جلسة الأربعاء الموافق 30 من سبتمبر سنة 2015
برئاسة السيد القاضي الدكتور / عبدالوهاب عبدول – رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد عبدالرحمن الجراح و د. أحمد الصايغ.
( 39 )
الطعن رقم 542 لسنة 2014 إداري
(1) دستور. قانون” تطبيقه”. عمل. قوات مسلحة.
– حق المواطن في اختيار عملة أو مهنته أو حرفته . المادة 34/1 من الدستور.
– المرجعية التشريعية لتنظيم حق المواطن بالخدمة بالقوات المسلحة. يخضع للقانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2004 بشأن خدمة الافراد في القوات المسلحة. دون غيرها من التشريعات المدنية.
(2) قوات مسلحة. استقالة. مصلحة عامة. حكم” تسبيب سائغ”. نقض” مالا يقبل من الأسباب”.
– سلطة القوات المسلحة بقبول أو رفض استقالة بعض أفرادها. مشروط. بتحقيق المصلحة العامة وما يقتضيه حسن سير مرفق القوات المسلحة.
– مثال.
(3) نقض” اسباب الطعن”.” تحديدها”.
– وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً.
ـــــــ
1- لما كان من المقرر في نص المادة (34/1) من دستور دولة الاتحاد على أن (( كل مواطن حر في اختيار عمله أو مهنته أو حرفته في حدود القانون وبمراعاة التشريعات المنظمة لبعض هذه المهن و الحرف …)) – يدل على أن ممارسة الحقوق الدستورية ومنها حق المواطن في اختيار عمله أو مهنته أو حرفته ، رهن بتنظيم هذا الحق تنظيما تشريعيا . وإذ كان القانون الاتحادي (7) لسنة 2004 بشأن خدمة الأفراد في القوات المسلحة وما صدر تنفيذا لأحكامه من لوائح وقرارات وأوامر ، هي بمثابة الإطار التنظيمي التشريعي لحق خدمة المواطن في القوات المسلحة ، فإن المرجعية التشريعية لتنظيم هذا الحق تكون لتلك التشريعات دون غيرها من تشريعات الخدمة المدنية. وإذ طبق الحكم المطعون فيه على واقعة النزاع النصوص الناظمة لهذا الحق ، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون .
2- لما كان من المقرر قانوناً أن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة من أن رفض قبول استقالة بعض أفراد القوات المسلحة ليس المقصود منه تخويل القيادة العامة للقوات المسلحة سلطة استعمال هذه الرخصة دون قيد أو شرط أو تعقيب ، بل إن استعمالها منوط بأن يكون في حدود المصلحة العامة وما يقتضيه حسن سير مرفق القوات المسلحة ، فإن حادت عن حدود المصلحة العامة جاز مخاصمة قرارها بدعوى الإلغاء . لما كان ذلك و كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن أنه أفصح بجلاء عن ظروف وملابسات قرار المطعون ضدها بعدم قبول طلب استقالة الطاعن بما ينم أن موقفها انطلق من حقيقة أن مصلحة القوات المسلحة وحسن سير العمل بها يقتضي الاحتفاظ بالطاعن لديها لما يتمتع به من مهارة وخبرة كمدرب معدات إنقاذ ، وهو يكفي لإظهار وجه المصلحة في القرار وسببه ويقيل الحكم من شائبة القصور ، خاصة وأن الطاعن لم يقدم أي دليل على تعسف جهة الإدارة ( المطعون ضدها ) أو إساءة في استعمال سلطتها ، سوى الاكتفاء في طلب استقالته بأنه يرغب في ترك العمل لعدم حصوله على راتب مجز أو ترقية ، ولتوفر فرص ووظائف بامتيازات أفضل ، وهي أسباب لاتنهض لأن تكون دليلا على تعسف الإدارة في سلطتها.
3- لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة ، أنه يجب أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان بالأسباب التى بنى عليها الطعن ، مما مؤداه وجوب بيان الطاعن لسبب طعنه بيانا كاشفا عن المقصود منه كشفا وافيا نافيا عنه الغموض و الجهالة بحيث يبين منه العيب الذي يعزوه إلى الحكم المطعون فيه وأثر ذلك العيب في قضائه . لما كان ذلك وكان ما ساقه الطاعن في نعيه السالف بيانه ، لايبين منه العيب الذي يعزوه تحديدا إلى الحكم المطعون فيه وموضعه وأثره في قضائه ، حتى تتمكن المحكمة الاتحادية العاليا من بسط رقابتها القانونية عليه ، ومن ثم فإن النعي الوارد بهذا السبب يكون مجهلا ومن ثم غير مقبول .
ــــــــ
حيث إن الوقائع – على مايبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن أقام دعواه الابتدائية رقم 127 لسنة 2014 إداري كلي أبوظبي اختصم فيها المطعون ضدها طلبا لإلزامها بقبول استقالته مع حفظ حقوقه المالية المترتبة عن فترة خدمته لديها . على سند من أنه من منتسبي المطعون ضدها منذ 30/8/1997 ، وأنه تقدم اليها بطلب الاستقالة من الوظيفة ، إلا أنها امتنعت عن قبولها رغم مرور المدة المحددة قانونا للرد على طلب الاستقالة ودون مبرر واقعي أو قانوني ، مما يشكل تعسفا من جانب جهة عمله لامتناعها عن إصدار. قرار قبول الاستقالة ، وأنه ولما لم تفلح المطالبات و المراجعات الإدارية ، فقد أقام دعواه سالفة الذكر بطلباته آنفة البيان . ومحكمة اول درجة قضت حضوريا في 28/5/2014 برفض الدعوى ، فاستأنفه بالاستئناف رقم 121 لسنة 2014 إداري أبوظبي . ومحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية قضت بجلسة 21/7/2014 بالتأييد ، فأقام الطاعن طعنه المطروح الذي نظرته الدائرة في غرفة مشورة فرأت جدارته بالنظر في جلسة فتم نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات ، وتحدت جلسة اليوم للنطق بالحكم .
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون و الخطأ في تطبيقه حينما طبق القانون رقم (7) لسنة 2004 بشأن خدمة الأفراد بالقوات المسلحة في رفضه لطلب الاستقالة . حال أن المادة (34) من دستور الاتحاد تقضي بحرية المواطن في اختيار عمله أو مهنته أو حرفته ، وتحظر إجباره على العمل ، وحال أن المادة (104/2) من قانون الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية تعتبر الإستقالة مقبولة حكما في حال عدم اتخاذ قرار بشأنها وإبلاغ الموظف بها خطيا خلال اسبوعين . وهو ما خالفه الحكم المطعون فيه مما يعيبه بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في غير محله ، ذلك أن النص في المادة (34/1) من دستور دولة الاتحاد على أن (( كل مواطن حر في اختيار عمله أو مهنته أو حرفته في حدود القانون وبمراعاة التشريعات المنظمة لبعض هذه المهن و الحرف …)) – يدل على أن ممارسة الحقوق الدستورية ومنها حق المواطن في اختيار عمله أو مهنته أو حرفته ، رهن بتنظيم هذا الحق تنظيما تشريعيا . وإذ كان القانون الاتحادي (7) لسنة 2004 بشأن خدمة الأفراد في القوات المسلحة وما صدر تنفيذا لأحكامه من لوائح وقرارات وأوامر ، هي بمثابة الإطار التنظيمي التشريعي لحق خدمة المواطن في القوات المسلحة ، فإن المرجعية التشريعية لتنظيم هذا الحق تكون لتلك التشريعات دون غيرها من تشريعات الخدمة المدنية . وإذ طبق الحكم المطعون فيه على واقعة النزاع النصوص الناظمة لهذا الحق ، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويغدوالنعي المثار بهذا السبب في غير محله .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب و الفساد في الاستدلال إذ لم يبين وجه المصلحة العامة في قرار رفض الاستقالة أو سبب القرار وذلك على ضوء الوضع الوظيفي للطاعن من حيث أنه أكمل المدة المحددة بالعقد المبرم بينه وبين المطعون ضدها والمحدد بعشر سنوات ، ووجود البديل عنه وعدم ندرة تخصصه الفني . الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور المبطل الوجب للنقض .
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مستقر عليه في قضاء هذه المحكمة من أن رفض قبول استقالة بعض أفراد القوات المسلحة ليس المقصود منه تخويل القيادة العامة للقوات المسلحة سلطة استعمال هذه الرخصة دون قيد أو شرط أو تعقيب ، بل إن استعمالها منوط بأن يكون في حدود المصلحة العامة وما يقتضيه حسن سير مرفق القوات المسلحة ، فإن حادت عن حدود المصلحة العامة جاز مخاصمة قرارها بدعوى الإلغاء . لما كان ذلك و كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن أنه أفصح بجلاء عن ظروف وملابسات قرار المطعون ضدها بعدم قبول طلب استقالة الطاعن بما ينم أن موقفها انطلق من حقيقة أن مصلحة القوات المسلحة وحسن سير العمل بها يقتضي الاحتفاظ بالطاعن لديها لما يتمتع به من مهارة وخبرة كمدرب معدات إنقاذ ، وهو يكفي لإظهار وجه المصلحة في القرار وسببه ويقيل الحكم من شائبة القصور ، خاصة وأن الطاعن لم يقدم أي دليل على تعسف جهة الإدارة ( المطعون ضدها ) أو إساءة في استعمال سلطتها ، سوى الاكتفاء في طلب استقالته بأنه يرغب في ترك العمل لعدم حصوله على راتب مجز أو ترقية ، ولتوفر فرص ووظائف بامتيازات أفضل ، وهي أسباب لاتنهض لأن تكون دليلا على تعسف الإدارة في سلطتها ، مما يجعل النعي الوارد بهذا السبب في غير محله .
وحيث إن الطاعن ساق نعيه بالسبب الثالث من أسباب الطعن على نحو أن الحكم المطعون فيه أخل بالحق الذي كفله الدستور لحماية المواطن ، ذلك أنه وإن كان الهدف الأساسي من القرار الإداري حماية الصالح العام للمواطنين وتوفير الأمن النفسي لهم ، فإن قرار رفض طلب الاستقالة أدى إلى خلاف ذلك الهدف ، إذ طلبت زوجته الطلاق لضيق اليد ، خاصة وأنه العائل الوحيد لأبويه . وهو مالم يفطنه الحكم المطعون فيه مما يعيبه بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة ، أنه يجب أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان بالأسباب التى بنى عليها الطعن ، مما مؤداه وجوب بيان الطاعن لسبب طعنه بيانا كاشفا عن المقصود منه كشفا وافيا نافيا عنه الغموض و الجهالة بحيث يبين منه العيب الذي يعزوه إلى الحكم المطعون فيه وأثر ذلك العيب في قضائه . لما كان ذلك وكان ما ساقه الطاعن في نعيه السالف بيانه ، لايبين منه العيب الذي يعزوه تحديدا إلى الحكم المطعون فيه وموضعه وأثره في قضائه ، حتى تتمكن المحكمة الاتحادية العاليا من بسط رقابتها القانونية عليه ، ومن ثم فإن النعي الوارد بهذا السبب يكون مجهلا ومن ثم غير مقبول .