جلسة 3 من يوليو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جوده عبدالمقصود فرحات.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامى أحمد محمد الصباغ، وعبدالله عامـر إبراهيــم، وأحمد عبدالعزيز أبوالعـزم، ومصطفى محمد عبدالمعطى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 4238 لسنة 45 قضائية عليا:
ـ الترخيص بها ـ مراحل إصدار الترخيص ـ حظر النشاط فى منطقة بعينها ـ أثره.
المادتان (4) ، (11) من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء.
المادة (16) من القانون رقم 453 لسنة 1956 بشأن المحال الصناعية والتجارية.
طلب الترخيص يمر بعدة إجراءات تمثل فى مجموعها مرحلتين رئيسيتين ـ المرحلة الأولى تبدأ بتقديم الطلب ومرفقاته وتنتهى بصدور الموافقة على موقع المحل أو رفضه ـ مدلول الموقع الخاص بالمحل ليس واحدًا فى كل المراحل التى رسمها القانون لاستصدار الترخيص، لذا فقد حرص المشرع على التنبيه على أن الموافقة الصريحة أو الضمنية على الموقع مقيدة بمراعاة حظر النشاط كلياً فى حى أو منطقة بعينها ولا تدخل فيها الموافقات على مواقع ممنوعة أصلاً ـ مؤدى ذلك ـ طلب الترخيص بالنشاط فى منطقة محظور فيها النشاط لا تلحقه موافقة صريحة أو ضمنية ولا يجوز الإعفاء منه أو الاستثناء منه ـ أما المرحلة الثانية فقوامها تنفيذ الاشتراطات الخاصة الواجب توافرها فى المحل بعد صدور قرار الموافقة على الموقع وهى مرحلة تنتهى بإصدار الترخيص أو برفضه تبعاً لمدى توافر الاشتراطات المطلوبة ـ تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق 18/4/1999 أودع الأستاذ/ عزالدين عبدالشكور عبدالرحمن، المحامى، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن ـ قيد بجدولها تحت رقم 4238 لسنة 45ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ـ فى الدعوى رقم 5526 لسنة 52ق بجلسة 16/2/1999، والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى مصروفاته.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه ووقف تنفيذ قرار رئيس حى حدائق القبة بسحب وإلغاء الترخيص 4025 وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمَّنه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5/9/2001، وبجلسة 5/2/2002 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 2/5/1998 أقام الطاعن الدعوى رقم 5526 لسنة 52ق قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى طلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار إلغاء ترخيص المحل المبين بصحيفة الدعوى، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً للدعوى إنه اشترى المحل رقم 32 بالعمارة رقم 25 بمشروع عمارات جمعية الدفاع الوطنى بالقبة محافظة القاهرة بموجب عقد البيع المؤرخ 15/9/1991 وحصل على الترخيص رقم 425 ملف رقم 151/14/13057 لممارسة نشاط صيانة أجهزة التبريد، وباشر نشاطه حتى أخطرته جهة الإدارة فى 21/3/1998 بصدور قرار بإلغاء الترخيص المشار إليه وبإخلاء المحل خلال خمسة عشر يوماً، ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لعدم توافر حالة من حالات الإلغاء المنصوص عليها فى المادة 16 من القانون رقم 453 لسنة 1954، كما أن الترخيص مُنح للمدعى بعد الموافقة على الموقع وتوافر الاشتراطات العامة والخاصة الموجبة لمنح الترخيص، الأمر الذى يجعل له مركزاً قانونياً لا يجوز المساس به إلا فى حدود القانون، كما أنه لم يرتكب أية مخالفات منذ حصوله على الترخيص. وأضاف المدعى أن من شأن تنفيذ القرار المطعون فيه حدوث أضرار يتعذر تداركها متمثلة فى ضياع أمواله وتشريد عماله.
وبجلسة 16/2/1999 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن البادى من ظاهر الأوراق أن العقار الذى يقع به محل المدعى صدر بشأنه ترخيص البناء رقم 142 لسنة 1981 بإنشاء عمارة سكنية من جزءين: أولهما: أرض على أعمدة وخمسة أدوار متكررة بكل دور شقتان. وثانيهما: خمسة أدوار بالأرضى بكل دور شقتان، وإذ لم يخِوِّل الترخيص المشار إليه للمالك إنشاء محلات تجارية بالعقار، الأمر الذى استظهرت معه المحكمة أن المالك قد حوَّل الدور الأرضى إلى محلات تجارية بالمخالفة لشروط الترخيص المنوه عنه، وكذلك بالمخالفة لقرار محافظ القاهرة بحظر تحويل الوحدات السكنية إلى محلات. وبناءً على ما تقدم يكون المكان الذى يباشر فيه المدعى نشاطه التجارى مخالفاً للقانون ولا يجوز له التمسك بصدور ترخيص فى ذلك، فهذا الترخيص مخالف للقانون ولقرار محافظ القاهرة رقم 212 لسنة 1979 ولا يتحصن بمضى المدة ويجوز لجهة الإدارة سحبه.
ومن حيث إن مبنى الطعن: أولاً: مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت بالمستندات، إذ إن الثابت من المستندات المقدمة من الطاعن أنه حصل على الرخصة لمزاولة نشاطه منذ عام 1997، وأن ترخيص البناء والرسومات الهندسية الخاصة به لم يُستدل منها على ما يفيد وجود جراج وأنه يوجد بالرسومات أعمدة بالدور الأرضى دون ذكر طريقة استغلالها، وبالنسبة لمخالفة المكان المخصص لإيواء السيارات (جراج) فما دام البدروم غير مخصص كجراج فيمكن مخالفة الترخيص بأى نشاط فيه. ثانياً: عيب التسبيب إذ إن القرار المطعون فيه جاء خالياً من بيان أى شىء سوى سحب الترخيص على الرغم من أنه لم تطرأ أى حالة واقعية أو قانونية تدعو إلى إصدار مثل هذا القرار ولما كان القرار المطعون فيه لم يُبْنَ على توافر أىٍّ من تلك الحالات المنصوص عليها فى المادة 16 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المشار إليه فإنه يكون قد جاء خالياً من أسبابه فاقداً لركن السبب المبرر له، الأمر الذى يجعله باطلاً، فضلاً عن أن المشرع لم يضمن نصوص القانون رقم 106 لسنة 1976 وتعديلاته أية سلطة لسحب التراخيص بعد صدورها. كما أن هذا الإجراء لم يرد ضمن العقوبات المنصوص عليها فى القانون المشار إليه، وإذ تتوافر حالة الاستعجال المتمثلة فى خسائر الطاعن وحرمانه مورد رزقه، خاصة بعد تعاقده مع مؤسسة “الأهرام” الصحفية منذ إنشاء المحل بتعاقد سنوى نظير حجز مساحة يومية بصحيفة الإعلانات.
ومن حيث إن المادة الرابعة من القانون رقم 106لسنة 1976 وتعديلاته قد حظرت إنشاء مبانٍ أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها إلا بترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة. كما أوجبت المادة (11) من ذات القانون أن يتم تنفيذ البناء وفقاً للأصول الفنية وطبقاً للرسومات والبيانات والمستندات التى مُنح الترخيص على أساسها ولا يجوز إدخال أى تعديل أو تغيير جوهرى فى الرسومات المعتمدة إلا بترخيص من الجهة الإدارية المختصة، وقد رخص القانون للجهة الإدارية وقف الأعمال المخالفة ولها حق إزالتها، وجعل القانون فى باب العقوبات عقوبة على مخالفة أحكام القانون.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الأوراق صدور الرخصة رقم 142 لسنة 1981 للمالك وهى جمعية بناء مساكن مجلس الدفاع الوطنى ببناء عمارة سكنية من جزءين، الأول أرضى على أعمدة وخمسة أدوار متكررة بكل دور شقتان. والجزء الثانى خمسة أدوار بالأرضى بكل دور شقتان وذلك طبقاً للرسومات الهندسية المقدمة من الطالب والمصدق عليها من منطقة إسكان الزيتون. وبتاريخ 15/9/1991 اشترى الطاعن المحل التجارى رقم 32 بالعمارة رقم 25 القبة/1 ومساحته 56 متراً مربعاً ، المبينة حدوده بالعقد المبرم مع الجمعية التعاونية للبناء والإسكان والخدمات للعاملين بمجلس الدفاع الوطنى وعائلاتهم، وذلك البيع قد تم بالمزاد العلنى، وبالكتاب رقم 1337 فى 15/3/1997 أرسل رئيس مجلس إدارة الجمعية المذكورة إلى رئيس حى حدائق القبة يطلب فيه سرعه إصدار تراخيص المحلات التجارية الخاصة بمشروع إسكان العاملين بمجلس الدفاع الوطنى بمشروع القبة/1 والمباعة لهم عن طريق المزاد العلنى. وأضاف الكتاب المذكور بأن الجزء المرخص على أعمدة أسفل العمارات المذكورة المقصود به محلات تجارية وليست جراجًا وذلك بمشروع القبة/1. وبتاريخ 4/6/1997 أصدرت محافظة القاهرة الرخصة للطاعن محل إصلاح أجهزة كهربائية عن المحل المشار إليه وذلك بالرخصة
رقم 4025.
ومن حيث إن الثابت من ترخيص المبانى رقم 142 لسنة 1981 للجمعية المذكورة هى بناء عمارة سكنية من جزءين الأول أرضى على أعمدة خرسانية وخمسة أدوار متكررة. والثانى خمسة أدوار بالأرضى بكل دور شقتان، ومن ثَمَّ فإن الجمعية المالكة قامت بمخالفة ترخيص البناء وقامت بعمل محلات أسفل العمارات وقامت ببيعها ومنها المحل (موضوع النزاع) وذلك على خلاف الرسوم الهندسية المصاحبة للترخيص المشار إليه.
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاءً سابقًا بأن طلب الترخيص يمر بعدة إجراءات تمثل فى مجموعها مرحلتين رئيسيتين، المرحلة الأولى: تبدأ بتقديم الطلب ومرفقاته وتنتهى بصدور الموافقة على موقع المحل أو رفضه ويعتبر القرار نهائياً فى الخصومة التى صدر فيها، وأن مدلول الموقع الخاص بالمحل ليس واحدًا فى كل المراحل التى رسمها القانون لاستصدار الترخيص، لذا فقد حرص المشرع على التنبيه على أن الموافقة الصريحة أو الضمنية على الموقع مقيدة بمراعاة حظر النشاط كلياً فى حى أو منطقة بعينها ولا تدخل فيها الموافقات على مواقع ممنوعة أصلاً وطلب الترخيص بالنشاط فى منطقة محظور فيها النشاط لا تلحقه موافقة صريحة أو ضمنية ولا يجوز الإعفاء منه أو الاستثناء منه؛ لذا جاءت المادة (16) من القانون رقم 453 لسنة 1956 وتعديلاته بشأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها ونصت على أن “تلغى رخصة المحل إذا أصبح غير مستوفٍ للاشتراطات الواجب توافرها من حيث الموقع أو عدم إقامة منشآت فوقه، أما المرحلة الثانية فقوامها تنفيذ الاشتراطات الخاصة الواجب توافرها فى المحل بعد صدور قرار الموافقة على الموقع وهى مرحلة تنتهى بإصدار الترخيص أو برفضه تبعاً لمدى توافر الاشتراطات المطلوبة”.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الترخيص الصادر للطاعن برقم 4015 بتاريخ 4/6/1997 بمحل إصلاح أجهزة كهربائية عن المحل رقم 32 بالعمارة رقم 25 القبة/1 بمساحة 56 م2 من الجمعية التعاونية للبناء والإسكان والخدمات للعاملين بمجلس الدفاع الوطنى وعائلاتهم إنما ورد على موقع غير مصرح فيه بهذا النشاط وبالمخالفة للرسومات الهندسية الخاصة بالعقار ولا يصحح هذه المخالفة إصدار ترخيص مزاولة النشاط، فقرار الترخيص كأن لم يكن ولا يحصن بمضى المدة وعليه فإن صدور القرار المطعون فيه بإلغاء الترخيص الصادر للطاعن إنما يتفق وصحيح حكم القانون مما يتعين معه رفض طلب وقف تنفيذه، دون حاجة لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه، وإذ اتفق الحكم المطعون فيه مع هذا النظر فإنه يغدو متفقاً وأحكام القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.