جلسة 24 من نوفمبر سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامى أحمد محمد الصباغ، وعبد الله عامر إبراهيم، محمد البهنساوى محمد، وحسن عبد الحميد البرعى
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد / سعيد عبد الستار محمد.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / عصام سعد ياسين.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 4433 لسنة 49 قضائية . عليا:
الجزاءات التأديبية المقررة للخروج على النظام المدرسى ــ ضماناتها.
عمد قرار وزير التربية والتعليم رقم 86 لسنة 1971 فى المادتين (1)،(3) منه إلى ضرورة تحلى الطلبة بالسلوك القويم والنظام العام وحسن الآداب ونظام المدرسة وعدم إتيـان أى منهم ما يتعارض مع السلوك المفروض على هؤلاء الطلبة اتباعه. كما حظر على هؤلاء الطلبة إتيان أى سلوك إيجابى أو سلبى يمس كرامة أحد العاملين بالمدرسة. لذلك حدد المشرع الجزاءات التأديبية التى يجوز توقيعها على هؤلاء الطلبة عند إتيان الطالب أى فعل أو امتناع يشكل إخلالاً بأىٍّ من هذه الواجبات. وهذه العقوبات وردت على سبيل الحصر والتحديد، واشترط أن يكون توقيع أىٍّ من هذه الجزاءات مسبوقًا بتحقيق يتم فيه مواجهة الطالب المخالف بالمخالفة المنسوبة إليه وثبوت ارتكابه لهذه المخالفة بأية طريقة من طرق الإثبات، على أن يلى هذا التحقيق قرار مسبب يصدر من مدير المدرسة أو ناظرها بالنسبة للعقوبتين الأولى والثانية دون تعليق نفاذ العقوبة على إجراء آخر. أما العقوبة الثالثة فقد ألزم مدير المدرسة أو ناظرها بعدم إصدار قرار بتوقيعها إلا بعد أخذ رأى لجنة إدارة المدرسة ولا تنفذ تلك العقوبة إلا بعد تصديق مدير المديرية أو المنطقة التعليمية ــ تطبيق.
بتاريخ 17/2/2003 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن فى الحكم سالف الذكر والذى قضى منطوقه: “بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وأمرت بحجب النتيجة لحين صدور حكم فى موضوع الدعوى، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء”.
واختتم الطاعنون بصفاتهم تقرير الطعن وللأسباب الواردة فيه بطلب تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى: أولاً: بقبول الطعن شكلاً، ثانيًا: وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات عن درجتى التقاضى.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعنين بصفاتهم المصروفات.
وتحددت جلسة 6/1/2004 لنظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون) وبهذه الجلسة قدم المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها ــ وللأسباب التى أوردها بها بالحكم ــ برفض الطعن موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عن درجتى التقاضى وبالجلسة سالفة الذكر قررت دائرة فحص الطعون إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 16/3/2004 ومذكرات لمن يشاء وخلال شهر وبهذه الجلسة قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة السادسة موضوع؛ لنظره بجلسة 14/4/2004 وعلى قلم الكتاب إخطار الطرفين.
ثم تدوول الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا الدائرة السادسة (موضوع) وبجلسة 14/4/2004 ثم تأجل نظره لجلسة 3/7/2004 وبها قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن لجلسة 27/10/2004 وبها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة اليوم لتغيير تشكيل الهيئة، وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن لجلسة 24/11/2004، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطاعنين بصفاتهم يطلبون الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضي.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 1990 لسنة 8 ق إدارى أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية (الدائرة الأولى) وطلب فى ختام عريضتها الحكم بقبولها شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة المتضمن فصل نجله ………………….. لمدة عام كامل فى العام الدراسي2002/2003 مع إعادة قيده فى العام 2003/2004، وإلزام ولى أمره بتسديد المصروفات لهذا العام، وكذا إلزامه وولى أمر طالب آخر بإعادة القطع التى استولى عليها نجل المدعى وزميله من جهاز الكمبيوتر المملوك للمدرسة المقيدين بها، وما يترتب على ذلك من آثار أهمها السماح لنجله بالعودة إلى المدرسة المقيد بها وأداء الامتحانات فى مواعيدها، مع تنفيذ الحكم بمسودته الأصلية وبدون إعلان، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه بشقيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال الطاعن ــ شرحًا لدعواه ــ إنه فى يوم 27/10/2002 قام أحد الطلبة المقيدين بالمدرسة الفنية التجريبية المتقدمة لتكنولوجيا المعلومات بالإسماعيلية بإحداث بعض التلفيات بأحد أجهزة الكمبيوتر بتلك المدرسة وتم إجراء تحقيق فى الموضوع انتهى إلى اتهام نجل المطعون ضده بالتستر على من قام بارتكاب تلك الواقعة وذلك كله على النحو الثابت بالأوراق وأعقب هذا التحقيق صدور القرار المطعون فيه. وينعى المدعى على هذا القرار مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله لعدم ارتكاب نجله تلك المخالفة المسندة إليه، وفضلاً عن ذلك فإنه مع فرض صحة الواقعة المتهم فيها نجله فقد سبق معاقبته بالفصل من المدرسة لمدة أسبوعين وذلك بموجب القرار الذى أصدره مدير المدرسة وعلى ذلك فإن صدور القرار المطعون فيه بفصل نجله من المدرسة فى العام الدراسى 2003/2004 فى الوقت الذى لم ينص على هذا الجزاء فى قرار وزير التربية والتعليم رقم 86 فى 22/3/1971، الأمر الذى يكون فيه قرار الجزاء المطعون فيه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون وهو ما دفعه ــ إلى إقامة هذه الدعوى للحكم له بطلباته الواردة فى عريضة الدعوى. وبجلسة 26/12/2001 أصدرت المحكمة قضاءها المطعون فيه، والذى شيدته بعد استعراضها المادتين (1)، (3) من قرار وزير التربية والتعليم رقم 86 بتاريخ 22/3/1971 وارتأت أن التحقيق المرفق بالأوراق جاء قاصرًا ومبتورًا ولم تثبت التهمة ضد نجل المدعى. كما أن الجزاء الذى وقعه القرار المطعون فيه غير وارد بالقرار الوزارى سالف الذكر مما يجعل القرار الطعين مرجح الإلغاء عند الفصل فى طلب الإلغاء، بذلك يتوافر ركن الجدية، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال، وعليه أصدرت المحكمة قضاءها المطعون فيه.
ونظرًا لأن هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الجهة الإدارية الطاعنة فقد أقامت ضده الطعن الماثل طالبة فى ختام تقرير طعنها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وأسست الجهة الإدارية الطاعنة طعنها استنادًا إلى أن الحكم المطعون فيه جاء مخالفًا للقانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك أن التحقيق الذى أجرته الجهة الإدارية بشأن واقعة سرقة بعض أجزاء الكمبيوتر قد انتهى إلى قيام نجل المطعون ضده بارتكاب تلك الواقعة مما يجعل القرار المطعون فيه قائمًا على سببه المبرر له قانونًا، كما أنه إذا كان قرار وزير التربية والتعليم رقم 86 لسنة 1971 يعطى الجهة الإدارية سلطة فصل الطالب المخالف نهائيًا فإنه يكون لها الحق فى فصل ذلك الطالب المخالف لمدة سنة. وخلص الطاعنون بصفاتهم إلى طلباتهم الواردة بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه وفقًا لحكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة فإنه يتعين أن يتوافر لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركن الجدية بأن يكون هذا القرار مرجح الإلغاء عند الفصل فى طلب الإلغاء وركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه أو الاستمرار فى تنفيذ أضرار يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن قرار وزير التربية والتعليم رقم 86 لسنة 1971 الصادر بتاريخ 22/3/1971 ينص فى المادة الأولى منه على أنه “تطبق القواعد والأحكام الواردة فى المواد التالية بالنسبة لطلبة المدارس التابعة أو التى ” تشرف عليها وزارة التربية والتعليم أو المديريات والمناطق التعليمية. كذلك تسرى الأحكام الخاصة بالامتحانات على المدارس التى تشرف الوزارة أو المديريات والمناطق على امتحاناتها”. وتنص المادة (3) من القرار سالف الذكر على أنه “يجوز توقيع الجزاءات التأديبية الآتية على الطلاب المشار إليهم فى المادة الأولى عند الإخلال بالنظام العام وحسن الآداب أو النظام المدرسى أو السلوك المفروض على الطلاب اتباعه او ارتكاب ما يمس كرامة أحد العاملين بالمدرسة:
1-الإنذار بالفصل من المدرسة.
2-الفصل المؤقت من المدرسة بما لا يزيد على أسبوع.
3- الفصل النهائى من المدرسة.
ويكون توقيع هذه العقوبات بعد التحقيق وبقرار مسبب يصدره مدير المدرسة أو ناظرها فيما عدا العقوبة الأخيرة فتصدر بعد أخذ رأى لجنة إدارة المدرسة وتعتبر واجبة التنفيذ بعد تصديق مدير المديرية أو المنطقة التعليمية”.
ومن حيث إنه يستفاد مما تقدم أن المشرع قد عمد إلى ضرورة تحلى الطلبة المخاطبين بأحكام القرار الوزارى رقم 86 لسنة 1971 بالسلوك القويم والنظام العام وحسن الآداب ونظام المدرسة وعدم إتيان أى منهم ما يتعارض مع السلوك المفروض على هؤلاء الطلبة اتباعه كما حظر على هؤلاء الطلبة إتيان أى سلوك إيجابى أو سلبى يمس كرامة أحد العاملين بالمدرسة؛ لذلك فإن المشرع قد حدد الجزاءات التأديبية التى يجوز توقيعها على هؤلاء الطلبة عند إتيان الطالب أى فعل أو امتناع يشكل إخلالاً لأىٍّ من هذه الواجبات، وهذه العقوبات ــ على سبيل الحصر والتحديد ــ هى: (1) إنذار الطالب المخالف بالفصل، (2) الفصل المؤقت من المدرسة بما لا يزيد على أسبوع، (3) الفصل النهائى من المدرسة. كما نص المشرع على أن يكون توقيع أى من هذه الجزاءات يجب أن يكون مسبوقًا بتحقيق يتم فيه مواجهة الطالب المخالف بالمخالفة المنسوبة إليه وثبوت ارتكابه لهذه المخالفة بأىّ طريق من طرق الإثبات وعلى أن يلى هذا التحقق قرار مسبب سيصدر من مدير المدرسة أو ناظرها وذلك بالنسبة للعقوبتين الأولى والثانية دون تعليق نفاذ العقوبة على إجراء آخر، أما العقوبة الأخيرة (الثالثة) فقد ألزم المشرع مدير المدرسة أو ناظرها بعدم إصدار قرار بتوقيعها إلا بعد أخذ رأى لجنة إدارة المدرسة،ولا تنفذ تلك العقوبة إلا بعد تصديق مدير المديرية أو المنطقة التعليمية.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم ولما كان البادئ من ظاهر الأوراق أن الجهة الإدارية الطاعنة كانت قد نسبت إلى نجل المطعون ضده وآخر، أنهما قاما بسرقة بعض أجزاء جهاز الكمبيوتر الخاص بالمدرسة المقيدين بها.
وقد أجرت الجهة الإدارية مع نجل الطاعن تحقيقًا ثم أصدرت الجهة الإدارية قرارها المطعون فيه بفصل الطالب المذكور لمدة عام (2002/2003)، وكان البيّن من ظاهر الأوراق أن التحقيق الإدارى الذى أجرته الجهة الإدارية مع نجل المطعون ضده لم يقطع بارتكاب هذا الطلب لواقعة السرقة المنسوبة إليه، وفضلاً عن ذلك فإن العقوبة التى أوقعتها الجهة الإدارية على الطالب المذكور لم ترد ضمن العقوبات التى حددتها المادة (3/أ/ب/ج) من قرار وزير التربية والتعليم رقم 86 لسنة 1971سالف الذكر، ومن ثَمَّ فإن ذلك يعتبر ابتداعًا لعقوبة لم يرد النص عليها فى المادة (3 /أ/ب/ج) من القرار الوزارى سالف الذكر، الأمر الذى يجعل القرار المطعون فيه استنادًا للسببين سالفى الذكر صادرًا بالمخالفة للقانون مرجح الإلغاء عند الفصل فى طلب إلغاء هذا القرار مما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ هذا القرار من إضاعة سنة دراسية على نجل المطعون ضده، الأمر الذى يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ هذا القرار.
ولا ينال مما تقدم ما تذرعت به الجهة الإدارية من أنه إذا كان المشرع فى القرار الوزارى سالف الذكر قد منحها سلطة توقيع عقوبة الفصل النهائى على الطالب الذى يرتكب مخالفة من المخالفات المنصوص عليها فى هذا القرار فإنه من باب أولى يكون للجهة الإدارية سلطة توقيع عقوبة الفصل لمدة عام وذلك إعمالاً للقاعدة القائلة “من يملك الأكثر يملك الأقل”، ذلك أنه إن كان لهذه القاعدة لها بعض التطبيقات فلا يجوز إعمالها فى مجال توقيع العقوبات التأديبية، إذ يجب على الجهة الإدارية وهى تمارس سلطاتها التأديبية على الطلبة أن تلتزم حدود العقوبات التى حددها المشرع فى القرار الوزارى سالف الذكر ولا يجوز لها التوسع فى تلك الجزاءات أو القياس عليها، الأمر الذى يجعل القرار المطعون فيه ــ إذ ابتدع عقوبة لم ينص عليها القرار الوزارى سالف الذكر ــ قد صدر مخالفًا للقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فإنه يكون قد طبق القانون التطبيق الصحيح، ويغدو الطعن عليه غير قائم على سنده الصحيح خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد خسرت الطعن، فمن ثَمَّ حق إلزامها المصروفات عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.