جلسة الاربعاء الموافق 16 من أكتوبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / محمد عبدالرحمن الجراح رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة / أشرف محمد شهاب وصبري شمس الدين .
الطعن رقم 474 لسنة 2019 إداري
1) إدارة . قرار. جزاء” الجزاء التأديبي”. موظف “مسلكه”. حكم ” تسبيب سائغ”. نقض ” مالايقبل من الاسباب “.
– استخلاص الادارة للنتيجة التي انتهت اليها في قرار الجزاء المطعون فيه . استخلاصا سائغا من أصول تنتجها بدلائل الاوراق وقرائن الاحوال والانتهاء لكون مسلك الموظف كان معيبا والعمل المرتكب منه غير سليم ومخالف للتعليمات الواجب اتباعها في هذا الشأن . اثره . قرارها لمجازاته قائما على سببة وهو اخلاله بواجبات وظيفته والخروج على مقتضاها ولها تقدير الخطورة الناجمة عن ذلك وتقدير مايناسبها من جزاء تأديبي في حدود النصاب القانوني . غير معقب عليه . شرط ذلك. كونه مشوب التقدير بالغلو .
-الغلو في التقدير . يتأتى من انطواء الجزاء مفارقة صارخة. أثره . عدم الملاءمة الظاهرة بين خطورة الذنب وبلوغ الجزاء أو مقدارة.
– مثال لتسبيب سائغ لكون المطعون ضده قام بالجمع بين عمله كموظف وعمل آخر خارجي وكان الجزاء الموقع عليه مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمركز الطاعن .
[ الطعن رقم 474 لسنة 2019 إداري ، جلسة 16/10/2019 ]
2) سلطة التأديب . تحقيقات . وصف الاتهام ” تعديله “. حكم ” تسبيب معيب”. نقض ” مايقبل من الاسباب “.
– سلطة التأديب غير مقيدة بالوصف الذي تسبغه التحقيقات . لكون هذا الوصف غير نهائي وليس من شأنها منعها من تعديله . متى رأت ذلك لردها الوقائع بعد تصحيحها للوصف القانوني السليم . شرط ذلك . كون الوقائع المبينة بالتحقيقات هي ذاتها المتخذة أساسا للوصف الجديد . وهذا لايعتبر اخلالا بحق الدفاع طالما لم تستند على وقائع أخرى لم تكن موجودة.
– مثال لتسبيب معيب لكون المطعون ضده قام بالجمع بين عمله كموظف وعمل آخر خارجي . وقضى الحكم بتأييد حكم البداية بالغاء قرار تخفيض درجة المطعون ضدة .
[ الطعن رقم 474 لسنة 2019 إداري ، جلسة 16/10/2019 ]
___
1- لما كان من المقرر أن الأصل أنه ما دامت الإدارة قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها في قرار الجزاء المطعون فيه استخلاصا سائغاً من أصول تنتجها بدلائل من عيون الأوراق وقرائن الأحوال تبرر هذا الفهم وانتهت إلى أن مسلك الموظف كان معيباً والعمل الذي ارتكبه غير سليم ومخالف للتعليمات الواجب اتباعها في هذا الشأن فإن قرارها بمجازاته يكون قائما على سببه وهو إخلال الموظف بواجبات وظيفته والخروج على مقتضاها وكان لها حرية تقدير الخطورة الناجمة عن ذلك وتقدير ما يناسبها من جزاء تأديبي في حدود النصاب القانوني ولا معقب عليها في هذا الشأن إلا إذا شاب هذا التقدير غلو ، ولا يتأتى هذا الغلو إلا إذا انطوى قرار الجزاء على مفارقة صارخة يتضح منها عدم الملاءمة الظاهرة بين خطورة الذنب ونوع الجزاء أو مقداره.
وحيث إن الثابت من الأوراق والتحقيقات التي أجريت مع المطعون ضده أنه قام بمباشرة عمل آخر خارج عمله بالمركز الطاعن دون إذن منه، وذلك لتقديمه برامج ودعايات في تلفزيون ….. مشتركاً في فيلم رقص راب تم بثه على موقع اليوتيوب مخالفاً بذلك المادة (95) من اللائحة الداخلية للمركز الطاعن التي تحظر الجمع بين عمل الموظف في المركز وأي عمل آخر خارجه ، وبناء عليه أصدر المركز القرار المطعون فيه بخفض درجته الوظيفية من التاسعة إلى العاشرة ، ولما كان هذا الجزاء هو أحد الجزاءات التي نصت عليها المادة (104) من اللائحة المذكورة ، ولما كان تقدير الجزاء مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمركز الطاعن ولم ينطو هذا التقدير على غلو أو شطط أو مفارقة صارخة بين درجه الذنب والجزاء المشار إليه ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون مما يضحى معه طلب إلغائه غير قائم على أساس متعينا رفضه.
2- لما كان من المقرر من أن الأصل أن سلطة التأديب غير مقيدة بالوصف الذي تسبغه التحقيقات على الوقائع المسندة إلى الموظف لأن هذا الوصف ليس نهائيا وليس من شأنه أن يمنع سلطة التأديب من تعديله متى رأت أن ترد تلك الوقائع بعد تصحيحها إلى الوصف الذي ترى هي أنه الوصف القانوني السليم ذلك بشرط أن تكون الوقائع المبينة بالتحقيقات هي بذاتها التي اتخذت أساساً للوصف الجديد وأن تعديل وصف المخالفة في هذا الصدد لا يعد إخلالا بحق الدفاع طالما لم تستند علي وقائع أخرى أو تضف عناصر جديدة لم تكن مطروحة بالتحقيقات. لما كان ذلك وكانت التحقيقات مع المطعون ضده قد أتاحت له حق الدفاع فيما هو منسوب إليه من مخالفة القوانين والإجراءات المتبعة بعمل برامج راب خارج المركز الطاعن وقد أقر الطعون ضده بخطأه في ذلك بالتحقيقات، ومن ثم فلا تثريب على جهة التأديب إن هى أسبغت الوصف الحقيقي للمخالفة المنسوبة إليه وهى الجمع بين عمله بالمركز ومباشرة عمل آخر خارجه دون إضافة وقائع جديدة لم تكن تحت نظر التحقيقات ، ولما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قضي بتأييد حكم البداية القاضي بإلغاء القرار المطعون فيه بتخفيض درجة المطعون ضده بالمخالفة للمبادئ سالفة البيان الأمر الذي يوجب نقضه.
_____
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 103 لسنة 2015 إداري كلي أبوظبي اتحادي بتاريخ 18/5/2015 اختصم فيها المركز الطاعن طالبا الحكم ببطلان إجراءات إحالته إلى المجلس التأديبي وإلغاء القرار رقم 42 لسنة 2015 وإعادة تسكينه على الدرجة التاسعة وإعادته لشغل وظيفة راصد إعلامي والقضاء بأحقيته في صرف المبالغ التي اقتطعت منه اعتبارا من 1/3/2015 على سند من أنه كان يشغل وظيفة راصد إعلامي إلا أنه فوجئ بنقله إلى قسم المستودعات وإحالته إلى مجلس تأديبي بحجة الجمع بين عمله لدى المركز الطاعن وعمل آخر هو تقديم برامج بتلفزيون ….. دون إذن ، وعليه صدر القرار رقم 42 لسنة 2015 بخفض درجته من التاسعة إلى العاشرة وأنه ينعى على مسلك المركز مخالفته للقانون ـ وانتهى إلى طلباته. وأثناء نظر الدعوى أضاف المدعي طلباً بإلغاء قرار إيقافه عن العمل وقرار إنهاء خدمته رقم 193 لسنة 2015.
وبجلسة 29/3/2016 قضت المحكمة بعدم سماع الدعوى لرفعها بعد الميعاد بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 42 لسنة 2015 ورفض ما عدا ذلك من طلبات. استأنف المطعون ضده الحكم المذكور بالاستئناف رقم 83 لسنة 2016 وبجلسة 14/6/2016 قضت محكمة أبوظبي الاستئنافية برفض الاستئناف. أقام المطعون ضده الطعن رقم 517 لسنة 2016 أمام المحكمة الاتحادية العليا التي قضت بجلسة 25/1/2017 بنقض الحكم المطعون فيه وأمرت بإحالة القضية إلى محكمة أبوظبي الاستئنافية لنظرها مجدداً بهيئة مغايرة.
وبجلسة 8/5/2017 قضت محكمة أبوظبي الاستئنافية برفض الاستئناف، فأقام المطعون ضده الطعن رقم 455 لسنة 2017 أمام المحكمة الاتحادية العليا التى قضت بجلسة 29/11/2017 بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضي به من عدم سماع الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء قرار تخفيض الدرجة رقم 42 لسنة 2015 وإحالته إلى محكمة أبوظبي الاتحادية الابتدائية لنظره مجدداً بهيئة مغايرة وفي موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإلغاء قرار إنهاء الخدمة المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار ، وعدم قبول ما عدا ذلك من طلبات.
وبجلسة 25/4/2018 قضت محكمة أبوظبي الاتحادية الابتدائية بإلغاء قرار تخفيض درجة المطعون ضده وما ترتب على ذلك من آثار. استأنف المركز الطاعن الحكم المذكور بالاستئناف رقم 107 لسنة 2018 وبجلسة 25/6/2019 قضت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فأقام المركز الطاعن طعنه الماثل.
وحيث إن المحكمة نظرت الطعن في غرفة المداولة، فرات أنه جدير بالنظر، وحددت له جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى المركز الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أنه قضى بإلغاء قرار الجزاء المطعون فيه بتخفيض درجة المطعون ضده استنادا إلى أن هذا القرار ينطوي على غلو في تقدير الجزاء لعدم تناسبه مع المخالفة المنسوبة إليه دون أن يمحص الحكم جسامة المخالفة التي اقترفها المطعون ضده ودون أن يفطن أن تقدير الطاعن للجزاء المذكور كان بمقتضى سلطة الإدارة التقديرية التي لم تسئ استخدامها الأمر الذي يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الأصل أنه ما دامت الإدارة قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها في قرار الجزاء المطعون فيه استخلاصا سائغاً من أصول تنتجها بدلائل من عيون الأوراق وقرائن الأحوال تبرر هذا الفهم وانتهت إلى أن مسلك الموظف كان معيباً والعمل الذي ارتكبه غير سليم ومخالف للتعليمات الواجب اتباعها في هذا الشأن فإن قرارها بمجازاته يكون قائما على سببه وهو إخلال الموظف بواجبات وظيفته والخروج على مقتضاها وكان لها حرية تقدير الخطورة الناجمة عن ذلك وتقدير ما يناسبها من جزاء تأديبي في حدود النصاب القانوني ولا معقب عليها في هذا الشأن إلا إذا شاب هذا التقدير غلو ، ولا يتأتى هذا الغلو إلا إذا انطوى قرار الجزاء على مفارقة صارخة يتضح منها عدم الملاءمة الظاهرة بين خطورة الذنب ونوع الجزاء أو مقداره.
وحيث إن الثابت من الأوراق والتحقيقات التي أجريت مع المطعون ضده أنه قام بمباشرة عمل آخر خارج عمله بالمركز الطاعن دون إذن منه، وذلك لتقديمه برامج ودعايات في تلفزيون ….. مشتركاً في فيلم رقص راب تم بثه على موقع اليوتيوب مخالفاً بذلك المادة (95) من اللائحة الداخلية للمركز الطاعن التي تحظر الجمع بين عمل الموظف في المركز وأي عمل آخر خارجه ، وبناء عليه أصدر المركز القرار المطعون فيه بخفض درجته الوظيفية من التاسعة إلى العاشرة ، ولما كان هذا الجزاء هو أحد الجزاءات التي نصت عليها المادة (104) من اللائحة المذكورة ، ولما كان تقدير الجزاء مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمركز الطاعن ولم ينطو هذا التقدير على غلو أو شطط أو مفارقة صارخة بين درجه الذنب والجزاء المشار إليه ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون مما يضحى معه طلب إلغائه غير قائم على أساس متعينا رفضه.
وحيث إنه لا ينال مما تقدم ما تذرع به المطعون ضده من أن المخالفة موضوع النزاع لم تكن هي المخالفة الموجهة إليه بقرار الإحالة والتحقيقات إذ إن ذلك مردود بما هو مقرر من أن الأصل أن سلطة التأديب غير مقيدة بالوصف الذي تسبغه التحقيقات على الوقائع المسندة إلى الموظف لأن هذا الوصف ليس نهائيا وليس من شأنه أن يمنع سلطة التأديب من تعديله متى رأت أن ترد تلك الوقائع بعد تصحيحها إلى الوصف الذي ترى هي أنه الوصف القانوني السليم ذلك بشرط أن تكون الوقائع المبينة بالتحقيقات هي بذاتها التي اتخذت أساساً للوصف الجديد وأن تعديل وصف المخالفة في هذا الصدد لا يعد إخلالا بحق الدفاع طالما لم تستند علي وقائع أخرى أو تضف عناصر جديدة لم تكن مطروحة بالتحقيقات. لما كان ذلك وكانت التحقيقات مع المطعون ضده قد أتاحت له حق الدفاع فيما هو منسوب إليه من مخالفة القوانين والإجراءات المتبعة بعمل برامج راب خارج المركز الطاعن وقد أقر الطعون ضده بخطأه في ذلك بالتحقيقات، ومن ثم فلا تثريب على جهة التأديب إن هى أسبغت الوصف الحقيقي للمخالفة المنسوبة إليه وهى الجمع بين عمله بالمركز ومباشرة عمل آخر خارجه دون إضافة وقائع جديدة لم تكن تحت نظر التحقيقات ، ولما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قضي بتأييد حكم البداية القاضي بإلغاء القرار المطعون فيه بتخفيض درجة المطعون ضده بالمخالفة للمبادئ سالفة البيان الأمر الذي يوجب نقضه.
وحيث إن المحكمة تتصدى للنزاع وتقضي لما تقدم بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به من إلغاء قرار تخفيض درجة المطعون ضده وفق ما سيرد بمنطوق هذا الحكم.