جلسة 4 من مايو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح ، ويحيى خضرى نوبى محمد، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5144 لسنة 43 قضائية عليا
ـ مالا يعد قراراً إداريًا ـ نقل تكليف الأطيان والعقارات المفروض عليها ضريبة.
تتوافر للقرار الإدارى مقوماته وخصائصه إذا ما اتجهت الإدارة أثناء قيامها بوظائفها إلى الإفصاح عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح فى الشكل الذى يتطلبه القانون بقصد إحداث أثر قانونى معين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه ابتغاء تحقيق المصلحة العامة ـ يفترق القرار الإدارى عن العمل المادى الذى لا تتجه فيه الإدارة بإرادتها الذاتية إلى إحداث آثار قانونية وإن رتب القانون عليها آثارًا معينة لأن مثل هذه الآثار تعتبر وليدة الإرادة المباشرة للمشرع وليست وليدة إرادة الإدارة الذاتية ـ عملية نقل التكليف ليست قرارًا إداريًا بالمعنى المتقدم إذ لا تتجه إرادة جهة الإدارة لإحداث مركز قانونى معين وإنما لا تعدو هذه العملية أن تكون رصدًا للمكلفين قانوناً بأداء الضريبة المفروضة على الأطيان والعقارات المبنية مع بيان هذه الأطيان أو العقارات المفروضة عليها الضريبة ويكون الرصد صدًى وانعكاساً لما تنشئه العقود المسجلة أو تنقله من حقوق أو لما تقرره الأحكام القضائية ـ عملية التكليف فى ذاتها لا تنشئ أى مركز قانونى فى حق ذوى الشأن فلا أثر لها فى كسب الملكية أو نقلها, وإنما مرد ذلك إلى الأسباب القانونية التى يترتب عليها هذا الأثر، كما لا تنشىء المركز القانونى من حيث الإلزام بأداء الضريبة إذ الإلزام مرجعه إلى قانون الضريبة ذاتها ولا تعدو عملية التكليف أن تكون إجراءً مادياً ذا نتيجة واقعية يُقصد بها تنظيم طريقة جباية الضريبة وتيسير تحصيلها ـ يؤيد ذلك أن عملية التكليف إذا شابها خطأ فإن تصحيحه أو الطعن فيه لا يخضع للمواعيد المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة، بل يجوز لصاحب الشأن أن يطلب تصحيحه دون تقيد بموعد خاص ـ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق 12/7/1997 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم غبريال، المحامى المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بقلم كتابها تحت رقم 5144 لسنة 43 ق. عليا، وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 13/5/1997 فى الدعوى رقم 8270 لسنة 49 ق والقاضى منطوقه”بعدم قبول الدعوى وألزمت المدعى المصروفات”.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار الطعين
مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهم بصفتهم والمطعون ضدها الرابعة وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى فى الطعن ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً, ورفضه موضوعاً, وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن جلسة 17/4/2000, وبجلسة 19/3/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى ـ موضوع) لنظره بجلسة 5/5/2001، حيث جرى تداوله أمامها على النحو الثابت بالمحاضر، حيث حضر الخصوم وقدمت جهة الإدارة حافظة مستندات، كما قدمت المطعون ضدها الرابعة حافظة مستندات ومذكرة دفاع.
وبجلسة 5/1/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 4/5/2002 ومذكرات فى شهر, حيث أودعت الجهة الإدارية المطعون ضدها مذكرة دفاع طلبت فى ختامها رفض الطعن .
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به .
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تتحصل ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 7/8/1995 أقام الطاعن الدعوى رقم 8270 لسنة 49ق. بموجب عريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار مأمورية الضرائب العقارية بالدقى بتغيير التكليف من جراج إلى دكان تحت التشطيب مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر شرحاً لدعواه أنه بموجب العقد المسجل الرقيم 714 لسنة 1991 شهر عقارى الجيزة اشترى الشقة الكائنة بالميزانين، ومكونة من حجرتين واستقبال ودورة مياه ومدخل بمساحة 98,80 م2 بالعقار رقم 15 شارع السد العالى بالدقى, وجاء بعقد الشراء تقدير حق ارتفاق لصالح هذه الشقة على أجزاء معينة بالعقار منها الجراج البالغ مسطحه 152,40 م2 الكائن بذات العقار, وبموجب العقد المسجل الرقيم 288 لسنة 1992 شهر عقارى الجيزة فقد قام بشراء محل بالدور الأرضى أيضًا لاستعماله صيدلية بمساحة 46.95 م2 بذات العقار وجاء بالعقد تقرير حق ارتفاق لصالح هذا المحل على أجزاء معينة من العقار منها الجراج المشار إليه ومع ذلك قام مالك العقار ببيع العقار إلى المدعو/ إبراهيم لطفى إبراهيم عبد المنعم الذى قام ببيعه إلى المدعوة/ عواطف محسن سلامة التى قامت بشهر عقارها تحت رقم 1147 لسنة 1991 شهر عقارى الجيزة وعمدت إلى ذكر الجراج بوصفه محلاً فى العقد المشهر بالمخالفة لقرار محافظ الجيزة بعدم جواز تغيير الغرض من أماكن إيواء السيارات، ثم سعت إلى استغلال ذلك بتعديلها وصف العين فى سجلات مصلحة الضرائب العقارية لتصبح المكلفة دكانًا تحت التشطيب بدلاً مما كانت عليه بوصف العقد جراجاً وهو الأمر الذى حدا به إلى إقامة دعواه طعنًا فى قرار تغيير التكليف من جراج إلى دكان تحت التشطيب بحسبانه مالكاً لوحدتين فى العقار لكل منهما حق ارتفاق على هذا الجراج.
تدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 10/12/1996 طلب الحاضر عن السيدة/ عواطف محسن سلامه قبول تدخلها خصماً منضماً للجهة الإدارية فى الدعوى, وبجلسة 13/5/1997 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بعدم قبول الدعوى.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن ما استقر عليه الفقه والقضاء أن القرار الإدارى يعد إفصاحًا عن إرادة الجهة الإدارية الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانونى معين متى كان جائزاً وممكناً, إلا أن عملية حصر العقارات تمهيداً لفرض الضريبة العقارية عليها ما هو إلا مجرد عمل مادى يستهدف مجرد إثبات حالة العقار لتقرير الضريبة المستحقة عليه بعد ذلك ولا يرقى لمرتبة القرار الإدارى, كما أن عملية نقل التكليف أو ما يرتبط بها من تغيير لا يعتبر قراراً إدارياً، بل هى عملية ذات نتيجة واقعية بقصد تنظيم طريقة جباية الضريبة وتيسير تحصيلها ومن ثَمَّ يكون قرار مأمورية الضرائب العقارية بالدقى بحصر الجراج الكائن بالعقار رقم 15 شارع السد العالى بالدقى بوصفه دكاناً تحت التشطيب وتكليفه على أنه دكان وليس جراجًا, لا يعتبر بمثابة القرار الإدارى النهائى, الأمر الذى يستوجب معه القضاء بعدم قبوله لانتفاء القرار الإدارى.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل تأسيساً على خطأ الحكم الطعين فى تطبيقه للقانون وتفصيل ذلك فى أن البيان الذى تدونه جهة الإدارة بسجلات مأمورية الضرائب العقارية عن نقل تكليف العقار من مالك إلى آخر لا يشكل قرارًا إداريًا لعدم مساسه بالملكية وإنما هو عملية ذات نتيجة واقعية بقصد تنظيم جباية الضريبة وتحصيلها, بيد أن الأمر يختلف بالنسبة للمنازعة الماثلة، حيث تواطأت جهة الإدارة مع السيدة/ عواطف محسن سلامه بقصد خدمة الأخيرة فى تغيير النشاط من جراج إلى غرض آخر، فالبيّن من المستخرج الرسمى لسجلات الضرائب العقارية بالدقى المؤرخ 9/8/1982 أن العقار رقم 15 شارع السد العالى ينطوى على جراج وهو ما يبين بالعقد العرفى المؤرخ 14/7/1982 المبرم بين مالك العقار والسيد/ إبراهيم لطفى إبراهيم, إلا أنه منذ شراء السيدة المذكورة لهذا الجراج بُدئ فى تغيير نشاطه بالتواطؤ مع بعض العاملين بمأمورية الضرائب العقارية بتوصيفه على أنه دكان تحت التشطيب, وبناءً عليه فقد تم شهر العقد المبرم بينها وبين المالك تحت وصف العين على أنها محل, وذلك بناءً على مستخرج رسمى استصدرته من مأمورية الشهر العقارى, وبالتالى يكون هذا التواطؤ من قِبل مأمورية الشهر العقارى هو الذى مكن السيدة المذكورة من شهر العقد متضمنًا وصف “المحل” بدلاً من “الجراج”، الأمر الذى يبين معه أن مأمورية الضرائب العقارية قد اتجهت إرادتها عامدة متعمدة إلى خدمة السيدة المذكورة على خلاف القانون مستغلة فى ذلك سلطتها بتدوين بيانات بالسجلات بالمخالفة للقانون أى أنها أفصحت عن إرادتها فى إحداث مركز قانونى غير مشروع وهذا فى حد ذاته يشكل قراراً إدارياً ترتبت عليه آثار تمثلت فى مخالفة القانون رقم 453 لسنة 1954 وقرارات المحافظة فى شأن أماكن إيواء السيارات, والمساس بحقوق الارتفاق المقررة للوحدات التى يمتلكها الطاعن فى العقار مما ينهار معه الأساس الذى استند عليه الحكم الطعين عندما قضى بعدم قبول الدعوى بمقولة انتفاء القرار الإدارى, وما ينبغى ذكره فى هذا الخصوص, أن الحكم الصادر لصالح الطاعن فى الدعوى رقم 2031 لسنة 49ق. بجلسة 26/11/1996 بوقف تنفيذ الترخيص باستعمال العين معرضًا للسيارات فقد تم تنفيذه حيث أمر المحافظ بفتح العين بالقوة الجبرية وإدارتها جراجاً عمومياً بمعرفة المحافظة, الأمر الذى يتضح معه أن المنازعة الماثلة
لا شأن لها بنقل التكليف من مالك إلى آخر ومن ثَمَّ فالاستناد إلى حكم المحكمة الإدارية العليا بخصوص انتفاء القرار هو استشهاد فى غير محله, حيث تنصب المنازعة على تغيير وصف العين محل التداعى من جراج إلى دكان تحت التشطيب وهو تغيير أجرته مأمورية الضرائب العقارية وهى واعية بحقيقة الوضع، أجرته بالتواطؤ مع المشترية المذكورة بقصد عدم استعماله كجراج لإيواء السيارات ولاستعماله فى نشاط آخر وهو تغيير من شأنه ترتيب نتائج وخيمة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القرار الإدارى تتوافر مقوماته وخصائصه إذا ما اتجهت الإدارة أثناء قيامها بوظائفها إلى الإفصاح عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح فى الشكل الذى يتطلبه القانون بقصد إحداث أثر قانونى معين متى كان ذلك ممكنًا وجائزًا قانونًا وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة, ويفترق القرار الإدارى بذلك عن العمل المادى الذى لا تتجه فيه الإدارة بإرادتها الذاتية إلى إحداث آثار قانونية وإن رتب القانون عليها آثارًا معينة، لأن مثل هذه الآثار تعتبر وليدة الإرادة المباشرة للمشرع وليست وليدة إرادة الإدارة الذاتية.
كما جرى قضاء محكمة القضاء الإدارى ـ منذ حداثة العهد بمجلس الدولة وقبل إنشاء هذه المحكمة ـ على أن عملية نقل التكليف ليست قراراً إدارياً بالمعنى المتقدم إذ لا تتجه إرادة جهة الإدارة لإحداث مركز قانونى معين وإنما لا تعدو هذه العملية أن تكون رصداً للمكلفين قانوناً بأداء الضريبة عن الأطيان أو العقارات المبنية مع بيان هذه الأطيان أو العقارات المفروضة عليها الضريبة ويكون الرصد صدًى وانعكاساً لما تنشئه العقود المسجلة أو تنقله من حقوق
أو لما تقرره الأحكام القضائية, وأن عملية التكليف فى ذاتها لا تنشئ أى مركز قانونى فى حق ذوى الشأن فلا أثر لها فى كسب الملكية أو نقلها وإنما مرد ذلك إلى الأسباب القانونية التى يترتب عليها هذا الأثر, كما لا تنشئ المركز القانونى من حيث الإلزام بأداء الضريبة إذ الإلزام مرجعه إلى قانون الضريبة ذاتها ولا تعدو عملية التكليف أن تكون إجراءً مادياً ذا نتيجة واقعية يقصد بها تنظيم طريقة جباية الضريبة وتيسير تحصيلها, ومما يؤيد هذا النظر أن عملية التكليف إذا شَابَها خطأ فإن تصحيحه أو الطعن فيه لا يخضع للمواعيد المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة، بل يجوز لصاحب الشأن أن يطلب تصحيحه دون تقيد بموعد خاص.
ومن حيث إنه نتيجة لما تقدم فقد عرف قضاء مجلس الدولة تميزاً واضحاً فى خصوص
ما يصدر عن جهة الإدارة وبـيَّن ما يعد منها قرارًا إدارياً نهائياً وبيَّن ما يكون منها عملاً مادياً ومدّ ولاية اختصاصه لتشمل النوع الأول دون الثانى بحسبان أن ما يصدر عن جهة الإدارة من أعمال ليس من شأنها إحداث أثر قانونى أو تعديل مركز قانونى قائم أو إلغاؤه فتعتبر أعمالاً مادية ومرد ذلك إلى طبيعة كل منها, ففى حين يكون محل القرار الإدارى إنشاء أو تعديل
أو إلغاء مركز قانونى فيجعل من الأفراد المعنيين به فى وضع قانونى معين مرتباً لهم حقوقًا معينة أو محملاً إياهم بالتزامات محددة، وذلك بمناسبة تواجدهم فى هذا الوضع القانونى المستحدث, أما العمل المادى فيكون محله نتيجة واقعية تترتب عليه دون أن تنشئ أى حقوق أو ترتب أى التزامات فى مواجهة أحد, وإن ترتبت عليه بعض الآثار فيكون مردها القانون وليس هذا العمل.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وبتطبيقه على وقائع المنازعة الماثلة, والتى تخلص فى أن الطاعن بحكم امتلاكه لوحدتين داخل العقار رقم 15 ش السد العالى بالدقى ـ شقة ومحل ـ يتمتع بحق ارتفاق على الأجزاء المشتركة بالعقار المذكور ومنها عين النزاع فإن كانت هذه العين بحسب الأصل مستخدمة بوصفها جراجًا, فقد قام بالطعن فى قرار مأمورية الضرائب العقارية الصادر بتغيير تكليف هذا الجراج إلى دكان تحت التشطيب بدعوى أن هذا القرار إنما كان خلافاً للواقع والقانون وبالتواطؤ مع المالكة الجديدة لهذه العين ـ المطعون ضدها الرابعة ـ حيث مكن المطعون ضدها من تسجيل العين بمصلحة الشهر العقارى بوصفها دكاناً لا بوصفها جراجاً، فإنه فى ضوء ما سلف يمكن استظهار طبيعة هذا القرار بوصفه عملاً مادياً لا قراراً إدارياً نهائياً, إذ إن تغيير تكليف عين النزاع من جراج إلى دكان ليس من شأنه إحداث أى أثر قانونى فلم يرتب حقوقاً لأحد كما لم يحمّل أحدًا بأى التزامات فكل ما رتبه هو فقط تحويل الوصف الخاص بطبيعة العين لدى مأمورية الضرائب العقارية من جراج إلى دكان, ولا يجوز القول بأن الإجراء رتب أثرًا قانونياً تمثل فى تمكين المالكة المذكورة من تسجيل عقد امتلاكها لعين النزاع بوصفه دكاناً لا جراجاً, إذ إن تسجيل هذا العقد لدى مأمورية الشهر العقارى يكون بحكم الصفة العقارية للعين محل العقد بغض النظر عن طبيعة استخدامه هل هو دكان أم جراج أم أى شىء آخر, إذ تخلص مأمورية الشهر العقارى فى التيقن من الصفة العقارية للعين موضوع العقد وفيما يحمله من حقوق عينية سواء أصلية أو تبعية دون أن يكون ثمة التزام فى تفحص طبيعته, هذا فضلاً عن أن طبيعة العين محل العقد المسجل وما تستخدم فيه لا تعد حجة فى مواجهة أحد سوى تحديد مالكه الذى لا يستطيع أن يحتج بصفة العين الواردة بالعقد المسجل لتغيير الترخيص الصادر باستخدام هذا العقار تغيير هذا الاستخدام, فهى أمور من اختصاص جهات إدارية أخرى, ومن ثَمَّ فليس من المقبول القول بأن تغيير المكلفة العقارية لعين النزاع كان السبب فى تسجيل عقد ملكيته بوصفه دكانًا وليس جراجاً, إذ إن تسجيل العين بهذه الصفة لم يكسب صاحب العين أى حق حياله لتغيير نشاطها, بل إن التسجيل يكون واجباً على مأمورية الشهر العقارى طالما استوفى العقد شرائطه القانونية المقررة قانوناً بحيث يتم التسجيل فى ضوء البيانات الواردة بالعقد المراد تسجيله, ومن ثَمَّ يغدو متصوراً فى ظل هذا العقد المسجل أن تتم إزالة كافة الأعمال التى تتم بعين النزاع طالما لا تتفق والعمل المرخص بممارسته فيها.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم فإنه لا يمكن القول بأن هناك مركزًا قانونياً يمكن الادعاء بحصوله نتيجة تغيير مكلفة عين النزاع لا سيما وأنه إذا كان هناك مقتضى يتعين الطعن عليه فتكون هى القرارات الإدارية التى تصدر من الجهات الإدارية المختصة لتحديد طبيعة استخدام هذه العين فهى فقط التى تكون مراكز قانونية وتعد بمثابة قرارات إدارية يمكن الطعن عليها, وهو فعلاً ما حدا بالطاعن بالتدخل هجومياً فى الدعوى رقم 2031 لسنة 49ق. المقامة من المطعون ضدها الرابعة ضد الجهة الإدارية أمام محكمة القضاء الإدارى والذى تدخل فيها الطاعن هجومياً طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الترخيص الصادر للمطعون ضدها بتشغيل الجراج معرضاً للسيارات, وبجلسة 26/11/1996 قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول تدخل الطاعن وبوقف تنفيذ قرار الترخيص رقم 1401 لسنة 1993 من حى وسط الجيزة بتشغيل معرض سيارات بالدور الأرضى بالعقار رقم 15 ش السد العالى بالدقى, وقد قامت المطعون ضدها الرابعة بالطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 1588 لسنة 43ق وبجلسة 23/5/1999 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به وقف تنفيذ قرار الترخيص رقم 1401 لسنة 1993 الصادر من حى وسط الجيزة وبرفض طلب وقف تنفيذه وذلك تأسيسًا على أنه لم يكن هناك أصلاً جراج فى ترخيص هذا العقار, أما تغيير المكلفة فلا يعدو أن يكون عملاً مادياً، ويكون الطعن عليه غير مقبول لخروجه على طبيعة القرار الإدارى واستوائه عملاً مادياً محضاً مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون واكب الصواب ويكون الطعن عليه جديرًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.