جلسة الأربعاء الموافق 27 من مايو سنة 2015
برئاسة السيد القاضي الدكتور / عبدالوهاب عبدول – رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد عبدالرحمن الجراح و د. أحمد الصايغ.
( 28 )
الطعن رقم 476 لسنة 2014 إداري
المحكمة الاتحادية العليا” سلطتها”. نظام عام. قانون” نفاذة”” سريانه”. حكم” تسبيب سائغ”.
– للمحكمة الاتحادية العليا. إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يثرها الخصوم. شرط ذلك؟.
– نفاذ القوانين والتشريعات من تاريخ نشرها. علة وأساس ذلك؟.
– يجب على القاضي تطبيق القانون النافذ من تلقاء نفسه.
– مثال لتسبيب سائغ لعدم نفاذ القانون لعدم نشره.
ـــــــ
لما كان من المقرر قانونا وقضاءً، أن للمحكمة العليا أن تثير من تلقاء نفسها في الطعن بالنقض الأسباب المتعلقة بالنظام العام، حتى لو لم يثيره أو يتمسك به الخصم، متى كان عناصرها مطروحة في الدعوى ولا تحتاج إلى تحقيق موضوعي وكان من المقرر كذلك طبقا لمبادئ الشريعة الاسلامية والدستور وأسس النظام القضائي على حد سواء، أن نفاذ القوانين والتشريعات الأخرى يتوقف إلى حين نشرها واعلام الكافة بها ، حتى يوافقوا مسلكهم عليها ، ذلك أنه لا تكليف إلا بمعلوم . وعلى هدي هذه المبادئ والأسس نصت المادة (111) من دستور دولة الاتحاد على أن ( تنشر القوانين في الجريدة الرسمية للاتحاد خلال اسبوعين على الأكثر من تاريخ توقيعها وإصدارها من قبل رئيس الاتحاد بعد تصديق المجلس الأعلى عليها. ويعمل بها بعد شهر من تاريخ نشرها في الجريدة المذكورة مالم ينص على تاريخ آخر في القانون ذاته )) . والمادة (112) من ذات الدستور، على أن (( لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ، ولا يترتب عليها أثر فيما يقع قبل هذا التاريخ . ويجوز عند الاقتضاء في غير المواد الجزائية النص في القانون على خلاف ذلك)) . والنص في المادة (3) من القانون الاتحادي رقم (1) لسنة 1971 بشأن الجريدة الرسمية للإمارات العربية المتحدة على أن (( يعتبر كل تشريع جديد يصدر بعد تاريخ العمل بهذا القانون معلوماً في جميع أنحاء الامارات العربية المتحدة بعد نشره بثلاثين يوماً في الجريدة الرسمية . ويجوز تقصير هذه المدة أو مدها بنص صريح في التشريع الجديد )) بما لازم هذه النصوص ، أنه متى صدر قانون اتحادي أو ما في حكمه من تشريعات، فإن نفاذة يتوقف إلى حين نشره في الجريدة الرسمية لدولة الاتحاد . ومن ثم فلا يجوز الاحتجاج بالقانون على المخاطبين بأحكامه، ولا ينتج أثره في حقهم إلا من تاريخ نشره، حتى لا يلزمون بأمور لم يكن لهم سبيل إلى العلم بها . كما لا يجدي المخاطبين بأحكام القانون أن يحتجوا به للدفاع عن مصالحهم والمطالبة بحقوقهم التي قررها أو أنشأها لهم القانون إلا بعد نشره.
وحيث إن تطبيق القانون النافذ هو أحد أوجه التطبيق الصحيح للقانون، وهو من واجبات القاضي الذي عليه من تلقاء نفسه تطبيقه على الواقعة أو الطلب المعروض عليه. وإذا كان مبنى الطعن الماثل في أساسه وجوهره يقوم على تخطئة الحكم المطعون فيه لعدم تطبيقه المادة ( 1 بند رابعاً ) من قرار نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رقم (11) لسنة 2011 بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2007 سالف البيان، والمادتين ( 1 و 3 ) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (2) لسنة 2008 في شأن معاشات ومكافآت التقاعد للعاملين بوزارة الداخلية ، واعمال حكمهما على الطاعن بوصفه من متقاعدي وزارة الداخلية ، وكان الثابت من أوراق الطعن أن المواد المشار إليها وردت في تشريعين اتحاديين لم ينشرا في الجريدة الرسمية لدولة الاتحاد حتى يصبحا ساريين ونافذين باعتبارهما تشريعين تنظيمين عامين وليسا فرديين ، حتى يكفي لنفاذهما تبليغهما للشخص المعني بهما فقط. ومن ثم فإن المحكمة الاتحادية العليا – وهي محكمة قانون – لا يمكنها أن تفصل في مسألة النطاق الزماني والمكاني والشخصي للتشريعين المشار إليهما، وهما غير نافذين لعدم نشرهما في الجريدة الرسمية كما ينص عليه دستور الدولة ، وذلك احتراماً وتقيداً من المحكمة بالدستور.
وحيث إنه على هدي ما تقدم ، فإن تخطئة الحكم المطعون فيه يكون وارداً على تشريعين موقوف نفاذهما لعدم نشرهما في الجريدة الرسمية.
ـــــــــ
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعن فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى الابتدائية رقم 193 لسنة 2013 إداري كلي أبوظبي، اختصم فيها المطعون ضدهم، واستقرت طلباته الختامية على طلب الآتي : أولاً: إحالة الدعوى إلى الدائرة الدستورية بالمحكمة الاتحادية العليا للقضاء بعدم دستورية نصوص المواد التالية : نص المادة (50/2) من القانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم (8) لسنة 1984 في شأن معاشات ومكافآت التقاعد للعسكريين . ونص المادة رقم (52) ، والمادة (55) وما حوتها من بنود وخاصة البند الرابع من المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2007 في شأن معاشات ومكافآت التقاعد للعاملين بوزارة الدفاع والقوات المسلحة . ثانيا: وبعد الفصل في الطعن بعدم الدستورية الحكم بالآتي: 1- أصلياً: الزام المدعي عليهم (( المطعون ضدهم)) بإعادة تقييم معاش المدعي (( الطاعن )) وجدولته وتعديله ومساواته مع نظرائه من ذات الرتبة من المتقاعدين المحالين إلى التقاعد بعد تاريخ 1/1/2008، واحتساب المتأخرات وفارق الزيادة بأثر رجعي من تاريخ 1/1/2008، 2- احتياطيا الزام المطعون ضدهم بتنفيذ القرار رقم (11) لسنة 2011 بشأن تعديلات بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2007 في شأن معاشات ومكافآت التقاعد للعاملين بوزارة الدفاع والقوات المسلحة، بما يشمل المتقاعدين من منتسبي وزارة الداخلية، وبأثر رجعي من تاريخ 1/3/2011 . وقال شرحاً لدعواه أنه من ضباط وزارة الداخلية الذين أحيلوا للتقاعد في 26/6/2001 برتبة عميد، وأنه بتاريخ 13/11/2007 صدر مرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2007 في شأن معاشات ومكافآت التقاعد للعاملين بوزارة الدفاع والقوات المسلحة الذي فوَّض في المادة (54) منه نائب القائد الأعلى في اجراء أي تعديل على بعض أحكام هذا القانون كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك. وأنه ونفاذاً لهذا التفويض القانوني أصدر نائب القائد الأعلى القرار رقم (11) لسنة 2011 بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2007 سالف البيان ، والذي نص في المادة (1) بند رابعاً على أن [ تضاف مادة جديدة برقم (55) مكرر ويكون نصها كالآتي : 1- يزاد المعاش التقاعدي للعسكريين المحالين على التقاعد قبل تاريخ 1/1/2008 بنسبة ( 70%) سبعون بالمائة من المعاش التقاعدي الذي يتقاضونه قبل العمل بأحكام هذا القرار، على أن لا يتجاوز المعاش التقاعدي المخصص لنظرائهم من ذات الرتبة الذين أحيلوا على التقاعد بعد 31/2/2007، 2- …….3- …… ] . واستطرد المدعي ( الطاعن ) شارحاً دعواه أنه في 13/7/2008 صدر مرسوم بقانون اتحادي رقم (2) لسنة 2008 في شأن معاشات ومكافئات التقاعد للعاملين بوزارة الداخلية، الذي نص في مادته الأولى على أن (( تسري أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم ( 9) لسنة 2007 في شأن معاشات ومكافآت التقاعد للعاملين بوزارة الدفاع والقوات المسلحة وتعديلاته والأنظمة الصادرة تنفيذا له على المواطنين منتسبي قوة الشرطة والأمن والموظفين المدنيين العاملين بوزارة الداخلية)) .كما نص في المادة ( 3) منه على أن (( تسري أية تعديلات تصدر على المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2007 المشار إليه أعلاه على منتسبي قوة الشرطة والأمن والموظفين المدنيين العاملين بالوزارة )). وأضاف المدعي الطاعن شارحاً دعواه، أنه وبموجب المادتين ( 1، 3) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (2) لسنة 2008، فإنه يستحق قانونا نسبة الزيادة في المعاش التقاعدي البالغة 70% المقررة بموجب قرار نائب القائد الأعلى رقم (11) لسنة 2011، حتى ولو لم يبادر وزير الداخلية إلى إصدار قرار مماثل لما أصدره نائب القائد الأعلى بخصوص رفع المعاش التقاعدي للمتقاعدين من الشرطة وقوة الأمن قبل 1/1/2008 . وأضاف المدعي أنه ورغم أن المدعي عليها الثالثة (( وزارة الداخلية )) أصدرت التعميم رقم 8/1/369 المؤرخ 29/2/2011 بتنفيذ القرار رقم (11) لسنة 2011 سالف البيان، إلا أن المدعي عليهما الأولى والثانية تقاعستا عن تنفيذه . وكانت النصوص المدفوع بعدم دستوريتها تخل بمبدأ المساواة بين المتقاعدين العاملين بوزارة الدفاع والقوات المسلحة وكذلك العاملين بوزارة الداخلية ، وبين نظرائهم من المتقاعدين من وزارة الداخلية قبل 1/1/2008، ومن ثم فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان . ومحكمة أول درجة قضت في 26/3/2014 حضورياً برفض الدعوى. استأنف الطاعن قضاء الرفض بالاستئناف رقم 82 لسنة 2014 إداري، ومحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية قضت في 30/6/2014 بالتأييد ، فأقام الطاعن طعنه المطروح.
وحيث إن هذه الدائرة نظرت الطعن في غرفة مشورة ورأت جدارته بالنظر في جلسة ، وعليه فقد تم نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وتحددت جلسة اليوم للنطق بالحكم.
وحيث إنه من المقرر قانونا وقضاءً، أن للمحكمة العليا أن تثير من تلقاء نفسها في الطعن بالنقض الأسباب المتعلقة بالنظام العام، حتى لو لم يثيره أو يتمسك به الخصم، متى كان عناصرها مطروحة في الدعوى ولا تحتاج إلى تحقيق موضوعي وكان من المقرر كذلك طبقا لمبادئ الشريعة الاسلامية والدستور وأسس النظام القضائي على حد سواء، أن نفاذ القوانين والتشريعات الأخرى يتوقف إلى حين نشرها واعلام الكافة بها ، حتى يوافقوا مسلكهم عليها ، ذلك أنه لا تكليف إلا بمعلوم . وعلى هدي هذه المبادئ والأسس نصت المادة (111) من دستور دولة الاتحاد على أن ( تنشر القوانين في الجريدة الرسمية للاتحاد خلال اسبوعين على الأكثر من تاريخ توقيعها وإصدارها من قبل رئيس الاتحاد بعد تصديق المجلس الأعلى عليها. ويعمل بها بعد شهر من تاريخ نشرها في الجريدة المذكورة مالم ينص على تاريخ آخر في القانون ذاته )) . والمادة (112) من ذات الدستور، على أن (( لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ، ولا يترتب عليها أثر فيما يقع قبل هذا التاريخ . ويجوز عند الاقتضاء في غير المواد الجزائية النص في القانون على خلاف ذلك)) . والنص في المادة (3) من القانون الاتحادي رقم (1) لسنة 1971 بشأن الجريدة الرسمية للإمارات العربية المتحدة على أن (( يعتبر كل تشريع جديد يصدر بعد تاريخ العمل بهذا القانون معلوماً في جميع أنحاء الامارات العربية المتحدة بعد نشره بثلاثين يوماً في الجريدة الرسمية . ويجوز تقصير هذه المدة أو مدها بنص صريح في التشريع الجديد )) بما لازم هذه النصوص ، أنه متى صدر قانون اتحادي أو ما في حكمه من تشريعات، فإن نفاذة يتوقف إلى حين نشره في الجريدة الرسمية لدولة الاتحاد . ومن ثم فلا يجوز الاحتجاج بالقانون على المخاطبين بأحكامه، ولا ينتج أثره في حقهم إلا من تاريخ نشره، حتى لا يلزمون بأمور لم يكن لهم سبيل إلى العلم بها . كما لا يجدي المخاطبين بأحكام القانون أن يحتجوا به للدفاع عن مصالحهم والمطالبة بحقوقهم التي قررها أو أنشأها لهم القانون إلا بعد نشره.
وحيث إن تطبيق القانون النافذ هو أحد أوجه التطبيق الصحيح للقانون، وهو من واجبات القاضي الذي عليه من تلقاء نفسه تطبيقه على الواقعة أو الطلب المعروض عليه. وإذا كان مبنى الطعن الماثل في أساسه وجوهره يقوم على تخطئة الحكم المطعون فيه لعدم تطبيقه المادة ( 1 بند رابعاً ) من قرار نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رقم (11) لسنة 2011 بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2007 سالف البيان، والمادتين ( 1 و 3 ) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (2) لسنة 2008 في شأن معاشات ومكافآت التقاعد للعاملين بوزارة الداخلية ، واعمال حكمهما على الطاعن بوصفه من متقاعدي وزارة الداخلية ، وكان الثابت من أوراق الطعن أن المواد المشار إليها وردت في تشريعين اتحاديين لم ينشرا في الجريدة الرسمية لدولة الاتحاد حتى يصبحا ساريين ونافذين باعتبارهما تشريعين تنظيمين عامين وليسا فرديين ، حتى يكفي لنفاذهما تبليغهما للشخص المعني بهما فقط. ومن ثم فإن المحكمة الاتحادية العليا – وهي محكمة قانون – لا يمكنها أن تفصل في مسألة النطاق الزماني والمكاني والشخصي للتشريعين المشار إليهما، وهما غير نافذين لعدم نشرهما في الجريدة الرسمية كما ينص عليه دستور الدولة ، وذلك احتراماً وتقيداً من المحكمة بالدستور.
وحيث إنه على هدي ما تقدم ، فإن تخطئة الحكم المطعون فيه يكون وارداً على تشريعين موقوف نفاذهما لعدم نشرهما في الجريدة الرسمية ، مما يغدو معه النعي الوارد في أسباب الطعن منصباً على نصوص غير سارية.