جلسة 24 من سبتمبر سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، ود. محمد كمال الدين منير أحمد، ومحمد أحمد محمود محمد
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5154 لسنة 42 قضائية . عليا:
نقابة المهن التمثيلية ــ سلطة وقف التصاريح المؤقتة ــ حدودها.
طبقًا للمادة (11) من لائحة النظام الداخلى لنقابة المهن التمثيلية يجوز لمجلس النقابة أن يقرر وقف التصاريح المؤقتة لأية فترة يحددها إذا رأى أن الصالح العام يقتضى ذلك، وعليه فإن سلطة المجلس فى هذا الشأن ليست مطلقة من كل قيد، وإنما هى مقيدة بحسب صراحة النص بالصالح العام ــ تطبيق.
نقابة المهن التمثيلية ــ تأديب ــ العضوية لا تتوافر فى كل الأحوال لمن يزاول المهنة من خلال تصاريح مؤقتة ــ أثر ذلك على المساءلة التأديبية.
مزاولة الشخص لمهنة التمثيل من خلال تصاريح مؤقتة لا يسبغ عليه فى كل الأحوال صفة العضوية بنقابة المهن التمثيلية ــ مقتضى ذلك: أنه لا يخضع للمساءلة التأديبية المنصوص عليها فى القانون رقم 35 لسنة 1978 فى شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية؛ لأنه لا ولاية للنقابة على تأديب غير أعضائها ــ ثبوت الانضمام بعد ذلك إلى عضوية النقابة لا يغير من وجه الأمر؛ ذلك أن العبرة فى الحكم على مشروعية القرار هى بالظروف والأوضاع السائدة وقت صدوره ــ تطبيق.
فى يوم الإثنين الموافق 8 من يوليه سنة 1996 أودع الأستاذ/ عصمت الهوارى، المحامى بالنقض بصفته وكيلاً عن نقابة المهن التمثيلية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن ــ قيد برقم 5154 لسنة 42 قضائية عليا ــ فى الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام النقابة المدعى عليها المصروفات.
وطلب الطاعن (نقيب المهن التمثيلية) ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى موضوع الطعن، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الشق المستعجل من الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين وإلزام المطعون ضدها الأولى بالمصروفات.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام النقابة الطاعنة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4/10/2004 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 21/2/2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا / الدائرة الأولى ــ موضوع لنظره بجلسة 19/3/2005.
ونظرت المحكمة بالجلسة المذكورة ثم بجلسة 4/6/2005، وبهذه الأخيرة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أنه بتاريخ 31/1/1996 أقامت المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم 3823 لسنة 50ق المطعون على حكمها أمام محكمة القضاء الإدارى/ دائرة منازعات الأفراد (ب) بالقاهرة، طالبة الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار مجلس نقابة المهن التمثيلية القاضى بعدم منحها أية تصاريح عمل نهائياً مستقبلاً وتحذير كافة الجهات الفنية من التعامل معها ومنعها من التمثيل مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليه الأول (الطاعن) بأن يؤدى إليها مبلغ مليون جنيه مصرى تعويضاً عما لحقها من أضرار مادية وأدبية من جراء هذا القرار مع إلزامه بالمصروفات، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 16/6/1996 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها الطعين بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أن المحكمة فى تحديدها لحجم المخالفة المرتكبة فى الدعوى الماثلة، إنما تنظر إلى الفعل المؤثم فى سياق الأحداث الملابسة التى توضح سلسلة التداعيات التى أنتجته، وتحدد حقيقة حجم ومدى ما يَنُمُّ عنه من تعمد ومن استهتار واستخفاف أو ما يتداخل فيه من ردود الفعل وما تداعى معه من تلقائيات الموقف وضغوطه، ولذلك ولما كان البادى من الأوراق أن ثمة خلافاً شَجَرَ بين المدعية وبطل المسرحية التى تعمل بها وكان من بين أسباب هذا الخلاف ما نسب إلى المذكور من القول بأن المدعية (المطعون ضدها الأولى) ضبطت فى إحدى القضايا المتصلة بالآداب، وقد أدى ذلك إلى قطيعة بينهما، وعقب ذلك شرعت إدارة المسرحية فى الاستغناء عنها، ولذلك جاءت أقوالها بالصحف أن الخلافات بينها وبين بطل المسرحية خلافات شخصية وليست فنية، دون إفصاح عن سبب الخلافات لما يشكله ذلك من إساءة إلى سمعتها، فإن خطأها فيما تضمنته الأحاديث المنشورة لها من تلميحات ماسة بشخص الشاكى يجب أن يراعى فى تقديره تداعيات الموقف وضغوطه، الأمر الذي يحد من أمر الخطأ ويكون معه توقيع جزاء عدم الموافقة على منحها أية تصاريح عمل مستقبلاً قد جاء مشوباً بالتفاوت الظاهر وعدم التناسب البين بين درجة خطورة الذنب المرتكب والجزاء الموقع عنه، مما يعيب القرار بعدم المشروعية، ومن ثَمَّ رجحان الحكم بإلغائه، ويتوافر بذلك ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه خاصة إذا وضع فى الاعتبار أن الحكم الجنائى الصادر بإدانة المدعية فى قضية الجنحة التى أقامها الفنان ………………. هو حكم غيابى وأن المدعية أنكرت فى التحقيقات الإدلاء بالحديث الذى نشر بجريدة الميدان بالشكل الذى نشر به، بل أقامت دعوى ضد الصحيفة التى نشرته، وليس بمستغرب أن تنشر إحدى الصحف حديثاً وتنسبه إلى شخص ما خلافاً للواقع والحقيقة أو مشوبًا بالتحريف الذى يخرج به عن حقيقته ومعناه، ومن ثَمَّ وإذا توافر ركن الاستعجال إلى جانب توافر ركن الجدية لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من حرمان المدعية من أحد الحقوق الدستورية وهو حق العمل؛ فإنه يتعين القضاء بوقف تنفيذ هذا القرار.
بيد أن الحكم المذكور لم يلق قبولاً من النقابة المدعى عليها فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على الحكم مخالفته للقانون وللثابت بالأوراق فضلاً عن الفساد فى الاستدلال، وذلك على سند من القول بأن تكييف الحكم للقرار المطعون فيه بأنه قرار تأديبى غير صحيح لأن المطعون ضدها لا ترتبط بعلاقة عمل من أى نوع مع النقابة، كما أن الحكم تجاوز نطاق الشق المستعجل وخاض فى موضوع الدعوى تحت ستار بحث ركن الجدية، بالإضافة إلى أن كل الأدلة التى ساقها الحكم المطعون فيه كمبرر للتهوين من أمر الخطأ الثابت فى حق المطعون ضدها هى أدلة معيبة ولا يصلح الاستناد إليها.
ومن حيث إن البادى من الأوراق أن القرار المطعون فيه والصادر من مجلس نقابة المهن التمثيلية فى اجتماعه رقم (10) المنعقد بتاريخ 13/11/1995 بإيقاف إعطاء الآنسة/ ……… …………………………. أية تصاريح جديدة لممارسة مهنة التمثيل لحين الانتهاء من التحقيق، قد صدر بمناسبة البت فى الشكاوى المتبادلة بينها وبين الفنان/ …………………… عضو النقابة، فإنه يعتبر فى حقيقة الأمر وواقع الحال بمثابة جزاء أو قرار تأديبى بالحرمان من مزاولة المهنة بسبب الشكوى المقدمة ضد المشكو فى حقها/ ………………، ولما كانت المذكورة ليست عضواً بنقابة المهن التمثيلية وأنها تمارس عملها فى التمثيل من خلال تصاريح مؤقتة تصدر من النقابة حسبما انتهت إلى ذلك لجنة التحقيق بالنقابة بمذكرتها المؤرخة 1/1/1996، ومن ثَمَّ فإنها لا تخضع للمساءلة التأديبية المنصوص عليها فى القانون رقم 35 لسنة 1978 فى شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، لأنه لا ولاية للنقابة على تأديب غير أعضائها حتى ولو ثبت أن المذكورة انضمت بعد ذلك لعضوية النقابة حسبما يبين من الشهادة الصادرة من النقابة بتاريخ 25/3/2005 والتى تفيد بأن الفنانة/ ………………….. مقيدة بجدول النقابة عضو عامل بشعبة التمثيل تحت رقم 2302 اعتباراً من 1/1/2000، ذلك أن العبرة فى الحكم على مشروعية القرار هى بالظروف والأوضاع السائدة وقت صدوره، وعليه فإن القرار المطعون فيه يضحى ــ بحسب الظاهر من الأوراق ــ مشوباً بعدم الاختصاص الجسيم.
ومن جهة أخرى ــ ومع الفرض جدلاً بأن النقابة اعتمدت فى إصدار قرار المطعون فيه على السلطة المخولة لمجلس النقابة فى المادة (11) من لائحة النظام الداخلى للنقابة والتي تقضى بأنه يجوز لمجلس النقابة أن يقرر وقف التصاريح المؤقتة لأية فترة يحددها إذا رأى أن الصالح العام يقتضى ذلك، فإن سلطة المجلس فى هذا الشأن ليست مطلقة من كل قيد، وإنما هى مقيدة بحسب صراحة النص بالصالح العام، وهو ما لا ينطبق على الحالة الراهنة وذلك لتعلق الأمر بخلافات شخصية بين المطعون ضدها والفنان/ ……………….. الذى لجأ إلى محكمة الجنايات بالدعوى رقم 591 لسنة 1996 المقيدة ضد المشكو فى حقها/ …………….. لتفصل فى الاتهام الذى نسبه إليها بالسب والقذف والتشهير به فى بعض الجرائد والمجلات، وبالتالى ما يسوغ للنقابة أن تقحم نفسها فى هذه الخلافات منتزعة سلطة القضاء لتتخذ من جانبها تصرفاً أو قراراً يمس المركز القانونى لأىٍّ من الطرفين، سيما وأن المطعون ضدها لم تكن آنذاك عضواً بالنقابة ولم تكن مخاطبة بواجبات العضوية، الأمر الذى يعنى ــ بحسب الظاهر من الأوراق ــ أن ثمة انحرافاً من قِبل مجلس النقابة فى استعمال السلطة المخولة له عن الغاية المقررة قانوناً وهى الصالح العام.
ومن جهة ثالثة فإن البادى من مطالعة محضر مجلس النقابة المشار إليه، أن المجلس تناقض مع نفسه، إذ أكد فى البند (أولاً) على وقوفه إلى جانب المطعون ضدها فى شكواها ضد الفنان/…………………….، وأنه يوافق على عودتها إلى عملها بالمسرحية (مسرحية دستور يا أسيادنا) ويكف يده عن الأمر بعد أن علم أن المذكورة لجأت إلى القضاء، وإذ بالمجلس المذكور يعود فى البند (ثانياً) ليقرر وقف إعطاء المذكورة أية تصاريح جديدة بناء على الشكوى المقدمة ضدها من الفنان/ ……………………….، وليصادر بذلك على سلطة اللجنة التى كلفت بإجراء التحقيق بل وعلى سلطة القضاء، الأمر الذى يقيم قرينة على صحة ما ذهب إليه دفاع المطعون ضدها من أن القرار المطعون فيه صدر بقصد مجاملة الفنان/ …………….، وهو ما يعيب هذا القرار ويجعله غير قائم ــ بحسب الظاهر ــ على سبب يبرره .
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم فإن ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يضحى متوافراً وكذلك ركن الاستعجال، لما يترتب على استمرار التنفيذ من الإضرار بمصلحة المطعون ضدها وحرمانها من مزاولة عملها بغير سند أو مبرر مقبول قانوناً، وهو ما يستوجب القضاء بوقف تنفيذ هذا القرار.
وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة ولكن استناداً إلى أسباب مغايرة تلتفت عنها المحكمة، لذلك فإن الطعن الماثل يكون غير قائم على سند من الواقع أو القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت النقابة الطاعنة المصروفات.