جلسة 25 من ديسمبر سنة 2007
(الدائرة الثالثة)
الطعن رقم 5833 لسنة 45 القضائية عليا.
– تنفيذه- التنفيذ على حساب المتعاقد المقصر- تراخي جهة الإدارة في إجرائه- أثر ذلك.
المادة (704) من القانون المدني- المادة (94) من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 (ملغاة).
قيام الجهة الإدارية بتنفيذ العقد على حساب المتعاقد المقصر يضعها في مركز الوكيل فتلتزم بأن تبذل في هذه الوكالة العناية التي تبذلها في أعمالها الخاصة- مقتضى ذلك: أن تقوم بالأعمال المتبقية خلال مدة معقولة- طرحها هذه الأعمال في مناقصة عامة على حسابه بعد مدة استطالت أكثر من سنتين من تاريخ سحب العمل هي مدة تجاوز الحد المعقول للعناية التي يبذلها الرجل الحريص في أعماله الخاصة- مؤدى ذلك: عدم جواز تحميله فروق الأسعار لتراخي الإدارة في التنفيذ على حسابه طوال هذه المدة التي تصل إلى حوالي أربعة أضعاف المدة المحددة أصلاً لتنفيذ كامل الأعمال- تطبيق.
سبق إيراد الإجراءات تفصيلا في الحكم التمهيدي الصادر عن هذه المحكمة بجلسة 14/1/2003 الذي قضت فيه المحكمة بقبول الطعن شكلا وتمهيديا وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بشمال القاهرة لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم.
وقد قدم الخبير تقريره في 26/6/2007 ثم تأجل نظر الطعن لجلسة 10/7/2007 ثم لجلسة 13/11/2007 للاطلاع على تقرير الخبير، وبتلك الجلسة قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم 25/12/2007 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن وقائع النزاع سبق إيرادها في الحكم التمهيدي الصادر عن هذه المحكمة بجلسة 14/1/2003 ومن ثم تحيل إليه المحكمة وتعتبره وما قدم فيه من مذكرات ومستندات جزءا من هذا الحكم. ومجمل هذه الوقائع أنه بتاريخ 13/2/1986 أقام الطاعن الدعوى رقم 2175 لسنة 40ق أمام محكمة القضاء الإداري ضمنها أنه رست عليه عملية تشطيب الثلاثة أدوار فوق مبنى الجراج بأرض التوسع التابعة للمركز القومي للبحوث المدعى عليه بقيمة إجمالية قدرها 153111.50جنيها . وأنه تسلم الموقع في 17/10/1979 على أن يتم الانتهاء من الأعمال في 16/5/1980، وأنه قام بالبدء في التنفيذ إلا أنه أخطر في 21/4/1980 بضرورة وقف العمل الأمر الذي ترتب عليه التوقف في المواقع الأخرى المرتبطة رغم عدم ورودها في قرار الإيقاف كما تلقى إخطارا آخر في 5/5/1980بالتوقف ولم يرد به مدة الإيقاف .وقد انتهت المدة المحددة للتنفيذ (سبعة أشهر) دون الانتهاء من تنفيذ العملية ودون إضافة فترة التوقف إلى مدة التنفيذ .وأنه قد ترتب على التوقف إتلاف بعض الأعمال التي تم تنفيذها بسبب قيام مقاولين آخرين بالعمل في ذات الموقع، وأضاف المدعي أنه صدر له أمر في 16/4/1984 باستئناف العمل وتم تشكيل لجنة بناء على طلبه لحصر ومراجعة ما تم تنفيذه وما لم يتم تنفيذه وعمل خطة زمنية للتنفيذ .وباشرت اللجنة مأموريتها وقررت أن ما تم تنفيذه يتناسب والوقت الذي نفذت خلاله، غير أن المدعى عليه لم يوافق على وضع خطة زمنية لاستكمال تنفيذ العملية، وأنه تم الانتهاء من تشطيب الدور الأول غير أن المدعى عليه رفض تسلمه من الناحية القانونية ومع ذلك قام بشغله، وأنه ـ أي المدعي ـ تقدم بطلب في 18/8/1985 التمس فيه تشكيل لجنة لتحديد ما سيتم دفعه له كتعويض عن الأعمال التي تلفت، والتي تم إثباتها بمحضر حصر الأعمال المطلوب إصلاحها، وكذلك تعديل سعر البنود التي لم يتم تنفيذها ووضع خطة زمنية لإنجاز باقي الأعمال مع توقيع غرامة تأخير في حالة إخلاله بذلك، ومع ذلك فوجئ بصدور قرار بسحب الأعمال منه بدون وجه حق وإسنادها إلى مقاول آخر خصما على حسابه، وأن هذا القرار لم يكن هدفه المصلحة العامة وإنما كان ردا على إقامته دعوى ضد المدعى عليه عن عملية أخرى. وخلص المدعي إلى طلب الحكم بصفة مستعجلة بإثبات ما قام بتنفيذه، وما أتلف منه وسببه وما تم تنفيذه بعد استئناف العمل بعد التوقف الذي امتد لأربع سنوات، وتقدير قيمته، وإثبات حالة الأصناف والمعدات… ثانيا: بوقف تنفيذ وإلغاء قرار سحب العملية المشار إليها وإسنادها إلى مقاول آخر… ومن باب الاحتياط: فسخ العقد المبرم بينهما في عام 1979 لانتهاء مدته في 16/5/1981 وحساب كافة مستحقاته عن الأعمال التي قام بتنفيذها مع رد التأمين المستحق له، وتعويضه عما أصابه من أضرار وتقرير عدم مسئوليته عن الأعمال التي قام غيره بتنفيذها.
وبجلسة 31/1/1988 حكمت محكمة القضاء الإداري بندب مكتب خبراء وزارة العدل بشمال القاهرة ليندب أحد خبرائه المختصين لأداء المأمورية المبينة بأسباب الحكم واستمر تداول الدعوى بالجلسات إلى أن ورد تقرير الخبير المؤرخ في 23/11/1994 المرفق بالأوراق وبجلسة 15/3/1988 أودع المدعي صحيفة معلنة للجهة الإدارية بتعديل طلباته ضمنها طلب الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي له بصفته مبلغ 184699.44جنيها ـ قيمة مستحقاته ، والمتمثلة في قيمة باقي الأعمال التي قام بتنفيذها ولم يتم صرفها إليه وتبلغ 19614.20 جنيها . وقيمة التشوينات والمعدات التي كانت بالموقع وتم الاستيلاء عليها وتبلغ 48793 جنيها والتعويض عن الأضرار التي أصابته والخسارة التي لحقت به وما فاته من كسب بسبب وقف تنفيذ العملية لمدد طويلة وسحب العملية منه دون مبرر قانوني. وتبديد آلاته ومعداته وتشويناته بالموقع والأضرار الشخصية والتي يقدرها بواقع 10% من قيمة المستحقات عن كل سنة بسبع عشرة سنة أي بمبلغ 11692,24جنيها.
وبجلسة 11/4/1999 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، وإلزام المدعي المصروفات، وأقامت قضاءها على أنه بتاريخ 15/9/1979 أسند المدعى عليه إلى المدعي عملية تشطيب ثلاثة أدوار فوق مبنى الجراج بأرض توسع المركز القومي للبحوث نظير مبلغ 153611.50 جنيها على أن يتم التنفيذ خلال سبعة أشهر من تاريخ تسلم الموقع ـ والذي تم في 17/10/1979 وأنه بتاريخ 21/4/1980 تم إخطار المدعي بالتوقف عن العمل مؤقتا حتى يتم إنهاء الأعمال الخاصة بعملية إعداد معامل التدريب واستقبال الأجهزة الملاصقة للعملية المسندة للمدعي وقد انتهت هذه الأعمال في 14/2/1981 واستأنف المدعي العملية اعتباراً من ذلك التاريخ غير أنه عاد وأخطر الجهة الإدارية في 28/7/1981 بتوقفه عن العمل لوجود شروخ رأسية وأفقية تحت الكمرات ووجود فواصل طولية وعرضية ببلاط الأرضيات، وقد ثبت للجنة التي شكلتها تلك الجهة في 22/8/1981 عدم وجود أية ملاحظات تؤثر في سلامة المبنى من الناحية الإنشائية، وتم إخطاره بذلك حيث استأنف العمل في 15/11/1981 واستمر في ذلك خلال عامي 1982، 1983 ثم قامت الجهة الإدارية بإخطاره في 14/4/1984 بسرعة إنهاء الأعمال. وتوالى إخطاره بذلك عدة مرات مع إنذاره بسحب العملية منه وتنفيذها على حسابه .ثم صدر قرار المدعى عليه بذلك في 17/9/1995 حيث تم حصر الأعمال التي تم تنفيذها وما لم يتم تنفيذه منها والتي أسندت إلى مكتب القاهرة للمقاولات نظير مبلغ 103000 جنيه.
واستعرضت المحكمة نص المادة 28 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983، والمادة 82 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، ورأت أنه بالنسبة لما يطالب به المدعي من إلزام الجهة الإدارية بصرف باقي مستحقاته عن الأعمال التي قام بتنفيذها ولم يحصل على قيمتها والتي تبلغ 19614.20 فإنه لا يستحق هذا المبلغ على أساس أنه ولئن كان الثابت من الأوراق أنه قام بتنفيذ أعمال قيمتها 100076 جنيها وأنه لم يتم صرف له سوى مبلغ 81147 جنيها. إلا أن الثابت أيضا أنه تم طرح الأعمال المسحوبة على حسابه ورست على مكتب القاهرة للمقاولات بنظير مبلغ 103000 جنيه ـ وبذلك يصير إجمالي تنفيذ العملية هو مبلغ 184147 جنيها ـ في حين أن أصل العملية وقت إسنادها للمدعي كان هو مبلغ 153611.50جنيها، ومن ثم فإن الزيادة يتم تنفيذها على حساب المدعي وبالتالي تكون مطالبته بقيمة الأعمال التي لم يتم صرفها له غير قائم على أساس من القانون.
ومن حيث إنه عما يطالب به المدعي من صرف قيمة التشوينات ومقدارها 48793 جنيها، أشارت المحكمة إلى أن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أفاد بعدم وجود هذه المهمات وقت المعاينة . كما أنه طبقا للمادة 82 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 فإن للجهة الإدارية الحق في احتجاز هذه الآلات والتشوينات إن وجدت ضمانا لحقوقها، ومن ثم فإن مطالبة المدعي بقيمتها تكون على غير سند من القانون.
ومن حيث إنه عن طلب المدعي التعويض عما أصابه من أضرار والذي قدره بمبلغ 116292.24جنيها ، رأت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن المدعي لم يقم بالانتهاء من تنفيذ العملية المسندة إليه منذ 15/9/1979 وحتى سحبها منه في 17/9/1985 رغم أن مدة تنفيذها هي سبعة أشهر وبالتالي فإن قرار سحب العملية منه يكون قد صدر على سبب صحيح ينتجه ويبرره ومطابقا لأحكام القانون الأمر الذي ينتفي معه ركن الخطأ في المسئولية الإدارية وتضحى دعوى المسئولية على غير سند من القانون خليقة بالرفض.
ومن حيث إن الطعن يقوم -حسبما جاء بالحكم التمهيدي- على أسباب حاصلها:
أولا: أن الحكم المطعون فيه صدر مشوبا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال تأسيسا على أن ما استخلصه من أن الطاعن أخل بشروط العقد ولم ينجز الأعمال المسندة إليه منذ عام 1979 وحتى عام 1985 في حين أن المدة المحددة للتنفيذ هي سبعة أشهر فقط، ، يعد استخلاصا منافيا للواقع لما هو ثابت من تقرير المراجعة العامة للمشروعات المؤرخ في 17/7/1985 من أنه تم إخطار الطاعن بتاريخ 16/4/1984 باستئناف العمل، وهو ما يقطع بأن العمل كان متوقفاً حتى عام 1984 وأن ذلك لم يكن راجعا إلى الطاعن وإنما يرجع إلى مسلك الجهة الإدارية المتمثل في طرح الأعمال المختلفة وتداخلها, وأنه فور إخطاره باستئناف العمل قام بإنهاء الأعمال في الدور الأول وتسليمه في حينه.
ثانيا: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه تأسيسا على أن الحكم المطعون فيه رفض صرف مستحقات الطاعن بمقولة سحب العمل منه وتنفيذه على حسابه ومسئوليته عن فروق الأسعار مع أن الجهة الإدارية هي التي تسببت بخطئها في توقف الطاعن عن العمل لمدة تزيد على أربع سنوات وبالتالي فإنه لا يسأل عن فروق التنفيذ على الحساب الأمر الذي كان يتعين معه صرف مستحقاته عن كامل الأعمال التي قام بتنفيذها فضلا عن قيمة الآلات والمعدات التي كانت موجودة بالموقع وتعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء سحب العمل منه.
ومن حيث إن الخبير المنتدب بموجب الحكم التمهيدي الصادر بجلسة 14/1/2003 أودع تقريره المرفق بالأوراق والذي خلص فيه إلى:
1) أن صافي قيمة الأعمال المنفذة من قبل الطاعن بلغت 100761.205 جنيها وذلك بعد خصم الاستقطاعات السالف إيضاحها تفصيلا ببند (1) من الرأي صـ28.
2) أن الاستقطاعات التي تم خصمها من الأعمال بلغت 22798.82جنيها بالإضافة إلى التشوينات والتي استقطعت بنسبة 25% بواقع مبلغ 2463.65جنيها.
3) أن المبالغ التي صرفت للطاعن حتى 22/5/1996 بلغت 53240.04جنيها.
4) أن قيمة غرامة التأخير التي أوقعها المركز المطعون ضده كانت بمبلغ 3191.94جنيها.
5) لم يتضح لنا أن الطاعن قام بسداد أي مبالغ تحت مسمى تأمين ابتدائي أو نهائي.
6) أنه بتصفية الحساب بين الطاعن والمركز المطعون ضده يكون المستحق للطاعن مبلغ 17521.14 جنيها ـ وذلك بعد إلغاء غرامة التأخير وذلك على النحو الوارد تفصيلا بالفقرة 6 من بند الرأي صـ 29 بالتقرير.
7) لم يحضر الطاعن أمامنا في أي من المواعيد التي حددناها أو من يمثله قانونا، وقد قرر وكيل المركز المطعون ضده أنه توفي لرحمة الله تعالى إلا أنه لم يقدم الدليل على ذلك، وأن كل ما قدمه عبارة عن تحريات مباحث قسم شرطة الدقي الصادرة في 29/3/2006 والتي أفادت بأن الطاعن باع شقته التي يقطن بها دون أن يرد بتلك التحريات ما إذا كان الطاعن قد توفي من عدمه.
8) أنه تم محاسبة الطاعن عن التشوينات من خلال المستحقات الأربعة بمبلغ 7390.875 جنيها إلا أن المركز المطعون ضده لم يقم بصرف قيمة هذه التشوينات للطاعن، وهي ذاتها التشوينات والمهمات الواردة بمحضر الجرد المؤرخ في 10/7/1986 وأنه أي الخبير قام باعتمادها ضمن مستحقات المدعي التي انتهى إليها بالبند رقم (6) من نتيجة تقريره (والتي حددها بمبلغ 17521.14 جنيها) وكذا بند الرأي صـ 29 على نحو مفصل وبالبند (8).
ومن حيث إن الثابت من الأوراق ـ وعلى ما استظهره الحكم المطعون فيه ـ وبحق أنه وإن كانت المدة المحددة لتنفيذ الأعمال المسندة للطاعن هي سبعة أشهر تبدأ من تاريخ تسلم الموقع الذي تم في 17/10/1979 وأن الجهة الإدارية أخطرته بتاريخ 21/4/1980 بالتوقف عن العمل مؤقتا حتى يتم إنهاء الأعمال الخاصة بإعداد معامل التدريب واستقبال الأجهزة الخاصة بها والملاصقة للأعمال مثار النزاع، والتي أسندت للطاعن أيضا في 15/10/1980 وتم الانتهاء منها في 15/12/1981 حيث استأنف الطاعن العمل اعتبارا من ذلك التاريخ، إلا أنه عاد وتوقف عن العمل اعتبارا من 28/7/1981 بمقولة وجود شروخ رأسية وأفقية تحت الكمرات ووجود فواصل طولية وعرضية ببلاط الأرضيات حيث أثبتت اللجنة التي شكلتها تلك الجهة عدم وجود أية ملاحظات تؤثر في سلامة المبنى من الناحية الإنشائية فعاود الطاعن استئناف العمل اعتبارا من 15/11/1981 واستمر في ذلك خلال عامي 82 و 1983 ثم قامت الجهة الإدارية بإخطاره في 14/4/1984 لسرعة إنهاء الأعمال المسندة إليه وتوالى إخطاره بذلك عدة مرات مع إنذاره بسحب العمل منه وتنفيذه على حسابه دون جدوى إلى أن أصدر المطعون ضده في 17/9/1985 قرارا بسحب الأعمال منه وتنفيذها على حسابه، حيث تم حصر الأعمال التي قام بتنفيذها وما لم يقم بتنفيذه وأعيد طرحها في مناقصة عامة بتاريخ 27/12/1987 أرسيت على مكتب القاهرة للمقاولات نظير مبلغ 103000 جنيه .وأبرم بذلك العقد المؤرخ في 20/3/1988.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العقود الإدارية تتميز بطابع خاص مناطه احتياجات المرفق العام الذي يهدف العقد إلى تسييره وتغليب وجه المصلحة العامة على مصلحة الأفراد الخاصة.. وبالتالي لا يسوغ للمتعاقد مع الإدارة أن يمتنع عن الوفاء بالتزاماته حيال المرفق بحجة أن ثمة إجراءات إدارية قد أدت إلى الإخلال بأحد التزاماتها العقدية قبله، بل يتعين عليه إزاء هذه الاعتبارات أن يستمر في التنفيذ ما دام ذلك في استطاعته ثم يطالب جهة الإدارة بالتعويض عن إخلالها بالتزاماتها إن كان لذلك مقتضٍ أو إن كان له وجه حق فيه، فلا يسوغ له الامتناع عن تنفيذ العقد بإرادته المنفردة وإلا حقت مساءلته عن تبعة فعله السلبي، ومتى كان ذلك، وإذ ارتضى الطاعن الاستجابة لطلب الجهة الإدارية بوقف الأعمال مؤقتا في 21/4/1980 ولم يبادر باستخدام حقه في المطالبة قضائيا بفسخ العقد، أو الاكتفاء بما تم تنفيذه من أعمال في حينه فمن ثم فإن العقد يظل قائما ومنتجا لآثاره، مادام لم يلغ أو يفسخ، ولا يسوغ له بعد ذلك الامتناع عن تنفيذ الأعمال أو أن يربط ذلك بزيادة الأسعار مادام أنه كان في مقدوره القيام بتلك الأعمال، ثم يطالب بما يراه حقا له من تعويض. وآية ذلك أن احتياجات المرفق الذي يهدف العقد إلى تسييره تتأبى مع تعليق وفاء الطاعن بالتزاماته بإنهاء الأعمال على استجابة الجهة الإدارية للزيادة المطلوبة في الأسعار، ومن ثم فإنه إزاء إصرار الطاعن على موقفه الرافض لاستكمال الأعمال، فإن قيام الجهة الإدارية المطعون ضدها بسحب الأعمال منه تمهيدا لتنفيذها على حسابه إعمالا لحكم المادة 94 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 والتي تم إبرام العقد محل المنازعة في ظل العمل بأحكامها، يكون قائما على سببه المبرر له، ويغدو طلب التعويض عن هذا القرار غير قائم على أساس من القانون.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قيام الجهة الإدارية بتنفيذ العقد على حساب المتعاقد المقصر يضعها في مركز الوكيل، وبناء على ذلك تلتزم بحكم المادة 704 من القانون المدني بأن تبذل في هذه الوكالة العناية التي تبذلها في أعمالها الخاصة. ويقتضى ذلك منها أن تقوم بالأعمال المتبقية خلال مدة معقولة، ومن ثم فإنه لا وجه لتحميل المتعاقد مع الإدارة فروق الأسعار متى ثبت تراخي الإدارة في التنفيذ على حسابه. وعلى ذلك وإذ اتضح سلامة قرار الجهة الإدارية المطعون ضدها بسحب الأعمال من الطاعن وتنفيذها على حسابه إلا أن الثابت أن هذا القرار صدر بتاريخ 17/9/1985 ومع ذلك فقد تراخت الجهة الإدارية في تنفيذه، إذ لم تطرح هذه الأعمال البالغة قيمتها 52850 جنيها إلا في مناقصة عامة فتحت مظاريفها بتاريخ 27/12/1987 أي بعد مدة استطالت أكثر من سنتين من تاريخ سحب العمل من الطاعن، وهي مدة تجاوز الحد المعقول للعناية التي يبذلها الرجل الحريص في أعماله الخاصة، إذ نتج من هذه المناقصة زيادة في أسعار الأعمال المسحوبة بلغت 50149جنيها أي بنسبة حوالي 95% من قيمة تلك الأعمال، فمن ثم فإنه لا يصح تحميل الطاعن هذه الفروق لتراخي تلك الجهة في التنفيذ على حسابه طوال هذه المدة التي تصل إلى حوالي أربعة أضعاف المدة المحددة أصلا لتنفيذ كامل الأعمال، ويقتصر الأمر- وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة بالنسبة للعقود التي تخضع لأحكام لائحة المناقصات والمزايدات سالفة الذكر- على تحميل الطاعن قيمة غرامة التأخير بواقع 3% من قيمة الأعمال البالغ مقدارها 153611 جنيها إعمالا للمادة 93 من تلك اللائحة، أي بواقع 4608,33 جنيهات.
وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم فإنه بتسوية مستحقات الطرفين الناتجة عن العقد من واقع المستندات المقدمة في الطعن وما استخلصه الخبير المنتدب بموجب الحكم التمهيدي يتضح أنه يستحق للطاعن مبلغ 17521,14 جنيها وباستنزال قيمة غرامة التأخير البالغ مقدارها 4608,33 جنيها فمن ثم فإنه يكون مستحقا له طرف الجهة الإدارية المطعون ضدها مبلغ 12912,81جنيها وهو ما يتعين معه الحكم بإلزام تلك الجهة بأن تؤديه للطاعن.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بغير هذا النظر وقضى برفض الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين الحكم بإلغائه على النحو الذي سيرد بالمنطوق.
ومن حيث إن الطاعن أجيب إلى بعض طلباته وأخفق في بعضها الآخر فمن ثم يتعين إلزامه والجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات مناصفة عملا بحكم المادة 186 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه، وألزمت المدعى عليه بصفته (المطعون ضده) بأن يؤدي للمدعي (الطاعن) مبلغا مقداره 12912,81 جنيها (اثنا عشر ألفا وتسع مئة واثنا عشر جنيها وواحد وثمانون قرشا) وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة عن درجتي التقاضي.