جلسة 27من يناير سنة2007م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد أحمد عطية إبراهيم
“نائب رئيس مجلس الدولـة” “ورئيــــس المحكمـــــــــــة”
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / ناجى سعد الزفتاوى “نائب رئيس مجلس الدولة”
وعضوية السيد الأستاذ المستشـار / منير عبد الفتاح غطاس “نائب رئيس مجلس الدولة”
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / فوزى على حسين شلبى “نائب رئيس مجلس الدولة”
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور / حسين عبد الله قايد “نائب رئيس مجلس الدولة”
وحضور السيد الأستاذ المستشار / عبد الوهاب سيد عبد الوهاب “مفــــــــوض الدولـــــــــــة”
الطعن رقم 5671 لسنة49ق .عليا
– تعيين – استطالة الأمد على صدور القرار لا يكفى للعلم اليقينى به .
استطالة الأمد على صدور القرار لا تكفى وحدها دليلاً حاسماً على العلم اليقينى بالقرار وإنما قد تصلح مع قرائن وأدلة أخرى على توفير هذا العلم وهو أمر متروك لمحكمة الموضوع تستخلصه من ظروف النزاع المعروض بشرط التقيد بالمدة المقررة بسقوط الحقوق بصفة عامة وهى خمسة عشر عاماً من تاريخ صدور القرار – إعلان العامل بقرار تعيينه بخطاب موصى عليه بعلم الوصول إجراء جوهري.
استلزمه القانون باعتباره ضمانه للعامل يتعين مراعاته – تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق 16/3/2003 أودع رئيس هيئة المفوضين بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط – الدائرة الثانية – بهيئة استئنافية بجلسة 15/1/2003 فى الطعن رقم 232 لسنة 11 ق.س المقام من محمود محمد حماد بكرى ضد محافظ سوهاج بصفته والقاضى بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد قرر الطاعن بصفته – للأسباب الواردة بتقرير طعنه – الطعن على الحكم الاستئنافى أنف البيان أمام هذه المحكمة حتى تفصل فيه فى ضوء ما يصدر من حكم من دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا فى هذا الخصوص، وإلزام من يصيبه الخسران بالمصروفات.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 52 لسنة 1986 الصادر بتاريخ 30/6/1986 فيما تضمنه من صرف النظر عن تعيين الطاعن، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حيث أودع الحاضر عن هيئة قضيا الدولة 1- مذكرة بالدفاع طلب فى ختامها الحكم برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه – 2- وحافظة مستندات تضمنت صورة القرار رقم 13 لسنة 1986، صورة استدعاء محمود محمد حماد بكرى المؤرخ 2/4/1986 لاستلام عمله، صورة القرار رقم 52 بتاريخ 30/6/1986 . وبجلسة 26/6/2006 قررت إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بهذه المحكمة لنظره بجلسة 2/12/2006 والتى قررت بها إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 27/1/2007 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصره حسبما يبين من الأوراق فى أن السيد/ محمود محمد حماد أقام الدعوى رقم 788 لسنة 24ق ضد محافظ سوهاج بصفته بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الإدارية بأسيوط بتاريخ 18/5/1997 طالباً الحكــم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 52 لسنة 1986 الصادر بتاريخ 30/6/1986 فيما تضمنه من صرف النظر عن تعيينه، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه أنه حاصل على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية عام 1978 وتقدم للتعين عن طريق اللجنة الوزارية للقوى العاملة ضمن زملاء دفعته الحاصلين على ذات المؤهل، إلا أنه فوجئ بتاريخ 23/3/1997 بتعيين زملائه دونه، وبالاستفسار عن موقفه علم بتاريخ 27/3/1997 أنه عين بالقرار رقم 13 لسنة 1986 الصادر فى 2/3/1986 ثم صدور القرار رقم 52 بتاريخ 30/6/1986 بصرف النظر عن تعيينه، مما دعاه إلى التظلم من القرار الأخير بالمسجل رقم 418 بتاريخ 2/4/1997 ولكنه لم يتلق رداً من الجهة الإدارية، كما أنه لم يتسلم أى إخطار يفيد تعيينه بالقرار المشار إليه.
وأختتم المدعى صحيفة دعواه بطلباته أنفة البيان.
وتدوول نظر الدعوى أمام هيئة مفوضى الدولة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة حافظتى مستندات من بين ما جاء بهما صورتا القرارين رقمى 13 و52 لسنة 1986، كما أودع الحاضر عن المدعى حافظة مستندات تضمنت صورة حكم صادر من موضوع مماثل.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة الإدارية بأسيوط تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم: بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتدوولت الدعوى أمام المحكمة الإدارية المذكورة حيث أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة مذكرة بالدفاع طلب فى ختامها الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى شكلاً، واحتياطياً: برفض الدعوى، كما أودع الحاضر عن المدعى مذكرة وحافظة مستندات طويت على صورة حكم للاستشهاد به فى موضوع مماثل . وبجلسة 24/4/2000 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر لها قانوناً وألزمت المدعى المصروفات.
وشيدت قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 30/6/1986 وأقام المدعى دعواه بتاريخ 18/5/1997 أى بعد ما يقارب عشر سنوات، وأنه لما كان تحديد ميعاد الستين يوماً لرفع دعوى الإلغاء قصد به استقرار الأوضاع الوظيفية، مما لا يسوغ معه القول بعدم علم المدعى بالقرار المطعون فيه لمرور هذه المدة الطويلة على صدوره، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر لها قانوناً.
وإذ لم يرتض المدعى هذا القضاء فقد أقام الطعن رقم 232 لسنة 11ق.س أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط (الدائرة الاستئنافية) والذى قيد بجدولها فى 22/6/2000 طالباً الحكم بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 52 لسنة 1986 فيما تضمنه من صرف النظر عن تعيينه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها اعتبار قرار تعيينه رقم 13 لسنة 1986 قائماً ومنتجاً لأثاره القانونية، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات تأسيساً على مخالفة الحكم المطعون فيه لصحيح حكم القانون لصدوره على افتراضيات إذ يجب علم المدعى بالقرار الطعين علماً يقينياً.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط – بهيئة استئنافية – على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 15/1/2003 قضى فى الطعن بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وشيدت قضاءها على أن الأسباب التى استند إليها الحكم المطعون فيه تتفق وأحكام القانون، وأن المحكمة تأخذ بها أسباباً لحكمها، خاصة وأن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 30/6/1986 ومع ذلك لم يرفع المدعى دعواه إلا بتاريخ 18/5/1997 أى بعد ما يزيد على عشر سنوات، وهو ما يقيم قرينة على علم المدعى بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً، ومن ثم فإنه فى ضوء ذلك تكون الدعوى قد أقيمت فى الميعاد المقرر قانوناً.
وينعى الطاعن بصفته على الحكم الاستئنافى محل الطعن الماثل أنه استند إلى أن قرينة العلم اليقينى بالقرار المطعون فيه على فوات ما يقارب عشر سنوات على صدوره، وبالتالى فقد عول الحكم على فكرة الاستطالة للتدليل على العلـــم بالقرار المطعون فيه المشار إليه أنفاً ومن ثم أيد القضاء بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد القانوني، وإذ سبق للطاعن بصفته أن أقام طعناً على أحد أحكام محكمة القضاء الإدارى “بهيئة استئنافية” لعرض الأمر على المحكمة الإدارية العليا (دائرة توحيد المبادئ) لإرساء مبدأ قانونى لينهى الخلاف القائم حول تحديد بداية تاريخ سريان ميعاد الستين يوماً المقررة للطعن بالإلغاء على القرار الإداري، وذلك بأن يتم حساب المدة من تاريخ علم صاحب الشأن بمضمون القرار ومحتوياته علماً يقينياً أم يتم الأخذ بقرينة استطالة الأمد بين صدور القرار الإدارى وبين سلوك دعوى الإلغاء وترجيح العلم بهذا القرار فى هذه الحالة.
وأختتم الطاعن بصفته طعنه بطلباته المشار إليها أنفاً.
ومن حيث أن المادة (24) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن “ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإدارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به.
وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية …”
ومن حيث أن قضاء دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا جرى بحكمه الصادر فى الطعن رقم 1125 لسنة 46ق.عليا بجلسة 8/5/2003 على أنه قد قام الدليل القاطع وفقاً لمقتضيات ظروف النزاع وطبيعته على علم صاحب الشأن بالقرار علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً بحيث يكون هذا العلم شاملاً لجميع محتويات القرار ومؤداه حتى يتيسر له بمقتضى هذا العلم أن يحدد مركزه القانونى من القرار، متى قام الدليل على ذلك بدأ ميعاد الطعن من تاريخ ثبوت هذا العلم دون حاجة إلى نشر القرار أو إعلانه.
وهذا العلم يثبت من أية واقعة أو قرينة تفيد حصوله دون التقيد فى ذلك بوسيلة اثبات معينة، وللقضاء التحقق من قيام أو عدم قيام هذه القرينة أو تلك الواقعة وتقدير الأثر الذى يمكن ترتيبه عليها من حيث كفاية العلم أو قصوره، كما أن استطالة المدة بين صدور القرار والطعن عليه ليست دليلاً على العلم اليقينى بالقرار فقد لا يعلم المدعى بصدور القرار نهائياً بالرغم من فوات مدة طويلة على صدوره.
وعلى ذلك فإن استطالة الأمد على صدور القرار لا تكفى وحدها دليلاً حاسماً على العلم اليقينى بالقرار وإنما قد تصلح مع قرائن وأدلة أخرى – بحسب ظروف كل حالة على حدة – على توافر هذا العلم وهو أمر متروك لمحكمة الموضوع تستخلصه من ظروف النزاع المعروض عليها وبعبارة أخرى أنه يمكن الاستناد عليه كأحد عناصر التدليل على توافر العلم اليقينى تعززه أدلة أخرى دون أن يكون وحده عنصراً لتوافر هذا العلم وذلك كله بشرط التقيد بالمدة المقررة بسقوط الحقوق بصفة عامة وهى خمسة عشر سنة من تاريخ صدور القرار.
ومن حيث أن الطعن مهيأ للفصل فيه بما حواه من أوراق ومستندات.
ومن حيث أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 30/6/1986 وعلم به المدعى (محمود محمد حماد) علماً يقينياً بتاريخ 23/3/1997 وتظلم منه فى 2/4/1997، ولما لم يتلق رداً أقام دعواه رقم 788 لسنة 24ق بتاريخ 18/5/1997، وإذ استوفت سائر أوضاعها الشكلية، فمن ثم يتعين القضاء بقبولها شكلاً.
ومن حيث أن المادة 24 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه “يخطر العامل بالقرار الصادر بتعيينه بخطاب موصى عليه تحدد فيه مهلة لاستلام العمل لا تقل عن خمسة عشر يوماً ولا تزيد عن شهر وإلا اعتبر قرار تعيينه كأن لم يكن وذلك ما لم يقدم عذراً تقبله السلطة المختصة”.
ومن حيث أنه بتطبيق ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن (المدعي) حاصل على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية عام 1978، وتقدم للتعيين عن طريق اللجنة الوزارية للقوى العاملة، وبتاريخ 2/3/1986 عين بالقرار رقم 13 لسنة 1986 الصادر بتاريخ 2/3/1986 بوظيفة فنى نشاط بمديرية التربية والتعليم بسوهاج، ولما لم يتسلم عمله فقد أصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 52 بتاريخ 30/6/1986 بصرف النظر عن تعيينه، وإذ كانت الأوراق خلت من قيام الجهة الإدارية بإخطاره بتعيينه بخطاب موصى عليه بعلم الوصول كى يبادر إلى استلام عمله وهو إجراء جوهرى استلزمه القانون باعتباره ضمانة للطاعن يستوجب مراعاته، وبالتالى يكون القرار المطعون فيه موصوماً بالبطلان متعين القضاء بإلغائه فيما تضمنه من صرف النظر عن تعيين الطاعن، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه رقم 52 لسنة 1986 الصادر بتاريخ 30/6/1986 فيما تضمنه من صرف النظر عن تعيين محمود محمد حماد بكري، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.