جلسة 26 من ديسمبر سنة 2010
الطعن رقم 5551 لسنة 53 القضائية عليا
(الدائرة السابعة)
المستشفيات الجامعية– التعيين في وظيفة زميل– أوجب المشرع معادلة وظائف (استشاري) و(استشاري مساعد) و(زميل) بالمستشفيات الجامعية بوظائف أعضاء هيئة التدريس بالجامعات– التعيين في هذه الوظائف يتم طبقا لقواعد وإجراءات تعيين أعضاء هيئة التدريس بالجامعات– سلطة جهة الإدارة التقديرية تنعقد عند التعيين في وظيفة (مدرس)، التي تعادلها وظيفة (زميل)، في حالة خلو القسم من المدرسين المساعدين المستوفين لشروط التعيين في وظيفة مدرس، وتنحسر في حالة وجود مدرسين مساعدين مستوفين لهذه الشروط، حيث يكون التعيين بمثابة تسوية واجبة التطبيق على كل من تتوافر فيه شروطه، وليس تعيينا مبتدأ جوازيا للسلطة المختصة.
-المادة (68) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972.
-المادتان (1) و (2) من القانون رقم 115 لسنة 1993 في شأن معاملة الأطباء والصيادلة وأخصائيي العلاج الطبيعي والتمريض وغيرهم من ذوي التخصصات الأخرى الحاصلين على درجة الدكتوراه بالمستشفيات الجامعية، المعاملة المقررة لشاغلي الوظائف المعادلة من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات.
في يوم الأحد الموافق 28/1/2007 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد تحت رقم 5551 لسنة 53 ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري– الدائرة الثالثة بأسيوط بجلسة 29/11/2006 في الدعوى رقم 9525 لسنة 15ق، الذي قضى بعدم قبول الطلب الأصلي للمدعي لانتفاء القرار الإداري، وبقبول طلبه الاحتياطي شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه –وللأسباب الواردة به– الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقيته في التعيين بوظيفة زميل بكلية الطب جامعة المنيا– قسم الجراحة، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وتدوول الطعن أمام الدائرة السابعة فحص بالمحكمة الإدارية العليا التي قررت بجلسة 17/2/2010 إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة موضوع بذات المحكمة وتدوول الطعن بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 11/8/2004 أقام الطاعن الدعوى رقم 9525 لسنة 15ق أمام محكمة القضاء الإداري– الدائرة الثالثة بأسيوط، وطلب في ختام عريضتها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبصفة أصلية بوقف تنفيذ قرار جامعة المنيا السلبي بالامتناع عن تعيينه في وظيفة زميل بكلية الطب بالجامعة، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار. وبصفة احتياطية: بوقف تنفيذ القرار الصادر عن رئيس جامعة المنيا بتعيين الدكتور/ … مدرسا بقسم الجراحة بالكلية، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وأحقيته (الطاعن) في شغل هذه الوظيفة. وإلزام الجامعة المصروفات في جميع الحالات.
وقال الطاعن شرحاً لدعواه: إنه يشغل وظيفة أخصائي جراحة ثان بالمستشفى الجامعي بجامعة المنيا، وقد حصل على درجة الدكتوراه في الجراحة العامة من جامعة المنيا في 20/7/2003 وتقدم للتعيين بوظيفة مدرس بقسم الجراحة بالكلية، وتمت الموافقة على طلبه من جانب مجلس القسم ومجلس الكلية، وبعرض الأمر على رئيس الجامعة أرجأ الموضوع، ثم فوجيء بموافقة مجلس الجامعة بجلسته المنعقدة بتاريخ 25/5/2004 على تعيين الدكتور/… مدرسا بقسم الجراحة نقلا من وظيفة مدرس مساعد بقسم التشريح، وذلك بالمخالفة لحكم المادة 145 من قانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972 وتعديلاته، فضلا عن أنه يحق له شغل وظيفة زميل إعمالاً لأحكام القانون رقم 115 لسنة 1993 في شأن معاملة الأطباء والصيادلة وأخصائيي العلاج الطبيعي والتمريض وغيرهم من ذوي التخصصات الأخرى الحاصلين على الدكتوراه بالمستشفيات الجامعية، المعاملة المقررة لشاغلي الوظائف المعادلة من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، وقد تظلم إلى جهة الإدارة ولم ترد على تظلمه، فلجأ إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات المختصة التي أصدرت قرارها بعدم القبول، مما حداه على إقامة دعواه للحكم له بطلباته سالفة الذكر.
……………………………………………………………………………
وبجلسة 29/11/2006 حكمت محكمة القضاء الإداري بأسيوط– الدائرة الثالثة بعدم قبول طلب المدعي الأصلي لانتفاء القرار الإداري، وبقبول طلبه الاحتياطي شكلاً ورفضه موضوعا وألزمت المدعي المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أنه بالنسبة لطلب المدعي الأصلي – والمتمثل في طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار الجامعة المدعى عليها بالامتناع عن تعيينه في وظيفة زميل وما يترتب على ذلك من آثار– فإنه من المقرر أنه يتعين لقيام القرار السلبي أن يكون ثمة إلزام على الجهة الإدارية باتخاذ قرار معين، فإذا لم يكن إصدار القرار واجبا عليها فإن امتناعها عن إصداره لا يشكل قراراً سلبياً مما يقبل الطعن بالإلغاء. ولما كان التعيين بالوظيفة العامة يعد أمرا جوازيا للسلطة المختصة على وفق ما تراه وفي التوقيت الذي تقدره، فمن ثم لا يكون في الواقعة الماثلة أي امتناع من الجامعة المدعى عليها عن تعيين المدعي بالوظيفة المطعون عليها، الأمر الذي يكون معه طلبه في هذا الشأن حريا بعدم القبول لانتفاء القرار الإداري.
ولا ينال من ذلك ما أثاره المدعي من سبق موافقة مجلس القسم ومجلس الكلية على تعيينه؛ إذ إن تلك مجرد إجراءات تمهيدية لا يترتب عليها إلزام بتعيينه.
وعن الطلب الاحتياطي بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 688 لسنة 2004 فإنه طبقاً لحكم المادة 68 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 فإن التعيين في وظائف المدرسين الشاغرة يجرى دون إعلان من بين المدرسين المساعدين والمعيدين في ذات الكلية أو المعهد، فإذا لم يوجد من هؤلاء من هو مؤهل لشغلها فيجرى الإعلان عنها، والثابت أن القرار الطعين صدر بتعيين أحد المدرسين المساعدين في قسم الجراحة بكلية طب المنيا وهو الدكتور/ … ومن ثم لا يكون للمدعي الذي يعمل أخصائيا بمستشفى الجامعة أن ينافس المطعون عليه في شغل الوظيفة ولا يحق له مزاحمته في هذا الشأن، ويكون طلب إلغاء هذا القرار مفتقدا سنده القانوني حرياً برفضه.
……………………………………………………………………………
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وشابه التناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال؛ ذلك أنه قد استند في طلبه للتعيين في وظيفة (زميل) إلى أحكام القانون رقم 115 لسنة 1993 التي توجب التعيين في هذه الوظيفة للأطباء العاملين في المستشفيات الجامعية الحاصلين على درجة الدكتوراه، وليس الأمر جوازيا لجهة الإدارة في هذا الشأن كما انتهى الحكم الطعين، كما أن هذا الحكم لم يتطرق لملابسات الدعوى بشكل واضح وانصبت أسبابه على الرد على الطلب الاحتياطي دون الطلب الأصلي.
وخلص الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة الذكر.
……………………………………………………………………………
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 115 لسنة 1993 في شأن معاملة الأطباء والصيادلة وأخصائيي العلاج الطبيعي والتمريض وغيرهم من ذوي التخصصات الأخرى الحاصلين على درجة الدكتوراه بالمستشفيات الجامعية، المعاملة المقررة لشاغلي الوظائف المعادلة من أعضاء هيئات التدريس بالجامعات، تنص على أن: “تنشأ بالمستشفيات التابعة للجامعات الخاضعة لأحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 وظائف (استشاري) و (استشاري مساعد) و (زميل)، يعين فيها الأطباء والصيادلة وأخصائيو العلاج الطبيعي وأخصائيو التمريض وغيرهم من ذوي التخصصات الأخرى من الحاصلين على درجة الدكتوراه أو ما يعادلها من إحدى الجامعات المصرية في تخصص يؤهله لشغل الوظيفة، أو من الحاصلين من جامعة أخرى أو هيئة علمية أو معهد علمي معترف به في مصر أو في الخارج على درجة يعتبرها المجلس الأعلى للجامعات معادلة لذلك، مع مراعاة أحكام القوانين واللوائح المعمول بها.
وتعادل الوظائف المشار إليها بوظائف أعضاء هيئة التدريس بالجامعات طبقا للجدول المرفق. ويجوز بقرار جمهوري وبعد موافقة المجلس الأعلى للجامعات ومجلس الجامعة المختصة إنشاء هذه الوظائف بالوحدات ذات الطبيعة الخاصة والمتماثلة وطبقاً لمقتضيات العمل في الجامعات”.
وتنص المادة الثانية من القانون المشار إليه على أن: “يكون شغل الوظائف المنصوص عليها في المادة السابقة وفقاً للقواعد والإجراءات المعمول بها بالنسبة لشاغلي وظائف أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، طبقا للقانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه ولائحته التنفيذية “.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن المشرع تشجيعا للبحث العلمي وتقدم العمل الفني بالمستشفيات الجامعية، سواء من الناحية التعليمية أو الإكلينيكية، قضى بإنشاء وظائف (استشاري) و (استشاري مساعد) و (زميل) بالمستشفيات الجامعية، يعين عليها الأطباء والصيادلة وأخصائيو العلاج الطبيعي وأخصائيو التمريض وغيرهم من ذوي التخصصات الأخرى التي تدخل في وظيفة المستشفيات الأساسية كوحدات لعلاج الأمراض، من الحاصلين على درجة الدكتوراه أو ما يعادلها، سواء الموجود منهم بالخدمة عند العمل بالقانون أو من يجرى تعيينهم بهذه الجهات بعد ذلك، كما أجاز المشرع إنشاء هذه الوظائف في الوحدات ذات الطابع الخاص بالجامعات بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الأعلى للجامعات ومجلس الجامعة المختصة.
ومن حيث إن الصياغة التشريعية لأحكام القانون المشار إليه قد أوجبت إنشاء وظائف (استشاري) و (استشاري مساعد) و (زميل) يعين فيها الأطباء والصيادلة وأخصائيو العلاج الطبيعي والتمريض من الحاصلين على درجة الدكتوراه أو ما يعادلها، وذلك على النحو المبين تفصيلا بالنص سالف الذكر، كما أوجب المشرع معادلة هذه الوظائف بوظائف أعضاء هيئة التدريس بالجامعات طبقا للجدول المرافق، ومقتضاه معادلة وظيفة (زميل) بوظيفة (مدرس) ووظيفة (استشاري مساعد) بوظيفة (أستاذ مساعد) ووظيفة (استشاري) بوظيفة (أستاذ)، وأن يتم التعيين في هذه الوظائف طبقا لقواعد وإجراءات تعيين أعضاء هيئة التدريس بالجامعات.
ومن حيث إن المادة (68) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 تنص على أنه: “مع مراعاة حكم المادتين السابقتين يكون التعيين في وظائف المدرسين الشاغرة دون إعلان من بين المدرسين المساعدين أو المعيدين في ذات الكلية أو المعهد، وإذا لم يوجد من هؤلاء من هو مؤهل لشغلها فيجرى الإعلان عنها”.
ومن حيث إن حاصل ما تقدم أن المشرع قد حدد إجراءات التعيين في الوظائف الواردة بالقانون رقم 115 لسنة 1993 ومنها وظيفة زميل بذات الإجراءات المقررة للتعيين في وظيفة مدرس كأحد أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ويتم التعيين في الوظيفة دون إعلان مادام وجد من المدرسين المساعدين من هو مؤهل لشغل الوظيفة، وهو ما يُظهر بجلاء حدود سلطة جهة الإدارة التقديرية التي تنعقد في حالة خلو القسم من المدرسين المساعدين المستوفين لشروط التعيين في وظيفة مدرس، وتنحسر في حالة وجود مدرسين مساعدين مستوفين لهذه الشروط، وهو ما ينسحب بدوره على المخاطبين بأحكام القانون رقم 115 لسنة 1993 المشار إليه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن يشغل وظيفة (أخصائي جراحة عامة) بمستشفى المنيا الجامعي، وحصل على درجة الدكتوراه في الجراحة من كلية الطب جامعة المنيا بتاريخ 20/7/2003 ووافق مجلس قسم الجراحة العامة بالمستشفى الجامعي بالمنيا بجلسته المنعقدة بتاريخ 8/5/2004 على تعيينه في درجة (زميل)، و تم رفع هذه الموافقة إلى مجلس الكلية، إلا أنه لم يتم استكمال إجراءات تعيين المذكور في الوظيفة المشار إليها، واتخذت الجامعة المطعون ضدها مسلكا سلبيا تجاه تعيين الطاعن في وظيفة (زميل) التي يشترط لشغلها على وفق أحكام القانون رقم 115 لسنة 1993 المشار إليه شرطان: أولهما– أن يكون المخاطب بأحكامه من العاملين بإحدى المستشفيات الجامعية أو الوحدات التابعة لها، والثاني– أن يكون حاصلاً على درجة الدكتوراه في تخصص يؤهله لشغل الوظيفة.
ولما كان الشرطان المشار إليهما قد توافرا في شأن الطاعن باعتباره من العاملين بمستشفى المنيا الجامعي بوظيفة أخصائي جراحة عامة، وقد حصل على درجة الدكتوراه في الجراحة على وفق ما سلف بيانه، فإنه يضحى مؤهلا لشغل وظيفة (زميل)، وقد وافق مجلس القسم المختص على هذا التعيين، ومن ثم يضحى امتناع الجامعة المطعون ضدها عن تعيينه مخالفا لصحيح القانون؛ إذ تنحسر سلطتها التقديرية في هذه الحالة، ويكون متعينا عليها إعمالا لأحكام القانون رقم 115 لسنة 1993 تعيين المذكور في وظيفة (زميل)، مادامت قد توافرت في شأنه شروط التعيين فيها.
ولا مجال للقول في هذه الحالة بأن التعيين في الوظائف العامة يعد أمرا جوازيا للسلطة المختصة؛ ذلك أننا لسنا بصدد تعيين مبتدأ، وإنما هو بمثابة تسوية واجبة التطبيق على كل من تتوافر فيه شروطه، ويكون الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول هذا الطلب (الطلب الأصلي للمدعي) لانتفاء القرار الإداري غير قائم على سبب صحيح من القانون، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه، والقضاء مجددا بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بامتناع الجامعة المدعى عليها عن تعيين الطاعن بوظيفة (زميل) بقسم الجراحة العامة بمستشفى المنيا الجامعي.
ومن حيث إن إجابة الطاعن إلى طلبه الأصلي تغني عن التعرض للطلب الاحتياطي.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بامتناع الجامعة المدعى عليها عن تعيين الطاعن بوظيفة (زميل) بقسم الجراحة العامة بمستشفى المنيا الجامعي، وألزمت الجامعة المصروفات عن درجتي التقاضي.