن الشرط الوارد فى هذه الوصية جاء غير موقوت بالمخالفة لصحيح حكم القانون، الأمر الذى يعتبر معه هذا الشرط غير صحيح ولا يعتد به ولا يترتب على مخالفته بطلان التصرفات الصادرة من الموصى لها وبالتالى يغدو قرار الشهر العقارى بالامتناع عن تسجيل الحكم المذكور وشهره غير قائم على سبب صحيح يبرره, ومن ثَمَّ انتهت المحكمة إلى قضائها المطعون فيه.
وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين بصفتهما فقد بادرا إلى إقامة الطعن الماثل ناعيين عليه أنه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله إذ إنه طبقاً لأحكام قانون الشهر العقارى أنه يتعين شهر جميع التصرفات التى تقع على العقارات، وذلك بعد تقديم كافة الطلبات اللازمة لذلك ومنها سند الملكية, ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم تقدموا لمكتب الشهر العقارى بالدرب الأحمر لتسجيل الحكم الصادر لهم بصحة ونفاذ عقد البيع المبرم بينهم وبين إيمى أزويل إلا أن المكتب رفض إتمام تسجيل الحكم بسبب انتقال الملكية من البائعة لهما محملة بشرط مانع من التصرف، الأمر الذى امتنع معه المكتب من تسجيل هذا الحكم , وبالتالى يغدو قراره فى هذا الصدد قد صدر متفقًا وصحيح حكم القانون, فإذ خالف الحكم الطعين هذه الوجهة من النظر فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون ولا سيما أن ما استند إليه من أن الشرط المانع من التصرف جاء مخالفًا لنص المادة (803) من القانون المدنى, والتى أجازت أن يستغرق هذا الشرط حياة المتصرف له أو المتصرف إليه أو الغير باعتبار هذه المدة معقولة.
ومن حيث إن المادة التاسعة من القانون رقم 114 لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقارى تنص على أن ” جميع التصرفات من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله والاحكام النهائية المثبتة لشىء من ذلك يجب شهرها بطريق التسجيل …. ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول
لا بين ذوى الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم …….”.
وتنص المادة العاشرة على أن “جميع التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية يجب كذلك تسجيلها ويترتب على عدم التسجيل أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير …..”.
وتنص المادة (15) على أن “يجب التأشير فى هامش سجل المحررات واجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى ….. ويجب كذلك تسجيل دعاوى استحقاق أى حق من الحقوق العينية العقارية أو التأشير بها على حسب الأحوال، كما يجب تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية وتحصل التأشيرات والتسجيلات المشار إليها بعد إعلان صحيفة الدعوى وقيدها بجدول المحكمة”.
وتنص المادة (17) من هذا القانون والمعدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1976 على أن ” يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة (15) أو التأشير بها أن حق المدعى إذا ما تقرر بحكم مؤشر به طبقًا للقانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداءً من تاريخ تسجيل الدعاوى أو التأشير بها …..”.
وتنص المادة (22) من ذلك القانون فى البند سادسًا والمعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1976 على أن “يجب أن تشتمل الطلبات المنصوص عليها فى المادة السابقة على ما يأتى, فضلاً عما يتطلبه القانون فى أحوال خاصة: أولاً:…….. سادساً: البيانات الخاصة بأصل الملكية أو الحق العينى محل التصرف …….. وكذلك أحكام صحة التعاقد والقسمة وتثبيت الملكية إذا ما بنيت على الإقرار بأصل الحق أو التسليم للمدعى بطلباته …….”.
وتنص المادة (27) من هذا القانون على أن “للمأمورية من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب صاحب الشأن أن تستوفى البيانات فيما يتعلق بوصف وأصل الملكية أو الحق العينى مما يكون قد قدم من طلبات ……”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع جعل أساس انتقال الملكية بالنسبة للحقوق العينية العقارية الأصلية وكذا الأحكام النهائية المثبتة لهذه الحقوق سواء بإنشائها أو نقلها أو تغييرها أو زوالها هو التسجيل ورتب على عدم التسجيل أن تبقى الملكية على ذمة المتصرف ولا يكون للمتصرف إليه فى الفترة من تاريخ التعاقد إلى وقت التسجيل سوى بعض الحقوق والآثار الشخصية ولا تتعداها إلى الغير ولا تكون حجة عليه, كما يجب تسجيل دعاوى صحة التعاقد على الحقوق العينية العقارية وناط المشرع بمكتب الشهر العقارى عند تسجيله للتصرفات والأحكام التأكد من البيانات الخاصة بأصل الملكية واسم المالك والعقد المبرم بينهما وله أن يستوفى كافة البيانات فى حالة تخلفها أو رفض تسجيلها فى حالة عدم موافاته بالاستيفاءات المطلوبة.
ومن حيث إن دعوى صحة ونفاذ عقد بيع (دعوى صحة التعاقد) هى دعوى استحقاق مآل للقدر المبيع يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التى من شأنها نقل الملكية إلى المشترى تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم مقام التوقيع على عقد البيع النهائى بحيث لو تم تسجيله انتقلت إليه ملكية المبيع, فإنه يتعين على المحكمة عند الفصل فيها أن تبحث كل ما يثار أمامها من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه وإمكان نقل ملكية المبيع من عدمه وكل ما يثار من أسباب بطلان العقد, إذ من شأن هذا البطلان لو صح أن يحول دون الحكم بصحة العقد ونفاذه, وما يثار من عدم إمكان تنفيذ عقد البيع لوروده على شىء غير قابل للتعامل فيه وبحث ذاتية الشىء المبيع الذى هو ركن من أركان البيع والتحقق من موقعه ومساحته وحدوده, كما أنه يجوز للبائع أن يتقدم فى هذه الدعوى بأى دفع فضلاً عن حق كل من يدعى ملكية العقار المبيع أو حقًا عينيًا أن يتدخل هجوميًا فى دعوى صحة التعاقد.
ومن حيث إن المشرع قد رسم للمدعى فى دعوى صحة التعاقد طريقاً يمكنه من التمسك بالحكم الذى يصدر لصالحه ضد كل من آل إليه الحق من البائع المدعى عليه وإعلان الغير بالأخطار التى يتعرضون لها عند التعاقد بشأن العقار موضوع الدعوى، وإذا كان هذا الإعلام يتحقق بتسجيل صحيفة هذه الدعوى والتأشير بمنطوق الحكم وحده طبقاً لأحكام المادتين 15، 17 من قانون الشهر العقارى سالف الذكر، فإنه من باب أولى يتحقق بشهر الحكم كاملاً، إذ إن هذا الشهر يتضمن كل بيانات التسجيل الهامشى ويزيد عليه.
ومن حيث إنه إذا اقتصر حكم المحكمة فى دعوى صحة التعاقد على صحة ونفاذ عقد البيع دون التثبت من ملكية المتصرف للشىء المبيع، رغم أن للمحكمة حق بحث هذه الملكية لما قد يحدث من تغيب المدعى عليه ـ وهو البائع ـ عن الحضور أو أن يحضر ويقر بصدور التعاقد منه فيصدر الحكم على هذا الأساس دون التعرض لأصل هذه الملكية وبحثه, ومن ثَمَّ فإن صدور الحكم بصحة التعاقد فى هذه الحالة لا يعفى المشترى ـ عند شهر هذا الحكم ـ من تقديم كافة المستندات الدالة على ملكية البائع، وذلك على النحو الموضح بالمادتين 22, 27 سالفتى الذكر.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وبتطبيقه على وقائع النزاع الماثل وكان الثابت من الأوراق وأخصها عقد البيع العرفى المحرر فى 1/5/1975 بين كل من السيدة إيمى أزويل بنت مناشى إبراهيم بطيش بريطانية الجنسية إسرائيلية (يهودية) الديانة والمطعون ضدهم أنهم اشتروا بمقتضاه العقارين 4, 5 عطفة النمرسى/ قسم الدرب الأحمر والمبينين الحدود والمعالم بهذا العقد لقاء ثمن قدره سبعة آلاف جنيه, وأقرت البائعة أن ملكية العقارين آلت لوالدها بموجب عقد شراء الأول مسجل برقم 6755 فى30/7/1929، والثانى مسجل برقم 5201 فى 14/7/1931, وأن الملكية آلت إليها بموجب وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بناءً على الوصية الصادرة فى 1/4/1930 والمصدق عليها من القنصلية البريطانية فى 21/3/1964 والمترجمة رسمياً بمعرفة مصلحة الشهر العقارى والتوثيق ـ إدارة الترجمة رقم 625 لسنة 1964 والعقارين مكلفين باسم البائعة كما هو ثابت من المستخرج الرسمى بالصفحة 74 دفتر الحصر العام جزء 7 عن الملك ـ 4 عطفة النمرسى/ قسم الدرب الأحمر، والمستخرج الرسمى رقم 932485 ـ دفتر الحصر العام ص 72 ـ جزء 7 عن العقار رقم 5 عطفة النمرسى والمكلفتين صادرتين سنة 1971.
ومن حيث إنه عقب تحرير هذا العقد بين البائعة والمطعون ضدهم فقد أقاموا دعوى صحة التعاقد أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد البائعة بإيداع صحيفتها قلم كتابها بتاريخ 12/5/1976 وأعلنت قانونًا للمدعى عليها على موطنها المختار ـ نظراً لإقامتها بالخارج ـ وقيدت بجدولها تحت رقم 2935 لسنة 1976 مدنى كلى جنوب القاهرة، وطلبوا فى ختامها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 1/5/1975 المشار إليه بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة, وقدموا تأييدًا لذلك حافظة مستندات طويت على (1) عقد بيع عرفى مؤرخ 1/5/1975 ويفيد أن العين آلت للبائعة بموجب وصية مصدق عليها فى 21/3/1964
من القنصلية البريطانية وبوضع اليد المدة الطويلة (2) إيصال من مكتب وكيل المدعى عليها بسداد باقى الثمن (3) كشفين رسميين مستخرجين من سجلات محافظة القاهرة بتكليف العقار المبيع باسم البائعة, وقد أكد الحاضر عن المدعى عليها بصحة البيع وقبض كامل الثمن.
وبجلسة 20/5/1976 قضت تلك المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع العرفى المؤرخ 1/5/1975، وذلك على النحو الثابت بهذا الحكم, والثابت أيضًا من الأوراق أن المطعون ضدهم قد قدموا شهادة من محكمة استئناف القاهرة مؤرخة 1/1/1986 بعدم حصول استئناف فى الحكم المشار إليه.
ومن حيث إن المطعون ضدهم تقدموا بطلب إلى مكتب الشهر العقارى بالدرب الأحمر قيد برقم 307 لسنة 1979 لتسجيل هذا الحكم وشهره إلا أن المكتب المذكور امتنع عن السير فى إجراءات تسجيل الحكم بدعوى أن الملكية قد آلت إلى البائعة بموجب وصية تضمنت شرطًا يفيد المنع من التصرف.
ومن حيث إن المادة (823) من القانون المدنى تنص على أنه “(1) إذا تضمَّن العقد
أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف فى مال, فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيًا على باعث مشروع ومقصور على مدة معقولة (2) ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعه للمتصرف, أو للمتصرف إليه أو الغير (3) والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق حياة المتصرف، أو المتصرف إليه, أو الغير”.
ومن حيث إن مفاد نص هذه المادة أنها لا تبيح اشتراط حظر التصرف إلا لمدة مؤقتة وبناء على باعث مشروع وهى الحدود التى أباح المشرع فى نطاقها الخروج على مبدأ حرية تداول الأموال, وعلى ذلك فإذا ما ورد هذا الشرط مؤبدًا فإنه يكون قد جاء مخالفًا لصحيح حكم القانون ووقع باطلاً وصح العقد أو الوصية بدونه.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن البائعة إيمى أزويل آلت إليها ملكية العقارين المشار إليهما عن طريق وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بناءً على الوصية الصادرة فى 1/4/1930 والمصدق عليها من القنصلية البريطانية فى 21/3/1964 والمترجمة رسمياً بمعرفة مصلحة الشهر العقارى والتوثيق, وكان الثابت من مطالعة تلك الوصية أن والد البائعة أوصى لها بالأرض ـ محل العقارين ـ على ألاَّ يجوز لها أن تبيع
أو تهب هذه الأرض بأى حال من الأحوال ويكون لها ولبنيها وبناتها من بعدها, ولما كان هذا الشرط قد جاء على سبيل التأبيد بالمخالفة لنص المادة (833) من القانون المدنى المشار إليها فإنه يتعين معه اعتبار هذا الشرط لاغياً ولا يحتج به وصحت الوصية بدونه.
ومن حيث إن مصلحة الشهر العقارى قد امتنعت عن السير فى إجراءات شهر الحكم المشار إليه بصحة ونفاذ عقد البيع استناداً إلى وجود شرط مانع من التصرف فى الوصية على النحو آنف البيان، وقد ثبت بطلان هذا الشرط وظلت الوصية صحيحة بدونه, ومن ثَمَّ يكون قرار مصلحة الشهر العقارى بالامتناع عن السير فى إجراءات شهر الحكم المشار إليه لهذا الشرط المانع قد جاء مخالفًا لصحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد واكب الصواب ويكون الطعن عليه جديراً بالرفض.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك ما يحتج به الطاعنان من أن الشرط المانع المشار إليه يجوز أن يستغرق حياة أطراف العقد أو الغير وهى مدة معقولة, فقد جاء هذا الشرط المانع على سبيل التأبيد، وبالتالى وقع مخالفًا للقانون، وهو الأمر الذى ينبغى معه الالتفات عنه واعتبار الوصية صحيحة بدونه.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.