جلسة 4 من يونيو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد يحيي حسن صبرى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / كمال زكى عبدالرحمن اللمعى ، ومحمود إبراهيم عطا الله، ومصطفى سعيد مصطفى حنفى، وعبدالكريم محمود صالح الزيات.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ درويش الخفيف.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ جمال طه المهدى.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5313 لسنة 45 قضائية عليا
ـ تنفيذ العقد ـ الجزاءات الموقعة على المتعاقد المقصر ـ غرامة التأخير ـ توقيعها دون الحاجة إلى إثبات وقوع ضرر على جهة الإدارة.
غرامات التأخير التى ينص عليها فى العقود الإدارية هى جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزاماته فى المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بانتظام ـ يحق للإدارة إن توقع الغرامة المنصوص عليها فى العقد من تلقاء ذاتها وبمجرد وقوع المخالفة التى تقررت الغرامة جزاء لها ولا يتوقف استحقاق الغرامة على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال المتعاقد بالتزامه ـ وانه لا يعفى منها إلا إذا ثبت إن إخلاله بالتزامه يرجع إلى قوة قاهرة أو إلى إخلال جهة الإدارة المتعاقد معها ـ تطبيق .
فى يوم الأربعاء 19 من مايو سنه 1999 أودع الأستاذ أبوسريع محمد حسن المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن الماثل، على الحكم الصادر من محكمه القضاء الادارى ـ دائرة العقود الإدارية والتعويضات ـ فى الدعوى رقم 5239 لسنة 48ق . بجلسة 21/3/1999 فيما قضى به من: قبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعًا وألزمت الشركة المدعية المصروفات ” وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم أولا: بقبول الطعن شكلاً. ثانيًا: وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا أصليًا: بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى له مبلغ 15199.900 جنيهًا وبأن يؤدى له تعويضًا مقداره 100000 جنيه، واحتياطيا: بندب مكتب خبراء وزارة العدل لمباشرة المأمورية التى ارتأتها هيئة مفوضى الدولة فى تقريرها المقدم لمحكمة القضاء الإدارى إعمالاً لنص المادة 135 من قانون الإثبات . مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات .
وتم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئه مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدى للطاعن مبلغًا مقداره 15199.900 جنيهًا ورفض ماعدا ذلك من طلبات وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسه 6/12/2000 وبجلسة 16/5/2001 قدم الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع خلص فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن، وقررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 15/8/2001 وفيها قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة عليا ـ موضوع لنظره بجلسة 23/10/2001، ونظر الطعن بالجلسة المشار إليها.
وبجلسة 8/1/2002 قدم الحاضر عن الطاعن مذكرة دفاع خلص فيها إلى التصميم على طلباته الواردة بتقرير الطعن وبجلسة 26/3/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 4/6/2002 ـ وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة .
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ أنه بتاريخ 24/4/1994 أقام المدعى ـ الطاعن ـ الدعوى رقم 5239 لسنة 48ق أمام محكمة القضاء الإدارى ـ دائرة العقود الاداريه والتعويضات ـ ضد رئيس مركز ومدينه بنى سويف ” بصفته” (المطعون ضده) بطلب الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يرد له مبلغ 15199.900 جنيها والذى تم خصمه من مستحقاته كغرامة تأخير وبأن يؤدى له تعويضا مقداره مائة ألف جنيه والمصروفات .
وقال المدعى شرحًا لدعواه إنه تعاقد مع مركز ومدينة بنى سويف فى 22/2/1989 على تنفيذ عملية إحلال وتجديد المرحلة الأولى بمحطة مياه الشرب القديمة ببنى سويف وذلك بقيمه إجمالية مقدارها مائه ألف جنيه، وتضمن العقد النص على أن مدة تنفيذ العملية أربعة شهور من تاريخ استلام الدفعة المقدمة وان يكون العمل فى مرشح واحد فقط ويتم العمل فى باقى المرشحات بالتتابع كل على حدة بعد الانتهاء من المرشح السابق وتشغيله بموجب محضر تشغيل . وأن يتم مد خطاب الضمان النهائى بعد سنة من الاستلام الابتدائى للأعمال بموجب محضر استلام نهائى على الرغم من أن شروط المناقصة المعلن عنها قد تضمنت أن يتم تنفيذ المرشحات الثلاثة فى وقت واحد. وأضاف المدعى أنه لما كان من بين الأعمال استكمال الوسط الترشيحى من زلط بقيام الشركة المدعية بتوريد النقص منه طبقا للمواصفات بكراسه الشروط. فقد قام بتوريد الزلط وقام المختصون بفحصه ظاهريًا. وقاموا بإرسال عينة منه لتحليله بالمعامل المركزية لدى وزارة الصحة وتم إرسال العينات بتاريخ 21/5/1989 وجاء تقرير التحليل فى 15/6/1989 دون أن يتضمن مدى صلاحية العينات من عدمه. فتم تشكيل لجنه أخرى لفحص عينات الزلط فى ضوء اشتراطات وزارة الصحة وجاء تقرير اللجنة الأخيرة فى 17/6/1989 بعدم صلاحية العينات . وفى 22/6/1989 قام المدعى بنهو الأعمال وأرسل خطابًا بذلك التاريخ برقم 126 لسنة 1989 للمدعى عليه بصفته أخطره فيه بتنفيذ الأعمال كاملة عدا بند استكمال الزلط بالمرشحات لورود التقرير الخاص بالتحليل بعد فترة تجاوز المدة المقررة لتنفيذ العقد والتمس فى الخطاب تسليم الأعمال التى تم تنفيذها ابتدائيا ومد مدة تنفيذ العقد لفترة أخرى تعادل الوقت الذى تأخر فيه ورود تقرير معامل التحليل. وقد قامت الجهة الإدارية بمخاطبة الهيئة القومية لمياه الشرب لدراسة المواصفات الفنية للزلط ونتائج تحليل عيناته، وأفادت الهيئة بكتابها المؤرخ 31/10/1989 بخطأ مواصفات الزلط المحددة بكراسة الشروط والمواصفات وأن عينات الزلط التى رفضتها وزارة الصحة مطابقة للمواصفات . وقد استغرقت مدة التحاليل المدة من 25/2/1989 حتى 2/1/1990 وبالتالى فإن فترة التأخير هذه لا ترجع إلى المدعى بل إلى خطأ الجهة الإدارية والتى ترتب عليها التأخير فى تسليم العملية. وقد أرسل المدعى خطابًا بذلك إلى الجهة الادارية ، وقد أشر المدعى عليه بصفته على خطاب المدعى لمدير العقود بضرورة صرف مستحقات المدعى لمسئولية الإدارة عن التأخير، وتم تسليم العملية في 27/3/1990 إلا أن الجهة الإدارية المدعى عليها قامت بتوقيع غرامه تأخير عليه بنسبة 15% من إجمالى قيمه الأعمال ، ويتم خصم مبلغ 15199.900 جنيهًا من مستحقاته . وخلص المدعى إلى طلباته سالفة البيان .
وبجلسة 21/3/1999 قضت المحكمة برفض الدعوى، وشيَّدت قضاءها على أن المدعى هو الذى تسبب بفعله فى عدم تنفيذ العملية فى الموعد المحدد لها حيث إنه لم يقدم عينات الزلط للجهة الإدارية إلا فى 18/5/1989 وبعد مضى ثلاثة أرباع مدة التنفيذ ، وقد ثبت عدم صلاحية الزلط وبالتالى فقد انتهى الموعد المحدد لتسليم ونهو العملية دون أن يقدم المدعى عينات الزلط ولم يقدم العينات المطابقة إلا بعد إخطاره فى 3/10/1989 وهى تلك التى قررت الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف صلاحيتها فى 31/12/1989، وعليه يكون قيام الجهة الاداريه بتوقيع غرامه تأخير على المدعى وخصمها من مستحقاته مطابقا لصحيح حكم القانون. ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب ، إذ إن المحكمة لم تطلع على مستندات الدعوى ، لانتفاء الخطأ أو التقصير فى جانب الطاعن يستوجب توقيع غرامة تأخير عليه . إذ إن الطاعن قام بتنفيذ كافة الأعمال فى الموعد المحدد فى 22/6/1989 عدا بند الزلط والبالغ قيمته 900 جنيه فقط والثابت أن التأخير فى تنفيذ هذا البند يرجع إلى الجهة الإدارية إذ إنها وضعت مواصفات للزلط لا تتفق مع الواقع وتوافرها يُعد ضربًا من المستحيل وهو ما قامت بتصحيحه الهيئة القومية، هذا بالإضافة إلى أن الطاعن كان قد عرض على الجهة الإدارية بكتابه رقم 126 فى 12/6/1989 أن يتم استخدام الوسط الترشيحى الزلطى الموجود بالمرشحات الثلاثة فى تشغيل مرشحين على أن يتم تشغيل المرشح الثالث والأخير بزلط جديد لكامل وسطه الترشيحى بعد اعتماد العينة ، إلا أن الجهة الإدارية رفضت هذا الاقتراح بالرغم من اتفاقه مع العقد.
ومن حيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن غرامات التأخير التى ينص عليها فى العقود الإدارية هى جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزاماته فى المواعيد المتفق عليها حرصًا على سير المرفق العام بانتظام، وأنه يحق للإدارة أن توقع الغرامة المنصوص عليها فى العقد من تلقاء ذاتها وبمجرد وقوع المخالفة التى تقررت الغرامة جزاءً لها ولا يتوقف استحقاق الغرامة على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال المتعاقد بالتزامه وأنه لا يعفى منها إلا إذا ثبت أن إخلاله بالتزامه يرجع إلى قوة قاهرة أو إلى إخلال جهة الإدارة المتعاقد معها .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن قام بنهو جميع الأعمال محل التعاقد باستثناء الزلط الخاص بالوسط الترشيحى، وكان السبب فى ذلك تقرير معامل وزارة الصحة بعدم مطابقة عينات الزلط للمواصفات التى وضعتها الجهة الإدارية، والثابت أنه عقب ذلك وبتاريخ 1/10/1989 قامت الجهة الادارية بمخاطبة الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى باعتبارها الجهة الاستشارية للمحافظات فى مياه الشرب؛ لدراسة المواصفات الفنية للزلط والموضحة بكراسه الشروط والمواصفات للعملية المتعاقد عليها وكذا دراسة نتائج تحليل عينات الزلط التى قام الطاعن بتوريدها وذلك بما يتفق والأصول الفنية المعمول بها بالهيئة، وبتاريخ31/10/1989 ورد خطاب الهيئة المذكورة إلى الجهة الإدارية بخصوص دراسة المواصفات الفنية لزلط المرشحات جاء به أن إدارة التصميمات الهيدروليكية بالهيئة أوجبت بتعديل المواصفات التى طرحت بها العملية على النحو الوارد بالكتاب المذكور، كما أفادت الهيئة المذكورة بتقارير تثبت أنه بإعادة تحليل عينات الزلط على ضوء المواصفات المعدلة تبين مطابقتها للمواصفات، وهى ذات العينات السابق إرسالها لمعامل وزارة الصحة . وعليه تم استئناف العمل فى تعبئة المرشحات الثلاث بالزلط فى 2/1/1990 وتم الاستلام الابتدائى للعملية فى 19/8/1991.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن تأخر الطاعن فى تسليم الأعمال ابتدائيًا طوال المدة من 22/6/1989 وحتى تاريخ نهوها وتسليمها ابتدائيًا فى 19/8/1991 كان بسبب خطأ الجهة الإدارية فى وضع مواصفات الزلط اللازم للمرشحات على النحو الذى أثبته تقرير وخطاب الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى والتى اعتمدت العينات السابق تقديمها وتوريدها من الطاعن طبقا للواصفات المعدلة وهى الهيئة المنوط بها إعداد هذه التحاليل باعتبارها الاستشارى للمحافظات فى مياه الشرب، وعليه يكون الطاعن لا يد له فى تأخير نهو العملية المسندة إليه محل التعاقد وأن المتسبب فى ذلك الجهة الإدارية، ومن ثم يضحى ما قامت به الجهة الإدارية من توقيع غرامه تأخير لهذا السبب على الطاعن بخصم مبلغ 15199.90 جنيهًا (خمسة عشر ألفًا ومائة وتسعة وتسعين جنيهًا، وتسعين قرشا) مخالفًا لصحيح حكم القانون مما يتعين معه الحكم بأحقية الطاعن فى استرداد ذلك المبلغ ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه .
ومن حيث إنه عن طلب التعويض عن الأضرار التى أصابت الطاعن والتى حصرها الطاعن فى احتباس الجهة الإدارية لمبلغ غرامه التأخير، وتعطيل الأعمال المسندة إليه طوال المدة من 22/6/1989 حتى 19/8/1991. وما أصابه من ضرر مادى وأدبى من جراء ذلك.
فإنه بالنسبة إلى احتباس الجهة الإدارية لمبلغ 15199.90 جنيها وهو غرامه التأخير والتى قضى بأحقية الطاعن فى استردادها، فإن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن التأخير فى سداد مبلغ من النقود معلوم المقدار وواجب الأداء بما أجبر الدائن على اللجوء إلى القضاء للمطالبة به فإن الدائن تستحق له فى هذه الحالة الفوائد القانونية كتعويض قانونى مقررًا طبقًا لأحكام المادة 226 من القانون المدنى.
ولما كان المبلغ المقضى به معينًا ومعلوم المقدار، فمن ثَمَّ تستحق عليه فوائد قانونيه بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 24/4/1994 وحتى تمام السداد .
ومن حيث إنه قد ثبت خطأ الجهة الإدارية فى تعطيل تسلم الأعمال طوال المدة من 22/6/1989 حتى 19/8/1991 وترتب على ذلك إصابة الطاعن بأضرار تمثلت فى تحمله بعمالة المشروع طوال هذه المدة وإصابته بأضرار أدبية تمثلت فى سمعته التجارية وما شابها من اتهام نسب إليه بالتسبب فى التأخير فى إنجاز ما أسند إليه من أعمال فى المواعيد المقررة، وأن المحكمة تقدر التعويض الجابر لذلك بمبلغ 10000 جنيه ( عشرة آلاف جنيه ).
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المدعى عليه بصفته (المطعون ضده) بأن يؤدى إلى الطاعن مبلغًا مقداره 15199.90 جنيها والفوائد القانونية عن ذلك المبلغ بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، ومبلغًا مقداره 10000 جنيه (عشرة آلاف جنيه ) على سبيل التعويض .
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بحكم المادة (184) مرافعات .
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المدعى عليه بصفته (المطعون ضده) بأن يؤدى إلى المدعى (الطاعن) مبلغًا مقداره 15199.90 خمسه عشر ألفا ومائه وتسعه وتسعون جنيها، وتسعون قرشا” والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 24/4/1994 وحتى تمام السداد، ومبلغًا مقداره 10000 جنيه ” عشرة آلاف جنيه ” على سبيل التعويض وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن درجتى التقاضى .