جلسة الأربعاء الموافق28 من اكتوبر سنة 2015
برئاسة السيد القاضي الدكتور / عبدالوهاب عبدول – رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد عبدالرحمن الجراح و د. أحمد الصايغ.
( 48 )
الطعن رقم 574 لسنة 2014 إداري
(1) حكم” اصداره”. بطلان. حكم” تسبيب معيب”. نقض” ما يقبل من الاسباب”.
– لسلامة الحكم. وجوب أن يطمئن المطلع عليه أن المحكمة أحاطت بوقائع الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيره. وتناولت ما ابداه الخصوم من طلبات وما ساقوه من دفوع ودفاع جوهري. والا كان قاصراً.
– مثال لتسبيب معيب.
(2) قانون” تطبيقه”. نقض” للمرة الثانية”.
– نقض الحكم للمرة الثانية. وجوب تصدي المحكمة لنظر موضوعه. المادة 184 من قانون الاجراءات المدنية.
(3) استئناف. دعوى نطاقها”. محكمة الموضوع” سلطتها التقديرية”. مساعدة قضائية. قانون” تطبيقه”. تعاون دولي. قرار إداري. جهة إدارية. نقض” ما يقبل من الأسباب”.
– نطاق الدعوى أمام محكمة التصدي. يتحدد بما رفع عنه الاستئناف وما لم يسقط من أوجه الدفاع والدفوع والطلبات.
– محكمة التصدي. تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى وتقدير أدلتها. شرط ذلك. التزامها بالمسألة القانونية التي فصل فيها قضاء الحكم الناقض.
– طلب المساعدة القضائية بين الدول. وجه من أوجه التعاون الدولي في المجال القضائي الجزائي والحقوقي. له شقين إداري وآخر قضائي.
– الجانب الإداري والقضائي في طلب المساعدة القضائية. ماهيته وأساس ذلك؟
– قبول طلب المساعدة القضائية. حقيقته قرار إداري. علة ذلك؟
– مثال.
ـــــــ
1- لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه استقر على أنه يجب لسلامة الحكم أن يتضمن ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة أحاطت فيهما بوقائع الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة ، وأنها تناولت كل ما أبداه الخصوم من طلبات ، وما ساقوه من أوجه دفوع ودفاع جوهري، ثم أوردت الأسباب الكافية التي تبرر ما اتجهت إليه من رأي ، وبينت المصدر الذي استقت منه قضاءها ، وأنها استنفدت كل ما في سلطتها في كشف وجه الحق في الدعوى وبذلت كل الوسائل في ذلك ، وإلا كان حكمها معيبا بالقصور المبطل . لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه فهم نطاق دعوى الطاعن على أنه قاصر على واقعة إحالة طلب المساعدة القضائية إلى النيابة العامة بدبي . حال أن الطاعن حدد نطاق دعواه منذ فجر النزاع بطلب إلغاء قبول طلب المساعدة القضائية ، وكان هذا الذي فهمه الحكم المطعون فيه يختلف عن النطاق الذي حدده الطاعن لدعواه، وهو ما أدى بالحكم المطعون فيه إلى عدم بحث طلبات الطاعن والرد الكافي على أوجه دفاعه ودفوعه، مما يعيب الحكم المطعن فيه بالقصور المبطل الموجب للنقض.
2- لما كان الطعن للمرة الثانية ، فإن المحكمة تتصدى له عملاً بالمادة (184) من قانون الإجراءات المدنية.
3- لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى أمام محكمة التصدي يتحدد بما رفع عنه الاستئناف ، وما لم يسقط من أوجه الدفاع والدفوع والطلبات. وفي هذا النطاق ، فإن لمحكمة التصدي – باعتبارها محكمة موضوع – أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى وتقدير جديد لأدلتها ، ملتزمة عند نظرها في الدعوى بالمسألة القانونية التي فصل فيها قضاء الحكم الناقض . وإذ كان الثابت من مذكرات الطاعن الختامية أمام محكمة الدرجة الثانية أنه حصر طلباته في إلغاء قرار قبول طلب المساعدة القضائية لمخالفته لقانون التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية وما ترتب عليه من آثار.
وحيث إن طلب المساعدة القضائية من دولة إلى دولة أخرى، هو وجه من وجوه التعاون الدولي في المجال القضائي الجزائي والحقوقي . وهذا الطلب له جانبان : جانب إداري وآخر قضائي . ويتمثل الجانب الإداري في إجراءات تقديم طلب المساعدة من الدولة الطالبة للمساعدة، وإجراءات تلقى الطلب في الدولة المطلوب منها المساعدة بما فيها دراسة الطلب والتأكد من استيفائه لشروطه الشكلية ومنها توافر الطلب على البيانات الواردة في المادة (46) من القانون الاتحادي رقم (39) لسنة 2006 في شأن التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية باعتباره قانون قاعدي إطاري عند عدم وجود قانون اتفاقي ( اتفاقية أو معاهدة ثنائية أو جماعية)، فإن تأكدت الإدارة المختصة بتلقي طلب المساعدة ، من استيفائه لشروطه الشكلية قبلته وأحالته إلى الجهة القضائية المختصة التي تتولى نظره وفق إجراءات قضائية ، وهو ما يشكل الجانب القضائي لطلب المساعدة القضائية.
وحيث إن قبول طلب المساعدة القضائية إدارياً هو في حقيقته قرار إداري يصدر من الجهة الإدارية المطلوب منها طلب المساعدة، وهو يتوفر على مقومات القرار الاداري من حيث إنه إفصاح الادارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وبقصد تحقيق مركز قانوني وابتغاء تحقيق مصلحة عامة. وإذ كان الثابت من أوراق الدعوى أن قرار قبول طلب المساعدة القضائية صدر من وزارة العدل ممثلة في شخص وزيرها ، فاستوفى فيه ركن الاختصاص، وانصب القرار على طلب مساعدة قضائية ، فتحقق موضوعه. وصدر وفق الأشكال والأوضاع المقررة في قانون التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية ، فاستقام شكله. وصدر القرار ابتغاء تحقيق مصلحة عامة متمثلة في تحقيق التعان الدولي لمكافحة الإجرام ، فصَّحت الغاية منه . واكتمل في القرار سببه، بورود طلب المساعدة من دولة عضو في الجماعة الدولية تربطها بدولة الإمارات (الدولة المطلوب منها المساعدة) علاقات دبلوماسية قائمة على الاتفاقيات ومبادئ القانون الدولي. ومن ثم فإن قرار قبول طلب المساعدة يغدو مستوفياً لأركانه.
ـــــــــ
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 178 لسنة 2012 إداري كلي أبوظبي اختصم فيها المطعون ضدهما طلباً لإلغاء القرار الصادر من المطعون ضدها الأولى بقبول طلب المساعدة القضائية ، لمخالفة القرار للقانون الاتحادي رقم (39) لسنة 2006 في شأن التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية ، وما يترتب عليه من آثار . وقال شرحا لدعواه إنه من رعايا مملكة هولندا المقيمين في إمارة دبي، وأنه من رجال الأعمال المرموقين المشهورين ، وأن له مصالح وأعمال تجارية مع جهات متعددة داخل الإمارات وخارجها، وأنه وأثناء تواجده بمنزله بمدينة دبي تفاجأ بدخول عدد من رجال الشرطة، قاموا بتفتيش المكان وضبط ملفات ومستندات وجهازي حاسوبه المحمول وهاتفه المتحرك، دون أن يبلغوه عن سبب ذلك، وأنه وإذ راجع المطعون ضدها الثانية، فقد أبلغته بأن ما تم اتخاذه من إجراءات كان بناءً على طلب مساعدة قضائية وردت عبر الطرق الدبلوماسية إلى المطعون ضدها الأولى من مملكة هولندا، وأن المطعون ضدها الأولى أحالت الطلب إلى المطعون ضدها الثانية لاتخاذ اللازم بشأنه. واستطرد الطاعن شارحاً دعواه ، أنه ولما كان القرار الصادر من المطعون ضدها الأولى بقبول طلب المساعدة جاء مخالفاً للمواد 34، 44، 46 من القانون الاتحادي سالف الذكر، فقد أقام دعواه آنفة الذكر بطلبه سالف البيان . ومحكمة أول درجة قضت في 28/6/2012 برفض الدعوى في مواجهة المطعون ضدها الأولى ، وبعدم قبولها في مواجهة المطعون ضدها الثانية. استأنف الطاعن قضاء الحكم المذكور بالاستئناف رقم 139 لسنة 2012 إداري . ومحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية قضت في 15/10/2012 بالتأييد ، فطعن عليه الطاعن بطريق النقض بالطعن رقم 563 لسنة 2012 نقض إداري.
وبجلسة 17/4/2013 قضت المحكمة الاتحادية العليا بالنقض والإحالة . وإذ نظرت محكمة الإحالة القضية ، فقد قضت فيها بجلسة 10/9/2014 في موضوع الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف والقضاء برفض الدعوى في مواجهة المستأنف ضدها الأولى والثانية، فأقام الطاعن – للمرة الثانية- طعنه الماثل، الذي نظرته الدائرة في غرفة مشورة، ورأت جدارته بالنظر في جلسة، وتم نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات ، وتحددت جلسة اليوم للنطق بالحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالوجه الأول من سبب الطعن يقوم على تخطئة الحكم المطعون فيه حينما قضى برفض دعوى الإلغاء على سند من أن إحالة طلب المساعدة من المطعون ضدها الأولى إلى المطعون ضدها الثانية لا يشكل قراراً إداريا قابلاً للرقابة القضائية عن طريق دعوى الإلغاء. حال أن طلب المساعدة سبقه صدور قرار إداري بقبول الطلب، وأن هذا القرار اشتمل على كافة أركان القرار الإداري من محل وسبب وغاية واختصاص وشكل . وهو ما لم يفطنه الحكم المطعون فيه مما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك أن قضاء هذه المحكمة استقر على أنه يجب لسلامة الحكم أن يتضمن ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة أحاطت فيهما بوقائع الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة ، وأنها تناولت كل ما أبداه الخصوم من طلبات ، وما ساقوه من أوجه دفوع ودفاع جوهري، ثم أوردت الأسباب الكافية التي تبرر ما اتجهت إليه من رأي ، وبينت المصدر الذي استقت منه قضاءها ، وأنها استنفدت كل ما في سلطتها في كشف وجه الحق في الدعوى وبذلت كل الوسائل في ذلك ، وإلا كان حكمها معيبا بالقصور المبطل . لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه فهم نطاق دعوى الطاعن على أنه قاصر على واقعة إحالة طلب المساعدة القضائية إلى النيابة العامة بدبي . حال أن الطاعن حدد نطاق دعواه منذ فجر النزاع بطلب إلغاء قبول طلب المساعدة القضائية ، وكان هذا الذي فهمه الحكم المطعون فيه يختلف عن النطاق الذي حدده الطاعن لدعواه، وهو ما أدى بالحكم المطعون فيه إلى عدم بحث طلبات الطاعن والرد الكافي على أوجه دفاعه ودفوعه، مما يعيب الحكم المطعن فيه بالقصور المبطل الموجب للنقض، دون ما حاجة للرد على الوجه الثاني من وجهي سبب الطعن. ولما كان الطعن للمرة الثانية ، فإن المحكمة تتصدى له عملاً بالمادة (184) من قانون الإجراءات المدنية.
وحيث إن الاستئناف سبق القضاء بقبوله شكلاً.
وحيث إنه عن موضوع الاستئناف ، فإن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى أمام محكمة التصدي يتحدد بما رفع عنه الاستئناف ، وما لم يسقط من أوجه الدفاع والدفوع والطلبات. وفي هذا النطاق ، فإن لمحكمة التصدي – باعتبارها محكمة موضوع – أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى وتقدير جديد لأدلتها ، ملتزمة عند نظرها في الدعوى بالمسألة القانونية التي فصل فيها قضاء الحكم الناقض . وإذ كان الثابت من مذكرات الطاعن الختامية أمام محكمة الدرجة الثانية أنه حصر طلباته في إلغاء قرار قبول طلب المساعدة القضائية لمخالفته لقانون التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية وما ترتب عليه من آثار.
وحيث إن طلب المساعدة القضائية من دولة إلى دولة أخرى، هو وجه من وجوه التعاون الدولي في المجال القضائي الجزائي والحقوقي . وهذا الطلب له جانبان : جانب إداري وآخر قضائي . ويتمثل الجانب الإداري في إجراءات تقديم طلب المساعدة من الدولة الطالبة للمساعدة، وإجراءات تلقى الطلب في الدولة المطلوب منها المساعدة بما فيها دراسة الطلب والتأكد من استيفائه لشروطه الشكلية ومنها توافر الطلب على البيانات الواردة في المادة (46) من القانون الاتحادي رقم (39) لسنة 2006 في شأن التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية باعتباره قانون قاعدي إطاري عند عدم وجود قانون اتفاقي ( اتفاقية أو معاهدة ثنائية أو جماعية)، فإن تأكدت الإدارة المختصة بتلقي طلب المساعدة ، من استيفائه لشروطه الشكلية قبلته وأحالته إلى الجهة القضائية المختصة التي تتولى نظره وفق إجراءات قضائية ، وهو ما يشكل الجانب القضائي لطلب المساعدة القضائية.
وحيث إن قبول طلب المساعدة القضائية إدارياً هو في حقيقته قرار إداري يصدر من الجهة الإدارية المطلوب منها طلب المساعدة، وهو يتوفر على مقومات القرار الاداري من حيث إنه إفصاح الادارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وبقصد تحقيق مركز قانوني وابتغاء تحقيق مصلحة عامة. وإذ كان الثابت من أوراق الدعوى أن قرار قبول طلب المساعدة القضائية صدر من وزارة العدل ممثلة في شخص وزيرها ، فاستوفى فيه ركن الاختصاص، وانصب القرار على طلب مساعدة قضائية ، فتحقق موضوعه. وصدر وفق الأشكال والأوضاع المقررة في قانون التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية ، فاستقام شكله. وصدر القرار ابتغاء تحقيق مصلحة عامة متمثلة في تحقيق التعان الدولي لمكافحة الإجرام ، فصَّحت الغاية منه . واكتمل في القرار سببه، بورود طلب المساعدة من دولة عضو في الجماعة الدولية تربطها بدولة الإمارات (الدولة المطلوب منها المساعدة ) علاقات دبلوماسية قائمة على الاتفاقيات ومبادئ القانون الدولي. ومن ثم فإن قرار قبول طلب المساعدة يغدو مستوفياً لأركانه ، مما يتعين معه القضاء في الدعوى على النحو الوارد بمنطوق هذا الحكم.