جلسة 13من مايو سنة 2008
(الدائرة الثالثة)
الطعن رقم 4459 لسنة 51 القضائية عليا.
– المنازعات الناشئة عنه تنتمي إلى القضاء الكامل- أثر ذلك في سلطة المحكمة.
لئن كانت الجهة الإدارية لم تتبع أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية للمطالبة بمستحقاتها، إلا أنه من المقرر أن القضاء الكامل يخول القاضي تصفية النزاع كلية، فيلغي القرارات المخالفة للقانون إن وجدت ثم يرتب على ذلك نتائجه كاملة من الناحية الإيجابية أو السلبية- قضاء العقود الإدارية ينتمي إلى القضاء الكامل فيكون للمحكمة التصدي للمنازعة الناشئة عن العقد الإداري بجميع ما يتفرع عنها- بهذه المثابة لا يقتصر اختصاص المحكمة على التصدي لبحث حقوق المدعي المطالب بها، بل يمتد إلى بحث مستحقات الجهة الإدارية المدعى عليها؛ للوصول إلى استجلاء وجه الحق في الدعوى- تطبيق.
في يوم الاثنين الموافق السابع عشر من يناير سنة 2005 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفتيهما تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بقنا بجلسة 25/11/2004 في الدعوى رقم 815 لسنة 2 ق المقامة من المطعون ضده على الطاعنين والذي قضى بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي مبلغ 27500 جنيه والفوائد القانونية على النحو المبين بالأسباب ورفض ماعدا ذلك من طلبات وإلزام الطرفين المصروفات مناصفة.
وطلب الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على الوجه الثابت بمحاضر جلساتها وفيها أودعت هيئة قضايا الدولة إعلان المطعون ضده بعريضة الطعن ومذكرة دفاع طلبت فيها الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وبجلسة 7/6/2006 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 3/10/2006 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وفيها أودع المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الطعن. وبجلسة 8/1/2008 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 19/2/2008 وبتلك الجلسة قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 25/3/2008 لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 23/1/1994 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 815 لسنة 2 ق. أمام محكمة القضاء الإداري بقنا، طلب في ختامها الحكم: (1) إلزام الجهة الإدارية المدعى عليها أن تؤدي له المبالغ التي خصمت من مستحقاته بدون وجه حق والتأمين النهائي عن عمليتي دار المعلمات بقنا والأعمال الخاصة بكلية الدراسات الإسلامية بقنا والفوائد البنكية بنسبة 20% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد. (2) براءة ذمته من المبالغ المطالب بسدادها من قبل مديرية الإسكان والمرافق بقنا. (3) إلزام الجهة الإدارية أن تؤدي له التعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به نتيجة إطالة مدة تنفيذ عملية دار المعلمات، مع إلزامها المصروفات.
وذكر المدعي شرحاً لدعواه أنه خلال عام 1981 أسندت إليه مديرية الإسكان والتعمير بقنا عملية إنشاء مدرسة دار المعلمات بقنا نظير مبلغ 158248 جنيهاً على أن يتم التنفيذ خلال عام من تاريخ تحديد عمق التأسيس الحاصل في 26/9/1981 وتضمن البند (4) أنه تسهيلاً للمقاول سوف يصرف له 95% في الأسبوع الأول من كل شهر من قيمة الأعمال التي تمت فعلاً، إلا أنه بالنظر لعدم توافر الاعتمادات المالية لدى الجهة الإدارية المدعى عليها، فقد أخلت بالتزاماتها ولم تقم بصرف مستحقاته عن الأعمال التي كان يقوم بتنفيذها مما توقف معه العمل أكثر من مرة حتى يتم تعزيز الاعتمادات المالية وأنه عند حلول الموعد المقرر لإنهاء العملية في 25/9/1982 تقدم لتلك الجهة بطلب لعمل ختامي عن الأعمال التي قام بتنفيذها إلا أنها، بالمخالفة لشروط التعاقد وأحكام العقد رفضت ذلك وقامت بتعديل مدة إنهاء العملية تباعاً لحين ورود الاعتمادات حتى 16/11/1987 حيث تم تنفيذ أعمال بلغت قيمتها 197170جنيهاً.
وأضاف المدعي أنه بمناسبة إلغاء الدراسة بمدارس المعلمين والمعلمات، فقد اقترحت المحافظة أن يتم تحويل المدرسة إلى كلية الدراسات الإسلامية للبنات، وطلبت المحافظة وجامعة الأزهر من مديرية الإسكان بقنا إجراء التعديلات والإضافة للمباني التي أنشئت لدار المعلمات إلا أنه لما كانت هذه التعديلات تزيد عدة مرات عن قيمة العقد فقد تم عرض الأمر على السيد/ المستشار مفوض الدولة في 12/9/1990 فانتهى إلى جواز الاتفاق مع المقاول على زيادة الأسعار لاستكمال الأعمال المتبقية، أو طرح هذه الأعمال في مناقصة أو ممارسة مستقلة إذا لم يتم الاتفاق على الزيادة، وبعرض الموضوع على السيد محافظ قنا وافق على قيام المقاول باستكمال باقي الأعمال مع أحقيته في صرف فروق أسعار كميات الخشب المستخدمة في العملية، كما وافق على رأي اللجنة المشكلة بشأن فروق الأسعار في ضوء مذكرة مفوض الدولة على النحو التالي:
(أ) بالنسبة لفروق خامات مواد البناء يتم المحاسبة عليها طبقاً للأسعار المحددة بالسوق المحلية طبقاً للتسعيرة الجبرية. (ب) يتم إضافة نسبة 35% على أسعار التعاقد بالنسبة للأعمال المتبقية. (ج) تقوم مديرية الإسكان والمرافق بتحديد مدة جديدة للأعمال المطلوب تنفيذها وذلك من بدء التنفيذ بعد توافر الاعتمادات المالية.
واستطرد المدعي أنه بتاريخ 29/9/1990 أخطرته مديرية الإسكان بكتابها رقم 10574 المتضمن طلب استئناف العمل بشأن تحويل مباني دار المعلمات إلى كلية الدراسات الإسلامية، وتسلم الموقع في 20/10/1990 حيث قام بتنفيذ الأعمال المطلوبة على أكمل وجه طبقاً لشروط العقد، وقد بلغت قيمة هذه الأعمال على استقلال مبلغ 620022,88جنيهاً بخلاف أعمال دار المعلمات، إلا أنه عند تحرير الكشوف الختامية لأعمال كلية الدراسات الإسلامية قامت مديرية الإسكان والمرافق بخصم مبالغ من مستحقاته بلغت جملتها 76418,85جنيهاً عن بنود معينة على التفصيل الوارد بعريضة الدعوى، فضلاً عن ذلك فإنه بعد مرور سنة الضمان توجه إلى مديرية الإسكان والمرافق بتسليم الأعمال نهائياً وصرف قيمة التأمين النهائي المقدم منه البالغ مقداره 31000جنيه، ففوجئ بأن تلك الجهة تطالبه بسداد مبلغ 41281جنيها بمقولة إنها صرفت له بدون وجه حق عن توريد كميات الحديد المشغول لزوم الشبابيك والأبواب لكلية الدراسات الإسلامية وذلك وفقاً لما انتهى إليه الجهاز المركزي للمحاسبات، وخلص المدعي إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 28/4/1999 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلا وبندب مكتب خبراء وزارة العدل بقنا لأداء المأمورية المبينة بأسباب الحكم، حيث باشر الخبير المنتدب المأمورية وأودع تقريره ومحاضر أعماله المرفقة بالأوراق والذي خلص فيه إلى: (1) أن الأعمال التي قام المدعي بتنفيذها هي الموضحة تفصيلا بالمستخلص الختامي للأعمال مخصوماً منها مبلغ 41281جنيهاً الذي تم تقديره بمعرفة اللجنة المشكلة بالقرار الإداري رقم 86 لسنة 1992. (2) أن المدعي يستحق مبلغ التأمين النهائي مخصوماً منه مبلغ 3500جنيه وفاء لإصلاحات موضحة بمحضر التسليم النهائي المؤرخ 11/11/1993 ـ أي مبلغ 27500جنيه. (3) أن باقي المبالغ المطالب بها من المدعي بعريضة دعواه لا توجد له أحقية في المطالبة بها.
وبجلسة 25/11/2004 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه، وأقامته على أنها تطمئن إلى ما جاء بتقرير الخبير على النحو الوارد تفصيلاً به وبمحاضر أعماله الملحقة به، الأمر الذي يتعين معه القضاء بأحقية المدعي في استرداد مبلغ 27500جنيه والفوائد القانونية بواقع 2% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد حسب طلبه في دعواه، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام طرفي الخصومة المصروفات مناصفة عملاً بحكم المادة 186 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به من أحقية المدعي في استرداد مبلغ 27500 جنيه باقي التأمين النهائي المودع منه تأسيساً على أنه بمناسبة إلغاء نظام الدراسة بمدارس المعلمين والمعلمات اقترحت محافظة قنا تحويل المبنى إلى كلية الدراسات الإسلامية على أن يقوم المطعون ضده باستكمال الأعمال المتبقية، والذي وافق على ذلك، وقام بتنفيذ هذه الأعمال، إلا أنه وأثناء فحص الجهاز المركزي للمحاسبات لملف العملية انتهى في تقريره إلى أنه تم صرف بعض المبالغ للمقاول بدون وجه حق بيانها كالتالي:
مبلغ 38581,60 جنيهاً ـ بالزيادة عن قيمة الحديد المشغول للأبواب والشبابيك.
مبلغ 5696,46جنيهاً ـ فرق قيمة الأبواب والشبابيك الخاصة بمدرسة المعلمات التي استولى عليها.
مبلغ 20078,84جنيها ـ قيمة بعض كميات الردم التي تم صرفها مرتين.
مبلغ 10490,84جنيها ـ قيمة فروق أسعار الأسمنت والحديد المسعرة.
وقد بلغت جملة هذه المبالغ 74847,326جنيهاً، وقد قامت الجهة الإدارية بتشكيل لجنة لفحص هذه المناقصة، والتي أعدت تقريراً انتهت منه إلى أن المبالغ التي يستحق خصمها من المقاول هي 41281جنيهاً ، وليست 74847,326 جنيهاً، وأنه بعرض تقرير اللجنة آنف الذكر على الجهاز المركزي للمحاسبات استبان له أن رئيس تلك اللجنة هو نفسه المهندس التنفيذي للعملية، وهو أمر يتعارض مع رئاسته للجنة فحص المخالفات ويتعين أن يكون رئيس اللجنة من المهندسين الذين لم يسبق لهم الإشراف على العملية، وعليه تم تشكيل لجنة أخرى انتهت إلى ذات الرأي الذي سبق أن انتهى إليه الجهاز المركزي للمحاسبات، فضلاً عن ذلك فقدر رأت تلك اللجنة تعلية مبلغ 3500جنيه لزوم الملاحظات التي أوردتها اللجنة في تقريرها.
وأضاف الطاعن أنه يتضح مما تقدم أحقية جهة الإدارة في خصم مبلغ 74847,326جنيهاً، وأنه لما كان المطعون ضده قد سدد تأمينا نهائيا بواقع 31000 جنيه، فإنه يكون من حقها احتجاز هذا التأمين بالكامل فضلاً عن حقها في اتخاذ إجراءات الحجز الإداري للحصول على باقي مستحقاتها، وأنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بأحقية المطعون ضده في استرداد مبلغ 27500جنيه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إنه يتعين الإشارة بداءة إلى أنه وإن كان المطعون ضده قد أقام دعواه الصادر فيها الحكم المطعون فيه بطلب إلزام الجهة الإدارية الطاعنة أن تؤدي له المبلغ المستقطع من مستحقاته والذي قدره بمبلغ 185,180418جنيهاً على التفصيل الوارد بعريضة الدعوى، وبراءة ذمته من مبلغ 41281جنيهاً تطالبه به الجهة الإدارية المدعى عليها، وتعويضه بمبلغ خمسين ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته، والفوائد بسعر البنك المركزي بواقع 20%، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للمدعي مبلغ 27500جنيه (الباقي من التأمين النهائي بعد خصم مبلغ 3500جنيه نظير الملاحظات التي أبدتها لجنة التسليم النهائي) ورفضت ما عدا ذلك من طلبات المدعي، الذي ارتضى هذا الحكم ولم يطعن عليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه رفض -ضمن ما رفضه- براءة ذمة المطعون ضده من مبلغ 41281جنيها- الذي يدعي أن الجهة الإدارية تنازع فيه بدون وجه حق، في حين أن تلك الجهة تقرر أن المبالغ التي صرفت له بدون وجه حق تقدر بمبلغ 74847,326جنيهاً على النحو الموضح تفصيلاً بعريضة الطعن.
وحيث إنه وإن كانت تلك الجهة لم تتبع أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية للمطالبة بتلك المستحقات، إلا أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القضاء الكامل يخول القاضي تصفية النزاع كلية، فيلغي القرارات المخالفة للقانون إن وجدت ثم يرتب على ذلك نتائجه كاملة من الناحية الإيجابية أو السلبية، ومن المسلم به أيضاً أن قضاء العقود الإدارية ينتمي أساساً إلى القضاء الكامل، إذ يكون للمحكمة التصدي للمنازعة الناشئة عن العقد الإداري وبجميع ما يتفرع عنها وبهذه المثابة لا يقتصر اختصاص المحكمة على التصدي لبحث حقوق المدعي المطالب بها، بل يمتد إلى بحث مستحقات الجهة الإدارية المدعى عليها للوصول إلى استجلاء وجه الحق في الدعوى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق -وبالقدر اللازم للفصل في المسائل المثارة في الطعن الماثل- أن الجهة الإدارية الطاعنة أسندت إلى المطعون ضده تنفيذ دار المعلمات بقنا نظير مبلغ 158248جنيهاً على أن يتم التنفيذ خلال 12 شهرا تبدأ من تاريخ تحديد عمق التأسيس الحاصل في 26/9/1981، وقد استطالت مدة التنفيذ حتى 27/9/1990 لأسباب يرجع بعضها إلى المقاول والبعض الآخر إلى الجهة الإدارية، حيث نفذ المقاول أعمالاً بلغت 193593جنيها، وبمناسبة إلغاء الدراسة بمدارس المعلمين والمعلمات، فقد اتفقت الجهة الإدارية مع المطعون ضده على عمل اللازم لتحويل مباني دار المعلمات إلى كلية الدراسات الإسلامية على أن تتم المحاسبة على البنود التي لها مثيل بعقد عملية دار المعلمات بزيادة مقدارها 35% عن الأسعار الواردة بذلك العقد، أما البنود المستجدة فيتم المحاسبة عليها طبقاً لأسعار السوق المحلية والتي يتم الاتفاق عليها بين الطرفين، وتسلم المطعون ضده الموقع في 20/10/1990 وتم تسليم الأعمال ابتدائياً في 5/11/1991 وبلغ ختامي الأعمال في العمليتين: 620022جنيها، وتم صرف ختامي الأعمال في 7/12/1991 وبفحص الجهاز المركزي للمحاسبات ملف العمليتين انتهى إلى أنه تم صرف مبلغ 74847,32 جنيهاً للمطعون ضده بدون وجه حق والموضحة بياناتها تفصيلاً بعريضة الطعن.
وحيث إن الجهة الإدارية قامت بتشكيل لجنة لفحص ملاحظات الجهاز سالفة الذكر والتي انتهت إلى أن إجمالي المبالغ الواجب استرجاعها من المطعون ضده هي 41281جنيهاً، إلا أن الجهاز المركزي للمحاسبات اعترض على ما انتهت إليه هذه اللجنة بمقولة إن رئيسها هو نفسه المهندس التنفيذي للعملية والمشرف عليها، وأن هذا يتعارض مع رئاسته للجنة فحص المخالفات، وطلب تشكيل لجنة أخرى يكون رئيسها من المهندسين الذين لم يسبق لهم الإشراف على العملية، حيث أصدرت الجهة الإدارية بتاريخ 25/10/1992 القرار رقم 1069 لسنة 1992 بتشكيل لجنة لفحص عملية إنشاء كلية الدراسات الإسلامية وإجراء المعاينة على المواقع في ضوء ما ورد بتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، وقد خلت الأوراق من بيان ما انتهت إليه تلك اللجنة في هذا الشأن.
كما أن الثابت أيضا أن هذا الموضوع أحيل إلى النيابة الإدارية في القضية رقم 518/1992 والتي انتهت إلى ثبوت مسئولية المشرفين على التنفيذ عن صرف مبلغ 38581جنيهاً للمطعون ضده ـ الخاصة بالحديد المشغول اللازم للأبواب والشبابيك- ومسئوليتهم عن تسليم الشبابيك الخشبية الخاصة بدار المعلمات إلى المطعون ضده دون طرحها في مزاد علني طبقاً لأحكام قانون المناقصات والمزايدات، وترتب على ذلك مديونيته بمبلغ 5696جنيهاً، واستبعدت النيابة الإدارية مسئوليتهم عن واقعتي تكرار صرف كميات الردم (بمبلغ 20078,84) جنيهاً وصرف فروق أسعار مواد البناء (10490,52)، وانتهت إلى طلب مجازاة المشرفين المذكورين إدارياً وتوصية الجهة الإدارية بتسوية المبالغ الخاصة بالمخالفتين المشار إليهما.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم فإنه يستحق للجهة الإدارية لدى المطعون ضده مبلغ 38581 + 5696 = 43277جنيهاً ـ يضاف إليه مبلغ 3500جنيه الذي يمثل قيمة الإصلاحات المطلوبة والموضحة تفصيلاً بمحضر التسليم النهائي، أي بإجمالي مقداره 46777جنيهاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قامت بخصم مبلغ 38070جنيهاً المستحقة للمطعون ضده لديها والمتمثلة في قيمة التأمين النهائي عن عملية دار المعلمات وعملية كلية الدراسات الإسلامية، وبعض مستحقاته الناشئة عن تنفيذ مدرسة الصالحة الإعدادية (يراجع مسلسل رقم 72 من ملف كلية الدراسات الإسلامية حـ3)، ومتى كان ذلك وكان يستحق للجهة الإدارية لديه مبلغ 46777 جنيها على ما سلف بيانه، فمن ثم فإنه يكون ما زال مديناً لتلك الجهة بمبلغ 8707 جنيهات، وهو ما يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند تحديد مستحقات كل من الطرفين لدى الآخر عند الفصل في موضوع الدعوى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بغير هذا النظر، وقضى – فيما قضى به- بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها أن تؤدي للمدعي (المطعون ضده) مبلغ 27500جنيهاً -على الرغم من مديونيته لها بمبلغ 8707جنيهات على ما سلف بيانه- فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه الحكم بتعديله على النحو الذي سيرد بالمنطوق، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون برفض الدعوى على النحو المبين بالأسباب، وألزمت المطعون ضده المصروفات.