جلسة 26 من يونيه سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / عادل محمود زكى فرغلى
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد حسين محمد، ومحمد الشيخ على أبو زيد،
وعبد المنعم أحمد عامر، وسمير عبد الملاك منصور، وأحمد منصور على منصور
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ طارق رضوان
مفوض الدولة
سكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن
أمين السر
الطعن رقم 5096 لسنة 49 قضائية . عليا:
أعضاء ــ مفهوم الأجر الكامل خلال فترة الإجازة المرضية.
المادة الأولى من القانون رقم 89 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء هيئة قضايا الدولة، المادة (90) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، المادة (66) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة، المادتان (5)، (78) من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975.
المشرع خص المصابين بأمراض مزمنة بعناية خاصة لما يحتاجون إليه من رعاية اجتماعية وصحية خلال فترة المرض التى تستغرق أمداً طويلاً فوضع لهم نظاماً خاصاً للإجازات المرضية يغاير فى أسسه وقواعده نظام الإجازات العامة المقررة بقوانين العاملين يقضى بمنح المريض بأحد الأمراض المزمنة حقاً وجوبيًا فى إجازة استثنائية بأجر كامل غير منقوص مهما استطالت مدة تلك الإجازة الاستثنائية التى لا تنتهى إلا بشفاء المريض وعودته إلى عمله أو باستقرار حالته استقراراً يمكنه من العودة إلى عمله أو يتبين عجزه كاملاً فيظل العامل بإجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغه سن المعاش ــ المشرع فى قانون التأمين الاجتماعى حدد ماهية الأجر الكامل بما يشمل ما كان يحصل عليه العامل قبل قيامه بإجازته المرضية من مكافآت وحوافز وبدلات وأجور إضافية وخلافه ــ نظام الإجازات المرضية للمصابين بأمراض مزمنة هو نظام أصلح مما هو مقرر فى قانون السلطة القضائية فيخضع لأحكامه أعضاء هيئة قضايا الدولة وسائر الهيئات القضائية الأخرى. مؤدى ذلك: استمرار العضو فى تقاضى راتبه وتوابعه من حوافز وأجر إضافى طوال مدة إجازته المرضية التى يقررها المجلس الطبى العام ــ تطبيق.
بتاريخ 26/10/1998 تقدمت الطاعنة إلى لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة بتظلم قيد برقم 85 لسنة 1998 طلبت فى ختامه الحكم بصرف مبلغ الأجر الإضافى عن الفترة من 1/10/1995 حتى 1/7/1998.
وأحيل التظلم من اللجنة إلى هذه المحكمة وقيد بجدولها برقم 5096 لسنة 48 ق . عليا بتاريخ 18/3/2002 إعمالاً لأحكام القانون رقم 2لسنة 2002.
وبعد تحضير الطعن قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم:
أصليًا: ببطلان تقرير الطعن لعدم توقيعه من محامٍ مقبول للمرافعة أمام المحكمة.
واحتياطيًا:بأحقية الطاعنة فى صرف الأجر الإضافى عن فترة مرضها، مع مراعاة خصم ما سبق صرفه لها من هذا الأجر.
وجرى نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدم كل من الطرفين ما عَنَّ له من مذكرات دفاع ومستندات. وبجلسة 3/10/2004 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 24/4/2005 مع التصريح بالاطلاع ومذكرات خلال ثلاثة أسابيع وخلال هذا الأجل قدمت الجهة الإدارية مذكرة دفاع طلبت فى ختامها الحكم أصليًا: ببطلان تقرير الطعن لعدم توقيعه من محامٍ مقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا، واحتياطيًا: برفض الطعن، وبهذه الجلسة تقرر مد أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم ، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الجهة الإدارية ببطلان تقرير الطعن لعدم توقيعه من محامٍ مقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا، فلما كان الثابت أن هذا الطعن قد أقيم ابتداءً بتظلم قدمته الطاعنة إلى لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة فى 26/10/1998باعتبارها الجهة المختصة بنظره آنذاك، وإذا أحيل إلى هذه المحكمة إعمالاً لأحكام القانون رقم 2 لسنة 2002 بتعديل بعض أحكام قانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963، فلا يشترط توقيعه من محامٍ مقبول أمام هذه المحكمة فمتى ثبت أن الإجراء قد تم صحيحًا بتقديم التظلم إلى اللجنة المذكورة فى حينه فلا وجه لمعاودة البحث فى هذا الإجراء بعد إحالة التظلم إلى المحكمة المختصة بسبب التعديل الذى أجراه الشارع وأمر بإحالة الطعن بحالته إلى الدائرة المختصة بمجلس الدولة.
وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن الطاعنة تطلب الحكم بأحقيتها فى صرف مبلغ الأجر الإضافى عن الفترة من 1/10/1995 حتى 1/7/1998 على سند من القول إنه بتاريخ 5/9/1995 صدر قرار بنقلها إلى مدينة الفيوم رغم أنها كانت مصابة بجلطة بأوردة الساق، وقد تظلمت من هذا القرار دون جدوى فاضطرت إلى تنفيذه، مما أدى إلى إصابتها بمضاعفات شديدة نتج عنها خروم وارتشاح بالوريد وتليف بالصمامات، وهو ما حصلت بسببه على إجازة مرضية، وما زالت تعالج من تلك المضاعفات حتى الآن، ومع ذلك لم تصرف لها الجهة الإدارية مبلغ الأجر الإضافى عن الفترة المشار إليها رغم موافقة أمين عام هيئة قضايا الدولة على صرفه لها اعتبارًا من 1/7/1998، ومن ثَمَّ أقامت طعنها الماثل مشفوعًا ببيان الإجازات المرضية الممنوحة لها عن تلك الفترة، وصورة من قرار المجلس الطبى العام بالقاهرة بتشخيص مرضها، وانطباق قرار وزير الصحة بشأن الأمراض المزمنة على حالتها.
وقد ردت الجهة الإدارية على الطعن بأن المناط فى تحديد المرض المزمن ــ الذى يستحق معه العامل أجره كاملاً طوال فترة مرضه ــ هو أن يكون واردًا بالجدول المرفق بقرار وزير الصحة رقم 695 لسنة 1984، وهو ما لا يتوافر بشأن الطاعنة، ولا عبرة فى هذا الصدد برأى المجلس الطبى المذكور طالما لم يثبت ورود مرض الطاعنة بالجدول المشار إليه.
ومن حيث إن أعضاء هيئة قضايا الدولة يخضعون للمزايا المقررة بقانون السلطة القضائية ومنها المرتب المقرر خلال فترة العلاج عملاً بالإحالة الواردة بالمادة الأولى من القانون رقم 89 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء هيئة قضايا الدولة .
وتنص المادة (90) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على أن “تكون الإجازات المرضية التى يحصل عليها القضاة لمدة مجموعها سنة كل ثلاث سنوات بمرتب كامل .. وذلك كله مع عدم الإخلال بأى قانون أصلح”.
وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون أن العمل القضائى بطبيعته من الأعمال المضنية التى تعرّض القائمين بها للمرض نتيجة الجهد المتصل والإرهاق الذهنى الشديد حتى أصبح المرض من المخاطر المألوفة لمهنة القضاة، وحتى لا يُحرم القاضى من راتبه خلال فترة العلاج الذى قد تطول مدته فى بعض الأمراض قضى المشرع فى المادة (90) بأن تكون الإجازات المرضية التى يحصل عليها القاضى لمدة مجموعها سنة كل ثلاث سنوات بمرتب كامل.
وقد جاء نص المادة (90) مقررًا أن هذا التنظيم لأحكام الإجازات المرضية لا يخل بأحكام أىّ قانون أصلح.
ومن حيث إن القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين ينص فى المادة (66) منه ــ المضافة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 ــ على أنه “استثناءً من أحكام الإجازة المرضية يمنح العامل المريض بأحد الأمراض المزمنة التى يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة بناءً على موافقة الإدارة العامة للمجالس الطبية، إجازة استثنائية بأجر كامل إلى أن يُشفَى أو تستقر حالته استقرارًا يمكنه من العودة إلى العمل أو يتبين عجزه كاملاً، وفى هذه الحالة الأخيرة يظل العامل فى إجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغه سن الإحالة إلى المعاش”.
وتنص المادة (78) من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 على أنه “إذا حال المرض بين المؤمن عليه وبين أداء عمله تلتزم الجهة المختصة بصرف تعويض الأجر، أن تؤدى له خلال فترة مرضه تعويضاً يعادل …..”.
واستثناءً من الأحكام المتقدمة يُمنح المريض بالدرن أو الجزام أو بمرض عقلى أو بأحد الأمراض المزمنة تعويضًا يعادل أجره كاملاً طوال مدة مرضه إلى أن يُشفَى أو تستقر حالته استقرارًا يمكنه من العودة إلى مباشرة عمله أو يتبين عجزه كاملاً.
وتحدد الأمراض المزمنة المشار إليها فى الفقرة السابقة بقرار من وزير الصحة بالاتفاق مع وزير القوى العاملة.
وتنص المادة (5) من هذا القانون على أنه “فى تطبيق أحكام هذا القانون يقصد
أــ ……………… ب ــ …………….ج ــ ……………. ط ــ الأجر/ كل ما يحصل عليه المؤمن عليه من مقابل نقدى من جهة عمله الأصلية لقاء عمله الأصلى، ويشمل:
1) الأجر الأساسى .
2) الأجر المتغير ويُقصد به باقى ما يحصل عليه المؤمن عليه وعلى الأخص:
أ) الحوافز …………… هـ) الأجور الإضافية. و) التعويض عن جهود غير عادية…………….
ى) المنح الجماعية……… ل ) المكافأة الجماعية.
ومن حيث إن المستفاد من هذه النصوص أن المشرع خص المصابين بأمراض مزمنة بعناية خاصة لما يحتاجون إليه من رعاية اجتماعية وصحية خلال فترة المرض التى تستغرق أمدًا طويلاً، فوضع لهم نظامًا خاصًا للإجازات المرضية يغاير فى أسسه وقواعده نظام الإجازات العامة المقررة بقوانين العاملين ويقضى هذا النظام الخاص بمنح المريض بأحد الأمراض المزمنة حقًا وجوبيًا فى إجازة استثنائية بأجر كامل غير منقوص مهما استطالت مدة تلك الإجازة الاستثنائية التى لا تنتهى إلا بشفاء المريض وعودته إلى عمله أو باستقرار حالته استقرارًا يمكنه من العودة إلى عمله، أو يتبين عجزه كاملاً فيظل العامل بإجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغه سن المعاش.
وقد حدد المشرع فى قانون التأمين الاجتماعى ماهية الأجر الكامل على نحو يشمل ما كان يحصل عليه العامل قبل قيامه بإجازاته المرضية من مكافآت وحوافز وبدلات وأجور إضافية .. وخلافه، ومن ثَمَّ فلا يجوز أن تتدنى أو تنتقص حقوق العامل ومستحقاته من هذا الأجر بعد أن يرخص له فى إجازة لظروفه المرضية، وتتجلى حاجته الملحة إلى الاستدارة من الرعاية التى كان يدركها من قبل مما يمتنع معه على جهة عمله أن تسقط أىّ حق فى الأجر أو توابعه مما كان يتقاضاه قبل حصوله على إجازاته المرضية.
وليس غريبًا على المشرع أن ينص صراحة على حصول المريض على جميع أجوره وحوافزه حتى الأجر الإضافى الذى يستحق أصلاً مقابل عمل إضافى، إذ يكفى ما أصاب المريض من ابتلاء أقعده عن العمل رغمًا عنه وحرمه من المكافآت التى كان يستحقها فى الوقت الذى تحتاج فيه مواجهة المرض المزمن إلى مزيد من النفقات التى قد تستنفد كل عناصر الأجر أو تزيد.
ومن حيث إنه لا حرية فى أن نظام الإجازات المرضية للمصابين بأمراض مزمنة هو نظام أصلح مما هو مقرر فى قانون السلطة القضائية فيخضع لأحكامه أعضاء هيئة قضايا الدولة وسائر الهيئات القضائية الأخرى بحيث يستمر العضو فى تقاضى راتبه وتوابعه من حوافز وأجر إضافي، وذلك طوال مدة إجازته المرضية التى يقررها المجلس الطبى العام.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم، ولما كان الثابت بالأوراق أنه بالكشف الطبى على الطاعنة بمعرفة المجلس الطبى لشمال القاهرة ــ خلال الفترة من 1/10/1995 حتى 1/7/1998 ــ تبين أنها مصابة بقصور وتضخم بوظائف الكبد مع جلطة بالساق اليمنى، وتليف بصمامات الأوردة مع دوالى متقدمة بالساق اليمنى، وأضاف المجلس الطبى العام أنه ينطبق عليها قرار وزير الصحة رقم 259 لسنة 1995 فى شأن الأمراض المزمنة التى يمنح عنها المريض إجازة استثنائية بأجر كامل، وبناءً على ذلك قررته الجهة الإدارية منح الطاعنة إجازة مرضية فى الفترة من 1/10/1998 حتى 16/10/1998 سالفة الذكر، وأنها استلمت العمل بتاريخ 17/10/1998، ومن ثَمَّ فإنها تستحق راتبها وتوابعه بما فى ذلك الأجر الإضافى خلال تلك الفترة ويغدو حرمانها من الأجر الإضافى مغالطًا لأحكام القانون، ولا محاجة بما تدفع به الجهة الإدارية من أن مرض الطاعنة لم يرد ضمن الأمراض المزمنة الواردة بالجدول الملحق بقرار وزير الصحة رقم 695 لسنة 1984، وذلك لأن الثابت أن القرار المنوه عنه قد ألغى بقرار وزير الصحة رقم 259 لسنة 1995 فى شأن الأمراض المزمنة المعمول به خلال فترة الإجازة المرضية للطاعنة سالفة البيان، هذا فضلاً عن أن المجلس الطبى العام لشمال القاهرة باعتباره الجهة الطبية المختصة بتشخيص المرض من الناحية الفنية قد قرر بعد الكشف الطبى على الطاعنة أن مرضها مما ينطبق عليه قرار وزير الصحة رقم 259 لسنة 1995 المشار إليه، ومن ثَمَّ يكون دفع الجهة الإدارية غير مصادف محلاً، متعيناً الالتفات عنه.
حكمت المحكمة
بأحقية الطاعنة فى صرف الأجر الإضافى المقرر لوظيفتها خلال فترة إجازتها المرضية من 1/10/1995 حتى 1/7/1998.