جلسة 8 من مارس سنة 2008
(الدائرة الثانية)
الطعن رقم 5104 لسنة 49 القضائية عليا.
– إصابة عمل– شروط تحققها.
المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975- المادة الأولى من قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 74 لسنة 1985 في شأن شروط وقواعد اعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد والإرهاق من العمل إصابة عمل.
قرر المشرع للعامل ميزة تأمينية عن الإصابات التي يتعرض لها بسبب يتعلق بمباشرته العمل وقيامه ببذل جهد نتيجة تكليفه القيام بعمل إضافي زيادة عن العمل الأصلي، أو لا يتناسب مع حالته المرضية الثابتة لدى جهة الإدارة ورب العمل، ويؤدي ذلك الجهد إلى إصابته بضرر جسماني ظاهر أو خفي داخلي أو خارجي، ومنها الإرهاق والإجهاد الذي يصيب العامل بأحد الأمراض المشار إليها أو الوفاة نتيجة هذا الإرهاق أو الإجهاد، متى كانت الحالة المرضية التي أدت إلى العجز أو الوفاة ليست تطوراً طبيعياً لحالة مرضية سابقة على الإصابة التي حدثت أثناء العمل- مؤدى ذلك: إذا توافرت الشروط والقواعد المشار إليها عومل المؤمن عليه تأمينيا على أساس أن الإصابة أو الوفاة تمت أثناء وبسبب العمل– تطبيق.
في يوم الأحد الموافق 2/3/2003 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن عن الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بقنا في الدعوى رقم 398 لسنة 7 ق بجلسة 9/1/2003 الذي قضى برفض الدعوى، وطلب في ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بصرف كافة المستحقات التأمينية باعتبار وفاة مورثهم إصابة أثناء وبسبب العمل ناتجة عن الإجهاد والإرهاق مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وبعد إيداع هيئة مفوضي الدولة تقريرها بالرأي القانوني في الطعن جرى نظره بالدائرة التاسعة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 4/1/2007 وفيها قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الثانية فحص طعون بالمحكمة لنظره بجلسة 22/1/2007، ونفاذًا لذلك ورد الطعن إلى الدائرة المحال إليها ونظرته بعدة جلسات، وبجلسة 22/10/2007 قررت إحالته إلى الدائرة الثانية موضوع بالمحكمة لنظره بجلسة 15/12/2007 فورد الطعن إلى هذه الدائرة ونظرته بالجلسة المذكورة، وبجلسة 9/2/2008 قررت حجز الطعن للحكم بجلسة 8/3/2008 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
من حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 22/12/1998 أودع الطاعنان قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بقنا عريضة الدعوى رقم 398 لسنة 7 ق طالبين في ختامها الحكم بأحقيتهما في صرف المستحقات التأمينية؛ باعتبار أن وفاة مورثهما كانت وفاة إصابة أثناء وبسبب العمل نتيجة إجهاد وإرهاق مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وذلك على سند من القول بأن مورثهما/… كان يعمل مديرا لإدارة التربية البيئية والسكانية بوزارة التربية والتعليم بأسوان وتم انتدابه رئيسًا للجنة امتحانات الشهادة الإعدادية بمدرسة طه حسين بأسوان اعتبارًا من 10/6/1997 وحتى 17/6/1997، وأثناء مباشرته لعمله يوم 17/6/1997 انتابته حالة إغماء نقل على أثرها إلى غرفة الإنعاش بمستشفى أسوان العام، وكان تشخيص الحالة: جلطة حديثة بالشريان الخلفي وسكرا في الدم مما أدى إلى وفاته بتاريخ 25/7/1997، وقد أعدت الشئون القانونية بالمديرية تقريرًا مفصلاً عن الواقعة باعتبار أن إصابة المورث كانت نتيجة للمجهود الشاق في العمل والجهد الإضافي الذي بذله في أعمال الامتحانات. وقد تظلما إلى لجنة الفصل في المنازعات، ثم أقاما الدعوى للحكم بالطلبات سالفة الذكر.
وبعد إيداع هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري بقنا تقريرها بالرأي القانوني في الدعوى جرى نظرها بالمحكمة بعدة جلسات وبجلسة 9/1/2003 أصدرت حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها بعد استعراض نص المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 وقرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 74 لسنة 1985 في شأن شروط وقواعد اعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد والإرهاق إصابة عمل، على أن الثابت من الاطلاع على تقرير اللجنة المشكلة طبقًا لهذا القرار أن اللجنة انتهت بجلستها المنعقدة بتاريخ 28/12/1998 إلى عدم الموافقة على اعتبار وفاة مورث الطاعنين إصابة عمل ناتجة عن الإجهاد والإرهاق لعدم توافر الشروط كما ثبت من الملف التأميني أن الرأي الطبي انتهى إلى أن الوفاة طبيعية نتيجة لسابقة المرض بقصور الدورة التاجية للقلب، كما أن الإصابة التي أدت إلى الوفاة لم تكن مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بطبيعة العمل المكلف به وإنما كانت مرتبطة بتطور حالته المرضية السابقة.
ولم يصادف الحكم المشار إليه قبولاً لدى الطاعنين فأقاما هذا الطعن ناعيين على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق؛ لأن الحكم خلط بين امتحان الفصل الثاني من السنة الدراسية خلال مدة ندب مورث الطاعنين للعمل رئيسًا للجنة امتحانات الشهادة الإعدادية الفترة من 10/6/1997 حتى 17/6/1997 التي هي استكمال لامتحان النصف الثاني من العام الدراسي وبين امتحان الدور الثاني الذي يعقد للطلبة المتخلفين وهو الذي يحضره عدد محدود من الطلبة المتخلفين في مادة أو مادتين سواء من الدور الأول والثاني، كما أن جهة الإدارة كانت على علم تام بحالة مورثهم المرضية قبل تكليفه بأداء أعمال إضافية أدت إلى إرهاقه وإصابته بجلطة حديثة مما يقطع بإصابته نتيجة الإرهاق والإجهاد في العمل.
ومن حيث إن المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 تنص على أنه:
“في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد: …
هـ- بإصابة العمل الإصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم (1) المرافق أو الإصابة نتيجة حادث وقع أثناء تأدية العمل وبسببه، وتعتبر الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق عن العمل إصابة عمل متى توافرت فيها الشروط والقواعد التي يصدر بها قرار من وزير التأمينات بالاتفاق مع وزير الصحة…”.
وتنص المادة الأولى من قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 74 لسنة 1985 في شأن شروط وقواعد اعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد والإرهاق من العمل إصابة عمل على أن:
“تعتبر الإصابة الناتجة عن الإجهاد والإرهاق من العمل إصابة عمل متى كان سن المصاب أقل من الستين وتوافرت في الإصابة الشروط التالية مجتمعة:
ومن حيث إن المشرع بموجب النصوص سالفة الذكر قرر للعامل ميزة تأمينية عن الإصابات التي يتعرض لها بسبب يتعلق بمباشرته العمل وقيامه ببذل جهد نتيجة تكليفه القيام بعمل إضافي زيادة عن العمل الأصلي أو لا يتناسب مع حالته المرضية الثابتة لدى جهة الإدارة ورب العمل ويؤدي ذلك الجهد إلى إصابته بضرر جسماني ظاهر أو خفي داخلي أو خارجي ، ومنها الإرهاق والإجهاد الذي يصيب العامل بأحد الأمراض المشار إليها أو الوفاة نتيجة هذا الإرهاق أو الإجهاد متى كانت الحالة المرضية التي أدت إلى العجز أو الوفاة ليست تطوراً طبيعيًا لحالة مرضية سابقة على الإصابة التي حدثت أثناء العمل، وإذا ما توافرت الشروط والقواعد المشار إليها عومل المؤمن عليه تأمينيًا على أن الإصابة أو الوفاة تمت أثناء وبسبب العمل.
ومن حيث إنه في ضوء ما سبق ولما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن مورث الطاعنين كان يشغل وظيفة مدير إدارة التربية البيئية والسكانية بديوان مديرية التربية والتعليم بأسوان وعمله الأصلي هو متابعة تقارير مديري مراحل التربية السكانية بالمديرية والإدارات التعليمية والإشراف على أعمالهم وحضور الاجتماعات التي تخص التربية السكانية، وكلف بعمل إضافي هو تولي رئاسة لجنة امتحان الشهادة الإعدادية في النصف الثاني من العام الدراسي 1997 وذلك اعتبارا من 10/6/1997 وحتى 17/6/1997 وأثناء مباشرته لعمله الأصلي يوم 17/6/1997 أبلغ بمرضه وأحيل إلى التأمين الصحي وحصل على إجازة حتى يوم 24/7/1997، وبتاريخ 25/7/1997 عاد إلى عمله وأثناء العمل أصيب بإغماء نقل على أثره إلى مستشفى أسوان العام وكان التشخيص الطبي هو إصابته بجلطة حديثة بالشريان التاجي الخلفي مع سكر في الدم توفي على أثر تلك الإصابة، ومن ثم فإنه يكون قد توافر في حقه الشروط سالفة الذكر المحددة بالقرار الوزاري رقم 74 لسنة 1985 المشار إليه لاعتبار إصابته إصابة عمل ناتجة عن الإرهاق والإجهاد، دون أن ينال من ذلك ما ورد بتقرير لجنة الإجهاد والإرهاق بجلستها المنعقدة بتاريخ 28/12/1998 من عدم الموافقة على اعتبار وفاة مورث المدعيين ناتجة عن الإرهاق وأن الوفاة طبيعية إذ إن ما ورد بذلك التقرير يخالف واقع الحالة المرضية, والتي انتهى التقرير السابق للمستشفى العام بأسوان إلى أنه مصاب بجلطة حديثة بالشريان التاجي عقب العمل الإضافي مباشرة وجهة الإدارة على علم بحالته الصحية بعد أداء امتحان نصف العام الدراسي وقيامه برئاسة لجنة امتحان الشهادة الإعدادية، واستمرت حالته المرضية إلى ما بعد عودته إلى العمل الأصلي ووفاته نتيجة لذلك المرض إبان فترة مباشرته لعمله الإضافي الذي يحضره جميع طلاب المرحلة الإعدادية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون متعينًا إلغاؤه والقضاء بأحقية الطاعنين في تسوية معاش مورثهم باعتبار إصابته إصابة عمل نتيجة الإرهاق والإجهاد وصرف مستحقاتهم على هذا الأساس.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بتسوية معاش مورث الطاعنين باعتبار أن إصابة مورثهم إصابة عمل، مع ما يترتب على ذلك من آثار.