جلسة 6 من إبريل سنة 2010
الطعن رقم 5291 لسنة 51 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)
غرامة التأخير– هي جزاء توقعه جهة الإدارة على المتعاقد معها إذا تأخر في تنفيذ التزاماته عن الموعد المحدد– لا يدخل في حساب مدة التأخير المدد التي يثبت لجهة الإدارة نشوءها عن أسباب قهرية، ومدد التأخير التى ترجع إلى جهة الإدارة ذاتها، وتلك التى يشترط المتعاقد إضافتها إلى مدة التنفيذ– يعول في تحديد هذه المدد على ما تقرره الجهات الفنية المتخصصة أو جهات الخبرة إذا اقتضى الأمر ذلك– بقيام جهة الإدارة المتعاقدة بتحديد مدد التأخير الناشئة عن أسباب قهرية تكون قد استنفدت سلطتها في هذا الصدد– لا ينقضُ رأيَ الجهة الفنية المتخصصة إلا رأيُ جهةٍ فنية أخرى، وهو ما لا يتوفر في حق الجهاز المركزي للمحاسبات([1]).
المادة (81) من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات، الصادر بالقانون رقم (9) لسنة 1983 (الملغى)، الصادرة بقرار وزير المالية رقم (157) لسنة 1983 (الملغى).
في يوم الأحد الموافق 30/1/2005 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية بجلسة 30/11/2004 في الدعوى رقم 3183 لسنة 3 ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعي المصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع: الحكم بالطلبات الواردة بصحيفة أول درجة، مع إلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلزام جهة الإدارة رد مبلغ 13672 جنيها للطاعن، المخصوم منه لحساب غرامة التأخير، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، وإلزام الإدارة المصروفات.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلسة 2/7/2008 وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 16/11/2008 قررت إحالته إلى الدائرة السادسة عليا موضوع لنظره بجلسة 10/2/2009، وفيها وما تلاها من جلسات نظرت هذه المحكمة الطعن على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 5/1/2010 قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات ومستندات إلى ما قبل الجلسة بأربعة أسابيع، وقد انقضى هذا الأجل دون التقدم بأية مذكرات أو مستندات، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إنه ولئن كان الطعن قد أقيم في اليوم الثاني والستين من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، إلا أنه بإضافة ميعاد المسافة من محافظة شمال سيناء إلى القاهرة فإنه يكون قد أقيم خلال الميعاد، وإذ استوفى جميع أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر النزاع محل الطعن تخلص حسبما هو ثابت من الأوراق في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 3183 لسنة 3 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية طالبا إلزام الجهة الإدارية رد مبلغ 13672 جنيهًا قيمة غرامة التأخير التى خصمت منه بدون وجه حق، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكر شرحًا للدعوى أن الجهة الإدارية تعاقدت معه على عملية إنشاء مبنى الدفاع المدني والحريق خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بالموقع الذي تم بتاريخ 27/10/1990، إلا أن التسليم الابتدائي تم بتاريخ 18/7/1992 أي لمدة تأخير 21 يوما و 2 شهر و 1 سنة، وأن الإدارة الهندسية بمدينة العريش انتهت إلى إضافة مدد إلى مدة التنفيذ بلغ إجماليها: 27 يوما و 2 شهر و 1 سنة، وبالتالي لم توقع عليه غرامة تأخير، إلا أن الجهاز المركزي للمحاسبات اعترض على ذلك وطلب توقيع غرامة تأخير قدرها 13672.11 جنيهًا، وباستفتاء إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة أفتت بأن مدة التأخير الواجب توقيع غرامة تأخير بشأنها تبلغ خمسة أشهر وثمانية أيام.
……………………………………………………………………..
وبجلستها المنعقدة في 30/11/2004 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها سالف الذكر، وشيدته على أن الثابت من تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات أن مدة التأخير بعد استنزال المدد الإضافية تبلغ 18 يوما و 2 شهر، وبالتالي يتعين توقيع غرامة تأخير بواقع 15% من قيمة ختامي العملية، ومن ثم يكون خصم المبلغ المشار إليه قد تم وفق صحيح حكم القانون.
……………………………………………………………………..
وإذ لم يرتض الطاعن هذا القضاء أقام الطعن الماثل ناعيا عليه مخالفة الحكم المطعون فيه للحقيقة والواقع؛ بحسبان أن التقرير الهندسي انتهى إلى عدم استحقاق غرامة التأخير لعدم وجود تأخير.
……………………………………………………………………..
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد تواتر على أن غرامة التأخير جزاء توقعه جهة الإدارة على المتعاقد معها إذا تأخر في تنفيذ التزاماته عن الموعد المحدد بالنسب والحدود المحددة في المادة رقم 81 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983، ولا يدخل في حساب مدة التأخير المدد التي يثبت لجهة الإدارة نشوءها عن أسباب قهرية، ومدد التأخير التى ترجع إلى جهة الإدارة ذاتها، وتلك التى يشترط المتعاقد إضافتها إلى مدة التنفيذ، ويعول في تحديد هذه المدد على ما تقرره الجهات الفنية المتخصصة أو جهات الخبرة إذا اقتضى الأمر ذلك.
ومتى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق –خصوصا تقريرا الإدارة الهندسية بمجلس مدينة العريش– أنه بعد استنزال مدد التأخير في صرف المستخلصات المالية وعلى النحو الذي اشترطه المقاول، ومدد التوقف بسبب الأمطار والظروف الجوية السيئة؛ بحسبان أن بعض الأعمال يستحيل تنفيذها في ظل هذه الظروف، ومدد التأخير في توريد النجارة ونجارة التعديلات، ومدد الأعمال الإضافية؛ لا يكون ثمة تأخير يمكن نسبته للمقاول، الأمر الذي ينتفي معه التأخير الموجب لتوقيع غرامة التأخير، ويكون توقيع الغرامة والحال كذلك قد وقع مخالفًا لأحكام القانون.
ولا يغير من ذلك ما ورد بتقرير الجهاز المركزى للمحاسبات لسببين: (أولهما) أن المشرع ناط بجهة الإدارة المتعاقدة تحديد مدد التأخير الناشئة عن أسباب قهرية، وبالتالي عدم حسابها ضمن مدة التأخير، وبتحديدها هذه المدة تكون قد استنفدت سلطتها في هذا الصدد. و(ثانيهما) أن الجهة الإدارية اعتمدت في تحديد المدة على ذات الإدارة الهندسية بها، وهي جهة فنية متخصصة لا ينقض رأيها إلا رأي جهة فنية أخرى، وهو ما لم يتوافر في الحالة المعروضة.
وحيث كان ذلك وإذ لم ينتهِ الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد وقع مخالفًا لأحكام القانون، ويتعين إلغاؤه، والقضاء مجددًا بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للطاعن مبلغا مقداره 13672 جنيها (ثلاثة عشر ألفا وست مئة واثنان وسبعون جنيها)، والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات إعمالا لحكم المادة رقم 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها أن تؤدي للطاعن مبلغا قدره 13672 جنيها (فقط ثلاثة عشر ألفا وست مئة واثنان وسبعون جنيها)، وفوائده القانونية بواقع خمسة في المئة سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
([1]) راجع كذلك المبدأ رقم (26) في هذه المجموعة، حيث أكدت المحكمة أن الجهة الإدارية تقدر وجود أو عدم وجود السبب القهري ومدد التوقف التي ترجع إليها عند تسلم الأعمال ابتدائيًا، فإن هي قدرت وجودها ورتبت آثارها تكون قد استنفدت ولايتها في هذا الصدد، ويمتنع عليها بعد تسلم الأعمال نهائيًا أن تقرر إدخال مدد التوقف هذه ضمن مدد التعاقد، ولو كان ذلك بناء على مناقضة من الجهاز المركزي للمحاسبات، وأنه لا يجوز لهذا الجهاز أن يحل إرادته محل إرادة الجهة الإدارية فيما يتعلق بممارسة الاختصاصات المقررة قانونا لها، أو أن يتدخل فيما تلاقت عليه إرادة الطرفين في هذا الصدد.