جلسة 16 من إبريل سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد أمين حسان
نائب ورئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / بخيت محمد إسماعيل، ولبيب حليم لبيب، ومحمود محمد صبحى العطار،وبلال أحمد محمد نصار
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ سلامة السيد محمد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوى
أمين السر
الطعن رقم 5755 لسنة 49 قضائية عليا:
عاملون مدنيون بالدولة ــ ترقية ــ موانع الترقية ــ الإحالة للمحاكمة الجنائية ــ مدلولها .
حظر المشرع فى المادة (87) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون
رقم 47/1978 ترقية العامل المحال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية أو الموقوف عن العمل فى مدة الإحالة أو الوقف إذا استحق الترقية خلال هذه المدة، وقد حدد المشرع متى يعتبر العامل محالاً إلى المحاكمة التأديبية فى تطبيق حكم هذا النص وسكت عن تحديد التاريخ الذى يعد العامل محالاً فيه إلى المحاكمة الجنائية ــ يتعين الرجوع إلى القواعد العامة المعمول بها فى قانون الإجراءات الجنائية والتى مؤداها أن الإحالة إلى المحاكمة الجنائية تتم بصدور أمر الإحالة من قاضى التحقيق أو بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة المختصة من قبل النيابة العامة أو من قِبل المدعى بالحق المدنى ــ تطبيق .
فى يوم الأحد الموافق 16/3/2003 أودع الأستاذ/ محمود إبراهيم المرصفى (المحامى) بصفته وكيلاً عن السيد/ ………………………………… قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 5755 لسنة 49ق. عليا ضد السيد/ وزير الدولة للتنمية الإدارية ورئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ــ دائرة الترقيات ــ بجلسة 24/11/2002 فى الدعوى رقم 4746 لسنة 55ق، والقاضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لإقامتها بعد الميعاد المقرر قانونًا، وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً، وبأحقيته فى طلباته الواردة بعريضة الدعوى، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات. وعينت جلسة 26/4/2004 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التى قررت إحالته إلى الدائرة الثانية موضوع لنظره بجلسة 16/10/2004، وفيها نظر أمام هذه المحكمة، وتقرر إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 3/4/2005، وأرجئ النطق به بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 24/11/2002، وتقدم الطاعن بطلب الإعفاء رقم 75 لسنة 49ق.ع بتاريخ 2/1/2003 إلى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة الإدارية العليا التى قررت بجلسة 25/1/2003 قبوله، وإذ أقام طعنه بتاريخ 16/3/2003 فيكون مقامًا خلال الميعاد المقرر قانونًا واستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 4746 لسنة 55ق أمام محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 31/3/2001 طالبًا الحكم بقبولها شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 574/2000 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية إلى الدرجة الثانية والموافقات الصادرة بشأنه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات .
وقال المدعى ــ شرحًا لدعواه ــ إنه حصل على بكالوريوس التجارة، وعُيّن بموجبه بالجهاز المركزى للتنظيم والإدارة فى وظيفة باحث بمجموعة التنمية الإدارية بالدرجة الثالثة بتاريخ 24/5/1993، وردت أقدميته فيها إلى 27/3/1992 وجميع تقاريره بمرتبة ممتاز، وقد صدر القرار المطعون فيه رقم 574 لسنة 2000 بتاريخ 16/9/2000 بترقية بعض زملائه الأحدث منه فى كشوف ترتيب الأقدميات، ولم يشمله القرار بالترقية على سند من اتهام ومحاكمة تأديبية له بالدعوى رقم 5602 لسنة 1999 جنح الخليفة ، وقد تظلم من هذا القرار بتاريخ 24/9/2000 وأخطر برفض تظلمه من هذا القرار فى 25/11/2000، فبادر بتاريخ 27/11/2000 بتقديم طلب إلى لجنة التوفيق فى المنازعات المختصة إعمالاً لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 ومضت مدة الستين يومًا دون صدور قرار من لجنة التوفيق مما حدا به إلى إقامة الدعوى بغية الحكم له بالطلبات المتقدمة .
وبجلسة 24/11/2002 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً، لإقامتها بعد الميعاد المقرر قانونًا، وألزمت المدعى المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها ــ بعد استعراضها لنص المادة (24) من قانون مجلس الدولة، وبعض نصوص القانون رقم 7/2000 ــ على أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 574 لسنة 2000 صدر بتاريخ 16/9/2000 وعلم به المدعى وتظلم منه بتاريخ 24/9/2000 ورفض تظلمه وأخطر بذلك بتاريخ 25/11/2000، كما جاء بعريضة دعواه، وأنه تقدم بطلب إلى لجنة التوفيق فى المنازعات المختصة بتاريخ 27/11/2000، وحيث إنه وفقًا للمادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فإن مرور ستين يومًا على تاريخ تقديم التظلم دون الإجابة عنه يعد بمثابة رفض له، ويبدأ بحساب المدة المقررة لإقامة دعوى الإلغاء، أى أنه من تاريخ 24/11/2000، وحيث إن المدعى تقدم بطلب التوفيق فى المنازعات بتاريخ 27/11/ 2000، فمن هذا التاريخ يتوقف حساب المدة المقررة لرفع دعوى الإلغاء، ويستمر هذا التوقف لمدة ستين يومًا فى الحالة الماثلة، وباعتبار أن لجنة التوفيق فى المنازعات لم تصدر توصيتها فى الطلب المقدم من المدعى خلال المدة المقررة قانونًا لها، والسالفة الذكر وذلك حتى تاريخ 26/1/2001، وعقب هذا التاريخ يعاد استمرار احتساب المدة المقررة قانونًا لإقامة دعوى الإلغاء، وباعتبار أنه قد مضى منها عدد ثلاثة أيام قبل التقدم بطلب إلى لجنة فض المنازعات، وأنه كان يتعين على المدعى إقامة دعواه الماثلة فى موعد غايته 24/3/2001 ، وإذ أقام المدعى دعواه الماثلة بتاريخ 31/3/2001، ومن ثَمَّ تكون دعواه مقامة بعد المواعيد المقررة قانونًا بالمادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ، مما يتعين معه على المحكمة القضاء بعدم قبول الدعوى شكلاً لإقامتها بعد الميعاد المقرر قانونًا.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك أن الطاعن تقدم بالطلب رقم 23 لسنة 2000 إلى لجنة التوفيق المختصة بتاريخ 13/12/2000 وليس بتاريخ 27/11/2000 وأن التاريخ الأخير ورد بعريضة دعواه عن طريق الخطأ ، وتكون دعواه بذلك مقامة خلال الميعاد المقرر قانونًا، فضلاً عن أن قرارات الترقية الحتمية التى تصدرها الدولة فى فترات معينة لا تعد قرارات ترقية .
ومن حيث إن المادة الأولى من قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 620 لسنة 2000 تنص على أنه «ترفع الدرجات المالية للعاملين المدنيين بالجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية الذين أتموا فى درجاتهم حتى 31/8/2000 مددًا لا تقل عن المدد المحددة قرين كل درجة من الدرجات التالية إلى الدرجات التى تعلوها:
الدرجة المدة المحددة
الثانية 6 سنوات
الثالثة 8 سنوات
……………………….. وتجرى ترقية العاملين المستوفين للمدد المشار إليها باتباع القواعد المقررة قانونًا إلى وظائف من درجات أعلى واردة بجدول ترتيب وظائف الوحدة المعتمد متى توافرت فيهم شروط شغلها…… » .
ونصت المادة السادسة منه على أنه «تصدر السلطة المختصة قرارات الترقية طبقًا للقواعد السابقة تحت مسئوليتها على ضوء ما هو ثابت بملفات خدمة العاملين المستوفين المدد المشار إليها فى المادة (1) من هذا القرار.
ومن حيث إن الترقيات التى تتم إعمالاً لأحكام القرار رقم 620 لسنة 2000 آنف الذكر هى فى حقيقة أمرها ترقيات وجوبية تصدر عن سلطة مقيدة، وهى آخر ما تكون إلى التسوية، إذ يستمد العامل حقه فيها مباشرة من القاعدة التنظيمية الملزمة، ومن ثَمَّ فلا يتقيد الطعن عليها بميعاد الستين يومًا المقررة للطعن بالإلغاء والمنصوص عليها فى المادة (24) من قانون مجلس الدولة .
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الطاعن يهدف من دعواه إلى الحكم بإلغاء قرار الجهة الإدارية المطعون ضدها رقم 574 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية إلى الدرجة الثانية ، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وكان القرار المطعون فيه قد صدر إعمالاً لقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 620 لسنة 2000، ومن ثَمَّ فلا يتقيد الطعن عليه بميعاد الستين يومًا المقررة لإقامة دعوى الإلغاء، وإذ تقدم الطاعن قبل إقامة دعواه بالطلب رقم 23 لسنة 2000 إلى لجنة التوفيق فى المنازعات المختصة، ثم أقام دعواه فتكون مقبولة شكلاً، ويكون الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلاً لإقامتها بعد الميعاد المقرر قانونًا قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون، ومتعينًا القضاء بإلغائه وبقبول الدعوى شكلاً .
ومن حيث إن قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 620 لسنة 2000 بعد أن نص فى مادته الأولى على رفع الدرجات المالية للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة الذين أتموا فى درجاتهم حتى 31/8/2000 مددًا لا تقل عن المدد المحددة قرين كل درجة من الدرجات الواردة فيه الدرجات التى تعلوها.
نصت المادة الثانية منه على أنه «لا يستفيد من الرفع المشار إليه … العاملون الذين يقوم بهم سبب قانونى يجعلهم غير صالحين للترقية طبقًا لأحكام القانون رقم 47لسنة 1978 أو اللوائح الخاصة بشأنهم فى 31/8/2000» .
ومن حيث إن المادة (87) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47لسنة 1978 تنص على أنه «لا تجوز ترقية عامل محال إلى المحاكمة التأديبية، أو المحاكمة الجنانية، أو موقوف عن العمل فى مدة الإحالة أو الوقف، وفى هذه الحالة تحجز للعامل الوظيفة لمدة سنة، فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من ذلك، وثبت عدم إدانته أو وقع عليه جزاء الإنذار أو الخصم أو الوقف عن العمل لمدة خمسة أيام فأقل وجب عند ترقيته احتساب أقدميته فى الوظيفة المرقى إليها من التاريخ الذى كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية ويمنح أجرها من هذا التاريخ .
ويعتبر العامل محالاً للمحاكمة التأديبية من تاريخ طلب الجهة الإدارية أو الجهاز المركزى للمحاسبات من النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية» .
ومن حيث إنه بمقتضى النص المتقدم حظر المشرع ترقية العامل المحال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية أو الوقف عن العمل فى مدة الإحالة أو الوقف إذا استحق الترقية خلال هذه المدة، وقد حدد المشرع حتى يعتبر العامل محالاً إلى المحاكمة التأديبية فى تطبيق حكم هذا النص، وسكت عن تحديد التاريخ الذى يعد العامل محالاً فيه إلى المحاكمة الجنائية، الأمر الذى يتعين معه لتحديد مفهوم الإحالة إلى المحاكمة الجنائية الرجوع إلى القواعد العامة المعمول بها فى قانون الإجراءات الجنائية، والتى مؤداها أن الإحالة إلى المحاكمة الجنائية تتم بصدور أمر الإحالة من قاضى التحقيق ، أو بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة المختصة من قِبل النيابة العامة أو من قِبل المدعى بالحق المدنى.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قيدت ضده الجنحة رقم 5602
لسنة 1999 جنح الخليفة خيانة أمانة، قضى فيها غيابيًا بجلسة 12/12/1999 بحبسه سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه وعارض فيها، حيث تحدد لنظرها جلسة 17/6/2000 وقيدت ضده الجنحة رقم 8483/2000 جنح مدينة نصر خيانة أمانة، وقضى فيها غيابيًا بجلسة 8/4/2000 بحبسه سنة ، وكفالة مائة جنيه. كما قيدت ضده الجنحة رقم 14063/2000 جنح مدينة نصر خيانة أمانة، قضى فيها غيابيًا بجلسة 28/5/2000 بحبسه سنة مع الشغل، وقد عارض فيها وتحدد لنظرها جلسة 8/10/2000 ، وبذلك يكون الطاعن غير مستوفٍ لشروط الترقية المنصوص عليها فى قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 620 لسنة 2000 لإحالته إلى المحاكمة الجنائية فى 31/8/2000 على النحو السالف بيانه، ويكون القرار المطعون فيه رقم 574 لسنة 2000 فيما تضمنه من عدم ترقية الطاعن إلى الدرجة الثانية إعمالاً لقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 620 لسنة 2000 قد صدر مستندًا إلى سببه القانونى الصحيح، الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض الدعوى .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.