جلسة 25 من يونيو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / كمال زكى عبد الرحمن اللمعى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم عطا الله, ومنير صدقي يوسف خليل, ومصطفى سعيد مصطفى حنفي, وعبد الكريم محمود صالح الزيات.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / درويش الخفيف.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ جمال طه المهدى.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 4619 لسنة 45 قضائية عليا
ـ عقد التوريد ـ تسليم السلع والمهمات الواردة من الخارج.
يحدد عقد توريد السلع والمهمات من الخارج مكان التسليم وطريقته ـ فقد يكون التسليم في ميناء الشحن(F.O.B), وفى هذه الحالة يتم التسليم نهائيًا فى ميناء الشحن، وبمجرد وضع المهمات على السفينة وتسليم المستندات الناقلة للملكية ينقضى بذلك عقد التوريد وتنتهي مسئولية المورد فى ميناء الشحن ـ وقد يكون التسليم فى ميناء الوصول (C.I.F) أو(CF), وفى هذه الحالة لا تنتهى مسئولية المورد إلا فى هذا الميناء حتى ولو كان قد سلم مستندات الشحن الناقلة للملكية فى ميناء الشحن ومن ثَمَّ يظل ضامنًا كافة الأخطار والعيوب التى قد تصيب المهمات حتى يتم تسليمها فى ميناء الوصول ـ وقد يكون التسليم بمخازن الوزارة أو المصلحة المتعاقدة, وفى هذه الحالة لا تنتهى مسئولية المورد إلا بعد وصول البضاعة إلى هذه المخازن وفحصها نهائيًا ـ تطبيق .
فى يوم الأربعاء الثامن والعشرين من أبريل سنة 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 4619 لسنة 45 ق. ع ضد المطعون ضدهما عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 28/2/1999 فى الدعوى رقم 7824 لسنة 45 ق. والذي قضى أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثاني لرفعها من غير ذي صفة. ثانيًا: بقبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول شكلاً، وفى الموضوع برفضها وإلزام المدعى بصفته المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته ـ للأسباب الواردة فى تقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يدفعا للطاعن بصفته مبلغ 18115.80جنيهًا والفوائد القانونية بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام الوفاء والمصروفات .
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا وإلزام الطاعن بصفته المصروفات .
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19/7/2000 وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، حيث أودعت هيئة قضايا الدولة بجلسة 3/1/2001 إعلان الطعن إلى المطعون ضدهما ـ ومذكرة دفاع طلبت الحكم بالطلبات الواردة بتقرير الطعن فيها وبجلسة 17/10/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وعينت لنظره أمامها جلسة 22/1/2002، حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة، وبجلسة 30/4/2002 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها قررت إعادة الطعن للمرافعة لجلسة اليوم، ثم النطق بالحكم آخر الجلسة، حيث تم النطق بالحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه .
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة .
من حيث إنه عن شكل الطعن, فإنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن البحث فى صفة رافع الدعوى أو المرفوعة عليه من النظام العام تتعرض له المحكمة من تلقاء نفسها .
ومتى كان ذلك, وكان الثابت من الأوراق أن عقد توريد بعض الأثاث والأجهزة العلمية مبرم بين الجهة الإدارية الطاعنة وبين الشركة المطعون ضدها وأن دور المطعون ضده الثاني فى الموضوع اقتصر على كونه وكيلاً تجاريًا للشركة المطعون ضدها الأولى, وأن المادة الأولى من قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 1982 تنص على أن ” يقصد بالوكيل التجاري فى مجال تطبيق أحكام هذا القانون كل شخص طبيعي أو اعتباري يقوم بصفة معتادة دون أن يكون مرتبطًا بعقد عمل أو تأجير خدمات بتقديم العطاءات أو إبرام عمليات الشراء أو البيع أو التأجير أو تقديم الخدمات باسم ولحساب المنتجين أو التجار أو الموزعين أو باسمه ولحساب أحد هؤلاء ……
ومن ثَمَّ فإن عقد توريد المهمات المشار إليها تنصرف آثاره بما يرتبه من حقوق والتزامات إلى الجهة الإدارية والشركة المطعون ضدها الأولى، وبالتالى فإن اختصام المكتب المطعون ضده الثاني فى الدعوى ثم فى الطعن لإلزامه بالتضامن مع المطعون ضدها الأولى بالمبالغ موضوع الطعن يكون اختصامًا لغير ذي صفة ومن ثَمَّ يكون ما قضى به الحكم المطعون فيه فى هذا الشأن صحيحًا قانونًا ومن ثَمَّ يتعين الالتفات عن إعادة اختصامه فى الطعن الماثل.
وإذ استوفى الطعن أوضاعه الشكلية بالنسبة للشركة المطعون ضدها الأولى، فمن ثَمَّ يكون مقبولاً شكلاً .
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 25/8/1991 أقام الطاعن بصفته الدعوى رقم 7824 لسنة 45 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد الممثل القانوني لشركة (جارفين أند جورج ليمتد) والممثل القانوني للمكتب الاستشاري الفني لخدمات الأجهزة العلمية, طالبًا الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له بصفته مبلغ 18115.8 والفوائد القانونية بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام الوفاء والمصروفات .
وذكر المدعى شرحًا لدعواه أنه بتاريخ 13/6/1978 أبرم العقد رقم 19 لسنة 1978 مع الشركة المدعى عليها لتوريد أثاث وأجهزة تعليمية لصالح بعض المعاهد التعليمية نظير مبلغ 100126.15 جنيهًا إسترلينيًا, وقام المدعى عليه الثاني بالتوقيع على هذا العقد بوصفه الوكيل التجاري للشركة المدعى عليها الأولى والتي قامت بتسليم بعض الأجهزة الموردة مكسورة وغير صالحة للاستعمال، فضلاً عن عدم توريدها لكامل الأدوات المطلوب توريدها, وأنه بحصر قيمة العجز والتالف من الأدوات الموردة تبين أنها تبلغ 3916.03 جنيهًا إسترلينيًا يضاف إليها 10% مصاريف إدارية بإجمالي مقداره 4307.63 جنيهًا إسترلينيًا بما يعادل 18115.80 جنيهًا مصريًا , وخلص المدعى إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان .
وبجلسة 28/2/1999 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه والذى قضى: أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثاني لرفعها على غير ذي صفة. ثانيًا: بقبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول شكلاً، وفى الموضوع برفضها وإلزام المدعى بصفته المصروفات, وأقامت قضاءها ـ بالنسبة لشكل الدعوى على أن العقد محل المنازعة مبرم بين الجهة الإدارية والشركة المدعى عليها الأولى فمن ثَمَّ ما يرتبه من حقوق والتزامات تنصرف آثاره لهما مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثاني لرفعها على غير ذي صفة .
وعن موضوع الدعوى أبانت المحكمة أنه بموجب العقد رقم 19 لسنة 1978 فى 13/6/1978 تعاقدت الجهة الإدارية مع الشركة المدعى عليها الأولى على توريد أثاث وأجهزة تعليمية لصالح خمسة معاهد تعليمية بمصر. وتضمَّن العقد قيام المذكورة بتسليم المهمات المحددة بالعقد مهيأة ومغلفة بطريقة جيدة، وذلك نظير مبلغ 100126.15 جنيهًا إسترلينيًا, وأن يتم التسليم فى ميناء الوصول المتفق عليه ” الإسكندرية ـ ميناء القاهرة الجوى ” على أن يكون التسليم خالص الثمن والتأمين وأجور الشحن. وقامت الشركة المتعاقدة بالتوريد ووافقت لجنة البت بتاريخ 12/6/1979. على صرف باقي مستحقات الشركة. بنسبة 10% وذلك بعد إرسال تعهد منها بضمان الأجهزة لمدة عام من تاريخ التشغيل وقدمت الشركة الضمان المطلوب ليبدأ سريانه من 1/10/1979. وبتاريخ 19/2/1980 تم صرف باقي مستحقات الشركة. وفى 21/2/1986ـ وبعد ست سنوات تقريبا من صرف المستحقات المشار إليها ونهاية مدة الضمان ـ تم عرض مذكرة تسوية العقد محل النزاع على رئيس الإدارة المركزية لشئون التعليم تضمنت وجود عجز فى التوريد ووجود بعض الأجهزة أصابها التلف، حيث تم إحالة الموضوع إلى النيابة الإدارية المختصة، وخلصت التحقيقات جميعها إلى أن الأصناف الموردة لم يتم فحصها فى حينه, وأنه لم يكن محددًا على وجه قطعى ما يخص كل معهد مما ترتب عليه إصابة بعضها بالكسر خلال عملية النقل بين المعاهد, فضلا عن أن المهمات التي كانت تخص المعهد الفني الصناعي بالزقازيق وضعت فى العراء منذ ورودها عام 1978 وحتى عام 1985 لعدم وجود مخازن بالمعهد, وتسليم بعض المهمات للورش دون إضافة أو تسليم لصاحب عهدة مختص ودون فحصها .
واستعرضت المحكمة نصوص المواد 100 , 102 , 105 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542/1957 والذى يحكم واقعة النزاع. واستظهرت من هذه النصوص أنه يتعين أن يتسلم أمين المخازن ما يورده المتعهد من الأصناف بالعدد أو الوزن أو المقاس بحضور مندوب المتعهد ويعطى عنه إيصالاً مؤقتًا يقرر فيه حالة الأصناف من حيث صلاحيتها وذلك لحين إخطار المتعهد بميعاد اجتماع لجنة الفحص لكي يتسنى له حضور إجراءات الفحص والاستلام النهائي, وأنه فى حالة رفض اللجنة صنفًا
أو أكثر من الأصناف الموردة أو وجد فيها نقص أو مخالفة للمواصفات يخطر المتعهد كتابة بأسباب الرفض وبوجوب سحب الأصناف وتوريد بدلاً منها، وفى حالة عدم قيامه بالتوريد يكون للجهة الإدارية الشراء على حسابه أو إنهاء العقد بالنسبة للأصناف غير الموردة ومصادرة التأمين بما يوازى 10% من قيمتها, وأن هذه الإجراءات يجب أن تتم على وجه الدقة وفى وقت معقول, وهو ما يتفق مع ما يوجبه حسن النية فى تنفيذ العقود .
ورتبت المحكمة على الأحكام المتقدمة وما استخلصته من وقائع الدعوى أن جهة الإدارة تقاعست عن القيام بما فرضه عليها المشرع من إجراءات لاستلام الأصناف الموردة لمدة جاوزت الخمس سنوات مما لا يقيم دليلاً ضد الشركة الموردة على أنها قد وردت الأصناف المتعاقد عليها وبها أي عجز أو تلف, وأن فى قيام تلك الجهة بسداد باقي مستحقات الشركة الموردة فى 19/2/1980 ما يقيم قرينة على توريد الأصناف المتعاقد عليها بحالة سليمة وطبقًا للمتفق عليه بينهما, وأنه مما يؤكد هذه القرينة ما ورد بتحقيقات النيابة الإدارية من عدم فحص الأجهزة الموردة من المختصين فَوْرَ وُرودها وتُرك بعضها فى العراء منذ عام 1978 وحتى عام 1985, وتكرار نقل بعض الأجهزة من معهد إلى آخر لعدم تحديد ما يخص كل معهد على نحو قاطع مما يجعل الدعوى مفتقرة لسندها حرية بالرفض .
ومن حيث إن الطعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله تأسيسًا على أنه وفقًا للمادة 82 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 9/1983 يلتزم المتعهد بتوريد الأصناف المتعاقد عليها طبقًا لأوامر التوريد وللمواصفات أو العينات المعتمدة. كما أن المادة 103 من تلك اللائحة نظمت كيفية إضافة الأصناف التي ترد من الخارج, وأن مسئولية المورد عن الأصناف الموردة تظل قائمة حتى تمام تسليمها نهائيا وأنه لا عبرة فى هذا الشأن بالتسليم المؤقت, وأن المشرع ألزم المورد بتسليم الأصناف المتعاقد عليها طبقًا للمواصفات وفى الميعاد المحدد بالعقد دون أن يلزم الجهة الإدارية بميعاد محدد تقوم خلاله بفحص الأصناف الموردة ومراجعتها. وإنه وإذ ثبت لدى فحص الأصناف محل العقد قيام الشركة الموردة بتسليم بعض الأجهزة مكسورة وغير صالحة للاستعمال بالإضافة إلى وجود عجز فى بعض الأصناف، والذى تم حصره وتقدير قيمته على النحو السابق عرضه بصحيفة الدعوى, وهو ما ثبت لجهات التحقيق, وأفاد الجهاز المركزى للمحاسبات بضرورة تحمُّل المورد بقيمة العجز .
ولا ينال من ذلك قيام الجهة الإدارية بصرف باقي مستحقات المورد, إذ إن جميع الأصناف تم توريدها مغلفة وأن الصرف تم قبل اجتماع لجنة الفحص ولا يجوز للمورد أن يستفيد من حسن نية جهة الإدارة فى تنفيذ العقد .
ومن حيث إن من المبادئ المسلمة أن العقود تخضع لأصل عام من أصول القانون يقضى بأن يتم تنفيذها بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية, وهذا الأصل يطبق على العقود الإدارية شأنها فى ذلك شأن العقود المدنية. كما أن حقوق المتعاقد مع الجهة الإدارية والتزاماته إنما تتحدد طبقًا لنصوص العقد الذي يربطه بتلك الجهة .
ومن حيث إنه من المقرر أنه فى عقد توريد السلع والمهمات من الخارج يحدد العقد مكان التسليم وطريقته، فقد يكون هذا التسليم فى ميناء الشحن (F.O.B) أو فى ميناء الوصول (C.I.F) أو (C.F) تبعًا لما إذا كان الثمن يشمل مصاريف النقل والتأمين أو مصاريف النقل فقط دون التأمين أو أن يكون التسليم بمخازن الوزارة أو المصلحة المتعاقدة . ففي الحالة الأولى يتم التسليم نهائيًا فى ميناء الشحن. وبمجرد وضع المهمات على السفينة وتسلم المستندات الناقلة للملكية. وينقضى بذلك عقد التوريد وتنتهي مسئولية المورد فى ميناء الشحن, أما إذا كان التسليم بميناء الوصول، فلا تنتهى مسئولية المورد إلا فى هذا الميناء حتى ولو كان قد سلَّم مستندات الشحن الناقلة للملكية فى ميناء الشحن, ومن ثَمَّ يظل ضامنًا كافة الأخطار والعيوب التي قد تصيب المهمات حتى يتم تسليمها فى ميناء الوصول, وأخيرًا إذا كان التسليم فى مخازن الجهة الإدارية فلا تنتهي مسئولية المورد إلا بعد وصول البضاعة على هذه المخازن وفحصها نهائيًا.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم, وكان الثابت من العقد المبرم بين الجهة الإدارية الطاعنة والشركة المطعون ضدها الأولى بشأن توريد أثاث وأجهزة تعليمية لبعض المعاهد الفنية تضمَّن فى المادة الثانية منه قيام الشركة بتسليم المهمات المتعاقد عليها معبأة ومغلفة بطريقة جيدة فى ميناء الوصول المتفق عليه (C.I.F) والذى تم تحديده بميناء الإسكندرية بالنسبة للتوريدات التي ترد بالبحر وميناء القاهرة الجوى بالنسبة للتوريدات التي ترد بالجو, على أن يتم التسليم خالص الثمن والتأمين وأجور الشحن. وقد قامت الشركة بتوريد تلك المهمات وتسليمها فى ميناء الإسكندرية دون أية تحفظات, كما قدمت خطاب ضمان الأجهزة الموردة لمدة عام من تاريخ التشغيل يبدأ سريانه من 1/10/1979 إلى 30/9/1980 قامت الجهة الإدارية على إثره بصرف باقى مستحقاتها ومن ثَمَّ تكون تلك الشركة قد أوفت بالتزاماتها التي يفرضها العقد والتي تنتهي حسب اتفاق الطرفين بتسليم الأصناف بميناء الوصول, وبذلك ينقضي عقد التوريد وتنتهي مسئولية الشركة من الأصناف الموردة وتبدأ العلاقة بين الجهة الإدارية وبين شركة التأمين المؤمن لديها على تلك الأصناف طوال مدة التأمين .
وغنى عن البيان أن لائحة المناقصات والمزايدات، الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 / 1957 ـ والتي تحكم النزاع الماثل ـ بينت الإجراءات التى تُتَّبع عند ورود مهمات مباشرة من الخارج بما نصت عليه من أنه ” عند ورود أصناف مباشرة من الخارج تقوم لجنة الفحص بمراجعتها على الوارد بالفاتورة بعد التأكد من سلامة الأختام أو العلامات
أو الصناديق الواردة بداخلها الأصناف ويحرر محضر فحص عن ذلك على الاستمارة 194
“حسابات” تثبت فيه ما تجده من نقص أو كسر أو تلف ثم تحرر عنه محضرًا خاصًا على الاستمارة رقم 188 ” حسابات ” لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحوه مع مراعاة المواعيد التي تحددها شركات التأمين فى حالة التأمين على البضاعة حفظًا لحق الحكومة فى استيفاء قيمة التأمين والالتزام المتسبب فى ضياع هذه المواعيد، وتضاف الأصناف بالمخزن حسب الوارد بالفاتورة بغض النظر عما تجده اللجنة فيها من نقص أو كسر أو تلف …..”.
ومن حيث إن الأوراق ـ وعلى ما استظهره الحكم المطعون فيه ـ تكشف عن عدم فحص الأصناف الموردة فى حينها، وترك بعضها فى العراء لمدة جاوزت ست سنوات وتسليم بعضها للورش دون إضافة أو تسليمها لصاحب عهدة مختص ودون فحصها, ونُقل بعضها من معهد إلى آخر لعدم تحديد ما يخص كل معهد على نحو قاطع مما تكون معه الجهة الإدارية بأجهزتها المختلفة هى المسئولة عما أصاب تلك المهمات من تلف أو عجز بعد أن أهملت فى فحصها واتباع الإجراءات المخزنية المقررة لاستلام وحفظ هذه المهمات. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر وقضى برفض الدعوى فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويكون بمنأى عن الطعن عليه، فإنه ومن ثَمَّ يتعين الحكم برفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات، عملا بالمادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية .
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات .