جلسة 26 من يناير سنة 2010
الطعن رقم 4021 لسنة 49 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)
تنفيذه– سحب الأعمال والتنفيذ على الحساب– غاير المشرع في بيان استحقاق الجهة الإدارية للمصروفات الإدارية بين عقود التوريد وعقود مقاولات الأعمال، فلم يحدد نسبة معينة من قيمة العقد كمقابل للمصروفات الإدارية بالنسبة لعقود المقاولة، على خلاف ما قضى به في شأن عقود التوريد، حيث أوجب إضافة مصروفات إدارية بواقع 10% من قيمة الأصناف المشتراة على الحساب– إذا لم تتكبد الجهة الإدارية في عقود المقاولة مصروفات لطرح الأعمال المسحوبة، فإنها لا تستحق أية مصاريف إدارية.
-المادتان (82/ب) و (92/أ) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم (9) لسنة 1983 (الملغى)، الصادرة بقرار وزير المالية رقم (157) لسنة 1983 (الملغى).
في يوم الثلاثاء الموافق 4/2/2003 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة بني سويف والفيوم) بجلسة 17/12/2002 في الدعوى رقم 3323 لسنة 1 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضده، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه أن يؤدي للمدعي بصفته مبلغ 43108,202 جنيهات، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام المدعى عليه المصروفات ومئة جنيه أتعاب المحاماة.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام المطعون ضده أن يؤدي للطاعن بصفته مبلغ 47720,47 جنيهًا والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد مع إلزامه المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام المطعون ضده أداء مبلغ 43108,202 جنيهات والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام الإدارة والمطعون ضده المصروفات مناصفة.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 19/11/2008 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) موضوع لنظره بجلسة 3/2/2009، وبهذه الجلسة نظرته المحكمة وتدوول أمامها بالجلسات إلى أن قررت بجلسة 20/10/2009 إصدار الحكم بجلسة 24/11/2009 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال أربعة أسابيع، لم يقدم الطرفان فيها شيئًا، وبهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 1/12/2009 ثم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 7/3/1996 أقام الطاعن دعواه ابتداء أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) ضد المطعون ضده، طلب في ختامها الحكم بإلزامه أن يدفع له مبلغ 47720,47 جنيها، والفوائد القانونية التجارية المستحقة بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وذكر شرحًا لدعواه أنه بتاريخ 30/4/1988 تعاقد مع المطعون ضده لتنفيذ عملية إحلال وتجديد خطوط مياه اسبستوس أقطار مختلفة بمدينة بني سويف، نظير مبلغ 65552,69 جنيهًا خلال ستة أشهر من تاريخ تسلم الموقع في 21/5/1988 ليكون تاريخ الإنهاء الرسمي للعملية هو 21/11/1988، ونظرًا للبطء في التنفيذ تمت الموافقة بتاريخ 12/2/1989 على منحه مهلة إضافية انتهت في 15/6/1989، ولم يتم تنفيذ سوى 50% تقريبًا من الأعمال، فتم إخطار المطعون ضده بتاريخ 2/7/1989 وبتاريخ 31/7/1989 بسرعة إنجاز الأعمال خلال خمسة عشر يوما وإلا سيتم سحب العمل منه، فتقدم بطلب لمنحه مهلة إضافية، فتم منحة ثلاثة أشهر بشرط تقديم برنامج زمني، ونظرًا لعدم التزامه بالبرنامج الزمني وتوقفه تمامًا؛ فقد صدر قرار السلطة المختصة في 24/4/1993 بسحب العمل منه والتنفيذ على حسابه، وتم إخطاره بذلك لحضور لجنة حصر الأعمال التي تم تنفيذها، وتم طرح الأعمال المتبقية المسحوبة في مناقصة عامة لتنفيذها على حسابه، وبلغت فروق الأسعار 29369,186 جنيهًا، ومبلغ 4611,687 جنيهًا مصاريف إدارية بواقع 10% من قيمة الأعمال المنفذة على الحساب، ومبلغ 3755,5 جنيها باقي قيمة الغرامات التي تم توقيعها عن التأخير في تنفيذ الأعمال في مواعيدها، ومبلغ 10297,36 جنيهًا قيمة أدوات ملك الجهة الإدارية تم تسليمها ولم يتم تركيبها بالمواقع أو إعادتها إلى المخازن، فيكون المستحق في ذمة المطعون ضده: 48033,72 جنيهًا، تم خصم مبلغ 313,25 جنيهًا مستحق له، فيكون الباقي مبلغ 47720,470 جنيهًا، وخلص المدعي إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
……………………………………………………………………..
وتدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة –على النحو المبين بمحاضر جلساتها– وبجلسة 16/10/2000 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة بني سويف والفيوم) للاختصاص، فأحيلت إليها وقيدت بجدولها بتاريخ 26/9/2001 برقم 3323 لسنة 1 ق، وتدوولت بجلساتها، على النحو المبين بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 17/12/2002 أصدرت حكمها المطعون فيه، وأقامته على سند من أن الجهة الإدارية المتعاقدة قد نفذت بالفعل باقي الأعمال المسحوبة على حساب المدعي، وبلغت فروق الأسعار مبلغ 29369.18 جنيهًا، وتم صرف أدوات من مخازن الجهة الإدارية قيمتها 10297,36 جنيهًا لم يقم المطعون ضده بإرجاعها للجهة فيُلزم قيمتها، وكذلك يلزم مبلغ 3755,50 جنيهًا قيمة غرامة التأخير، أما بالنسبة للمصروفات الإدارية فلم تستجب المحكمة لطلب الطاعن بالنسبة لها على سند من أن هذه المصروفات لا تستحق في حالة التنفيذ على حساب المتعاقد المقصر إلا إذا أثبتت الجهة الإدارية أنها قد تحملت خسائر أو لحقتها أضرار، كما لو قامت بإعادة المناقصة من جديد، والثابت أن الجهة الإدارية كلفت المقاول السنوي بتنفيذ جزء من الأعمال المتبقية بأسعار القائمة مضروبة في العلاوة 210%، والجزء الآخر تم تنفيذه بمعرفة مقاول آخر دون تكبد الجهة الإدارية مصروفات نشر جديد وتشكيل لجان لفتح مظاريف أو للبت، وأسقطت المحكمة قيمة المصروفات الإدارية، وقضت بإلزام المطعون ضده مبلغ 43108,202 جنيهات فقط. وبالنسبة لطلب الفوائد فقد قضت برفضه على سند من أنه لا إلزام على القضاء الإداري تطبيق حكم المادة 226 من القانون المدني على العقود الإدارية فلا يوجد نص يقضي بهذا الإلزام، كما أن طبيعة العلاقة لا تقتضي الحكم به.
……………………………………………………………………..
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن فيما قضى به من إسقاط مبلغ المصروفات الإدارية والفوائد فقد طعن عليه بالطعن الماثل استنادًا إلى أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله في خصوصية عدم القضاء بالمصاريف الإدارية والفوائد؛ ذلك أن قضاء المحكمة الإدارية العليا استقر على أن المشرع لم يربط بين استحقاق جهة الإدارة للمصاريف الإدارية وبين تحملها نفقات أو تكاليف، وكذلك بالنسبة لطلب الفوائد فقد استقر هذا القضاء على تطبيق حكم المادة 226 من القانون المدني في نطاق العقود الإدارية باعتبارها من الأصول العامة في الالتزامات ولا تتعارض مع طبيعة الروابط الإدارية.
……………………………………………………………………..
-وحيث إنه بالنسبة لما يطالب به الطاعن من إلزام المطعون ضده بنسبة 10% مصاريف إدارية فإن المادة (82/ب) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 –الذي يسري على النزاع الماثل– تنص على أنه: “إذا أخل المقاول بأي شرط من شروط العقد أو أهمل أو أغفل القيام بأحد التزاماته المقررة، ولم يصلح أثر ذلك خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إخطاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بالقيام بإجراء هذا الإصلاح كان لرئيس الإدارة المركزية أو المدير العام المختص وعلى مسئوليته الحق في اتخاذ أحد الإجراءين التاليين وفقًا لما تقتضيه المصلحة العامة:
(أ)… (ب) سحب العمل من المقاول وتنفيذه على حسابه… وذلك مع مصادرة التأمين النهائي المستحق على المقاول وقت سحب العمل، والحصول على جميع ما تستحقه الجهة الإدارية من غرامات وتعويضات، واسترداد جميع ما تكبدته من مصروفات وخسائر زيادة على قيمة العقد نتيجة لسحب العمل”.
ومفاد ما تقدم أن المشرع أعطى للجهة الإدارية الحق في تنفيذ الأعمال المسحوبة من المقاول على حسابه، وأعطاها كذلك الحق في مصادرة التأمين النهائي المدفوع منه، كما أعطاها الحق في الحصول على الغرامات والتعويضات المستحقة واسترداد جميع ما تكبدته من مصروفات فعلية وخسائر زيادة على قيمة العقد نتيجة سحب العمل، وأنه لم يحدد نسبة معينة من قيمة العقد كمقابل للمصروفات الإدارية، على خلاف ما قضت به المادة (92/أ) من اللائحة التنفيذية المشار إليها من أنه في حالة التأخير في تنفيذ عقود التوريد وتنفيذها على حساب المتعهد المقصر يتعين إضافة مصروفات إدارية بواقع 10% من قيمة الأصناف المشتراة على حسابه إلى جانب الزيادة في الثمن، وهو الأمر الذي يتضح منه أن المشرع غاير في بيان استحقاق الجهة الإدارية للمصروفات الإدارية بين عقود التوريد وعقود مقاولات الأعمال على النحو السالف بيانه.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم ومتى كان الثابت أن الجهة الإدارية الطاعنة لم تتكبد مصروفات لطرح الأعمال المسحوبة، وإنما كلفت بها المقاول السنوي ومقاولا آخر، ومن ثم لم تتحمل أية مصروفات أو خسائر في هذا الشأن، الأمر الذي لا تستحق معه أية مصاريف إدارية، وقد أصاب الحكم المطعون فيه إذ لم يحكم لها بالمصاريف الإدارية.
-أما عن طلب الفوائد فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على تطبيق أحكام المادة 226 من القانون المدني على الروابط العقدية الإدارية باعتبارها من الأصول العامة للالتزامات، ويتعين الحكم بها تأسيسًا على ما تقدم، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفضها قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويكون الطعن عليه في هذا الشق قائمًا على أساس سليم مما يتعين معه الحكم بإلغائه في هذا الشق، والحكم بأحقية الجهة الإدارية الطاعنة في فوائد بنسبة 5% من المبلغ المحكوم به وقدره 43108,202 جنيهات من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، مع إلزام طرفي الخصومة المصروفات مناصفة عن درجتي التقاضي عملا بحكم المادة 186 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام المدعى عليه (المطعون ضده) أن يؤدي للمدعي (الطاعن بصفته) مبلغًا قدره 43108.202 جنيهًا (فقط ثلاثة وأربعون ألفًا ومئة وثمانية جنيهات وعشرون قرشًا)، والفوائد القانونية المستحقة عن هذا المبلغ بواقع 5% سنويًا اعتبارًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت طرفي الطعن المصروفات.