جلسة 8 من ديسمبر سنة 2007
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 5083 لسنة 51 القضائية عليا
– ترخيص بناء- تحويل الوحدات من سكني إلى تجاري- حكمه.
المادتان الثانية والرابعة من القانون 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة- المادتان (11) و (12) مكررا من القانون 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء- المادة 27 من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979، معدلا بالقانونين رقمي 50 لسنة 1981 و 145 لسنة 1985- المادة (53) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، الصادرة بقرار وزير الإسكان رقم 237 لسنة 1977، معدلة بقرار وزير الإسكان رقم 78 لسنة 1993.
تراعي جهة الإدارة عند الترخيص بالبناء أن يكون ذلك في إطار تنظيم معين يحقق مصلحة المواطنين المقيمين في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بأغراض البناء وما إذا كانت أغراضاً سكنية أو تجارية أو صناعية، بحيث تتسم كل منطقة بالطابع الذي يتواءم مع ظروف القائمين بها، وكي لا يفاجأ المواطنون الذين أقاموا في منطقة معينة بناء على اشتراطات بذاتها بتعديل هذه الاشتراطات أو مواصفات المنطقة، خاصة إذا كان التعديل من السكنى إلى أغراض تجارية وصناعية- ترتيبا على ذلك: امتناع جهة الإدارة عن إصدار موافقة على تحويل مبنى أو وحدة معينة من السكنى إلى غرض آخر لا يشكل مخالفة للقانون بل هو ترسيخ لمبدأ حق المواطنين في الاستقرار وعدم إجبارهم على الإقامة في منطقة تجارية أو صناعية بالمخالفة للشروط والمواصفات التي قرروا الإقامة في منطقة معينة بناء عليها- التعلل بأن هذا الامتناع يمثل قيدا على حق المالك في استغلال ملكه غير صحيح؛ لأن المستقر عليه أن المالك ليس طليقا في كيفية استغلال ملكه بل يجب أن يكون ذلك في إطار من التوافق مع القوانين واللوائح وحقوق المواطنين– تطبيق.
في يوم الخميس الموافق 27/1/2005 أقامت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين الطعن الماثل بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعنا في حكم محكمة القضاء الإداري بالقاهرة – الدائرة الرابعة – القاضي في منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنان -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
ونظر الطعن بالدائرة الأولى (فحص طعون) بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت بجلسة 18/6/2007 إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 20/10/2007 التي قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية لذلك فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضدهم أقاموا بتاريخ 3/7/2001 أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة الدعوى رقم 8724 لسنة 55 ق بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس حي غرب القاهرة رقم 5 لسنة 2001 بغلق العقار رقم 14 شارع عزيز أباظة (المعهد السويسري) بالزمالك لتحويله من سكن إلى غرض إداري (مكاتب لمجموعة شركة الرواد للسياحة) بالمخالفة لقرار محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992 بحظر تحويل الوحدات المخصصة للسكن بنطاق محافظة القاهرة لشغلها بأغراض أخرى.
ونعى المدعون (المطعون ضدهم) على القرار مخالفته للقانون.
وبجلسة 30/11/2004 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه مشيدة قضاءها على أن القانون رقم 106 لسنة 1976 خلت نصوصه من إعطاء المحافظين سلطة حظر تحويل المبنى إلى غير الغرض المخصص له فيما عدا أماكن إيواء السيارات، وأن القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر أجازت المادة 19 منه تعديل الغرض من السكنى إلى أغراض أخرى. كما أن الأصل أن للمالك استغلال ملكه على الوجه الذي يراه على ألا يخالف النظام العام والآداب، وقد أيدت المحكمة الدستورية العليا هذا الحق حينما قضت بعدم دستورية النص الذي يجيز تغيير استعمال العين المؤجرة بغير موافقة المالك (حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/3/2000 في الدعوى رقم 144 لسنة 20 ق).
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون لأن قرار محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992 يمثل قاعدة تنظيمية تشريعية صدرت في إطار القانون كما أن القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية أوجب الحصول على ترخيص وإلا تم غلق المحل الذي يقام بدون ترخيص.
ومن حيث إنه باستقراء أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء يبين -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن المشرع ألزم أصحاب الشأن حماية لحقوق المواطنين وحفاظا على مقتضيات النظام العام ضرورة الحصول قبل الشروع في البناء على ترخيص بالبناء من الجهة المختصة بشئون التنظيم، وأعطى لهذه الجهة سلطة متابعة ورقابة أعمال البناء حتى تتأكد من إقامتها وفقا للترخيص الصادر بذلك والرسومات المعتمدة وبما لا يتعارض مع مقتضيات الأمن والصحة والسكينة العامة.
ومن المعلوم أن الترخيص بالبناء حينما يصدر إنما يكون ذلك في إطار تنظيم معين ترى فيه جهة الإدارة أنه محقق لمصلحة المواطنين المقيمين في المنطقة خاصة فيما يتعلق بأغراض البناء وما إذا كانت أغراضاً سكنية أو تجارية أو صناعية بحيث تتسم كل منطقة بالطابع الذي يتواءم مع ظروف القائمين بها، وكي لا يفاجأ المواطنون الذين أقاموا في منطقة معينة بناء على اشتراطات بذاتها بتعديل هذه الاشتراطات أو مواصفات المنطقة خاصة إذا كان التعديل من السكنى إلى أغراض تجارية وصناعية.
ولعل لهذا السبب أوجب المشرع في القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة الحصول على ترخيص قبل بدء أي نشاط من الأنشطة المذكورة. وإذا كانت جهة الإدارة لا تملك سلطة مطلقة في الموافقة أو عدم الموافقة على منح الترخيص، فإنه يتعين عليها مراعاة كافة الاعتبارات القانونية والواقعية قبل إصدارها قرارًا بالموافقة على إصدار ترخيص بالنشاط.
ومن حيث إن امتناع جهة الإدارة عن إصدار موافقة على تحويل مبنى أو وحدة معينة من السكنى إلى غرض آخر لا يشكل مخالفة للقانون، بل هو ترسيخ لمبدأ حق المواطنين في الاستقرار وعدم إجبارهم على الإقامة في منطقة تجارية أو صناعية بالمخالفة للشروط والمواصفات التي قرروا الإقامة بها في منطقة معينة بناء عليها. ولا يعد ذلك قيدا على حق المالك في استغلال ملكه؛ ذلك أن المستقر عليه أن المالك ليس طليقا في كيفية استغلال ملكه بل يجب أن يكون ذلك في إطار من التوافق مع القوانين واللوائح وحقوق المواطنين.
ومن حيث إن استناد الحكم المطعون فيه إلى حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية تعديل غرض العين المؤجرة بدون موافقة المالك لا يعني بإطلاق الحق في هذا التعديل، وإنما قصد الحكم ضرورة موافقة المالك إذا ما وافقت جهة الإدارة على هذا التعديل في إطار القوانين واللوائح المنظمة لذلك. وذات الأمر ينطبق على ما أشار إليه الحكم المطعون فيه من إجازة القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر تعديل الغرض الذي تستخدم فيه العين المؤجرة مع زيادة الأجرة؛ فإن ذلك مرتبط بأن يكون تعديل الغرض مسموحا به قانونا بداءة.
ومن حيث إنه بإنزال ما تقدم ولما كان الحكم المطعون فيه قضى بغير وجهة النظر المشار إليها فإنه يكون مخالفا للقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.