جلسة 15 من يونيو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. فاروق عبد البر السيد.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى عبدالرحمن يوسف، ونجيب محمد إسماعيل، وعطية عماد الدين نجم، و محمد عبدالحميد أبو الفتوح
نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمد محمود حسن خالد.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوى.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 4031 لسنة 41 قضائية عليا:
ـ بتبعيتها الإدارية ـ النظام القانونى للموظفين والمستخدمين.
القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة ـ القرار الجمهورى رقم 156 لسنة 1959 ـ ورقم 1328 لسنة 1959 بشأن الأجور الإضافية لموظفى الدولة ـ المادة (36) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964.
إدارة الأسواق والسواحل كانت إحدى إدارات وزارة الاقتصاد وكان منوطًا بها الإشراف على جميع الأسواق والسواحل على مستوى الجمهورية ثم آلت تبعيتها إلى وزارة التموين والتجارة الداخلية تحت اسم مصلحة التسويق الداخلى ثم تبعت فى عام 1969 للشركة المصرية العامة لأسواق الجملة ـ إحدى شركات المؤسسة المصرية العامة للسلع العذائية التى أسندت إليها إدارة شئون الأسواق الجملة للخضر والفاكهة والحبوب خلفًا لتلك المصلحة, فى عام 1973 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1621 لسنة 1973 بتصفية هذه الشركة وأيلولة إدارة الأسواق التابعة لها إلى المحافظات التى تقع فى دائرتها ـ وظلت الشركة تحت التصفية حتى صدر قرار محافظ القاهرة رقم 56 لسنة 1975 بنقل العاملين إلى الإدارة العامة للأسواق والسواحل بالمحافظة ـ نظرًا للطبيعة الخاصة لعمل موظفى ومستخدمى الأسواق والسواحل فقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1399 لسنة 1960, وأفردهم بنظام قانونى يستقلون به فى هذا المقام الخاص بالأجور الإضافية ـ تطبيق.
فى يوم الأربعاء الموافق 12/7/1995 أودعت هيئة قضايا الدولة، بصفتها نائبًا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير طعن فى حكم محكمة القضاء الإدارى ـ دائرة التسويات والجزاءات ـ الصادر بجلسة 5/6/1995 فى الدعوى رقم 1725 لسنة 47 ق. الذى قضى بأحقية المدعيين فى صرف الأجر الإضافى بواقع 25% شهريًا من الراتب الأساسى اعتبارًا من تاريخ إيقاف الصرف, وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع مراعاة أحكام التقادم الخمسى.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بالتقرير ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى مع إلزام رافعيها المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم : بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا, وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى قررت بجلسة 6/4/2001 إحالته إلى المحكمة “الإدارية العليا ـ الدائرة الثانية ـ لنظره بجلسة 12/5/2001 م”.
وعليه ورد الطعن إلى هذه المحكمة, وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 16/2/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 23/3/2002 ثم رؤى إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 10/12/1992 أقام المطعون ضدهما وآخرون ـ الدعوى رقم 1725 لسنة 47 ق. أمام محكمة القضاء الإدارى ـ دائرة التسويات والجزاءات ـ ضد الطاعن بغية الحكم بأحقيتهم فى أجر إضافى بواقع 25% اعتبارًا من تاريخ التحاق كل منهم بالعمل طبقًا لأحكام القرار الجمهورى رقم 1560 لسنة 1959, 1399 لسنة 1960 تأسيسًا على أنهم من العاملين بإدارة الأسواق والسواحل التابعة لمحافظة القاهرة, وأن طبيعة عملهم تقتضى التواجد فى غير أوقات العمل الرسمية وطوال 24 ساعة, تنفيذًا لقرار وزير التموين وقد تقرر لهم أجر إضافى بالنسبة المشار إليها, وتم الصرف لهم حتى أكتوبر 1973 من محافظ القاهرة ثم توقف الصرف دون سبب مشروع الأمر الذى حدا بهم إلى إقامة هذه الدعوى.
وبجلسة 5/6/1995 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة للمدعيين (المطعون ضدهما) وفى الموضوع بأحقيتهما فى صرف الأجر الإضافى بواقع 25% شهريًا من الراتب الأساسى اعتبارًا من تاريخ إيقاف الصرف, مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وبمراعاة أحكام التقادم الخمسى, وشيَّدت قضاءها على أن المدعيين من العاملين بإدارة الأسواق والسواحل بحى شمال القاهرة, وأن طبيعة العمل فى هذه الإدارة تتطلب التواجد المستمر فى موقع العمل فى غير أوقات العمل الرسمية وأن العاملين بها يقومون بالعمل لمدة ثمانى ساعات يوميًا, ومن ثَمَّ يتوافر فى شأن المدعيين مناط استحقاق الأجر الإضافى عن ساعات العمل الإضافية, المقررة بالقرار الجمهورى رقم 1399 لسنة 1960 . وإذ الثابت أن هذا الأجر صرف لهما حتى تاريخ صدور قرار محافظ القاهرة رقم 37 لسنة 1981 بنقلهما من ديوان عام المحافظة إلى حى شمال القاهرة, ثم أوقف الصرف بحجة عدم وجود الاعتماد المالى الذى يسمح بالصرف, ومن ثَمَّ يحق لهما صرف الأجر الاضافى بواقع 25% من راتبهما الأساسى, وذلك اعتبارًا من تاريخ وقف صرف هذا الأجر.
ومن حيث إن الطعن قد شيَّد على مخالفة الحكم المطعون فيه القانون, والخطأ فى تطبيقه وتأويله, وذلك أن المطعون ضدهما نقلا إلى حى روض الفرج وأصبحا من المخاطبين بأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978, الذى يقضى فى المادة 46 منه بوضع نظام لصرف مقابل الأعمال الإضافية التى يكلف بها العامل, وعليه تم صرف بدل الجهود الإضافية لهما أسوة بزملائهما، وبذات القواعد التى يخضع لها العاملون بالجهة الإدارية, أما عن صرف الأجر الإضافى طبقًا لقرارى رئيس الجمهورية رقمى 156 لسنة 1959 , 1399 لسنة 1960 فإن هذين القرارين صدرا بشأن العاملين بشركة الأسواق والسواحل وقت أن كان لها شخصية معنوية مستقلة, وإزاء إلغاء هذه الشركة ونقل العاملين بها إلى المحافظات, فلا يجوز لهما الحصول على مزايا مادية تزيد على مزايا زملائهما بتلك الجهات.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن إدارة الأسواق والسواحل كانت إحدى إدارات وزارة الاقتصاد وكان منوطًا بها الإشراف على جميع الأسواق والسواحل على مستوى الجمهورية ثَمَّ آلت تبعيتها إلى وزارة التموين والتجارة الداخلية تحت اسم مصلحة التسويق الداخلى ثم تبعت فى عام 1969 للشركة المصرية العامة لأسواق الجملة ـ إحدى شركات المؤسسة المصرية العامة للسلع الغذائية ـ التى أسندت إليها إدارة شئون الأسواق الجملة للخضر والفاكهة والحبوب خلفًا لتلك المصلحة, وفى عام 1973 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 621 لسنة 1973 بتصفية هذه الشركة وأيلولة إدارة الأسواق التابعة لها إلى المحافظات التى تقع فى دائرتها , وظلت الشركة تحت التصفية حتى صدر قرار محافظ القاهرة رقم 56 لسنة 1975 بنقل العاملين إلى الإدارة العامة للأسواق والسواحل بالمحافظة, والثابت أن المطعون ضدهما كانا يتقاضيان الأجر الأضافى طبقًا لقرار رئيس الجمهورية رقم 1399 لسنة 1960 من تاريخ العمل به حتى توقف الصرف على إثر تطبيق قوانين الإصلاح والرسوب الوظيفى.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى الطعن الماثل يتحدد فى مدى استمرار سريان أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 1399 لسنة 1960 بحسبانه مصدر الحق فى الأجر الإضافى المطالب وما إذا كان لها ثمة حق مكتسب فى اقتضاء هذا الأجر على سند من التشريع القائم.
ومن حيث إن المادة 45 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة كانت تنص على أنه “يجوز للوزير المختص أن يمنح الموظف مكافأة عن الأعمال الإضافية التى يطلب إليه تأديتها فى غير أوقات العمل الرسمية طبقًا للقواعد التى يحددها مجلس الوزراء…”.
وتنفيذًا لذلك صدر قرار مجلس الوزراء فى 16 من أكتوبر 1955 فى شأن قواعد منح المكافآت عن الأعمال الإضافية فأبان ضوابط المنح وحدد قواعده ورسم حده الأقصى, ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 156 لسنة 1959 بشأن الأجور الإضافية الذى أعاد تنظيم استحقاق هذه الأجور وألغى بمقتضاه قرار مجلس الوزراء بادى الذكر وتلاه صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 1328 لسنة 1959 ناصًا على حظر منح موظفى الدرجة الثالثة فما فوقها أية أجور إضافية عن الأعمال التى يطلب إليهم تأديتها فى غير أوقات العمل الرسمية ثم عدل القرار رقم 156 لسنة 1959 المشار إليه بمقتضى القرار رقم 1267 لسنة 1964 ونظرًا للطبيعة الخاصة لعمل موظفى ومستخدمى الأسواق والسواحل فقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1399 لسنة 1960 ناصًا فى مادته الأولى على أن “يستثنى من أحكام المادة الثالثة من القرار الجمهورى رقم 156 لسنة 1959 ومن أحكام القرار الجمهورى رقم 1328 لسنة 1959 بشأن الأجور الإضافية لموظفى ومستخدمى مراقبة الأسواق والسواحل بمصلحة الرقابة التجارية بوزارة الاقتصاد التى تستدعى طبيعة عملهم ضرورة وجود نسبة كبيرة من الموظفين فى غير أوقات العمل الرسمية بسبب اتصال أعمالها بالجمهور, وتصرف الأجور الإضافية المستحقة لهؤلاء الموظفين من المبالغ التى تحصّل من الهيئات والأفراد التى تؤدى لها هذه الأعمال” وبصدور قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة بالقانون رقم 46 لسنة 1964 ناصًا فى المادة (36) منه على أنه “يجوز منح العامل أجرًا عن الأعمال الإضافية التى تتطلب إليه تأديتها فى غير أوقات العمل الرسمية طبقًا لأحكام اللائحة التنفيذية” فقد استمر العمل بالقرارات الجمهورية السابقة عليه وذلك إزاء عدم صدور اللائحة المنوه عليها وعملا بالمادة 2 من قانون الإصدار التى قضت بأنه:
(إلى أن يتم وضع اللوائح والقرارات التنفيذية لهذا القانون تستمر اللوائح والقرارات المعمول بها فى شئون الموظفين والعمال قبل العمل بهذا القانون سارية فيما لا يتعارض مع أحكامه).
ومن حيث إنه ولئن كانت قرارات ربط الميزانية العامة للدولة بدءًا من السنة المالية 67/1968 وما بعدها درجت على إيراد نص فى التأشيرات الملحقة بها يقضى بأن ينظم الصرف من اعتماد “تعويض العاملين عن جهود غير عادية” بقرار من الوزير المختص لإثابة العاملين عن تكليفهم بالعمل, ومؤدى ذلك أنه اعتبارًا من 1/7/1967 تاريخ العمل بموازنة السنة المالية 67/1968 سقطت القرارات المنظمة للأجور الإضافية من مجال التطبيق القانونى, إلا أن العاملين بإدارة الأسواق والسواحل إنما ينظم أجورهم الإضافية تشريع خاص صدر به قرار رئيس الجمهورية رقم 1399 لسنة 1960 أخذًا فى الاعتبار ما لأعمال وظائفهم من طبيعة خاصة اقتضت إفرادهم بنظام قانونى يستقلون به فى هذا المقام خروجًا على القواعد العامة المقررة سواء من حيث الدرجة المالية التى لا يجوز لمن كانوا يشغلونها اقتضاء أجر إضافى أو من حيث الحد الأقصى لهذا الأجر فضلاً عن تحديده المصرف المالى اللازم لحصولهم على الأجر الإضافى متمثلاً فى المبالغ التى يتم تحصيلها من الهيئات والأفراد التى تؤدى لها خدمات الأسواق والسواحل، وإذ كانت القاعدة أن الخاص يقيد العام وليس العكس وأن إلغاء العام صراحة أو ضمنًا لا ينال من استمرار الحكم الخاص ووجوب إعماله طالما أن المشرع لم يتدخل بإلغائه, فمن ثَمَّ يكون المطعون ضدهما على حق فى اقتضاء الأجر الإضافى عملاً بأحكام قرار رئيس الجمهورية المتقدم ذكره مع عدم الجمع بينه وبين نظيره المقرر للعاملين بالمحافظة منعًا لازدواج الصرف وإنما يتقاضيان أى الأجرين أكبر، وذلك كله مع مراعاة أحكام التقادم الخمسى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صادف صوابًا فيما قضى به من استحقاق المدعيين للأجر الإضافى المطالب به, غير أنه أغفل ضرورة تلافى ازدواج الصرف حال اتحاد مناط الاستحقاق, الأمر الذى يتعين معه القضاء بتعديله على هذا الأساس مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً, وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بأحقية المدعيين فى صرف الأجر الإضافى على النحو المبين بأسباب هذا الحكم, مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية, وبمراعاة أحكام التقادم الخمسى, وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.