جلسة 27 من مايو سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبدالرحمن اللمعى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على عطا الله، ومنير صدقى يوسف خليل، وعبدالكريم محمود صالح الزيات، وحسن سلامة أحمد محمود.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار م. / محمود شعبان حسين .
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ جمال طه المهدى.
أمين السر
الطعن رقم 5559 لسنة 45 قضائية عليا:
ـ اللجان القضائية ـ ما يخرج عن اختصاصها ـ منازعات تقدير التعويض عن الأراضى المستولى عليها.
المادة (13) مكررًا من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 مستبدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1971.
المشرع حدد ـ على سبيل الحصر ـ مجال اختصاص اللجان القضائية للإصلاح الزراعى وقصرها على المنازعات المتعلقة بتحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضى المستولى عليها أو التى تكون محلاً للاستيلاء وذلك لتعيين ما يجب الاستيلاء عليه وفقاً للقانون، ومن ثَمَّ فإن أى منازعة تخرج عن حدود هذه الاختصاصات لا يكون للجنة أية ولاية قضائية بشأنها ـ المنازعات الخاصة بتقدير التعويض عن الأراضى المستولى عليها طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعى ينعقد الاختصاص بها للقضاء الإدارى ـ تطبيق.
فى يوم السبت التاسع والعشرين من مايو سنة 1999 أودع الأستاذ/ أحمد كمال أبوالفضل، المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى القرار الصادر من اللجان القضائية للإصلاح الزراعى فى الاعتراض رقم 93/1986 بجلسة 5/4/1999 والقاضى (1) قبول الاعتراض شكلاً (2) رفض الدفع بعدم اختصاص اللجنة واختصاصها (3) رفض الاعتراض موضوعاً.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم :أولاً: بقبول الطعن شكلاً. ثانياً: وفى الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية محل الطعن، والحكم بتسليم الطاعن مساحة بديلة أو عوضاً عنها وذلك عن المساحة (موضوع) وصلة الطريق البالغة مساحتها 14س، 9ط نفاذاً للحكم الصادر من اللجنة القانونية والمصدق عليه من اللجنة العليا للأموال المصادرة مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص اللجان القضائية للإصلاح الزراعى بنظر النزاع واختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظره مع إبقاء الفصل فى المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21/11/2001 وتدوول بجلساتها على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 6/3/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة عليا موضوع لنظره بجلسة 9/7/2002، ونُظر الطعن بالجلسة المشار إليها وفيها حضر الطاعن وقدم حافظة مستندات طويت على ما هو مدون بغلافها من مستندات، كما قدم مذكرة دفاع صمم فيها على طلباته الواردة بتقرير الطعن، وبجلسة 25/3/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 13/5/2003، وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إدارياً لجلسة 27/5/2003، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فمن ثَمَّ يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن الوقائع تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 9/2/1986 أودع الطاعن سكرتارية اللجان القضائية للإصلاح الزراعى صحيفة الاعتراض رقم 93/1986، أورد بها أنه تنفيذاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعى رقم 178 لسنة 1952 (مادة /2) باعت له والدته المرحومة/ فاطمة على حيدر، بموجب عقد بيع مشهر برقم 3468/56 مساحة مائة فدان أرضاً زراعية بناحية عياد شارونه مركز مغاغة محافظة المنيا واعتد من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بالتصرف، وعند استلامه مساحة المائة فدان المذكورة، احتجزت قطعة أرض حولتها إلى وصلة طريق وحررت معه بتاريخ 27/11/1955 محضراً بتسليم المائة فدان، ذكرت فيه (بالبدء من جانب الهيئة فى إنشاء وصلة طريق وأنه سيتم تحديد هذه المساحة بمعرفة تفتيش المنيا، وبناءً عليه حرر معه محضر بتاريخ 30/8/1960 على الطبيعة بمساحة بديلة وقدرها 14س، 9ط وذلك تنفيذاً لقرار الاعتداد بمساحة المائة فدان، ولكن تراخت منطقة الإصلاح الزراعى بمغاغة فى تسليم المساحة موضوع المحضر المؤرخ 30/8/1960 مدعية بأن تفتيش المساحة بالمنيا لم ينته من القيام بتحديد المساحة من واقع الطبيعة، وبتاريخ 4/11/1995 أفادت الإدارة العامة للملكية والحيازة بالهيئة بأنه يتبين عدم صلاحية البدل، ثم عرضت الهيئة المعترض ضدها بتسليمه المساحة وصلة الطريق، فرفض للأسباب الآتية:ـ أولاً: قامت ـ منطقة ـ مغاغة بإنشاء وصلة الطريق بمعرفتها فى الأرض موضوع الاحتفاظ، ثم سلمتها من جانبها لمصلحة الطرق والكبارى منذ أكثر من ثلاثين عاماً وهى فى حيازة مصلحة الطرق ولا يمكن استلامها. ثانياً: وصلة الطريق المذكورة قد انتقصت مساحتها بسبب التعديات السكنية عليها من الجهة البحرية ولا تمثل بصورتها الحالية المساحة المطلوبة استكمالاً للاحتفاظ. ثالثاً: لم يصدر قرار بنزع الملكية للمنفعة العامة للمساحة وصلة الطريق محل المنازعة.
واختتم المعترض طلباته بقبول الاعتراض شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الاستيلاء الموقع على المساحة موضوع المحضر المؤرخ 30/8/1960 وتسلمها له، واحتياطياً: فى حالة استحالة تسليمه المساحة موضوع المحضر المؤرخ 30/8/1960 تسليمه مساحة أخرى فى حوض على باشا، حيث يمتلك الإصلاح الزراعى أربعة أفدنة لم يتصرف فيها بعد.
وبجلسة 27/4/1987 قررت اللجنة ندب مكتب خبراء وزارة العدل بالمنيا ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين لمباشرة المأمورية المحددة بمنطوق هذا القرار، حيث قدم الخبير المنتدب تقريره بتاريخ 25/5/1992 والذى خلص فيه إلى النتائج الآتية:
1ـ أن الأرض موضوع الاعتراض الحالى البالغة مساحتها 845م2 بحوض الخمسين/6 ضمن القطعة/1 زمام عباد شارونه مركز مغاغة بالحدود والمعالم الموضحة بالتقرير وهى تعادل 20س، 4ط.
2 ـ أرض الاعتراض تدخل ضمن الأطيان المباعة من السيدة/ فاطمة حيدر الخاضعة لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 إلى أولادها بموجب العقد المشهر رقم 3468/56 مشهر المنيا، وصدر قرار الإفراج عن هذه الأطيان بتاريخ 8/3/1955 وتم تسليمها إلى أولاد الخاضعة بموجب محضر التسليم المؤرخ 27/11/1955، واختص بتلك الأرض موضوع الاعتراض الماثل بعد ذلك، المعترض بموجب عقد القسمة المشهر برقم 325/61 المنيا.
3-أن المحضر المؤرخ 30/8/1960 قد صدر بقصد تسليم المعترضين مساحة 14س، 9ط تعويضاً عن المساحة التى قد أخلت بالطريق إلى حين إشهار الأمر بمعرفة تفتيش المساحة.
4-لم يتقدم أى من طرفى النزاع بما يفيد أنه صدر قرار بنزع ملكية الأرض محل النزاع للمنفعة العامة، وأن أرض الاعتراض متداخلة بالطريق الذى يخدم عدة نواحٍ منها عياد شارونه وعزبة على فهمى وشارونه، كما أن المعترض ضمن المشتغلين لهذا الطريق، حيث إن له مبانى تقع بالجهة القبلية من وصلة الطريق موضوع الاعتراض الحالى.
5-أن المستشار القانونى للإصلاح الزراعى قد أبدى رأيه بمذكرة مقيدة برقم 57/1/58 بأحقية المعترض فى استلام مساحة بديلة، مع أحقيته فى اقتضاء القيمة الإيجارية من تاريخ محضر التسليم المؤرخ 27/11/1955 …….. ثم انتهى رأيه بالمذكرة المؤرخة 6/5/1986 بحفظ الموضوع….. علماً بأن حقيقة مساحة وصلة الطريق محل النزاع هى أربعة قراريط وعشرون سهماً لا غير.
وبجلسة 3/5/1995 قررت اللجنة إعادة الاعتراض إلى مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة المنيا ليندب الخبير السابق ندبه إن أمكن أو غيره عند الاقتضاء لاستكمال المأمورية الموضحة بقرار اللجنة الصادر بجلسة 27/4/1987 وفحص اعتراضات المعترض الواردة بمذكرته المودعة بجلسة 2/7/1995 وتحقيق أوجه دفاعه.
وقد ورد تقرير مكتب الخبراء المؤرخ 25/3/1998 رداً على ما أثاره المعترض بالآتى :
1ـ فيما يتعلق بالمساحة بأن هناك أهالى قاموا بالتعدى على وصلة الطريق من الجهة البحرية بالبناء عليها وأن المعترض شخصياً، هو الذى قام ببيعها إلى الأهالى كأرض زراعية كما أن وصلة الطريق من الجهة القبلية مبانٍ تخص المعترض نفسه وآخر يُدعَى سيد عبدالسميع وهو مشتر أيضاً من المعترض، وعليه أصبحت وصلة الطريق محل الاعتراض هى بمساحة 20س، 4ط أما باقى مسطح 14س، 9ط الذى هو عجز مسطح 100 فدان فإنه لم يدخل ضمن وصلة الطريق وقام المعترض ببيعها للأهالى من الجهة البحرية ووضع يد المعترض وآخر بالشراء منه من الجهة القبلية.
2-فيما يتعلق بالرد على ما إذا كانت الأطيان المفرج عنها خضعت للقانون رقم 178 لسنة 1952 من عدمه فإن الثابت بالاطلاع على ملف السيدة/ فاطمة حيدر أنها خضعت للقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإقرار رقم 1528، وأن المذكورة تصرفت بالبيع لأولادها، وأن الأرض محل الاعتراض تدخل ضمن الأطيان المباعة تنفيذاً للقانون رقم 178 لسنة 1952.
وبجلسة 5/4/1999 أصدرت اللجنة القرار المطعون فيه، وشَّيدت قرارها على أن الثابت من تقرير الخبير أن قيمة العجز قدره 20س،4ط وهو يمثل وصلة الطريق محل الاعتراض ومن ثَمَّ يكون محل النزاع هو هذا القدر من الأطيان المتنازع عليها الذى هو عجز فى مسطح 100 فدان التى تم الإفراج عنها لوالدته السيدة/ فاطمة حيدر والخاضعة للقانون رقم 178/1952. ولما كان الثابت من تقرير الخبير أن وصله الطريق محل التداعى منذ تاريخ 27/11/1955 أصبحت طريقاً مستقلة وتمر عليها المواصلات ويخدم عدة نواحٍ والمعترض نفسه من ضمن الذين يستعملون هذا الطريق موضوع النزاع، وأصبحت الأرض منفعة عامة بالعمل طبقاً لحكم المادة 87/1 من القانون المدنى ومن ثَمَّ فإن مطالبة المعترض للهيئة المعترض ضدها بتعويض أو مقابل عن عدم انتفاعه بهذه الأرض يخرج عن اختصاص اللجنة مما يتعين رفضه وانتهت اللجنة إلى قرارها المشار إليه.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على القرار المطعون عليه مخالفته للقانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، إذ أن ما انتهت إليه اللجنة من أن وصلة الطريق تنطبق عليها أحكام المادة 87/1 من القانون المدنى جاء مخالفاً للقانون إذ لم يصدر قرار بنزع ملكيتها للمنفعة العامة، كما أن مساحة الوصلة لم تسلم أساساً للمعترض الطاعن وإخوته ضمن مساحة المائة فدان المفرج لهم عنها وإن كان هناك تعامل على مساحة الوصلة البالغة مساحتها 14س، 9ط فإن أى تعامل لا يسأل عنه المعترض لأنه أساساً لم يتسلم تلك المساحة ولم تدخل فى حيازته حسبما هو ثابت بالمحضر المؤرخ 27/11/1955 والمحضر المؤرخ 30/8/1960 وعليه كان يتعين على اللجنة القضائية القضاء بتسليم المعترض مساحة بديلة أو عوضاً عنها وهذا القضاء يدخل فى اختصاص اللجنة.
ومن حيث إن المادة 13 مكرر من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1971 تنص فى فقرتها الثانية على أن “تشكل لجنة قضائية أو أكثر من ………… وتختص هذه اللجنة دون غيرها عند المنازعة بما يأتى:
1-تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضي المستولى عليها أو التى تكون محلاً للاستيلاء طبقاً للإقرارات المقدمة من الملاك وفقاً لأحكام هذا القانون وذلك لتحديد ما يجب الاستيلاء عليها منها.
2-الفصل فى المنازعات الخاصة بتوزيع الأراضى المستولى عليها على المنتفعين…………”. ومفاد هذا النص أن المشرع حدد مجال اختصاص اللجان القضائية بمسائل معينة أوردها على سبيل الحصر، وقصرها على المنازعات المتعلقة بتحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضى المستولى عليها أو التى تكون محلاً للاستيلاء عليها وذلك لتعيين ما يجب الاستيلاء عليه وفقاً للقانون، ومن ثَمَّ فإن أية منازعة تخرج عن حدود هذه الاختصاصات لا يكون للجنة أى ولاية قضائية بشأنها.
ومن حيث إنه من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن المنازعات الخاصة بتقدير التعويض عن الأراضى المستولى عليها طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعى ينعقد الاختصاص بها للقضاء الإدارى.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الهيئة المطعون ضدها أفرجت عن مساحة 100 فدان، بتاريخ 8/3/1955 قبلى الخاضعة السيدة/ فاطمة حيدر تطبيقاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 وقامت بتسليم المساحة محل الإفراج لأولادها بموجب محضر التسليم المؤرخ فى 27/11/1955 عدا المساحة 14س، 9ط.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الأرض محل الاعتراض قد تم الإفراج عنها من الاستيلاء، والثابت من الأوراق أنه تم تخصيص جزء منها كطريق عام وذلك بالفعل منذ ما يقرب من أربعين عاماً وهى مساحة 20س، 4ط طبقاً لما جاء بتقدير الخبير والخبير الآخر وضع يد الطاعن والمشترين منه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المنازعة محل الطعن الماثل تنصبُّ على طلب الطاعن التعويض عن العجز فى مساحة ال100 فدان التى قرر الإصلاح الزراعى الإفراج عنها بتاريخ 8/3/1955، لذلك تعتبر هذه المنازعة خارجة عن حدود الاختصاص الذى رسمه القانون للجنة القضائية وبالتالى تنحسر ولايتها عن نظرها، وينعقد الاختصاص بالفصل فيها للقضاء الإدارى.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك، وكان القرار المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الاعتراض محل المنازعة ولم يقض بعدم الاختصاص فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون متعيناً إلغاؤه والقضاء بعدم اختصاص اللجنة القضائية بنظر هذه المنازعة وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى دائرة أسيوط للاختصاص.
ومن حيث إنه لما كان الحكم بعدم الاختصاص غير منه للمنازعة وإعمالاً لمفهوم المخالفة لحكم المادة (184) مرافعات فإنه يتعين إبقاء الفصل فى المصروفات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وبعدم اختصاص اللجان القضائية للإصلاح الزراعى بنظر النزاع، وبإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإدارى ـ دائرة أسيوط ـ للاختصاص وأبقت الفصل فى المصروفات.