جلسة 15 من مارس سنة 2008
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 4552 لسنة 52 القضائية عليا.
– انعقاد الخصومة– إعلان– تعديل موعد جلسة نظر الدعوى دون إخطار أحد طرفيها- أثر ذلك.
حق الدفاع أمام جهات القضاء وغيرها من الأصول الدستورية المرعية، ويعد أصلا من أصول التقاضي- إذا صدر حكم في منازعة لم يتمكن فيها أحد أطراف الخصومة من تقديم دفاعه والحفاظ على حقوقه فإنه يكون حكما باطلا- يسري هذا المبدأ في حق إجراءات الخصومة التي لم يحضر أحد أطرافها أيا من جلساتها لعدم إخطاره بذلك منذ البداية، أو في أية مرحلة من مراحل الدعوى، كأن تحدد جلسة لنظر الدعوى ويتم تعديلها بناء على طلب أحد أطراف الخصومة ولا يتم إخطار الطرف الآخر بها– أساس ذلك: إهمال حق الدفاع وإهداره، وعدم تصحيح هذا الإجراء الباطل يترتب عليه عدم انعقاد الخصومة؛ لوقوع عيب شكلي جوهري في الإجراءات يخالف النظام العام للتقاضي– تطبيق.
في يوم الاثنين الموافق 21/11/2005 أقيم الطعن الأول رقم 4552 لسنة 52ق.ع وفي يوم الخميس الموافق 24/11/2005 أقيم الطعن الثاني رقم 4718 لسنة 52 ق.ع بإيداع تقرير كل منهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعناً في حكم محكمة القضاء الإداري – الدائرة الثانية – الصادر بجلسة 25/9/2005 في الدعوى رقم 22173 لسنة 58ق القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء قرار جهة الإدارة بإلغاء تخصيص قطعة الأرض رقم … المنطقة (…) بحي الياسمين بمدينة القاهرة الجديدة للمدعية بسعر 250 جنيهاً للمتر الواحد مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها اعتبار قرار إعادة تخصيصها للمدعية بسعر 275 جنيهاً للمتر الواحد كأن لم يكن وبرفض ما عدا ذلك من طلبات.
وطلب الطاعن في الطعن رقم 4552 لسنة 52ق.ع الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى. وطلبت الطاعنة في الطعن رقم 4718 لسنة 52 ق.ع الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من رفض طلب الطاعنة الاعتداد بتاريخ التسليم الفعلى لقطعة الأرض محل التخصيص الحاصل في 20/4/2004 وما تضمنه من رفض طلبها أحقيتها في استرداد ما دفعته من مبالغ بالزيادة عن المقرر في قرار التخصيص الملغى مع احتساب الفوائد القانونية بنسبة 4% مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وببطلان الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى. ونظرت دائرة فحص الطعون – الدائرة الأولى – الطعنين على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 1/7/2007 قررت إحالة الطعنين إلى هذه الدائرة لنظرهما بجلسة 10/11/2007 وبجلسة 19/1/2008 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث أعيد الطعنان للمرافعة بجلسة اليوم وتقرر إصدار الحكم آخر الجلسة وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية لذلك فهما مقبولان شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضدها في الطعن الأول (الطاعنة في الطعن الثاني) أقامت بتاريخ 25/9/2005 أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثانية) الدعوى رقم 22173 لسنة 58ق تطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة فيما تضمنه من مطالبة المدعية بمبلغ يزيد على 250 جنيهاً للمتر للقطعة المخصصة لها وإعادة جدولة المديونية بما فيها غرامات التأخير ليكون سدادها على أقساط سنوية وفقاً لقرار التخصيص الصادر في 15/11/2000 مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها أحقيتها في احتساب فوائد قانونية بما تم سداده بالزيادة في غير مواعيد استحقاقه واعتبار تسلُّم الأرض في 20/4/2004 وليس في 9/2/2002 إذ إنها تعثرت في سداد ثمن قطعة الأرض المخصصة لها بحي الياسمين بالقاهرة الجديدة رقم … بالمنطقة (…) وتم إلغاء التخصيص ولم يتم إخطارها بذلك وتقدمت بطلب إلغاء هذا القرار فتم إلغاؤه، إلا أنه تم زيادة سعر متر الأرض إلى 275 جنيهاً بدلاً من 250 جنيهاً مع سداد 75% من ثمن الأرض وحرمتها من مدة التقسيط وألزمتها بالبناء وفقاً لقرار التخصيص الأول بتاريخ 9/2/2002 وذلك كله بالمخالفة للقانون.
ونظرت المحكمة الدعوى بشقيها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 8/5/2005 التأجيل لجلسة 24/9/2005 مع إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني ثم تقدمت المدعية عن طريق وكيلها بتعجيل نظر الدعوى حيث عجلت لها جلسة 31/8/2005 على أن تقوم المدعية بإعلان جهة الإدارة بوقت كاف بهذه الجلسة (31/8/2005)، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 25/9/2005 حيث أعيدت للمرافعة لذات الجلسة لتغيير التشكيل وأصدرت حكمها آخر الجلسة بإلغاء قرار جهة الإدارة بإلغاء قرار تخصيص قطعة الأرض للمدعية مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها اعتبار قرار إعادة تخصيصها للمدعية بسعر 275 جنيهاً للمتر كأن لم يكن وبرفض ما عدا ذلك من طلبات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أنه لم يتم إخطار المدعية بضرورة تصحيح موقفها قبل إلغاء تخصيص قطعة الأرض لها كما لم تقدم جهة الإدارة ما يفيد اعتماد قرار إلغاء التخصيص من اللجنة المختصة مما يسم القرار بعدم المشروعية مع اعتبار قرار إعادة التخصيص بسعر 275 جنيهاً للمتر كأن لم يكن. وبالنسبة إلى طلب المدعية تعديل موعد تسلُّم الأرض فقد رفضت المحكمة هذا الطلب على سند أن قرار التخصيص الأول يعود بما يترتب عليه من حقوق والتزامات بما فيها موعد تسلم الأرض كما لا يحق للمدعية المطالبة بالفوائد القانونية لأن ما سددته يعد متنازعاً عليه.
ومن حيث إن الطعن الأول رقم 4552 لسنة 52 ق.ع يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه؛ حيث لم يتم إعلان الهيئة الطاعنة بالجلسة التي تم تعجيلها بناء على طلب المدعية من 24/9/2005 حتى 31/8/2005 ولم يتم إخطارها بجلسات التحضير وبالتالى تم صدور الحكم المطعون فيه في غيبتها مما يعد إخلالاً بحق الدفاع فضلاً عن الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك أنه تم إخطار المطعون ضدها بوجوب سداد الأقساط المتأخرة عليها كما هو ثابت بالأوراق ومنها حافظة المستندات المقدمة من المطعون ضدها بجلسة 31/8/2005.
ومن حيث إن الطعن الثاني رقم 4718 لسنة 52ق.ع يركن إلى مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه لأن قرار رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة رقم 3 لسنة 2001 ينص على أن ميعاد تسليم الأرض هو الميعاد المحدد سلفاً مع إلزام القواعد الإجرائية الواردة في هذا القرار عند عدم التسليم، ولما كان قرار إلغاء التخصيص قضت المحكمة بإلغائه فإنه يتعين الاعتداد بتاريخ التسلُّم الفعلي الحاصل في 20/4/2004 كما أن حق الطاعنة ثابت في الفوائد القانونية عن المبالغ التي ألزمتها جهة الإدارة المطعون ضدها في سدادها بالزيادة بالمخالفة للقانون.
ومن حيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن حق الدفاع أمام جهات القضاء وغيرها من الأصول الدستورية المرعية ويعد أصلا من أصول التقاضي، فلا خصومة بلا طرفين يباشر كل منهما حق الدفاع كاملاً في ساحة العدالة وتحت إشراف القاضي الطبيعي للمنازعة، ومن ثم يترتب على إهمال هذا الأصل وإهداره عدم انعقاد الخصومة، ويترتب على عدم تصحيح هذا الإجراء وقوع عيب شكلي جوهري في الإجراءات يخالف النظام العام للتقاضي، وإذا صدر حكم في مثل هذه المنازعة التي لا يتمكن فيها أحد أطراف الخصومة من تقديم دفاعه والحفاظ على حقوقه بحيث ينفرد فيها طرف واحد في إبداء وجهة نظره دون الطرف الآخر فإن الحكم الذي يصدر في ظل هذه الإجراءات يكون باطلا.
ومن حيث إن المبدأ المتقدم يسري في حق إجراءات الخصومة التي لم يحضر أحد أطرافها أيا من جلساتها لعدم إخطاره بذلك منذ البداية، أو بالنسبة لأية مرحلة من مراحل الدعوى، كأن تحدد جلسة لنظر الدعوى ويتم تعديلها بناء على طلب أحد أطراف الخصومة ولا يتم إخطار الطرف الآخر بها.
ومن حيث إنه بإنزال ما تقدم على المنازعة الماثلة ولما كان قد تحدد لنظر الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه جلسة 24/9/2005 ثم تقدمت المدعية في الدعوى بطلب تقصير وتحدد لذلك جلسة 31/8/2005 على أن يتم إعلان الطرف الآخر في الدعوى (هيئة المجتمعات العمرانية) إلا أنه ليس في الأوراق ما يشير إلى أن المدعية التزمت بالإعلان وصدر الحكم بجلسة 25/9/2005 دون التحقق من استكمال هذا الإجراء، فإن ثمة إهداراً لحق من حقوق الدفاع ويترتب على ذلك بطلان الحكم المطعون فيه، وهو ما تقضي به المحكمة مع إعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري لنظرها بهيئة مغايرة مع إبقاء الفصل في المصروفات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبطلان الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري لنظرها بهيئة مغايرة وألزمت المطعون ضدها الأولى مصروفات الطعن.