جلسة 3 من يوليو سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى عبدالمجيد مسلم.
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عادل محمود زكى فرغلى، وإسماعيل صديق محمد راشد، وكمال زكى عبد الرحمن اللمعى، وعلى فكرى حسن صالح، أحمدى محمد أمين الوكيل، ويحيى أحمد عبدالمجيد مصطفى، وعبدالله عامر إبراهيم سالم، ومحمود إبراهيم محمود على عطاالله، وأدهم حسن أحمد الكاشف، ويحيى خضرى نوبى محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 4471 لسنة 46 قضائية عليا:
ـ التدخل فى الدعوى ـ التدخل أمام دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا ـ حكمه .
المادة (126) من قانون المرافعات، والمادة 54 مكررًا من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
اختصاص هذه المحكمة يقتصر على الفصل فى تعارض الأحكام والترجيح بين المبادئ ـ الفصل فى طلبات التدخل المقدمة أمامها يكون منوطاً بمحكمة الموضوع الأمر الذى يستوجب إحالة تلك الطلبات إليها ـ تطبيق.
ـ شئون الأعضاء ـ التعيين فى وظيفة مندوب ـ لزوم مضى عام كامل على الأقل على التعيين فى وظيفة مندوب مساعد.
المواد (2)، و(73)، و(74)، و(75)، و(99) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
المشرع أخضع تعيين المندوب المساعد بالمجلس لذات شروط تعيين المندوب عدا شرط الحصول على دبلومين من دبلومات الدراسات العليا، واكتفى فى صدده بالحصول على الليسانس فى الحقوق وأوجب تعيينه بوظيفة مندوب وهى الوظيفة الأعلى مباشرة فى أول يناير التالى لحصوله على الدبلومين بشرط أن تكون التقارير المقدمة عنه مرضية، وأخضع عمله لتقدير إدارة التفتيش الفنى وألزم تلك الإدارة بأن تجرى التفتيش على أعماله مرة على الأقل كل سنتين مع تقدير كفاءته بذات المراتب التى تقدر بها كفاءة باقى الأعضاء ـ إذا كان الجمع بين نص المادة 75 التى اشترطت لترقية المندوب المساعد أن تكون التقارير المقدمة عنه مرضية، ونص المادة 99 التى حددت مراتب الكفاية بكفء وفوق المتوسط ومتوسط وأقل من المتوسط يقتضى إعمال معايير متعددة العناصر وأكثر مرونة عند قياس كفاءة المندوب المساعد، فإن الجمع بين النصوص كأداة تفسير تستهدف استجلاء قصد المشرع يتعين أن يقف عند هذا الحد فلا يتجاوزه إلى استثناء المندوب المساعد من قاعدة الخضوع للتفتيش الفنى أو إخراج التفتيش على أعماله ووضع تقارير عنه من اختصاص إدارة التفتيش وإسناده إلى جهات أخرى لم ينط بها المشرع أى اختصاص فى مجال تقدير الكفاءة ـ أثر ذلك: ـ إذا كان المشرع قد أوجب تعيين المندوب المساعد بوظيفة مندوب فى يناير التالى لحصوله على الدبلومين متى كانت التقارير المقدمة عنه مرضية فإنه يكون قد علق هذا التعيين الوجوبى على وجود تلك التقارير، وفى ذات الوقت يكون قد أوجب على إدارة التفتيش الفنى أن تنشط فور إخطارها بحصول المندوب المساعد على الدبلومين فتباشر مهمتها فى التفتيش على أعماله ووضع تقرير عنه ـ بيد أن ذلك كله رهين بأن تكون مدة عمل المندوب المساعد كافية للدلالة على مستواه الفنى ـ إذا كان المشرع قد أوجب إجراء التفتيش على أعمال الخاضعين له مرة على الأقل كل سنتين، وكان ذلك يعنى إمكان إجراء هذا التفتيش عن مدة أقل من السنتين وكان العرف الإدارى الذى يجرى مجرى القاعدة القانونية قد استقر فى المجلس على إجراء التفتيش عن عمل الخاضعين خلال عام كامل، فإن عمل المندوب المساعد لا يؤهله لوضع تقرير عنه إلا بعد قضائه في تلك الوظيفة سنة كاملة ـ مقتضى ذلك ـ المندوب المساعد المعين بليسانس الحقوق والحاصل على الدبلومين قبل تعيينه أو خلال العام الأول من تعيينه لا يكون صالحاً للتعيين بوظيفة مندوب فى أول يناير التالى إلا بعد تقرير كفاءته وهو ما يستلزم قضاءه عامًا كاملاً فى الوظيفة المعين بها ـ تطبيق.
بتاريخ 25/3/2000 أودع الأستاذ غبريال إبراهيم المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة صحيفة طعن قيدت بجدولها برقم 4471 لسنة 46ق عليا اختصم فيها كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الدولة وذلك للحكم له أصلياً: بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن اعتباره معينًا بوظيفة مندوب بمجلس الدولة اعتباراً من 1/1/1998 مع ما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطياً: بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 97 لسنة 1999 فيما تضمّنه من تحديد أقدميته فى وظيفة مندوب اعتباراً من 1/1/1999 مع ما يترتب على ذلك من آثار منها إرجاع أقدميته فيها إلى 1/1/1998 وذكر الطاعن شرحاً لطعنه أنه عُين بالنيابة العامة خلال شهر مايو سنة 1997 وفى 2/9/1997 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 314 لسنة 1997 بتعيينه بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وأنه حصل على دبلوم القانون العام فى دور مايو 1997، وحصل على دبلوم الشريعة الإسلامية فى دور أكتوبر سنة 1997 وبموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 97 لسنة 1999 عين بوظيفة مندوب اعتباراً من 1/1/1999 ونعى الطاعن على هذا القرار مخالفته نص المادة 75 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972التى كان إعمالها يقتضى تعيينه بدرجة مندوب اعتباراً من 1/1/1998 لتوافر شرطى التعيين بتلك الوظيفة قبل هذا التاريخ وبحصوله على الدبلومين وإيداع رئيسه المباشر تقريراً عن أعماله.
وقد جرى تحضير الطعن بهيئة مفوضى الدولة على الوجه المبين بمحاضر جلسات التحضير وقدمت الهيئة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن انتهت فيه إلى إحالة الطعن إلى الدائرة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر من قانون مجلس الدولة لصدور حكمين متناقضين من المحكمة الإدارية العليا أولهما: بجلسة 11/6/1989 فى الطعن رقم 55 لسنة 34ق. عليا بعدم جواز تعيين المندوب المساعد بوظيفة مندوب إن كانت مدة عمله بمجلس الدولة لاتسمح بتقدير كفايته وثانيهما: بجلسة 2/4/1994 فى الطعن رقم 3372 لسنة 38ق. عليا بوجوب تعيين المندوب المساعد بوظيفة مندوب فى يناير التالى لحصوله على الدبلومين بغض النظر عن مدة عمله بالمجلس.
وقد نظرت الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا الطعن على الوجه المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 20/9/2001قررت إحالته إلى دائرة توحيد المبادئ المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لإزالة التضارب بين الحكمين المشار إليهما .
وقد نظرت هذه الدائرة الطعن بجلسة 1/11/2001 وتداولت نظره بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها وأثناء المرافعة قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن انتهت فيه إلى تأييد ما قضت به المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 3372 لسنة 38ق. عليا بجلسة 2/4/1994 من التزام الإدارة بإيداع التقارير عن المندوب المساعد قبل أول يناير التالى لحصوله على الدبلومين وإصدار قرار ترقيته إلى درجة مندوب اعتباراً من يناير التالى لحصوله على الدبلومين.
وبجلسة 7/2/2002 حضر الأستاذ محمود على فراج المحامى وطلب التدخل نيابة عن ثمانية عشر عضواً من أعضاء مجلس الدولة أُدرجت أسماؤهم بمحضر الجلسة وذلك للحكم لهم بتعديل أقديمتهم فى درجة مندوب.
وبجلسة 7/3/2002طلب التدخل لذات الغرض خمسة أعضاء آخرين أُدرجت أسماؤهم بمحضر الجلسة فى حين طلب أربعة أعضاء أدرجت أسماؤهم بذات المحضر التدخل انضمامياً إلى جانب الجهة الإدارية فى طلبها رفض الطعن وبجلسة 4/4/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 4/7/2002 وفيها قررت إعادة الطعن للمرافعة لتغير تشكيل الهيئة وإصدار الحكم بجلسة 3/10/2002 وفيها أعيد الطعن للمرافعة لذات السبب وتداولت المحكمة نظره بالجلسات وبجلسة 6/3/2003 طلب الأستاذ محمد أحمد الجمل المحامى التدخل انضمامياً لجهة الإدارة نيابة عن أربعة عشر عضواً وبجلسة 3/4/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 5/6/2003 وصرحت بتقديم مذكرات خلال أسبوعين وفى هذا الأجل قدم الطاعن مذكرة وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة وقدم طالبو التدخل مذكرتين.
وبجلسة 5/6/2003 تقرر تأجيل النطق بالحكم إدارياً لجلسة 3/7/2003 وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلبات التدخل المقدمة من أعضاء مجلس الدولة فإنه لما كانت المادة 126 من قانون المرافعات تنص على أنه “يجوز لكل ذى مصلحة أن يتدخل فى الدعوى منضماً لأحد الخصوم أو طالباً لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أوبطلب يقدم شفاهة فى حضورهم ويثبت فى محضرها ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة” وكان اختصاص هذه المحكمة يقتصر وفقاً لنص المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972على الفصل فى تعارض الأحكام والترجيح بين المبادئ فإن الفصل فى طلبات التدخل المقدمة أمامها يكون منوطاً بمحكمة الموضوع الأمر الذى يستوجب إحالة تلك الطلبات إليها.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن الطاعن أقام الطعن رقم 4471 لسنة 46ق،عليا طالباً الحكم له أصلياً: بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن اعتباره معينًا بوظيفة مندوب بمجلس الدولة من 1/1/1998 مع ما يترتب على ذلك من آثار واحتياطياً: بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 97 لسنة 1999 فيما تضمنه من تحديد أقدميته فى وظيفة مندوب اعتباراً من 1/1/1999 مع مايترتب على ذلك من آثار منها إرجاع أقدميته فيها إلى 1/1/1998 تأسيساً على أنه حصل على دبلوم القانون العام فى مايو سنة 1997 وفى 2/9/1997 عُين مندوباً مساعداً بقرار رئيس الجمهورية رقم 314 لسنة 1997 وحصل على دبلوم الشريعة فى أكتوبر سنة 1997وكان يتعين بناءً على ذلك تعيينه بوظيفة مندوب فى 1/1/1998 إعمالاً لنص المادة 75 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972وذلك باعتبار أن مدة عمله بمجلس الدولة من 2/9/1997 حتى 1/1/1998 تكفى لتقدير كفايته ولأن رئيسه المباشر أعد عنه بالفعل تقريراً فى صالحه.
ومن حيث إن الطعن نُظر أمام الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا وبجلسة 20/9/2001 قررت إحالته إلى هذه الدائرة لأسباب حاصلها أن المحكمة الإدارية العليا قضت بجلسة 11/6/1989 فى الطعن رقم 55 لسنة 34 ق. عليا بأن المندوب المساعد الذى يحصل على الدبلومين يعتبر معيناً فى وظيفة مندوب اعتباراً من يناير التالى لحصوله على الدبلومين بشرط أن تكون التقارير المقدمة عنه مرضية فإذا لم تكن التقارير كذلك أو كانت مدة عمله بمجلس الدولة من تاريخ تعيينه فى وظيفة مندوب مساعد لا تسمح بتقرير كفايته يكون قد تخلف فى حقه الشرط المقرر قانوناً لاعتباره معيناً بوظيفة مندوب وأن المحكمة الإدارية قضت بجلسة 2/4/1994 فى الطعن رقم 3372 لسنة 38 ق عليا بأن سلطة الإدارة فى مجال إعمال نص المادة 75 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 سلطة مقيدة طالما توافرت الشروط التى تطلبها القانون، ومن بينها التقارير التى أعدت عن المندوب المساعد، وأن على الجهة الإدارية تقديم التقارير فى حينها حتى يمكن إعمال النص المشار إليه فى الموعد الذى حدده القانون، وأن تقاعسها عن تقديم التقارير لايصح أن يكون سبباً فى الإضرار بالمندوب المساعد طالما أن عدم تقديم التقارير يرجع لأسباب لايد له فيها ومع مراعاة أن التقارير التى تقدم عن المندوب المساعد ليست من نوع تقارير التفتيش الفنى بالمعنى المقصود فى المادة 84 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى هذا الطعن ينحصر فى تحديد مدة عمل المندوب المساعد التى تصلح أن تكون أساساً لوضع تقارير عنه كشرط لترقيته إلى وظيفة مندوب فى يناير التالى لحصوله على الدبلومين وكذا تحديد الجهة المختصة بوضع تلك التقارير.
ومن حيث إن قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ينص فى المادة (2) على أن (يتكون مجلس الدولة من … ويلحق بالمجلس مندوبون مساعدون تسرى عليهم الأحكام الخاصة بالمندوبين عدا شرط الحصول على دبلومين من دبلومات الدراسات العليا).
وينص فى المادة (73) على أنه (يشترط فيمن يُعين عضواً فى مجلس الدولة:1ـ …………. 2ـ أن يكون حاصلاً على درجة الليسانس……. 3ـ ………. 4ـ………… 5ـ أن يكون حاصلاً على دبلومتين من دبلومات الدراسات العليا ………) وينص فى المادة 74 على أنه (مع مراعاة الشروط المنصوص عليها فى المادة السابقة يكون التعيين فى وظائف مجلس الدولة بطريق الترقية من الوظائف التى تسبقها مباشرة ….) وينص فى المادة (75) على أن (يعتبر المندوب المساعد معيناً فى وظيفة مندوب فى أول يناير التالى لحصوله على الدبلومين المنصوص عليهما فى البند (5) من المادة (73) متى كانت التقارير المقدمة عنه مرضية) وينص فى المادة (99) على أن ( تشكل بمجلس الدولة إدارة للتفتيش الفنى على أعمال المستشارين المساعدين والنواب والمندوبين المساعدين … ويكون تقدير الكفاية بإحدى الدرجات الآتية كفء ـ فوق المتوسط ـ متوسط ـ أقل من المتوسط ـ ويجب إجراء التفتيش مرة على الأقل كل سنتين…).
ومن حيث إن المستفاد من تلك النصوص أن المشرع أخضع تعيين المندوب المساعد بالمجلس لذات شروط تعيين المندوب عدا شرط الحصول على دبلومين من دبلومات 1الدراسات العليا واكتفى فى صدده بالحصول على الليسانس فى الحقوق وأوجب تعيينه بوظيفة مندوب وهى الوظيفة الأعلى مباشرة فى أول يناير التالى لحصوله على الدبلومين بشرط أن تكون التقارير المقدمة عنه مرضية وأخضع عمله لتقدير إدارة التفتيش الفنى وألزم تلك الإدارة بأن تجرى التفتيش على أعماله مرة على الأقل كل سنتين مع تقدير كفاءته بذات المراتب التى تقدر بها كفاءة باقى الأعضاء، وإذا كان الجمع بين نص المادة 75 التى اشترطت لترقية المندوب المساعد أن تكون التقارير المقدمة عنه مرضية ونص المادة 99 التى حددت مراتب الكفاية بكفء وفوق المتوسط ومتوسط وأقل من المتوسط يقتضى إعمال معايير متعددة العناصر وأكثر مرونة عند قياس كفاءة المندوب المساعد فإن الجمع بين النصوص كأداة تفسير تستهدف استجلاء قصد المشرع يتعين أن يقف عند هذا الحد فلا يتجاوزه إلى استنثاء المندوب المساعد من قاعدة الخضوع للتفتيش الفنى أو إخراج التفتيش على أعماله ووضع تقارير عنه من اختصاص إدارة التفتيش أو إسناده إلى جهات أخرى لم ينط بها المشرع أى اختصاص فى مجال تقدير الكفاءة وبالتالى فإنه إذا كان المشرع قد أوجب تعيين المندوب المساعد بوظيفة مندوب فى يناير التالى لحصوله على الدبلومين متى كانت التقارير المقدمة عنه مرضية فإنه يكون قد علق هذا التعيين الوجوبى على وجود تلك التقارير، وفى ذات الوقت يكون قد أوجب على إدارة التفتيش الفنى أن تنشط فور إخطارها بحصول المندوب المساعد على الدبلومين فتباشر مهمتها فى التفتيش على أعماله ووضع تقرير عنه، بيد أن ذلك كله رهين بأن تكون مدة عمل المندوب المساعد كافية للدلالة على مستواه الفنى، وإذا كان المشرع قد أوجب إجراء التفتيش عن مدة أقل من السنتين وكان العرف الإدارى الذى يجرى مجرى القاعدة القانونية قد استقر فى المجلس على إجراء التفتيش عن عمل الخاضعين خلال عام كامل، فإن عمل المندوب المساعد لا يؤهله لوضع تقرير عنه إلا بعد قضائه فى تلك الوظيفة سنة كاملة، وبالتالى فإن المندوب المســــاعد المعــــين بليسانس الحقوق والحاصـــل على الدبلومين قبل تعـــيينه أو خلال العام الأول من تعيينه لا يكون صالحاً للتعيين بوظيفة مندوب فى أول يناير التالى إلا بعد تقرير كفاءته وهو ما يستلزم قضائه عامًا كاملاً فى الوظيفة المعين بها.
ومن حيث إنه لايغير مما تقدم ما ساقه الطاعن من أسانيد فى صحيفة الطعن أو فى المذكرات المقدمة منه ذلك لأنه إذا كانت سلطة المجلس فى تعيين المندوب المساعد بوظيفة مندوب مقيدة بتمام ذلك فى يناير التالى لحصوله على الدبلومين فهى مقيدة كذلك بأن تكون التقارير المقدمة عنه مرضية ولأن تقديم تقرير عنه من جهة أخرى غير التفتيش الفنى لايغنى عن ممارسة التفتيش الفنى لاختصاصه المنوط به وحده بالنص الصريح ولأن مايقدم عنه من زملائه الأقدم منه لايعدو أن يكون تزكية تشهد له أمام التفتيش الفنى المختص ولكنها لاتكفى لتوافر شرط التقدير الموجب للترقية، ولأنه إذا كان المشرع لم يضع حداً أدنى للمدة التى يوضع عنها التقرير، فإن العرف المستقر أسفر عن قاعدة قانونية لاتصادم نصاً مكتوباً من مقتضاها إجراء التفتيش عن مدة عمل مورس خلال عام كامل، ولأن النص على تعيين المندوب المساعد بوظيفة مندوب فى يناير التالى متى كانت التقارير المقدمة عنه مرضية، لايعنى جواز تعيينه فى هذا الميعاد إذا لم توجد عنه تقارير تفيد العكس، ذلك لأن المشرع علق التعيين على وجود تقارير مرضية ولم يعلقها على عدم وجود تقارير تنال من كفايته والفرق فى المعنى واضح بين الحالين ففى الأول يتعين أن يوجد التقرير وأن يكون مرضياً وفى الثانية لايشترط وجوده أصلاً، والمشرع لم يكن تعوزه العبارات إن شاء الأخذ بالمعنى الثانى، وإذا كان العمل قد جرى وفقاً لما جاء بأسانيد الطاعن على التعيين بوظيفة مندوب قبل مضى عام وعلى الاكتفاء بتقارير صادرة عن جهات أخرى غير التفتيش الفنى، فإن ذلك لايمكن أن يشكل عرفاً واجب الإعمال لكونه يتصادم ضمناً مع النصوص الصريحة التى توجب توافر تقرير عن المندوب المساعد والتى تسند وضع هذا التقرير إلى إدارة التفتيش الفنى دون سواها.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم فإنه إذا كان من اللازم ترجيح المبدأ الذي قضى به الحكم الصادر بجلسة 11/6/1989 فى الدعوى رقم 55 لسنة 34 ق. عليا والذى من مقتضاه بقاء المندوب المساعد فى تلك الوظيفة مدة عمل تكفى لوضع تقرير عنه كشرط لتعيينه بوظيفة مندوب فى أول يناير التالى لحصوله على الدبلومين، فإنه يكون من اللازم أيضًا تحديد مدة العمل المشار إليها بعام كامل على الأقل نزولاً على العرف الذى جرى مجرى القاعدة القانونية والذى من مقتضاه إجراء التفتيش عن عمل الخاضعين له خلال عام كامل .
حكمت المحكمة
بعدم جواز تعيين المندوب المساعد فى وظيفة مندوب فى أول يناير التالى لحصوله على الدبلومتين إلا بعد انقضاء عام كامل على الأقل على تعيينه فى وظيفة مندوب مساعد بالمجلس وذلك على الوجه المبين بالأسباب وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة للفصل فيه.