جلسة 2 من يوليو سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 5467 لسنة 46 القضائية عليا.
– شئون الطلاب– تصحيح الامتحانات– رقابة القضاء عليها.
تصحيح أوراق الإجابة في الامتحانات من الأمور الفنية التي تستقل بها الجهة الإدارية بأجهزتها المتخصصة، وتترخص في تقييمها طبقا للضوابط والمعايير الفنية والعلمية التي تعد من صميم اختصاصها بلا معقب عليها من القضاء الإداري، إلا إذا كان هذا التقدير مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، أو إذا شاب عملية التصحيح خطأ مادي في جمع الدرجات أو رصدها أو نقلها- في غير تلك الحالات لا يجوز للقضاء أن يحل نفسه محل جهة الإدارة في تقييم إجابة الطالب وما يستحق عنها من درجة؛ حتى لا يؤدي ذلك إلى تدخل القضاء في أمور فنية تقديرية من اختصاص الجهة الإدارية بحسبانها المنوط بها أمر التصحيح– لا محل لإجابة الطالب إلى طلبه بتشكيل لجنة محايدة لإعادة تصحيح أوراق إجابته ما دامت لم تتوفر لدى المحكمة الحاجة إلى تشكيل هذه اللجنة.
– شئون الطلاب– تصحيح الامتحانات– قواعد الرأفة.
جرى العمل في نهاية كل عام جامعي وقبل إعلان نتيجة الامتحان على أن تضع لجنة الامتحانات ما يسمى بقواعد التيسير أو الرأفة، وذلك بمنح الطالب الراسب بعض الدرجات لإقالته من عثرته وتغيير حالته من راسب إلى ناجح بدون مواد أو بمادة أو اثنتين، وذلك وفقا لشروط وضوابط معينة تحددها، وتبعا لظروف الامتحان؛ لمعالجة فوارق التقدير بين المصححين في كل عام– قواعد الرأفة تعد بهذه المثابة قواعد استثنائية تختلف من كلية إلى أخرى ومن فرقة إلى أخرى ومن عام إلى آخر حسب نتيجة الامتحان– مؤدى ذلك: لا يجوز القياس على هذه القواعد أو التوسع في تفسيرها، حيث تترخص كل كلية في وضعها وتحديد مناط تطبيقها بمقتضى سلطتها التقديرية بلا معقب عليها، طالما جاءت هذه القواعد في صيغة عامة مجردة مستهدفة تحقيق المصلحة العامة، وطالما أنها تطبق على كافة الطلبة بغير استثناء، ولا يترتب على إعمالها أية مفارقات شاذة أو مساس بالمراكز القانونية الذاتية المستقرة– يحد هذه القواعد في النهاية القيد العام للسلطة التقديرية بألا تكون مشوبة بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها– تطبيق.
في يوم الأربعاء الموافق 19/4/2000 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 203 لسنة 54 ق بجلسة 22/2/2000 الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقاً للثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً والزام الطاعن المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات ثم قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره. ونفاذاً لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة ونظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً .
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 7/10/1999 أودع الطاعن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة صحيفة الدعوى رقم 203 لسنة 54 ق طالباً في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار إعلان رسوب ابنه/ … في الفرقة الإعدادية بكلية الصيدلة جامعة القاهرة في العام الدراسي 98/1999 وفصله منها، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها اعتباره ناجحاً في هذه الفرقة ومنقولاً إلى الفرقة الأولى محملاً بمادتي الفيزياء والنبات، وبصفة احتياطية: إعادة تصحيح أوراق الإجابة في مواد الرسوب بمعرفة لجنة محايدة من إحدى كليات العلوم بالجامعات المصرية مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعي شرحاً لدعواه أن نجله المذكور نجح بتفوق في الثانوية العامة بمجموع 101% والتحق بكلية الصيدلة خلال العام الجامعي 97/1998 (إعدادي) ونظرا إلى أن أحد أقاربه كان عميدا لهذه الكلية فقد رسب الطالب في هذا العام في جميع المواد وذلك تصفية للحسابات، ودخل الامتحان في العام الدراسي التالي 98/1999 ورسب في الفصل الدراسي الأول في جميع المواد عدا مادة الكيمياء فنجح فيها فقط، وفي الفصل الدراسي الثاني رسب في جميع الموادـ، فتظلم وطلب زيادة درجات الرأفة المستحقة له بمقدار ثلاث درجات إضافية من 36 درجة حتى 39 درجة حتى تصبح نتيجته: “ناجح ومنقول للفرقة الأعلى بمادتي تخلف” أسوة بزملاء له في العام السابق.
ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفة القانون ومبدأ تكافؤ الفرص وعدم تصحيح أوراق اجابته بدقة.
وبجلسة 22/2/2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه تأسيساً على سلامة عملية تصحيح أوراق إجابة نجل المدعي، وعدم وجود أي أخطاء في هذه العملية، وأن إعمال قواعد الرأفة بشأنه لا يغير من حالته ولا تسعفه ليصبح ناجحاً بمواد تخلف، وأنه لا يجوز تطبيق قواعد رأفة في سنة سابقة على حالته، وأنه لا وجه للمقارنة بينه وبين أحد زملائه بشأن إعمال قواعد الرأفة؛ حيث إن الزميل المستشهد به تسعفه قواعد الرأفة ويترتب على إعمالها بشأنه تغير حالته.
ومن حيث جرى قضاء هذه المحكمة على أن عملية تصحيح أوراق الإجابة في الامتحانات هي من الأمور الفنية التي تستقل بها الجهة الإدارية بأجهزتها المتخصصة وتترخص في تقييمها طبقاً للضوابط والمعايير الفنية والعلمية التي تعد من صميم اختصاصها بلا معقب عليها من القضاء الإداري إلا إذا كان هذا التقدير مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، أو شاب عملية التصحيح خطأ مادي في جمع الدرجات أو رصدها أو نقلها، أما في غير تلك الحالات فلا يجوز للقضاء أن يحل نفسه محل جهة الإدارة في تقييم إجابة الطالب وما يستحق عنها من درجة حتى لا يؤدي ذلك إلى تدخل القضاء في أمور فنية تقديرية من اختصاص الجهة الإدارية بحسبانها المنوط بها أمر التصحيح.
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أنه جرى العمل في نهاية كل عام جامعي وقبل إعلان نتيجة الامتحان على أن تضع لجنة الامتحانات ما يسمى بقواعد التيسير أو الرأفة وذلك بمنح الطالب الراسب بعض الدرجات لإقالته من عثرته وتغيير حالته من راسب إلى ناجح بدون مواد أو بمادة أو اثنتين (تخلف) ينقل بها إلى الفرقة الأعلى، وذلك وفق شروط وضوابط معينة تحددها وتبعاً لظروف الامتحان لمعالجة فوارق التقدير بين المصححين في كل عام، فهي بهذه المثابة تكون قواعد استثنائية تختلف من كلية إلى أخرى ومن فرقة لأخرى ومن عام لآخر حسب نتيجة الامتحان فيه، إذن بالنظر إلى طبيعتها الاستثنائية لا يجوز القياس عليها أو التوسع في تفسيرها، حيث تترخص كل كلية في وضع تلك القواعد وتحديد مناط تطبيقها بمقتضى سلطتها التقديرية بلا معقب عليها ما دامت هذه القواعد قد جاءت في صيغة عامة مجردة مستهدفة تحقيق المصلحة العامة، وتطبق على طلبة الكلية كافة بغير استثناء، احتراماً للمبادئ الدستورية في المساواة وتكافؤ الفرص، ما دام إعمالها لا تترتب عليه أية مفارقات شاذة عند تطبيقها أو المساس بالمراكز القانونية الذاتية المستقرة ويحدها في النهاية القيد العام للسلطة التقديرية بألا تكون مشوبة بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها.
ومن حيث إنه بإنزال ما تقدم على وقائع الطعن وبالقدر اللازم للفصل في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن الثابت بالأوراق وحسبما انتهى الحكم المطعون فيه وبحق إلى أن تصحيح أوراق الطالب نجل الطاعن في إعدادي صيدلة تمت صحيحة وفق الأصول الفنية لعملية التصحيح، وكان تقدير درجات الإجابة خاضعاً للسلطة التقديرية للمصححين، ولم يشب هذه العملية أي خطأ في جمع ورصد ونقل الدرجات أو سهو في تصحيح إجابة بعض الأسئلة أو أي جزء منها، ولم يثبت شئ من ذلك عكس ما ذهب إليه الطاعن في تقرير الطعن والذي جاءت أقواله في هذا الشأن مرسلة لا يؤيدها دليل أو واقع بالأوراق، فضلاً عن خلو تلك الأوراق مما يقطع بإساءة الجهة الإدارية لسلطتها في عملية التصحيح، لا سيما وأن هذا العيب من العيوب القصدية التي يجب إقامة الدليل عليه بالأوراق. أما ما أثاره الطاعن من أن رسوب نجله في الامتحان كان تصفية حسابات مع أحد أقاربه الذي كان عميداً سابقاً لهذه الكلية فقد خلت الأوراق من شئ من ذلك، فضلاً عن أن الجهة الإدارية في معرض ردها على ذلك القول أفادت بأنها لم تكن تعلم بهذا الأمر كما أن هذا العميد كانت علاقته طيبة بالجميع.
أما عن درجات الرأفة فإن الطاعن بإقراره في صحيفة الدعوى فإن نجله يستحق 36 درجة رأفة غير أنها لا تعينه على النجاح والانتقال للفرقة الأعلى بمادتي تخلف؛ حيث إنه يحتاج إلى ثلاث درجات أخرى إضافة إلى تلك الدرجات، وهو أمر غير جائز قانونا، حيث لا يجوز منح الطالب درجات رأفة بصفة استثنائية بخلاف تلك الدرجات المقررة. ولا يجوز الاستشهاد بأحد الزملاء حيث إن هذه القواعد الاستثنائية تطبق على كل حالة على حدة بصفة عامة مجردة، وإذا كانت تلك الدرجات تغير حالة الزميل فإنها تطبق عليه أما نجل الطاعن فإن منحه هذه الدرجات لا تتغير حالته به.
أما عن المستندات المطلوبة فإن الجهة الإدارية قدمت ما لديها من مستندات ترى المحكمة كفايتها لتكوين عقيدتها حيث قدمت صورة معتمدة طبق الأصل من أوراق الإجابة ومن بيان الدرجات في جميع المواد ومن النتيجة النهائية، ولا ترى المحكمة الحاجة إلى مستندات أخرى، كما لا يجوز إجابة الطاعن إلى طلبه بتشكيل لجنة محايدة لإعادة تصحيح تلك الأوراق حيث لم تتوافر لدى المحكمة الحاجة في هذه الحالة لتشكيل هذه اللجنة لسلامة أعمال التصحيح على النحو سالف البيان.
ومن حيث انتهى الحكم المطعون إلى ذات النتيجة فإنه يكون صحيحا، ويكون الطعن عليه في غير محله جديرا بالرفض، وإلزام الطاعن المصروفات باعتباره قد خسر الطعن وذلك عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.