جلسة 2من يوليو سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز.
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ود. محمد كمال الدين منير أحمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5360 لسنة 42 قضائية. عليا:
حدود سلطة مصلحة الجمارك فى تقدير قيمة البضائع المستوردة.
مصلحة الجمارك تتمتع وهى تتولى تقدير قيمة البضاعة المستوردة بسلطة تقديرية واسعة فلا تتقيد لزامًا بالفواتير والمستندات التى يقدمها صاحب البضاعة، ويكون للمصلحة معاينة البضاعة للتحقق من نوعيتها وقيمتها ومدى مطابقتها للبند الجمركى، والأصل أن تتم المعاينة داخل نطاق الدائرة الجمركية، كما يجوز إعادة المعاينة ما دامت البضاعة تحت رقابة المصلحة، بحيث لا يكون لها بعد ممارسة هذه السلطة التقديرية الواسعة فى معاينة البضاعة، ومطابقتها للبيان الجمركى، والمستندات المتعلقة به، والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشأها إلى غير ذلك مما يمكنها من تقدير ثمن البضاعة وتحديد التعريفة الجمركية الخاضعة لها وتسوية الضريبة والرسوم الجمركية على أساس ذلك وتحصيل الضريبة والإفراج عن البضاعة ــ أثر ذلك: لا يجوز لها معاودة النظر فى تقدير قيمة البضاعة مرة أخرى طالما كان بوسعها ذلك قبل الإفراج عنها، والقول بغير ذلك يؤدى إلى زعزعة الاستقرار فى المعاملات التجارية ويدفع المصلحة إلى التراخى فى أداء اختصاصها ــ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق 20/7/1991 أودع الأستاذ/ ناجى رشدى منصور (المحامى) بالنقض والإدارية العليا، بصفته وكيلاً عن الشركة الطاعنة، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن، قيد بجدولها بالرقم عاليه، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية فى الدعوى رقم 1296 لسنة 44ق بجلسة 5/10/1996، والقاضى فى منطوقه بعدم قبول طلب الإلغاء شكلاً، وبرفض طلب التعويض، وإلزام الشركة المدعية المصروفات .
وطلبت الشركة الطاعنة ــ للأسباب الواردة فى تقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء حكم محكمة أول درجة وبإلغاء قرار لجنة التحكيم الصادر بتاريخ 7/12/1988، وبأحقية الشركة الطاعنة فى الحصول على مبلغ 47و47479 جنيه، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانونى فى الطعن، ارتأت فى ختامه قبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعًا ، وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
وعينت جلسة 4/10/2004 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبجلسة 21/2/2005 قررت إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 2/4/2005، حيث نظرته على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم، مع التصريح بمذكرات خلال ثلاثة أسابيع.
وبجلسة اليوم صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 29/3/1990 أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 1296 لسنة 44ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، بطلب الحكم بقبولها شكلاً، وبإلغاء القرار الصادر من لجنة التحكيم العالى بمصلحة الجمارك فى 7/12/1988، مع ما يترتب على ذلك من آثار، بإلزامهم متضامنين برد 54143 جنيهًا، واحتياطيًا بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يؤدوا للشركة مبلغ 54143 جنيهًا على سبيل التعويض، مع إلزامهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وذكرت ــ شرحًا لدعواها ــ أنها كانت قد استوردت من إنجلترا رسالة خامات من الألياف الكيماوية مجمعة ومشكلة على هيئة ألواح لتقوية مقدمة ومؤخرة الأحذية، وكميتها 35000 كم2، وذلك بعد أن حصلت على الموافقة الاستيرادية، وقدمت إلى مصلحة الجمارك جميع المستندات اللازمة لإتمام الإجراءات الجمركية، وتحرر عنها شهادة الإجراءات رقم 8554 م .ع، حيث قامت مصلحة الجمارك بتطبيق البند 59/3/ ب بفئة 85%، فضلاً عن 20% رسم استهلاك، وإزاء ذلك تظلمت إلى لجنة التحكيم العالى التى أيدت قرار الجمارك، ونعت الشركة على هذا القرار مخالفته للقانون، ذلك أن لجنة الجمارك بالقاهرة قررت بعد معاينة العينات أن البند الجمركى الواجب التطبيق هو 39/2/د/6بفئة 30% وعلى هذا الأساس تم حساب تكلفة ثمن التوريد المحلى لشركة باتا، وترتب على ذلك تحميل الشركة مبلغ 39705 جنيهات ورسم استهلاك 14438 جنيهًا أى بإجمالى 54143 جنيهًا بغير مقتضى، مما يحق لها رد هذه المبالغ، واحتياطيًا بإلزام الإدارة بدفع المبلغ المذكور على سبيل التعويض فى فرض الرسوم الجمركية، خلافًا للتقدير والتطبيق الصحيح للتعريفة الجمركية، ولدى تحضير الدعوى قصر الحاضر عن الشركة الطاعنة التعويض على مبلغ 47و47479 جنيهًا.
وبجلسة 20/5/1996 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسًا على أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 7/12/1988 وخلت الأوراق مما يفيد إعلان الشركة به، إلا أن الشركة المدعية (الطاعنة ) قامت بتاريخ 10/12/1988 بسداد الرسوم الجمركية المقررة على شمول شهادة الإجراءات 8554م .ع وفقًا لما انتهت إليه لجنة التحكيم العالى، الأمر الذى يقطع بما لا جدال معه بعلم الشركة بالقرار المطعون فيه على نحو شامل لجميع محتوياته، وإذ أقيمت الدعوى بتاريخ 29/3/1990، فإنها تكون قد أقيمت بعد الميعاد المقرر لدعوى الإلغاء، ويتعين ــ والحالة هذه ــ القضاء بعدم قبول هذا الطلب.
كما أقامت المحكمة حكمها المطعون فيه فى شقه الخاص برفض طلب التعويض على أن القرار المطعون فيه صدر بعد أن قامت اللجنة المختصة بدراسة شمول شهادة الإجراءات رقم 8554م ع، والاطلاع على العينات القانونية للبضاعة محل الرسالة، وانتهت إلى تطبيق البندين الجمركيين 39/2/ د/6و39/3/ ب على شمول الرسالة، الأمر الذى يكون معه قرارها مطابقًا لأحكام القانون ومستخلصًا من الأوراق على نحو سائغ، وقد خلت الأوراق مما يفيد تنكب اللجنة إبان عملها لجادة الصواب أو إساءة استعمال السلطة، وبالتالى ينتفى ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية لمشروعية القرار، ومتعينًا رفض طلب التعويض لانهيار ركن الخطأ، دون الحاجة لبحث باقى أركان المسئولية، وإنه لا يحول دون ذلك طلب الشركة المدعية من ضرورة إلزام جهة الإدارة بتقديم ملف الموافقة الاستيرادية، ذلك أن ما تهدف إليه الشركة من تقديم الملف هو إثبات البند الجمركى الذى ارتأت اللجنة الجمركية للبنوك أنه واجب التطبيق على البضاعة محل الموافقة الاستيرادية، وهذا مردود عليه بأن قيام اللجنة الجمركية للبنوك بإثبات البند الجمركى على طلب الموافقة الاستيرادية إنما يتعلق بالناحية الاستيرادية، ولا يحول أو يغل يد مصلحة الجمارك عن تطبيق الإجراءات الجمركية المتطلبة قانونًا، وبصفة خاصة معاينة البضاعة المستوردة، وتطبيق البند الجمركى الذى تسفر عنه هذه المعاينة، وهى تتمتع فى هذا الشأن بسلطة تقديرية واسعة، ولم تقدم الشركة المدعية أو تثبت أن الجهة الإدارية قد أساءت استعمال سلطتها المقررة فى هذا الشأن أو انحرفت بها.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره وشَابَه الفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، فضلاً عن الخطأ فى تقدير وقائع الدعوى والقصور فى التسبيب، ذلك أن دفع الرسوم لا ينهض دليلاً على علم الشركة الطاعنة بالقرار المطعون فيه على نحو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، لأنها ما دفعت الرسوم الجمركية إلا رغبةً فى تفادى فرض تكاليف الأرضية اللازمة للبضاعة على الشركة، كما أن الحكم المطعون فيه أخطأ حين رفض القضاء للشركة الطاعنة بالتعويض، ذلك أنه سبق للجنة الجمركية المختصة بالقاهرة أن حددت ــ بعد مطالعة العينات وفاتورة الشراء ــ أن البند الجمركى المطبق هو 39/ ء/ د بفئة جمركية 30% وبدون رسم استهلاك، فكيف يتأتى للجمارك بعد ذلك أن تخضع جزءًا من الرسالة لبند جمركى فئته 85% + 20% على الرغم من أنه يتكون من الجزء ذاته الذى فرضت عليه بندًا جمركيًا 30% وكلا الجزءين يستخدمان فى غرض واحد وهو الأحذية وتقوية الحذاء على وجه الخصوص.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه حق والتزام صحيح حكم القانون حينما قضى بعدم قبول طلب الإلغاء شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وذلك للأسباب التى أقام عليها قضاءه، وتتخذها هذه المحكمة سببًا لحكمها، ومن ثَمَّ تحيل عليها تفاديًا للتكرار، وتقضى لذلك برفض الطعن، فى هذا الخصوص ودون أن ينال من ذلك ما ساقه الطاعن فى تقرير طعنه من أن قيامه بأداء الرسوم الجمركية المفروضة على الشركة لا يعدو فى ذاته قرينة على العلم بالقرار المطعون فيه وإنما كان لتفادى تحميله بمصاريف أرضية عن البضائع موضوع الطعن، إذ إن ذلك لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً لم يقم عليه دليل، فضلاً عن أن المادة (57) من قانون الجمارك رقم 66لسنة 1963 أوجبت فى حالة قيام نزاع بين الجمارك وصاحب البضاعة حول نوعها أو منشأها أو قيمتها إثبات هذا النزاع فى محضر وإحالته إلى حكمين يعين أحدهما الجمرك، ويعين الآخر صاحب البضاعة أو من يمثله، وكان الثابت أن قرار لجنة التحكيم العالى صدر بتاريخ 7/12/1988 وقام الطاعن بأداء الرسوم الجمركية فى 10/12 أن هذا التحكيم إنما شارك فيه من عينه الطاعن أو من يمثله مما يقطع بعلمه بالقرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض فإنه من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أنه يتعين لقيام مسئولية الجهة الإدارية عن القرارات الإدارية الصادرة عنها وجود خطأ من جانبها وأن يلحق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إنه عن ركن الخطأ، فإنه من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة، وعلى هدى من نصوص المواد (5و22و23و43و 50و57و58) من قانون الجمارك، المشار إليه، أن مصلحة الجمارك تتمتع وهى تتولى تقدير قيمة البضاعة المستوردة بسلطة تقديرية واسعة، فلا تتقيد لزامًا بالفواتير والمستندات التى يقدمها صاحب البضاعة، ويكون للمصلحة معاينة البضاعة للتحقق من نوعيتها وقيمتها ومدى مطابقتها للبند الجمركى، والأصل أن تتم المعاينة داخل نطاق الدائرة الجمركية، كما يجوز إعادة المعاينة ما دامت البضاعة تحت رقابة المصلحة، بحيث لا يكون لها بعد ممارسة هذه السلطة التقديرية الواسعة فى معاينة البضاعة ومطابقتها للبيان الجمركى والمستندات المتعلقة به والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشأها، إلى غير ذلك مما يمكنها من تقدير ثمن البضاعة وتحديد التعريفة الجمركية الخاضعة لها وتسوية الضريبة والرسوم الجمركية على أساس ذلك وتحصيل الضريبة والإفراج عن البضاعة ــ لا يجوز لها معاودة النظر فى تقدير قيمة البضاعة مرة أخرى طالما كان بوسعها ذلك قبل الإفراج عنها، والقول بغير ذلك يؤدى إلى زعزعة الاستقرار فى المعاملات التجارية ويدفع المصلحة إلى التراخى فى أداء اختصاصها.
ومن حيث إنه ولئن كانت اللجنة الجمركية للبنوك قد أثبتت على طلب الموافقة الاستيرادية فئة البند الجمركى للبضاعة موضوع هذه الموافقة إلا أنه تلاحظ للمصلحة لدى معاينتها البضاعة المستوردة أنها تخضع لبندين جمركيين ، وهو ما يدخل فى نطاق اختصاصها المقرر قانونًا، فمن ثَمَّ يكون قرارها ــ وقد خلت الأوراق مما يفيد وجود خطأ فى جانبها أو إساءة استعمال السلطة المخولة لها ــ قد صدر متفقًا وصحيح حكم القانون على نحو ما استظهره وبحق الحكم المطعون فيه، وبالتالى ينتفى ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة، وبالتالى يتعين رفض طلب التعويض دون حاجة لبحث باقى أركان المسئولية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بهذه الوجهة من النظر، فمن ثَمَّ يكون قد صدر متفقًا وصحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه جديرًا بالرفض وهو ما تقضى به هذه المحكمة.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.