جلسة 8 من يناير سنة 2011
الطعن رقم 5106 لسنة 48 القضائية عليا
(الدائرة الرابعة)
تأديب– دعوى تأديبية– وجوب الثبوت اليقيني لوقوع الفعل المؤثم– فقد أوراق التحقيق لا يعني مطلقا سقوط الذنب الإداري الذي انبنى على تلك الأوراق متى قام الدليل أولاً على وجودها ثم فقدها، أما محتوياتها فيستدل عليها بأية أوراق صادرة عن أشخاص لهم صلة عمل دقيقة بها– صورة مذكرة النيابة الإدارية تعبر عن وجهة نظر كاتبها، فلا تصلح دليلا كافيا لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها في ارتكاب المتهم الفعل المنسوب إليه.
بتاريخ 18/3/2002 أودع الأستاذ/ … بهيئة قضايا الدولة نائبا عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 20/1/2002 في الطعن رقم 481 لسنة 24 ق القاضي بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ويطلب الطاعنان بصفتيهما الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الطعن التأديبي رقم 481 لسنة 24 ق مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه لأسبابه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وجرى نظر الطعن أمام الدائرة السابعة فحص طعون التي قررت بجلسة 17/12/2003 إحالة الطعن للدائرة الثامنة فحص طعون للاختصاص، وبجلسة 22/1/2006 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثامنة موضوع) لنظره بجلسة 16/11/2008، وجرى نظر الطعن أمامها بالجلسات، حيث قررت بجلسة 4/10/2007 إحالة الطعن إلى الدائرة التاسعة موضوع للاختصاص، ثم أحيل الطعن إلى هذه الدائرة الرابعة موضوع وتدوول نظره بالجلسات وبجلسة 6/11/2010 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم ومذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
حيث إن الثابت أن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 20/1/2002، وإذ أودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة بتاريخ 18/3/2002 فإنه يكون قد أقيم في الميعاد المقرر قانونا، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون من ثم مقبولا شكلا.
وحيث إن حاصل الطعن الراهن يخلص في أنه بتاريخ 25/7/1996 أقام المطعون ضده الطعن رقم 481 لسنة 24ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة طالبا الحكم بإلغاء القرار 43/96 فيما تضمنه من مجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار.
……………………………………………………………………………
وبجلسة 20/1/2002 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقد ركن قضاؤها على أن الأصل في الإنسان هو البراءة، وأن الإدانة يجب أن يقوم عليها دليل قطعي لثبوتها، والثابت من الاطلاع على كتاب جهة الإدارة الوارد بحافظة المستندات المقدمة بجلسة 14/11/1998 أنه يفيد فقد ملف النيابة الإدارية الصادر بشأنها القرار المطعون فيه، ومن ثم ليس هناك دليل في الأوراق يمكن الاطمئنان إليه لثبوت المخالفات المنسوبة إليه، وهي تحرير استمارات مخالفة للحقيقة ترتب عليها صرف مبلغ 295 جنيها دون وجه حق، والإبلاغ عن وفاة ابنه (محمد) على خلاف الحقيقة؛ وذلك لفقد ملف التحقيق وذلك لأن الحكم على ثبوت المخالفات سالفة الذكر أو انتفائها مرده إلى ما يسفر عنه التحقيق الذي يعتبر توجيه التهمة وسؤال المخالف عنها وتحقيق دفاعه في شأنها أحد عناصره الجوهرية، ولا يكون سديدا القول بثبوت تلك المخالفات دون أن يكون لهذا القول سند من الأوراق، الأمر الذي يتعين معه الرجوع إلى الأصل وهو البراءة، فإذا ما أصدرت جهة الإدارة القرار المطعون فيه فإنه يكون والحال كذلك مخالفا للقانون.
……………………………………………………………………………
وإذ لم يرتض الطاعنان بصفتيهما الحكم المطعون فيه فأقاما الطعن الراهن على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ إذ إن مجرد فقد ملف التحقيق لا يترتب عليه سقوط الذنب الإداري؛ لأن تقديم صورة مذكرة النيابة الإدارية في القضية التي صدر القرار بناء عليها يقيم دليلا على وجود الأوراق ثم فقدها، وعلى ما احتوته أوراق التحقيق المفقودة، مما يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر سليما.
……………………………………………………………………………
وحيث إنه عن الموضوع فإن من المقرر أنه من المبادئ الأساسية في المسئولية العقابية سواء كانت جنائية أو تأديبية وجوب الثبوت اليقيني لوقوع الفعل المؤثم، وأن يقوم ذلك على توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها في ارتكاب المتهم للفعل المنسوب إليه، ولا يسوغ قانونا أن تقوم الإدانة على أدلة مشكوك في صحتها أو دلالتها وإلا كانت تلك الإدانة مزعزعة الأساس متناقضة المضمون.
وقد استقرت المحكمة على أن فقد أوراق التحقيق لا يعني مطلقا سقوط الذنب الإداري الذي انبنى على تلك الاوراق متى قام الدليل أولاً على وجودها ثم فقدها، وأما محتوياتها فيستدل عليها بأية أوراق صادرة عن أشخاص لهم صلة عمل دقيقة بها.
ولما كان الثابت من الأوراق أن ملف قضية النيابة الإدارية رقم 466/95 الذي صدر القرار المطعون فيه بمجازاة المطعون ضده استنادا إليه قد تم فقده، وقد خلت الأوراق من أي دليل يقطع بارتكاب المطعون ضده للمخالفة المنسوبة إليه، وأن صورة مذكرة النيابة الإدارية التي ركنت إليها الجهة الإدارية الطاعنة في إقامة طعنها إذ هي تعبر عن وجهه نظر كاتبها، ولا تصلح دليلا كافيا لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها في ارتكاب المطعون ضده الفعل المنسوب إليه، ولا يسوغ أن تقوم الإدانة على أدلة مشكوك فيها، وعلى ذلك فإن القرار محل الطعن يغدو فاقدا للسبب المبرر لإصداره متعينا الإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بما تقدم فإنه يكون قد أصاب الحق ويغدو الطعن الراهن مشيدا على غير سند يفقده واقعا أو قانونا.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا.