جلسة 3 من يوليو سنة 2008
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 4190 لسنة 45 القضائية عليا.
– تعيين-مشروعية اشتراط عدم سابقة العمل- أثر إغفال ذكر مدة الخبرة العملية السابقة في الاستمارة 103 ع.ح.
المادة 27 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978– قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983 المعدل بقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 71 لسنة 1988.
قرر المشرع حساب مدة الخبرة العملية للعامل التي تزيد عن تلك المطلوبة لشغل الوظيفة، وبشرط أن تتفق مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها، مع مراعاة قيد الزميل، على أن يتم ذكر تلك المدة في الاستمارة المعدة لذلك عند تقديمه مسوغات تعيينه، وإلا سقط حقه في حسابها- عدم ذكر العامل مدة خبرته العملية السابقة بالاستمارة (103ع ح) يسقط حقه في احتساب هذه المدة- لا ينال من ذلك أن الجهة الإدارية اشترطت عدم سابقة العمل؛ لأن هذا الشرط جائز وفقا لما تراه الإدارة محققا لمصلحة العمل وسيره، كما أن المتقدم لشغل الوظيفة المعلن عنها ارتضى بهذا الأمر بإرادة حرة، فلا يجوز له عقب سقوط حقه في ضم مدة خبرته العملية بعدم ذكرها بالاستمارة (103ع.ح) الرجوع والمطالبة بضمها مرة أخرى؛ لأن هذا الأمر يعد تحايلا منه، ويؤدي إلى زعزعة مراكز قانونية استقرت بالجهة الإدارية([1]) ([2])– تطبيق.
إنه بتاريخ 14/4/1999 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الاستئنافية) في الطعن رقم 792 لسنة 29 ق بجلسة 23/2/1999، القاضي بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة التي قضاها بالاشتغال بالمحاماة بإضافة خمس سنوات إلى أقدميته في الدرجة التي عين عليها، ورفع راتبه بمقدار خمس علاوات مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة التي قضاها بالاشتغال بالمحاماة بإضافة خمس سنوات إلى أقدميته في الدرجة التي عين عليها، ورفع راتبه بمقدار خمس علاوات مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام المحكمة على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 23/12/2007 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 23/3/2008 وبهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 3/7/2008 لإتمام المداولة، وبهذه الجلسة صدر الحكم مشتملاً على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن الطاعن في الطعن رقم 792 لسنة 29ق (المطعون على الحكم الصادر فيه بالطعن الماثل) سبق وأن أقام الدعوى رقم 677 لسنة 43 ق أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية، طالباً الحكم بأحقيته في حساب مدة خدمته السابقة في مهنة المحاماة من 31/3/1983 إلى 14/3/1995 إلى مدة خدمته الحالية في الجهاز المركزي للمحاسبات وفقاً لأحكام المادة (27) من القانون رقم 47 لسنة 1978. وأوضح أسانيد دعواه أنه عين بالجهاز المركزي للمحاسبات بالقرار رقم 648 لسنة 95 بتاريخ 14/3/1995 بالفئة السادسة بمجموعة الوظائف التنظيمية والإدارية، وتسلم عمله بالإسكندرية بتاريخ 15/3/1997 وله مدة اشتغال بالمحاماة منذ تاريخ قيده بالجدول العام في 31/7/1983 حتى 14/3/1995، ويحق له حساب هذه المدة ضمن مدة خدمته بالجهاز عملاً بنص المادة (27) من القانون رقم 47 لسنة 1978. وبجلسة 20/8/1997 حكمت المحكمة الإدارية بالإسكندرية بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الاستمارة رقم 103 ع. ح الخاصة بالمدعي دون فيها قرين مدد الخدمة السابقة عبارة (لا يوجد) مما يعني أنه لم يذكر مدة اشتغاله في المحاماة في الاستمارة المذكورة، ومن ثم يسقط حقه في ضمها نهائياً.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المدعي فقد أقام طعناً على الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالإسكندرية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، حيث قيد بجدولها برقم 792 لسنة 29 ق، وتم تداول الطعن أمام المحكمة وبجلسة 23/2/1999 أصدرت حكمها بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً. وشيدت حكمها بعد أن استعرضت نص المادة (27) من القانون رقم 47 لسنة 1978 على أن الثابت من الأوراق أن الطاعن عين بالجهاز المطعون ضده بالقرار رقم 648 لسنة 1995 بالفئة السادسة بمجموعة الوظائف التنظيمية والإدارية اعتباراً من 14/3/1995 ولم يثبت مدة اشتغاله بالمحاماة السابقة على تعيينه في الاستمارة المخصصة لهذا الغرض (103 ع.ح) ومن ثم يسقط حقه في ضم هذه المدة ضمن مدة خدمته بالجهاز.
وحيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وأنه جاء متجافياً مع الفهم السليم لنصوصه حسبما جرى عليه إفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع وما استقرت عليه أحكام القضاء الإداري وذلك للأسباب الآتية:
1- أن قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983 تجاوز حدود التفويض الصادر له من المشرع في وضع القواعد المنظمة لكيفية حساب مدة الخدمة السابقة باشتراط ذكر مدة الخدمة السابقة في الاستمارة المخصصة لذلك ضمن مسوغات التعيين وإلا سقط حقه نهائياً في ذلك.
2- يتعين التفرقة بين تنظيم الحق وكيفية إثباته وبين مصادرة الحق نهائياً إذ إن الأول جائز لوزير التنمية الإدارية دون الأخير.
3- لا يسوغ الادعاء بأن المشرع قد فوض وزير التنمية الإدارية أو لجنة الخدمة المدنية في إثبات الحق أو إسقاطه طبقاً للتنظيم الذي يسنه في هذا الشأن.
4- إن واقع الحال كشف عن أن أغلب الوزارات والمصالح الحكومية قد درجت على الامتناع عن تعيين العاملين الذين لهم مدة خدمة سابقة في أدنى درجات التعيين سواء بالإعلان رسمياً عن ذلك أو بإجبارهم على عدم إثباتها في الاستمارة 103 ع.ح ضمن مسوغات التعيين.
واختتم الطاعن صحيفة طعنه بالطلبات المشار إليها.
ومن حيث إن المادة (27) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 المعدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن “… كما تحسب مدة الخبرة العملية التي تزيد على مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة دورية بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها العامل، بشرط أن تكون تلك الخبرة متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل، وألا يسبق زميله المعين في ذات الجهة في وظيفة من نفس الدرجة في التاريخ الفرضي لبداية الخبرة المحسوبة، سواء من حيث الأقدمية في درجة الوظيفة أو الأجر. ويكون حساب مدة الخبرة الموضحة بالفقرتين السابقتين وفقاً للقواعد التي تضعها لجنة شئون الخدمة المدنية”.
ومن حيث إن المادة الأولى من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983 تنص على أنه: “يدخل في حساب مدة الخبرة العملية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (27) من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه للعاملين المؤهلين المدد الآتية: 1- …2- مدد ممارسة المهن الحرة الصادر بتنظيم الاشتغال بها قانون من قوانين الدولة، ويعتد في ذلك بالمدة اللاحقة لتاريخ القيد بعضوية النقابة التي تضم العاملين بهذه المهنة.3-…”.
وتنص المادة الثانية من ذات القرار المعدلة بقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 71 لسنة 1988 على أنه:” يشترط لحساب المدد المشار إليها في المادة الأولى من هذا القرار ما يأتي: 1-… 2-…3-… 4- مدد العمل التي تقضى في غير الوزارات والمصالح والأجهزة ذات الموازنات الخاصة بها ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة وهيئات وشركات القطاع العام سواء كانت متصلة أو منقطعة، تحسب ثلاثة أرباعها بالشروط الآتية:
(أ) ألا تقل المدد السابقة عن سنة.
(ب) أن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة التي يعين فيها العامل ويرجع في ذلك إلى لجنة شئون العاملين”.
وتنص المادة الخامسة من القرار على أن “تسري أحكام هذا القرار على العاملين الموجودين في الخدمة وقت العمل به المعينين بها اعتباراً من 12/8/1983، ويشترط لحساب مدة الخبرة السابقة أن يتقدم الموظف بطلب لحسابها مع تدعيم طلبه بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار، وإلا سقط حقه في حساب هذه المدة، أما من يعين أو يعاد تعيينه بعد نشر هذا القرار فيتعين عليه ذكرها في الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه، وذلك دون حاجة إلى تنبيه وإلا سقط حقه نهائياً في حسابها”.
وعمل بهذا القرار بتاريخ 22/11/1983 (اليوم التالي لتاريخ نشره).
ومن حيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع قرر حساب مدة الخبرة العملية للعامل التي تزيد عن تلك المطلوبة لشغل الوظيفة، وبشرط أن تكون تلك الخبرة متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل، وألا يسبق زميله نتيجة لحساب تلك المدة. ويمنح العامل علاوة دورية عن كل سنة زائدة يتم حسابها وبحد أقصى خمس علاوات، على أن يتم ذكر تلك المدة في الاستمارة المعدة لذلك عند تقديمه مسوغات تعيينه وإلا سقط حقه في حسابها إذا عين بعد تاريخ 21/11/1983. وبالنسبة للعامل المعين قبل هذا التاريخ وحتى 12/8/1983 فإنه يجب أن يتقدم بطلب لجهة عمله خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القرار الوزاري رقم 5547 لسنة 1983 مطالبا فيه بضم وحساب مدة الخبرة العملية السابقة مرفقاً به جميع المستندات الدالة على ذلك، وإلا سقط حقه أيضاً في حساب تلك المدة.
ومن حيث إن الأصل في قواعد ضم مدة العمل السابقة كمدد خبرة عملية أنها تقوم على فكرة أساسية هي الإفادة من الخبرة التي يكتسبها الموظف خلال المدة التي قضاها ممارساً لنشاط وظيفي أو مهني سابق على تعيينه بالحكومة أو إعادة تعيينه بها، الأمر الذي يقتضي عدم إهدار هذه المدة عند التعيين وحسابها في الأقدمية والدرجة بالقدر والشروط الواردة في القرارات الخاصة بحساب هذه المدد، والتي منها مدد الخدمة السابقة التي تقضى في ممارسة الأعمال المهنية الحرة الصادر بتنظيم الاشتغال بها قانون من قوانين الدولة، والتي يتم حساب ثلاثة أرباعها فقط مع مراعاة قيد الزميل. وإن المشرع عندما أوجب على العامل الذي يعين أو يعاد تعيينه بعد تاريخ 21/11/1983 أن يذكر مدد خبرته العملية السابقة في الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديمه مسوغات تعيينه، وذلك دون حاجة إلى تنبيه وإلا سقط حقه نهائياً في حسابها، وذلك لإعلام جهة الإدارة بتلك المدة في موعد معين عند التعيين، فإن المشرع نص على هذا الأمر هادفاً إلى استقرار المراكز القانونية للعاملين وعدم زعزعتها حرصاً على المصلحة العامة ووفقاً لمقتضيات النظام الإداري والوظيفة العامة وطبيعتها، وهو ذات الأمر الذي جرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا وإفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع.
(يراجع في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 8428 لسنة50 ق. عليا الصادر بجلسة 25/1/2007).
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن في الطعن رقم 792 لسنة 29 المطعون على الحكم الصادر فيه بالطعن الماثل عين بالجهاز المركزي للمحاسبات بوظيفة من الفئة السادسة بمجموعة الوظائف التنظيمية والإدارية بالقرار رقم 648 المؤرخ 14/3/1995 وتسلم عمله بالإسكندرية بتاريخ 15/3/1997 وله مدة اشتغال بالمحاماة منذ تاريخ قيده بالجدول العام في 31/7/1983 حتى 14/3/1995. والمذكور لم يذكر هذه المدة في الاستمارة رقم (103 ع.ح) المعدة لذلك وذلك عند تقديمه لمسوغات تعيينه، وهو الأمر الذي يترتب على إغفاله سقوط حقه نهائياً في حساب تلك المدة إعمالاً لحكم المادة (27) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمادة الخامسة من القرار الوزاري رقم 5547 لسنة 1983 وتعديلاته سالفي الذكر، فمن ثم يكون امتناع جهة الإدارة عن حساب مدة الخبرة العملية السابقة للمطعون ضده استناداً لذات السبب السالف الذكر قائماً على سنده الصحيح من الواقع والقانون ويكون الحكم المطعون عليه بالطعن الماثل قائما على سنده الصحيح بمنأى عن الإلغاء.
ولا ينال مما تقدم ما ذكره الطاعن من أن واقع الحال كشف عن أن أغلب الوزارات والمصالح الحكومية درجت على الامتناع عن تعيين العاملين الذين لهم مدة خبرة سابقة في أدنى درجات التعيين وذلك بالإعلان رسمياً عن ذلك؛ حيث إن ذلك يفسر على أنه رغبة من جهة الإدارة في وضع تنظيم لمنظومة العمل بإتاحة الفرصة في العمل لمن ليس له عمل بالفعل، فضلاً عن أن إضافة هذا الشرط جائزة عند إبداء جهة الإدارة لإرادتها في الإعلان عن شغل الوظائف وذلك وفقاً لما تراه محققاً لمصلحة العمل وسيره؛ حيث إنه يحق لجهة الإدارة الإعلان عن رغبتها في كون المتقدمين والمرشحين لشغل الوظائف الشاغرة لديها ليس لديهم مدد خبرة عملية سابقة؛ رغبة منها – كما سلف – في تنظيم العمل والعمالة لديها على وجه معين بعدم تعيين أشخاص من خارج جهة الإدارة من أصحاب الخبرة السابقة، والذي يترتب عليه أن يكتسبوا أقدميات سابقة لزملاء لهم في ذات الجهة سبق تعيينهم في تواريخ سابقة وأصبحوا ملمين بطبيعة العمل داخل جهة الإدارة ولا يعدون زملاء بمفهوم قيد الزميل بل قد يترتب على قبول متقدمين ومرشحين لشغل الوظائف المعلن عنها من ذوي الخبرات العملية السابقة استحقاقهم للترقية للدرجات التالية بعد مرور مدة من الزمن قصيرة بحكم الأقدميات المكتسبة نتيجة الاعتداد بمدد الخبرة السابقة، وهو الأمر الذي قد تراه جهة الإدارة وفقاً لسلطتها التقديرية في تسيير المرفق العام غير محقق لمصلحة العمل في هذا المرفق.
كما أنه لا يغير من النظر المتقدم ما ساقه الطاعن وما جاء بالأوراق من أن المطعون ضده الأول قد منع المرشحين لشغل الوظائف الشاغرة بالجهاز -ومن بينهم الطاعن في الحكم المطعون عليه بالطعن الماثل- من إثبات مدد خبرتهم السابقة في الاستمارة (103 ع.ح) ضمن مسوغات التعيين؛ حيث إنه لا خشية من ذلك في شأن تعيين المذكور في وظيفته؛ لأن تقديمه لمسوغات التعيين التي من ضمنها الاستمارة المعدة لذكر مدد الخدمة السابقة تكون تالية لتاريخ صدور قرار تعيينه واكتسابه مركزاً قانونياً صحيحاً مما ينتفي معه وجود إكراه أو إجبار من جانب جهة الإدارة المطعون ضدها على المذكور.
هذا وعلى فرض أن جهة الإدارة قد طلبت من المتقدمين لشغل الوظائف المعلن عنها ومن بينهم المذكور عدم ذكر مدد خدمة عملية سابقة في الاستمارة المعدة لذلك فإنهم قد ارتضوا هذا الأمر، ولا يجوز لهم عقب ذلك المطالبة بحق ضم تلك المدد؛ لأن إرادتهم الحرة قد اتجهت إلى قبول ذلك الأمر وارتضوا به، ولا يجوز لهم عقب سقوط حقهم في ضم مدد خبرتهم العملية السابقة بعدم ذكرها في الاستمارة المعدة لذلك الرجوع والمطالبة بضم تلك المدد بعد مرور عدة سنوات؛ لأن هذا الأمر يعد تحايلاً منهم عما سبق وأن ارتضوه واتجهت إرادتهم الحرة إليه، ويؤدي إلى زعزعة مراكز قانونية استقرت بالجهة الإدارية، وهو الأمر المخالف للغاية التي ابتغاها المشرع -في المادة (27) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/1978 المعدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 وقرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983- من تحديد مواعيد محددة يسقط بعدها حق العامل في المطالبة بضم مدد الخدمة العملية السابقة.
وإذا كان كل ما تقدم فإن الطعن الماثل يكون قائما على سند غير صحيح من القانون جديرا بالرفض.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
([1]) في حكمها في الطعن رقم 5046 لسنة 51 ق. ع بجلسة 2/1/2010 قضت دائرة توحيد المبادئ بوقف الطعن تعليقيا وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية عبارة “وإلا سقط حقه نهائيا في حسابها” الواردة بالمادة الخامسة من قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983.
[2])) قارن هذا المبدأ بما انتهت إليه الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، حيث انتهت إلى أنه وإن كان للجهة الإدارية الحق في أن تضع من الاشتراطات وتستن من القواعد التنظيمية العامة ما تراه لازما لشغل الوظائف الشاغرة بها، إلا أنه يتعين عليها وهي تستعمل هذه السلطة أن تتوخى المصلحة العامة، وألا تتعارض هذه الاشتراطات مع القانون أو النظام العام. وأكدت الجمعية أن اشتراط عدم سابقة التوظف يعد شرطا غير جوهري وشرطا تحكميا لم ينص عليه القانون ولا يسانده منطق؛ لأن سابقة الخدمة ليست من موانع التوظف المتعارف عليها، ومن ثم فإن ذكر غير الحقيقة حول هذا البيان غير الجوهري لا يؤثر في قرار التعيين، ولا يمكن حمل الإقرار بعدم سابقة الخدمة على معنى التنازل عن حسابها؛ لأن حساب مدة الخبرة العملية إذا توافرت موجباته يمثل مركزا قانونيا مستمدا من صريح نص القانون، والمركز القانوني لا يمكن تأويل التنازل فيه. وترتيبا على ذلك فإنه إذا كان العامل قد أخفى واقعة سبق توظفه عند تقدمه للمسابقة حسبما اشترطت جهة الإدارة، ثم أثبت تلك الواقعة بالاستمارة المعدة لذلك عند استيفاء مسوغات تعيينه؛ فإن إخفاء هذا البيان غير الجوهري لا يؤثر في قرار تعيينه، ويتعين إعمال كافة آثاره، ومنها أحقيته في ضم مدة خدمته السابقة على النحو المقرر قانونا.
(الفتوى رقم 268 بتاريخ 22/3/1997 ملف رقم 32/3/1997 منشر بمجموعة المبادئ التي قررتها من أكتوبر 1996 حتى يونيو 2000 مكتب فني جـ 1 ص 283).